أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عامر صالح - على ضوء المؤتمر الصحفي الأول لرئيس الوزراء العراقي الجديد















المزيد.....


على ضوء المؤتمر الصحفي الأول لرئيس الوزراء العراقي الجديد


عامر صالح
(Amer Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 6594 - 2020 / 6 / 16 - 02:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أستمعت وشاهدت المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي بتاريخ 11ـ06ـ2020 وهذا هو المؤتمر الأول بعد توليه المنصب خلفا لرئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي الذي قدم استقالته على خلفية الاحتجاجات الشعبية العارمة, والداعية الى إحداث تغيرات جذرية في العملية السياسية الى جانب البعد المطلبي والمتمثل في تأمين الخدمات العامة, والتي اندلعت في الاول من اكتوبر في العام الماضي, وقد راح ضحيتها الألوف من الجرحى والمئات من الشهداء الى جانب الألوف من الاعاقات المنتهية الفير قابلة للشفاء.

لم يكن رئيس الوزراء الجديد في حديثة الصحفي منظرا من الطراز الكلاسيكي خلافا لسابقه, ولم يكن أنشائي الحديث او مسترسلا كسابقيه في حديث ممل ومجتر ولم يتحدث عن انجازات متسقبليه خيالية تضع العراق في موقع خارق غير موقعه الموضوعي الواقعي, بل تحدث عموما بلغة بسيطة تضعه في احتمالين, قد يكون الرجل غير متمكن على الارتجال والطلاقة اللغوية والفكرية, او قد يكون الرجل قد اختار خطابا موجها الى الشارع العراقي والى المنتفضين بشكل خاص وعامة الناس, ليضعهم في تصور دقيق عن الوضع العام وليؤكد للناس على اصراره وقدراته الكامنة ومجازفته لأختراق قواعد اللعبة السياسية المحاصصاتية التي اعتاد عليها السياسيين منذ 2003. وقد لاحظت في الرجل بعض التوقفات في النطق ولا اعرف إن كانت ناتجة من عيوب لغوية أم من لحظات انفعال وغضب مشروع.

في خطابه يستدرك المرء حجم المهام الكبرى التي وضعت في عهدته وفي مقدمتها محاربة الفساد الذي انهارت على خلفيته مؤسسات الدولة واعلنت افلاسها كليا بعد العجز المالي وهبوط اسعار النفط وازمة كورونا, وعجز الدولة عن قدرتها في توفير الرواتب للأشهر القادمة. كان الرجل في حديثة للأعلام اقترن بمشاعر دفينة واحساس بعمق الأزمة وهو رجل المخابرات السابق الذي يعرف ذلك قبل غيره, ويعرف جيدا اعدائه واصدقائه وحجم المعارضة التي وقفت ضد توليه منصب رئيس الوزراء, الى جانب أن الشارع العراقي المنتفض منذ الاول من اكتوبر ضل متوجسا ويتعامل مع مصطفى الكاظمي عن بعد, بل هناك من لا يثق به اصلا بأعتباره نتاجا وخيار طوارئ أقدم عليه نظام المحاصصة عند ختياره وخوفا من عواقب الفراغ السياسي وتداعياته الجماهيريه والتي قد تعصف بالطبقة السياسية الحاكمة بل وبنطام المحاصصة برمته.

وعلى الرغم من جرأته الواضحة وتحديه وتأكيده ان هدفه الأسمى هو خدمة الشعب العراقي الذي يستحق الأفضل" حسب قوله " وتأكيده انه مستعد للتضحية بحياته, بل اشار بوضوح ان جهات تستهدف تصفيته بالقتل ولكنه جاهز لكل الاحتمالات, كما طالب الشعب العراقي بدعمه والوقوف الى جنبه في محاربة الفساد واجتثاثه, وبالتأكيد فأن خطابة استقبل شعبيا بين الشك ونصف اليقين, وخاصة انه لم ينجز لحد الآن أي مطلب من مطالب المتظاهرين, ولكن وعوده وتلويحه بمقدرة كامنة للمواجهة وكذلك هو من يقرر ساعة الصفر قد ينعكس بظلال ايجابية على الشارع, رغم ان الشارع العراقي قد اصابه الملل واليأس وسمع الكثير وبالتالي ان تزرع الثقة بشعب محبط خلال 17 عاما من الوعود أمر ليست هين وخاصة ان مصطفى الكاظمي لم يكن خيارا شعبيا من ساحات التظاهر, وهو ايضا نتاج لعملية سياسية ديمقراطية لا تتجاوز شرعيتها 20% من الشعب العراقي, فيها القول الفصل للجماعات والاحزاب المسلحة داخل البرلمان.

ومما يؤكد بعض من نزاهة الرجل هو استقلاليته النسبية عن الاحزاب السياسية والطائفية منها بشكل خاص, ثم نزعته المدنية والعلمانية وكونه ناشط مدني سابق وفاعل مع المنظمات العالمية المعنية بحقوق الانسان والديمقراطية وعمل في الصحافة في خدمة قضية العراق ونضال الشعب من اجل الديمقراطية وضد الديكتاتورية, الى جانب كون الرجل غير مرغوب فيه من قبل الاحزاب الاسلاموية وكذلك من المليشيات الطائفية المسلحة وسبق له وأن أتهم في المساهمة في اغتيال سليماني والمهندس بالتخطيط مع القوات الامريكية, الى جانب الصراع المستميت من قبل الاحزاب المليشياوية برفضه رئيسا للوزراء, في مقابل ذلك طبعا وفي الجانب الآخر هو التأييد والدعم الدولي والاقليمي لتوليه منصب رئاسة الوزراء, والذي يمكن ان يوظف لمصلحة بناء الدولة المدنية في الاستفادة من الدعم الخارجي.

نجاح حكومة السيد الكاظمي في تحقيق المطالب والاستحقاقات الوطنية المطلوبة منها على صعيد تلبية مطالب المتظاهرين، وتحقيق الاستقرار السياسي على الصعيد الوطني ومحاربة ظواهر الفساد وعدم الاستقرار بشكل عام، ولو بشكل جزئي. قد تكون البداية الحقيقية في بذرة إصلاح العملية السياسية وتصحيح مسار الديمقراطية العراقية، ومعالجة أداء النظام السياسي الحالي, فالأنتخابات القادمة وقانونها ومفوضيتها هي الشاغل الأهم للتأسيس لمرحلة انتقالية سياسية تحمل بذور الصحة والتفاؤل في اعادة بناء العملية السياسية في العراق على اساس المساهمية الفعلية والنزيهة للشعب العراقي بعيدا عن الترهيب واستخدام السلاح وحرق صناديق الأقتراع وضمان مساهمة اوسع للشعب العراقي في انتخاب ممثليه.

كما يشكل ملف الفساد الاداري والمالي من اصعب الملفات امام حكومة السيد مصطفى الكاظمي, واذا ما تمتع بشجاعة كافية ومقدره استثنائية في البدء بفتحه فأنه يشكل بارقة أمل للعراقيين لأسترداد اموالهم المنهوبة. وللتذكير فقط وفي أول جلسة للبرلمان العراقي من فصله التشريعي الثاني، والتي عقدت في 9 من مارس/آذار للعام 2019، كشف رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي "خارطة للفساد"، شملت 40 ملفا، غالبها في مفاصل ومؤسسات الدولة. وشملت القائمة: "تهريب النفط، ملف العقارات، المنافذ الحدودية، الجمارك، تجارة الذهب وتهريبه، السجون ومراكز الاحتجاز، النقاط الأمنية الرسمية وغير الرسمية، المكاتب الاقتصادية بالمؤسسات والمحافظات والوزارات، تجارة الحبوب والمواشي، الضرائب والتهرب منها، الأتاوات و الكومشن (العمولة)، مزاد العملة والتحويل الخارجي، التقاعد، ملف السجناء، ملف الشهداء، المخدرات، تجارة الآثار، الزراعة والأسمدة والمبيدات، تسجيل السيارات والعقود والأرقام، الإقامة وسمات الدخول".

وتضمنت أيضا: " الأيدي العاملة الأجنبية، الكهرباء، توزيع الأدوية، توزيع البطاقة التموينية، الرعاية الاجتماعية، السلف المالية المصرفية، التعيينات، بيع المناصب، العقود الحكومية، تهريب الحديد والخردة وغيرها، الامتحانات وبيع الأسئلة، المناهج التربوية وطباعة الكتب، المشاريع المتوقفة، المشاريع الوهمية، القروض المالية، شبكة الاتصالات والإنترنت والهواتف النقالة، الإعلام والمواقع الإلكترونية، شبكات التواصل الاجتماعي، ملف النازحين، الاتجار بالبشر".

تُضاف هذه القطاعات الأربعين الرئيسية إلى الكثير من ملفات الفساد المُكتشفة بالأساس سابقا، لكن لم يتم تفعيل الأدوات والمؤسسات القضائية والتنفيذية لمتابعتها. تقدر الحكومة العراقية تلك الملفات بحوالي 13 ألف ملف للفساد، يقدر المتورطين فيها بقرابة مليون مشتبه، بين فاسدين ومتعاونين ومرتشين ومعطلين للقانون العام. تتراوح دائرة المؤسسات والإدارات المتورطة بها من التعليم والقضاء، وتمر بالتهريب والرشاوي، ولا تنتهي بوزارتي النفط والدفاع، اللتان تُعتبران من أكثر وزارات العراق فسادا على الإطلاق. خارطة الفساد هذه تعكس بوضوح استباحة العراق شعبا وأرضا ووطنا ومواردا للعيش. فلا نستغرب عنما تشير الأرقام الدولية بأن موقع العراق هو بالمرتبة 166 من أصل 176 دولة على سلم الدول في مستوى الشفافية في العالم. أي أن العراق من أكثر الدول فسادا في العالم. وقد بلغ ما أهدره العراق وخسره شعبه ما بعد 2003 يقدر بتريليون و400 مليار دولار.

وبالتأكيد أنها للكاظمي خطوة المليون ميل لمحاربة الفساد في العراق, ولكن البداية تؤسس لضمانات لاحقة في السير قدما لمحاربته, أنه عمل ليست هين وبسيط فقد تحدى أستعراضيا الذين سبقوا الكاظمي ولم يتمكنوا, وقد كانوا اكثر اذعانا لمنطق المحاصصة الطائفية والقومية والأثنية, ولعل في الكاظمي وطاقمه ما يستطيع فعله والتأسيس له, وهو وبفعل قصرالمدة المتبقية له ليست مطالب بحلول سحرية, ولكن اقدامه على خطوات عملية ملموسة ستضعه امام فرص تاريخية وتوقعات بتلاحم ميداني من المتطاهرين معه, وتلك هي سنة التغير نحو الأفضل: أن تبدأ الآن خير من أن لا تبدأ ابدا. وختاما لقد تحدث الكاظمي في مؤتمره الصحفي عن رواتب وامتيازات السجناء والمعتقلين في زمن النظام السابق والشهداء وضحايا الارهاب وكذلك ازدوواجية او اضعاف الرواتب التي تستلم الى جانب الفضائيين في قطاعات الدولة والعمل على معالجة ذلك جذريا, وهي جميعيها بالتأكيد جزء من سوء التشريع ومصالح المشريعيين ونواياهم الحزبية والطائفية, ولكنها جزئية بسيطة في اطار الفساد الآعظم الذي يجب البدء في مكافحته على طريق اجتثاثه.



#عامر_صالح (هاشتاغ)       Amer_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المناسبات العالمية للطفولة ومأساة أطفال العراق
- التأصيل السايكو اجتماعي والتربوي والسياسي للفساد الأداري وال ...
- على ضوء رفع بعثة الاتحاد الأوربي في العراق علم المثلية الجنس ...
- على ضوء رفع بعثة الاتحاد الأوربي في العراق علم المثلية الجنس ...
- التفاؤل والتشاؤم و تشكيل حكومة مصطفى الكاظمي في العراق
- داعش العراقية بين أزمة كورونا وأزمة نظام الحكم
- أزمة كورونا بين سيكولوجيا الهلع ومسلمات المناعة النفسية
- كورونا بين الخوف الهستيري ومسلمات المناعة النفسية
- العنف الأسري في زمن كورونا أمتداد لما قبله
- كوفيد 19 والتعليم عن بعد: بين ظروف الأضطرار ومستلزمات النهو ...
- فيروس كورونا المستجد وسيكولوجيا الصراع بين الشماتة والأنتقام ...
- في ذكرى أحتلال العراق: أحتلال واحد أم أحتلالين
- الذكرى 86 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي بين سيكولوجيا الأنتما ...
- انتفاضة اكتوبر العراقية وفيروس كورونا المستجد -كوفيد 19 -
- كورونا المستجد- كوفيد 19 - بين سيكولوجيا نظرية المؤامرة وال ...
- آثار فيروس كورونا وسيكولوجيا خيبة الأمل
- فيروس كورونا بين تداعياته والمناعة النفسية
- الثامن من آذار يوم المرأة العالمي ودلالته للمرأة العراقية
- احتجاجات اكتوبر العراقية وسنة الصراع السايكوطبقي
- المرأة العراقية وأحتجاجات أكتوبر


المزيد.....




- -جزيرة إنستغرام-.. أكثر من 200 زلزال يضرب سانتوريني في اليون ...
- -لم أتوقف عن البكاء-.. رصاصة تخترق جدار منزل وتصيب طفلًا نائ ...
- تشييع جثمان حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في 23 فبراير.. وهذا ...
- -9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش ...
- الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي ...
- الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
- كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
- ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
- نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك ...
- دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عامر صالح - على ضوء المؤتمر الصحفي الأول لرئيس الوزراء العراقي الجديد