أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: الفصل الحادي عشر/ 3














المزيد.....

بضعة أعوام ريما: الفصل الحادي عشر/ 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6592 - 2020 / 6 / 13 - 21:02
المحور: الادب والفن
    


مع أن سعاد كانت أرملة، أصرت على أن تُزف إلى صالح بعرسٍ حافل. كمألوف العادة في العائلة، تم إحياء حفل الزفاف في منزل العريس، بينما تلبيسة الرجال أقيمت في دار زعيم الحي السابق. ولد هذا الأخير، سلو، أبهر المحتفلين برقصه حتى ساعة متأخرة من الليل. لكن عرس النساء انقضى قبل ذلك، ولم يبقَ في دار السيدة شملكان غيرها مع والدة العروس. سلفاً، كانت والدة صالح قد تأكدت من النظرة الأولى أن حماته ليست على شيمة السيدة عايدة: كانت امرأة بدينة، باردة الطبع، ما تني ملامحها محتفظة بجمال قديم.
" لدينا حجرة نوم فارغة، لو شئتِ الذهاب للرقاد "، خاطبت السيدة شملكان حماةَ ولدها. وكانت هذه قد أدهشتها، برواحها وغدوها من أمام حجرة العروسين، الكائنة في القسم العلويّ من المنزل. تساءلت والدة صالح في نفسها: " ماذا؟ هل تخشى على ابنتها من الافتراس؟ ". بيد أنها ما لبثت أن فهمت جليّة الأمر، لما انبعثت على حين فجأة صرخةُ العروس. رددت والدتها، رافعةً الرأسَ إلى السماء المدلهمة العتمة: " آه، الشكر لك يا رب "
" ما الأمر، يا أخت؟ هل ابنتك كانت ما تني عذراء؟ "، سألتها السيدة شملكان. أرادت المرأة الكلامَ، عندما فُتح البابُ بشكلٍ موارب وظهرت يدُ الرجل قابضةً على منديلٍ ملوث بالدم.

***
تعززت مكانةُ العروس عند رجلها وحماتها على حد سواء، لدرجة أن أحداً لم يطرق باب حجرة نومها في خلال عشرة أيام كي يطلب منها المشاركة في أعباء المنزل. حواء، وكانت تُعامَل دوماً على أنها امرأة ساذجة، لم تكتفِ بغض النظر عن حلول ضرة جديدة، بل وتابعت عملها في الخدمة كالسابق. أضحت عبأً على زوجها، فلم يعُد يعرف الطريقَ إلى حجرة نومها. ذات مرة، وكان قد انقضى شهران على العرس، أوقفَ آدمُ صهرَهُ لما مر بسيارته من قدام محل السمانة. بلا مقدمات، قال لصالح معاتباً: " اتقِ الله في شقيقتي، يا رجل "
" خير؟ هل شكتني لك؟ "، تساءل صالح مستعيراً ملامحَ ساذجة. آدم، الطريف الشكل والطبع، بقيَ ينظر إلى صهره مبتسماً في حزن. ذلك جعل صالح يشعر بالخجل، فقال مبرراً مسلكه مع أخت الرجل: " ياو لم تخرب الدنيا، لو اهتممتُ بامرأتي الجديدة "
" وهل ستظل هيَ عروساً إلى ما شاء الله؟ الأخرى لها حقٌ عليك أيضاً، أو سرحها بالمعروف مثلما فعلت مع غيرها "، قالها آدم حانقاً. ثم عاد يستدرك بنبرة أخف: " لا أحد ينكرُ أنك كريمٌ مع حواء، وتعاملت مع ابنتها كأنها من صلبك. لكنها امرأة شابة، مجدة ومتفانية، وليست متطلّبة. إنها تريدك أن تشعرها أنك رجلها، وهذا كل ما في الأمر "
" كلامك في محله، يا ابن العم، ولا مأخذ لي عليه. منذ هذا اليوم لن تسمع سوى أخباراً طيبة، أعدك بذلك! "، قال ذلك صالح فيما كان يعانق قريبه بودّ. لكن حدثاً جدّ بعد بضعة أيام، جعله ينشغل تماماً عما وعد به ابنَ حميه: السيدة عايدة، حضرت بنفسها إلى منزله كي تبحث معه أمرَ عودة ابنتها إلى عصمته.

***
في حقيقة الحال، أن سعاد ما كانت تقضي الوقتَ بين أحضان رجلها؛ مثلما أخذت عنها هذه الفكرة بعضُ نساء العائلة والجيران. كانت امرأة مثقفة؛ بمقياس ذلك الزمن، على الأقل. ليسَ لنيلها شهادة البروفيه، حَسْب، بل وخصوصاً لإدمانها على قراءة الكتب والاهتمام بالشأن العام. تأثرت بأبيها الراحل، وكان في حياته صحفياً مرموقاً ومن أعضاء إحدى الجمعيات السرية، المطالبة بالحكم اللا مركزي في أواخر زمن الوجود التركي ببلاد الشام. الكتبُ، وبينها كمٌ وافر من القصص المترجمة إلى العربية، جلبتها الابنة من مكتبة منزل الأسرة. في اليوم التالي لحلولها في دار زوجها، طرقت باب مخدعهما السيدةُ شملكان: " إذا أرادت امرأتك مشاركتي في صلاة الفجر، فإن عليها أن تنهضَ الآنَ للوضوء "، قالتها من وراء الباب.
" إنها متوعكة الصحة، يا أماه "، هتفَ صالحُ عقبَ هنيهة صمت. لما تكررَ التعللُ نفسه أكثر من مرة، لم تعُد الأم لتهتم بمستقبل العروس في العالم الآخر. لكنها اقتحمت عليها حجرةَ النوم في نهار أحد الأيام، وكان مضى شهران على العرس. كانت سعاد، كالعادة، تقرأ في أحد الكتب. قالت الحماةُ بنبرة صارمة: " على حَسَب علمي المحدود، فإن الكتبَ وضعها أناسٌ حكماء كي نتعلم من خلالها تدبيرَ حياتنا بشكل أفضل وأن نكون أيضاً عادلين مع الآخرين. وأنا أرى من الإجحاف، إثقالَ كاهل امرأة ابني الأخرى بجميع مشاغل البيت بينما أنتِ تقضين الوقتَ بالقراءة أو تتمتعين بالجلوس في الحديقة ". على أثر هذه المحاضرة، تغيّر نوعاً مسلكُ سعاد. أخذت تُساعد في أمور المنزل، وفي الآن نفسه، كانت لا تكف عن ملاحظة العيوب في كل مكان. من ناحية أخرى، صارت عندما تختلي مع رجلها تطرح أمامه أفكارها عن نقاب المرأة، وأنه فُرضَ فقط على نساء النبيّ. كذلك حثّته على إيجاد حلّ لوجود امرأته حواء في حياته، طالما أنه لا يطيقها.
غيرَ أن حدثَ حضور السيدة عايدة إلى الدار، بغية بحث عودة ابنتها إلى عصمة صالح، قلبَ الأمورَ رأساً على عقب. دونَ أن تأخذ رأي الابن، وكان غائباً في عمله ذلك النهار، بادرت السيدة شملكان لإعلام الضيفة بالموافقة الفورية، قائلةً: " مليحة في وسعها المجيء للدار منذ اليوم، وسأرسل ابني حال رجوعه من العمل كي يأتي بها بالسيارة ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الحادي عشر
- بضعة أعوام ريما: بقية الفصل العاشر
- بضعة أعوام ريما: الفصل العاشر/ 3
- عصير الحصرم 78
- الباب الصغير
- بضعة أعوام ريما: الفصل العاشر/ 2
- بضعة أعوام ريما: الفصل العاشر/ 1
- بضعة أعوام ريما: بقية الفصل التاسع
- بضعة أعوام ريما: الفصل التاسع/ 3
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل التاسع
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثامن/ 5
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثامن/ 4
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الثامن
- المارد والحورية
- بضعة أعوام ريما: بقية الفصل السابع
- المنحوتة
- المرآة السحرية
- غرام الأميرة الصغيرة
- بضعة أعوام ريما: الفصل السابع/ 2
- بضعة أعوام ريما: الفصل السابع/ 1


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: الفصل الحادي عشر/ 3