عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 6592 - 2020 / 6 / 13 - 23:15
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في القديم القريب من معرفتنا بقصة الخليقة أختلط ما هو منقول قدسي بما هو في الأسطورة, حتى كأن البعض منا في ذاك الوقت وهذا لم يفرق بين حدودهما بالرغم من الفيض والكم الهائل من النصوص التي تشرح القضية بتفاصيلها الدقيقة لكن اللجوء للأسطورة كان دوما أقرب للفكر المبسط الذي يصنع من القضية الكونية جزء من مخيلة الشعب البسيط.
لقد تناقلت الأسطورة التي يمكن أن نسميها بالدينية صورة الخليقة مشوهة تتناغم مع عدم القدرة على الفصل بين الخيال والتأمل وفهم النص وعالته, كما أنها حملت تناقضاتها الأولى بافتراض تسليمي أن الكون أصلا كائن وإن القوى المحركة الأولي وهي الآلهة التي تتوزع بين أطراف الوجود في صراع وفي نظم شبيه بالتي هي في حياتنا فهي تتزاوج وتتوالد وتنتقم وتدير المؤامرات وتقاتل وتستعين بمخلوقات ال تحدد الأسطورة نفسها متى خلقت وكيف خلقت ومما خلقت, ولكنها تأتي بها لتبرر النتائج أو لتبين مسارات الصراع بين الآلهة.
ومن المفروض أن الخليقة لم تأت بعد ,فكيف لنا أن نفترض وجودها المسبق ,كما وقعت في اضطراب أخر عندما أشارت إلى العلو في أشاره الى مساكن الآلهة والعلو يفترض أن يقابله ند حدي أخر وهنا لا ندري كيف يمكن أن يكون للوجود حدود وماهيات وصور خلقية والأسطورة بعد لم تكشف أكثر عن صراع الآلهة الذي سيفضي الحقا إلى نشأة الخليقة والوجود.
كثيرا ما نجد في محتويات الأسطورة العقل الإنساني حاضر وبقوة ليصور لنفسه كيفية تتطابق مع حدوده الفكرية ولا تنطلق من عوالم حقيقية ,فهو يصور الكون كأنه مسرحية هو يخترع أبطالها ويحركهم وفق ما يوافق تصوره المحدود ويربط الأحداث على ضوء ما يعيشه ويجربه هو في تجربته الحسيه المجردة ,لذا عندما يصور لنا الصراع الإلهي ال يعدو أن يكون صراع على شهوات ومنافع وامتيازات دون إدراك لعظمة الخلق, والسعة اللا محدودة في معطيات الحياة الوجودية.
صحيح أن في بعض الأسطورة حس ديني أستفاد منه صانع الأسطورة وأشترك فيها مع أخرين رغم فارق الزمن والمكان ,.إلا أن هذا المشترك لم ينجح في فرض متوالياته ونتائجه على نصوص الأسطورة ,وأصبح الميل الخيالي والتصوير المسرحي هو الغالب على نصوص الأسطورة ,وللتأكيد على أن هذا الميل الفكري المسرحي حاضر بقوة, نتبع أجزاء الأسطورة لنرى التناقض في بناء المقدمات الأولي لها مع التقدم رويدا في سبر النص لنجد أن ما يفترض أن يكون الحقا ترى في مفصل ولحظة قد حضر ليؤثر في سير السرد التمثيلي ثم يختفي مرة أخرى لنجده نتيجة في أخر الأسطورة.
وحتى الصورة الدينية التي بناها النص القدسي وقام عليها لم تسلم من التصور التمثيلي الذي لحق بها بناء على ما جسده البعض خيالا صوريا خلط بينه وبين ما أستقر في الذاكرة القديمة والعميقة التي ورثها عن المجتمع علاوة على ما حملته إلينا الروايات التي وردت على الفكر الإنساني والتي تحمل أسطورة نسجها كهنوت مرتبط بجذره مع التاريخ القديم ,لا ينفك منها إلا ليعود إليها لقصدية ما ومع صورة النص ,بل ظل يراوح بين المزاوجة بين النص والخيال.
ولكي نفهم الصورة الدينية التي جاءت بها الرسالات الربانية عن قضية الخلق والخليقة لا بد لنا أن نمر على الأسطورة كما هي في كل مكان، والتي تناولت نفس الموضوع ليس من باب المقارنة بل لنثبت أن الفكر الديني لا بد أنه أرتبط أبتدأ بوجود الإنسان, وأن الفكر الإنساني وأرثه الممتد عبر تأريخ وجوده ليس إلا أتساقا بدرجة ما مع الدين ومع فرائضه وما ألقي عليه فيه من تصورات, نسخ هو من خلال الخيال والقدرة على التعبير صورة خاصة قد تقترب أو تبتعد عن الأصل الديني ,وبذلك نثبت أنه الإنسان الأول الذي نزل الأرض كان مخلوقا متكاملا ذا وعي وقدرة على الاكتشاف والابتكار والأبداع الطبيعي لأنه في الأصل التكويني مجعول بالقوة على ذلك.
تباينت الأسطورة القديمة في رسم الصورة التي كونتها عن قضية الخلق حسب الموقع الجغرافي الذي نشأت فيه ,وحسب الديانات التي سادت هناك, فبالرغم من أن جميع الأساطير تشترك في موضوعية الإيجاد السماوي وأن الآلهة هي المسئولة عن حدوث ذلك إلا أننا نجد تفاوت في الكيفية تبعا لما قلنا, الموقع الجغرافي وطبيعة تكون ونشأة الديانة في ذاك المجتمع.
((تقول الأسطورة الصينية انه في العهود الموغلة في القدم كانت السماء والأرض صنوين لا ينفصلان, وكان الفضاء يشبه بيضة كبيرة, في داخلها ظلام دامس, لا يمكن من خلاله تمييز الاتجاهات. ونشأ في هذه البيضة الكبيرة بطل عظيم واسمه "بان قو" يفصل الآرض عن السماء. واستيقظ بان قو بعد 11 الف سنة من النوم, ولم ير إلا ظلاما حالكا, وشعر بحرارة شديدة حتى كاد يختنق, وكان يريد النهوض ,لكن قشرة البيضة كانت تلف جسده بشدة, ولم يتمكن من مد يديه ورجليه, فغضب "بان قو" واخذ يلوح بفأس كانت معه ,وبعد ذلك سمع صوتا مدويا وانشقت البيضة فجأة, وتطايرت المواد الخفيفة والصافية الى الأعلى لتشكل السماء وسقطت المواد الثقيلة والعكرة الى الأسفل لتكون الآرض(( .
هذا التصور الصيني لقضية الخلق تتشابه مع وتتقارب كل الأساطير الأسيوية والشرقية في الإطار العام ولكن تختلف في بعض الجزئيات الدقيقة وبعض أسباب التحولات فمثلا في الأسطورة اليابانية نجد المقدمة كما هي والبيضة هي الأساس في وجود السماء والأرض لكن العلة التي سببت انفلاق البيضة لم يكن شخصا محددا بل عوامل فيزيائية تتعلق بحركة الذرات التي تكونت داخل البيضة, وهناك أيضا اختلاف في طريقة النشأة وتوزيع الأدوار الخلقية إلا أنها تشترك مع معظم الأساطير في المكون الأول للخلق وهو الأرض والماء والنور والظلمة.
وحتى الأسطورة الهندية القديمة تشترك في تصورها للبيضة كأساس تنطلق منه في بنيان الأسطورة ((خـلال عـام كامل عاش براهـمان, الـذي لا يعـتبر إلـهـا ولكنه قـوة مقـدسـة, في بيضـة جيلاتينية في البحر الأبدي (ليس مقصودا بحار الآرض ولا زمن الآرض) براهما نفسه هـو الـذي صنع البحـر الأبدي والبيضة الجيلاتينية التي في النتيجـة خـرج مـنـها الى جـانب القـوى المقـدسـة الأخرى نـاريـانـا Narayana)) الـروح الأولى, بوروشا Purusha الإنسان الأول, واخيرا براهما الذي يعتبر إله يعكس خصائص براهمان لتلائم مع الإنسان .براهمان في نفس الوقت خالق ومخلوق. بعد سنة في البيضة خلق الكون بأسره والحياة فقط من خلال تفكيره ومن خلال إرادته((.
وحدها الأسطورة العراقية القديمة كانت الأكثر تنوعا واقترابا وجدية من تصور الخلق، وهذا راجع بتقديري لكون العراق هو المهد الطبيعي للديانات السماوية ولذلك نجد الأثر الديني السماوي له حضور أوسع واكثر في رسم الصورة عند العراقي القديم, فبعد صراع طويل بين الآلهة القدامى والجدد والذي هم من نسل متوالي ولأسباب مذكورة في الأسطورة جاء مردوخ الإله الشاب الذي أنتزع سلطات استثنائية من مجمع الآلهة لمواجهة الحرب المصيرية القادمة,هذه السلطات هي الرداء الذي في سر الوجود.
لقد أستعان مردوخ بهذا الرداء والذي كان فيه سر نجده حاضرا ومؤثرا بل وأساس المكون الفكري في القصة الدينية ذاتها أنه (قول كن فيكون) لذا نجد أن ما ورد بالأسطورة هنا قريب في تبرير الخلق وميكانيكيته من الصورة الدينية ((أعطى الآلهة, مردوخ ,قوة تقرير بدلا من انشار وأعطوه قوة الكلمة الخالقة, ولكي يمتحنوا قوة كلمته الخالقة, أتوا المصائر, بثوب وضعوه في وسطهم وطلبوا من مردوخ أن يأمر بفناء الثوب ,فزال الثوب بكلمة آمرة من مردوخ, ثم عاد إلى الوجود بكلمة أخرى .هنا تأكد الآلهة من أن مردوخ إذا أراد شيئا قال له كن فيكون عرشا يليق بألوهيته ,وأعلوه سيدا عليهم جميعا)).
فأقاموا له في الأسطورة البابلية نجد ذات الصراع قائما بين قطبين كما في باقي الأساطير كلها لينتهي بانتصار الإله الواحد الذي هو في معظم الأحيان الذكر القوي الذي يمتلك سلطة التقدير ويتغلب على منافسيه جميعا بما يملك من قوة هائلة, لكن هذا النصر لم يكن دوما نهائيا فبعض عناصر الطرف الثاني تبقى قائمة لتثير الحركة والصراع وتسير به نحو الاستمرارية, لأن واضع الرواية الأسطورية أراد أن يمنح الرؤية حركة لا تتوقف من خلال استمرارية الصراع بين الطرفين ,لأن تبريره الأول قام على مفهوم كسر الرتابة والملل الذي ساد الكون نتيجة الأحادية المسيطرة التي تقتل روح الحركة.
))بعد هذا الأنتصار المؤزر على قوة السكون والسلب والفوضى, التفت مردوخ إلى بناء الكون وتنظيمه وإخراجه من حالة الهيولي الأولى ,إلى حالة النظام والترتيب ,حالة الحركة والفعالية و الحضارة. عاد مردوخ إلى جثة تعامة يتأملها ,ثم أمسك بها وشقها شقين, رفع أرضا. ثم التفت بعد ذلك إلى باقي النصف الأول فصار سماء وسوى النصف الثاني فصار عمليات الخلق. فخلق النجوم محطات راحة للآلهة. وصنع الشمس والقمر وحدد لهما مسارين. ثم خلق الإنسان من دماء الإله السجين كنغو, كما خلق الحيوانات والنبات .ونظم الآلهة في فريقين ,جعل الفريق الأول في السماء وهو الأنوناكي, والثاني جعله في الأرض وما تحتها وهم الأيجيجي((.
لم تنكر الأسطورة البابلية قضية القدرة الوحدانية على الخلق ففي أصل الأسطورة هنا أن الخالق واحد ,وأن القدرة لديه تتجلى بكن فيكون, وأن أصل الخلق هو الطين الممزوج بدم الآلهة, هذه المفردات التي نجدها تتجلى في كل الأساطير بمستويات تكاد تكون متقاربة بالرغم من البعد الزماني والمكاني إنما تشير إلى البعد الديني والأثر الرسالي فيها, في حين أننا نجد في أساطير أخرى غياب هذا العامل المشترك لسبب بسيط أن هذه الأساطير أما أنها بنيت على فهم لا ديني لعدم وصول التبليغ بالرسالات لها أو لانتشار ظاهرة الألحاد الأصلي في الفكر الجمعي في تلك المجتمعات.
المهم في الأسطورة البابلية والتي جعلت منها أنموذج للمقاربة مع النص الديني ليس في نهايتها التي تشترك فيها مع كل الأساطير عندما تجتمع الآلهة في السماء لتعظم الإله القادر بل لما تضمنته من فرادة في بناء مدينة للإله في الأرض وهي بابل) باب الإله ( وهو مفهوم مقارب تماما للنص الديني عندم أمر الله تعالى أحد أنبياءه ببناء بيت له على الأرض ليكون محال للنسك عندما أمر الله تعالى أحد أنبياءه ببناء بيت له على الأرض ليكون محلا للنسك الذي يقرب الإنسان من الخالق {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (127)البقرة
نعود لقضية خلق الإنسان في نموذجين من الأساطير أحدهما يمثل القرب من الفهم الديني ومتأثر به كما هي الأساطير العراقية والقريبة منها إلى أن تبتعد شيئا فشيا مع بقاء المشترك الأصلي وهو قضية الماء والتراب والسماء والبعض من روح الآلهة التي خلطت بالطين والنفخ وهو ما يمثل امتداد حقيقي لوحدة التصور الأولي ,وبين مجموعة أخرى من الأساطير التي تبتعد كليا عن الفهم الديني وال نجد لها أثرا فيه ,كما نلاحظ طغيان الاضطراب والتشتت وتجزأ الأسطورة عن بعضها مما يجعلها ركيكة بالبناء الفكري الواحد بالمقارنة مع النموذج الأول.
لقد تحدثت الأساطير السومرية عن خلق الإنسان الأول دفعة واحدة ,ولكن الأساطير البابلية اللاحقة تحدثت عن خلق زوجين أثنين أوليين تناسل منهما بقية الجنس البشري .وقد جرى خلق هذين الزوجين من عجينة طينية ممزوجة بدم إله (أو أكثر) تم تقديمه قربانا لعملية الخلق وكما هو الحال في الميثولوجيا السومرية ,النص هنا واضح في سرد الأسطورة وهو مقارب للفهم الشائع عند الكثيرين وهو يقترب ويبتعد عن النص الديني, وهذا ما يؤكد لنا أن معظم نصوص الأسطورة هي نصوص دينية رسالية جرى تحريف في فهمها او تحريف في كيفية قراءتها .
مثال في الأسطورة اليونانية التي تؤكد على مفهوم اليباب الذي يعني اللا منتج واللا منتظم عكس ما هو دارج عادة في الترجمات على أن اليباب يشير للعدم, والحقيقة هي غير ذلك لأن النصوص تشير إلى وجود مادي لكنه عقيم غير منتج وغير منظم ولا منتظم وبالتالي فالقول بأن الأسطورة اليونانية بنيت أساسها الفكري على العدم هو قول مخالف للحقيقية كما جاء بالأسطورة (كان اليباب يشكل المادة الخام الأولية التي تفتقر إلى الهيئة والشكل حيث انبثقت عنه فيما بعد كائنات مستقلة محددة: الأرض- الجبال, الغياهب- الهاويات- ثرثروس, الليل- نيكس والايروس ,الذي لا تكون الحياة بدونه, ولدت جايا أورانوس السماء, وغطتها بالشفق الأحمر المتلألئ, وأصبح زوجا لها كانت جايا وأورانوس أول زوج وزوجة في الكون (وهذه فكرة اليباب يمكننا أن نقارنها بفكرة اللا شيئية التي وردت في النصوص القرآنية برغم الفارق بين الفهمين.
لا تفترق األسطورة اليونانية عن مثيلاتها عند كل الشعوب فهي لم تبرر ولا تفسر وجود الألة الكثر ولا تفسر أصل الوجود والعلة التي كانت وستكون إلا أنها تستمر بسرد النص بصورة تمثيلية مادية خالية من القدرة على الترابط بين الأحداث أو ربط المقدمات الفكرية بالنتائج بصورة سلسلة ومقبولة للعقل العام.
الأسطورة اليونانية تنفرد عن غيرها من الأساطير الشرقية بميزة أن تصورها للخلق مر بعصور متتالية نتيجة الصراعات بين الآلهة أنفسهم والأحقاد والضغائن وكان لكل مجموعة خلق بشرية لها صفة معدن مختص بها يفشي عن طبيعة الحياة والتكوين الذي سيكونون عليه أو أسلوب الحياة التي سيعشها هذا الجيل ,فهناك العصر الذهبي والسلالة البشرية المرتبطة به ثم العصر الفضي فالبرونزي فالحديدي ,وتبعا لنوع السلالة تختلف القيم التكوينية التي كونت هذا الجيل.
لقد كانت أخر السلاسل البشرية هي السلسة البشرية في العصر الحديدي والتي من المفترض ووفقا للأسطورة اليونانية انها هي التي تشير إلى وجودنا الحالي بما تتميز به من صفات خاصة تنفرد بها عما سبقها ((وجاءت بعدهم السلالة التي تعرف بالسلالة الحديدية والتي من المفروض, بموجب حكايات الأساطير اليونانية أن تكون أقسى وأصعب من جميع السلالات التي سبقتها كان يترتب على أهل العصر الحديدي أن يعملوا ويشقوا طوال أيام حياتهم وأن يعانوا ويموتون كذلك ومع كل هذا فقد كانوا يعتبرون أقوى من جميع السابقين, وكانوا أيضا
السبب المباشر لخلود وبقاء آلهة الأول((.
لم تبني األسطورة اليونانية أسها في نظرية الخلق كما جاء مع مثيلاتها عند الشعوب الأخرى على فرضية الماء والتراب, بل قالت بأن البشر توالدوا أساسا من نكاحات متعددة بين الآلهة ذاتها بموجب قوانينها بعض هذه النكاحات كانت حراما والأخرى موافقة للنظم الألوهية عند اهل السماء لذلك ترى أن قاعدة انتهاك الحرمات والتبريرات التي تبنى عليها مقبولة بالفكر الغربي الذي أستمد في جذوره المعطيات التكوينية الأولى والراسخة فيه وهو أسلوب كثيرا ما اعتمدت عليه الأنا الغربية للتبرير عن مخالفتها للكثير من القيم التي تؤمن بها أصلا.
قريبا من هذا الجو والفهم وأعتقد أن القرب الجغرافي والتزاوج الثقافي بين الحضارتين المصرية واليونانية القديمة نجد التشابه والقرب في رسم خطوط الصورة الأسطوري لقضية الخلق مقاربة أو متشابه برسم الأحداث وإن لم تتشابه الأحداث أيضا, ففي الأسطورة المصرية نرى أن الخلق الأول يبدأ إلهيا وليس من طين كما جاء عندهم ((رع مع الإله آتوم انجبت طفلين هم شو آلهة الهواء والريح وتيفنوت التي كانت آلهة الخصب ولكن كال الطفلين اختفوا, فارسل الإله "آتوم" عينه الإلهية لتبحث عن الأطفال وعندما وجدتهم بكى الإله من الفرح لتتحول دموعه الى البشر الأوائل الأخوة شو وتيفنوت احبوا بعضهم البعض ليتناكحوا ويحصلوا الى ابناء توائم, لتكون الأولى آلهة السماء نوت والثاني آلهة الآرض جيب)) هذا البناء القصصي الفكري يخالف أسطورة الخلق عند العراقيين والسوريين القدماء من حيث المكون الأول والعلة الأولى, بالرغم الإشارة هنا إلى دموع الآلهة التي تحولت إلى البشر الأوائل, وهو أشاره أيضا من حيث جوهرها للماء.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟