|
الأحزاب السياسية المصرية في مائة عام (من عام 1907م حتى عام 2007 م)
حسن الشامي
الحوار المتمدن-العدد: 6592 - 2020 / 6 / 13 - 15:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان ظهور الأحزاب السياسية في مصر في القرن التاسع عشر تعبيرا عن تفاعلات اجتماعية واقتصادية وثقافية كمان كان نتيجة لظروف تاريخية وسياسية معينة وقد تم ظهور الأحزاب السياسية في مصر بشكل تدريجي وعبر مراحل متتالية فبدأت الأفكار الأولي للتجمعات والتنظيمات السياسية في شكل جمعيات سرية في البداية.. ثم توالي ظهور التجمعات ذات الأهداف السياسية.. إلي أن ظهرت الأحزاب السياسية.. وكان أول هذه الأحزاب هو "الحزب الوطني الديمقراطي" الذي ظهر عام 1907 م.. وخلال اقل من عشر سنوات كان هناك تنوع كبير في طبيعة هذه الأحزاب من حيث تكوينها وقوتها التنظيمية وقاعدتها الشعبية ومن حيث توجهاتها السياسية.
ومن هنا جاء تعريف الحزب : هو تنظيم مجموعة من الأفراد أو المواطنين لخدمة مصالحهم أو مبادئهم والسعي للوصول إلي السلطة أو المشاركة فيها.. أي أنهم فريق يشترك أفراده في مصلحة وفي الأيمان بقضية ومن أجل إيمانهم بمصلحة أو رغبتهم في خدمة هذه المصلحة أو في التعبير عن هذه المشاعر أو في تعميق سعيهم من أجل هذه القضية ينظموا أنفسهم وإذا حاولوا بهذا التنظيم أن يسعوا إلي السلطة ولذا يسمي "حزب سياسي".
والأحزاب السياسية المصرية التي تأسست من عام 1907م حتى عام 1920م مجرد بداية لنشأة وانتشار الأحزاب السياسية في مصر حيث إنها كانت محكومة بوجود الاحتلال البريطاني والتبعية المصرية الرسمية للباب العالي في اسطنبول.
وبعد تصريح 28 فبراير 1922 م والذي اعترف باستقلال مصر وصدور الدستور عام 1923 م شهدت مصر في الفترة ما بين 1923 م إلي 1952 م شهدت مصر تجربة ثرية من الممارسة السياسية والديمقراطية ولكنها تجربة عانت من العديد من الشوائب من بينها استمرار الاحتلال والتدخل الأجنبي في شئون مصر وكذلك تدخل القصر الملكي في الحياة السياسية.
ومع قيام ثورة يوليو 1952 أتجه النظام إلي توطيد أركانه وكسب تأييد الجماهيري له وتصفية المعارضة الموجهة ضده، وفي 16 يناير 1953 م صدر قانون حل الأحزاب السياسية واتجه النظام إلي التنظيم السياسي الواحد.
وخلال مائة عام من 1907 م وحتى عام 2007 م نشأت الأحزاب في مصر حيث مرت بأربع مراحل هي : المرحلة الأولي : 1907 م – 1952 م. المرحلة الثانية : 1952 م – 1970 م. المرحلة الثالثة : 1970 م – 1981 م. المرحلة الرابعة : 1981 م – 2007 م.
المرحلة الأولي : 1907 م – 1952 م : تعتبر هذه المرحلة هي أزهي عصور الأحزاب والديمقراطية في مصر... حيث بدأت الأحزاب في الظهور بمعناها الحديث كتنظيم سياسيي في أواخر القرن التاسع عشر.. وشهدت هذه المرحلة ميلاد الأحزاب السياسية في مصر بالمفهوم السياسي للحزب وعرفت هذه المرحلة بالمرحلة الليبرالية. في عام 1907 م تأسيس ثلاثة أحزاب مصرية هي "الحزب الوطني" بزعامة مصطفي كامل و"حزب الأمة" وحزب "الإصلاح علي المبادئ الدستورية". وفي عام 1918 م قام الشعب المصري بعمل وكالة لمجموعة من الوطنيين أطلق عليهم اسم "الوفد" لعرض مطالب الأمة بالاستقلال. وكان هذا الوفد برئاسة الزعيم سعد زغلول ومنذ هذا التاريخ أضحي الوفد ممثلا للأمة في طلبها للاستقلال التام. وفي عام 1924 م عقد اجتماع لأعضاء هذا الوفد المنتخبين بمجلس النواب تأسس "حزب الوفد" بزعامة سعد زغلول.. لكن سرعان ما بدأت عملية الانشقاق داخل الحزب.. حيث كان البعض يؤيد "حزب الأمة" والبعض الأخر أسس حزب "الأحرار الدستوريين" عام 1922 م برئاسة عدلي باشا يكن ولكن ظل المنشقون ينتمون إلي ثورة 1919 م. وفي عام 1932 م رفض مصطفى النحاس باشا اقتراح بعض قادة الأحزاب تشكيل حكومة ائتلافية لمفاوضة الإنجليز وأصر علي العمل بدستور 1923 م الذي ألغاه إسماعيل باشا صدقي عندما كان رئيسا للحكومة عام 1930 م وانشق بعض قادة الوفد وهما احمد باشا ماهر ومحمود فهمي باشا النقراشي وكان خلافا علي السلطة داخل الحزب بعد توقيع معاهدة 1936 م التي رأي البعض أنها تقضي علي النضال الوطني من اجل الاستقلال. وفي عام 1937 م تشكلت الهيئة السعدية بزعامة احمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي الذي تقلد رئاسة الوزارة في الأربعينات. وظل قادة التيار السعدي داخل حزب الوفد حريصين علي انتمائهم لثورة 1919 م ولذلك جاء اسم "الحزب السعدي" لتوثيق الصلة بزعيم الأمة سعد باشا زغلول وثورة 1919 م. لكن أكثر انشقاق كان من سكرتير عام حزب الوفد مكرم عبيد باشا عام 1942 م.. الذي أصدر "الكتاب الأسود" وهاجم فيه قيادة الوفد واتهمهم بالفساد ومخالفة القانون. وظلت مجموعة من الأحزاب تمارس نشاطها خارج تعاليم الوفد مثل "حزب الاتحاد" و"حزب الشعب".. وتأسست "جماعة الأخوان المسلمين" علم 1928 م بفكر يحمل الأيدلوجية الدينية.. وانتشرت "التنظيمات الشيوعية" و"حركة مصر الفتاة" وغيرها.
مرحلة التنظيم السياسي الواحد 1953 م - 1976 م : بصدور قانون حل الأحزاب السياسية دخلت مصر مرحلة التنظيم السياسي الواحد والتي استقرت حتي عام 1976 م حين أعلن الرئيس السادات عن قيام التعددية الحزبية في البلاد وشهدت البلاد خلال هذه الفترة عدة تنظيمات وذلك علي النحو التالي : ـ الاتحاد القومي ـ الاتحاد الاشتراكي العربي ـ هيئة التحرير وعندما تولي الرئيس السادات الحكم عام 1970 م اصدر السادات ورقة تطوير الاتحاد وفي يوليو 1975 م صدر قرار المؤتمر القومي العام للاتحاد الاشتراكي بشان السماح بإنشاء المنابر داخل الاتحاد علي أساس أنها منابر للرأي في إطار الالتزام بمواثيق الثورة الأساسية ثم قرر الرئيس السادات في مارس 1976 م السماح لثلاثة منابر بالقيام بتمثيل اليمين والوسط واليسار وفي أول اجتماع لمجلس الشعب في 22 نوفمبر 1976 م أعلن الرئيس السادات تحويل التنظيمات السياسية الثلاثة إلي أحزاب ثم صدر قانون الأحزاب السياسية في يوليو 1976 م.
مرحلة تعدد الأحزاب 1977 م : بصدور قانون الأحزاب عام 1977 م تحول النظام السياسي إلي التعددية الحزبية حيث أعطي الاتحاد الاشتراكي صلاحيات واسعة في الموافقة علي تشكيل الأحزاب وبلغ عددها 5 أحزاب في عهد الرئيس أنور السادات : حزب مصر العربي الاشتراكي حزب الأحرار الاشتراكي حزب التجمع الوطني التقدمي حزب الوفد الجديد حزب العمل الاشتراكي
وبعد تولي الرئيس مبارك مقاليد الحكم في 15 أكتوبر عام 1981 م حدثت انفراجة سياسية حيث بلغ عدد الأحزاب السياسية في مصر 23 حزبا منهم 11 حزبا أقيم بحكم من المحكمة و3 أحزاب أقيمت عام 1977 م بموافقة من لجنه شئون الأحزاب ويبلغ عدد الأحزاب التي رفضت اللجنة تأسيسها منذ بداية نشأتها وحثي عام 2006 م حوالي 75 حزبا. الحزب الوطني الديمقراطي وهو الحزب الحاكم وتأسس عام 1987 م ويرأسه الرئيس (حسني مبارك) والأمين العام (صفوت الشريف) حزب مصر العربي الاشتراكي وتأسس عام 1976 م ورئيسه (وحيد الاقصري) حزب الأحرار الاشتراكيين تأسس عام 1976 م ورئيسه (حلمي سالم) حزب التجمع الوطني الوحدوي تأسس عام 1976 م ورئيسه (الدكتور رفعت السعيد) حزب الوفد الجديد تأسس عام 1987 م ورئيسه (محمد محمود أباظة) حزب الأمة وتأسس عام 1982 م ورئيسه (احمد الصباحي) حزب الخضر المصري وتأسس عام 1990 م ورئيسه (عبد المنعم الاعصر) حزب الاتحاد الديمقراطي وتأسس عام 1990 م ورئيسه (إبراهيم ترك) حزب العربي الناصري وتأسس عام 1992 م ورئيسه (ضياء الدين داود) حزب التكافل وتأسس عام 1995 م ورئيسه (أسامة شلتوت) حزب الوفاق الوطني وتأسس عام 2000 م ورئيسه الدكتور (رفعت العجرودي) حزب مصر 2000وتاسس عام 2001 م ورئيسه دكتور (فوزي غزال) حزب الجيل الديمقراطي وتأسس عام 2002 م ورئيسه (ناجي الشهابي) الحزب الدستوري الحر وتأسس عام 2004 ورئيسه (مدوح قناوي) حزب الغد وتأسس عام 2004 م ورئيسه (الدكتور أيمن نور) حزب شباب مصر وتأسس عام 2005 م ورئيسه (احمد عبد الهادي) حزب السلام الديمقراطي وتأسس عام 2005 م ورئيسه (احمد الفضالي)
أحزاب شرعية مجمد نشاطها بسبب التنازع علي رئاسة الحزب : حزب العمل الاشتراكي وتأسس عام 1987 م وكيل المؤسسين هو (إبراهيم شكري) ومتنازع علي رئاسة الحزب لا بالقضاء ولا بالتراضي. حزب مصر الفتاه الجديد وتأسس عام 1990 م ووكيل المؤسسين هو (احمد حسنين) والرئيس المؤقت الوصيف عيد (تنازع علي رئاسة الحزب). حزب الشعب الديمقراطي وتأسس عام 1992 م ووكيل المؤسسين هو (أنور عفيفي). حزب العدالة الاجتماعية وتأسس عام 1993 م وكيل المؤسسين (احمد عبد العال) والرئيس المؤقت (كمال حسين) (تنازع علي رئاسة الحزب).
التعديلات التي أدخلت علي قانون الأحزاب : والقانون رقم 177 لعام 2005 م ("القانون الجديد" أو "التعديلات") أدخل عدداً من التحسينات التي طال انتظارها علي قانون الأحزاب القديم. لكن القانون الجديد لم يتخلص من المعايير غير الموضوعية والفضفاضة، والتي تفرض قيوداً لا موجب لها، التي تسمح للحكومة وللجنة الأحزاب السياسية بمواصلة منع تأسيس الأحزاب السياسية الجديدة (كحزب الوسط مثلاً) وبتقييد الأحزاب القائمة. وثمة تغييرٌ يمكن أن يكون مهماً، ويبدو كبير الدلالة أيضاً، وهو تغيير الجهة المسئولة عن اتخاذ قرار السماح بنشاط الحزب السياسي. ففي حين كان قانون الأحزاب القديم يفرض علي الأحزاب التقدم بطلب للسماح لها بالعمل، يقتصر القانون الجديد علي مطالبتها بإخطار لجنة الأحزاب السياسية بأنها باشرت نشاطها، حيث يمكن للجنة الاعتراض خلال 90 يوماً. وفي حين كانت المادة 4 من القانون القديم تضع مجموعةً متشابكة من القيود علي تشكيل الأحزاب السياسية، فإن القانون الجديد يتضمن تبسيطاً كبيراً لنص هذه المادة؛ إذ يزيل شرط عدم مخالفة "أسس الحزب ومبادئه وأهدافه وبرامجه وسياساته وأساليب نشاطه مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952 م، 15 مايو 1971 م " أو الشريعة الإسلامية. ويلغي القانون أيضاً الشرط القائل بعدم دعوة أي عضو في الحزب (أو تآمره علي الدعوة) إلي إلغاء معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل كما يضمن القانون الجديد حق الحزب الذي يحصل علي الترخيص في "الترويج لمبادئه بطريقةٍ سلمية ونشر المعلومات عن نشاطاته"، والمشاركة في الانتخابات والاستفتاءات الشعبية، و"استخدام وسائل الإعلام الحكومية المرئية والمسموعة طبقاً للأنظمة، وخاصةً أثناء الحملات الانتخابية". كما أدخلت التعديلات تغييراً (وإن يكن تجميلياً من حيث الأساس) في تركيبة لجنة الأحزاب السياسية؛ إذ وسعت عضويتها من سبعة إلي تسعة أشخاص، وقللت حصة الحكومة في المقاعد. إلا أن الرئيس يبقي المسئول عن تعيين جميع أعضاء اللجنة ما عدا واحد منهم، بمن فيهم "ثلاث شخصيات عامة ويتضمن القانون الجديد أنظمةً تؤثر علي مشاركة الأحزاب السياسية في الحياة العامة. فقانون عام 2005 م يحدد مثلاً عدد الصحف التي يمكن للحزب إصدارها دون ترخيص، باثنتين فقط (أما القانون السابق فلم يكن يحدد عدد الصحف التي يمكن للحزب إصدارها كما يزيد القانون الجديد من عدد الأعضاء المطلوب لتسجيل الحزب، ومن شروط اتساع امتداد الحزب في البلاد. وكان القانون 40/1977 م يشترط أن يحمل طلب إنشاء الحزب الجديد تواقيع خمسين عضواً مؤسساً وأن يكون نصف هؤلاء من "العمال والفلاحين"؛ أما القانون 177/2005 م فيرفع رقم التوقيعات "المصدقة رسمياً" إلي 1000 توقيع، ويشترط أن "تأتي من عشر محافظات علي الأقل بحيث تضم كل منها خمسين عضواً علي الأقل"، لكنه يلغي شرط كون نصف المؤسسين من العمال والفلاحين ومما يزيد من إشكاليات القانون الجديد؛ أنه يبقي علي الشروط التي يحويها القانون القديم من أن برنامج الحزب لا يجوز أن يتعارض مع "شرط الحفاظ علي الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي"، وأن برنامج الحزب يجب أن "يشكل إضافة إلي الحياة السياسية من حيث أساليبه وأهدافه" وتفتح هذه الشروط الفضفاضة الباب أمام المزيد من الانتهاكات من قبل الحكومة. وبالإضافة لذلك؛ لا ينص القانون الجديد علي التقليص من السلطات الواسعة التي تتمتع بها لجنة الأحزاب السياسية أو من الدور الذي تلعبه في وضع قيود لا موجب لها علي الأحزاب الجديدة أو القائمة. فالقانون الجديد يعهد لهذه اللجنة "بصلاحية دراسة إخطارات إنشاء الأحزاب " ويخولها بالتعليق المؤقت لنشاط أي حزب قائم أو لنشاط قادته وإبطال "أي قرار أو تصرف مخالف اتخذه الحزب" من خلال التشاور مع المدعي العام الاشتراكي بوزارة الداخلية "وذلك وفق مقتضيات المصلحة القومية أو في الحالات المستعجلة". ويبقي بإمكان رئيس لجنة الأحزاب السياسية أن يطلب من المدعي العام الاشتراكي إجراء تحقيق فيما إذا كان الحزب يخرق أحد معايير المشاركة في الحياة السياسية وعند اكتشاف مخالفة، يمكن لرئيس اللجنة أن يطلب من مجلس الدولة حل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الحزب الذي يمكن أن يستوعب أعضاء الحزب المنحل ومسؤولية المنتخبين. ويستمر قانون الأحزاب في منح لجنة الأحزاب السياسية صلاحية النظر فيما إذا كان ترخيص الحزب يحقق معايير من قبيل "تشكيل برنامج الحزب إضافة إلي الحياة السياسية"،وما إذا كان من شأن إنشاؤه الإضرار "بالوحدة الوطنية".
الأحزاب السياسية والانتخابات : إن الأحزاب السياسية يسمح لها بخوض الانتخابات البرلمانية في مصر وبعد تعديل المادة 76 من الدستور سمح لها ولأول مرة خوض الانتخابات الرئاسية لكن هناك مجموعة من الملاحظات التي تختص بأداء الأحزاب السياسية في الانتخابات. إن الأحزاب السياسية تركز علي المسائل السياسية والاقتصادية، ومن الضروري أن تنطلق رؤية الأحزاب السياسية للجهاز الإداري للدولة استنادا إلي دوره في تقديم الخدمات للمواطنين من تعليم وصحة وصرف صحي وبنية أساسية وخلافه وإدارة موارد الدولة. وبرامج الأحزاب السياسية لا تحتوي علي آليات محددة لتنفيذ برامج الإصلاح والكثير مما احتوته هذه البرامج لا يتجاوز مرحلة الشعارات والتوصيات العامة التي تحتاج إلي التطبيق. وانعكس علي نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي لم تحقق فيها الأحزاب نجاحا مقارنة بما حققته جماعة الأخوان المسلمين والتي حصلت علي 88 مقعدا من مقاعد البرلمان وهو ما يفوق عدد مقاعد المعارضة مجتمعة والتي لم تحصل سوي علي (13 مقعدا : 6 للوفد - 2 للتجمع - 2 للكرامة - 2 للغد - وواحد للجبهة الوطنية من اجل التغيير) أما الحزب الوطني الحاكم فحقق نسبة نجاح بلغت 34% فقط الانتخابات الأخيرة. وقد اظهر هذا الوضع حجم الضعف السياسي الذي وصلت إليه الأحزاب وعدم نجاحها في التغلغل داخل المجتمع المصري بعكس حالة الأخوان والذي ساعد انفلاتهم من القبضة القانونية الثقيلة التي تحكم الأحزاب علي الانتشار والتغلغل فضلا عن وجود بناء تنظيمي لهم واضح المعالم وقادر علي التعبئة الجماهيرية وخلق أدوات لفرز الكوادر والعضوية بشكل مستمر وميزانية للصرف علي النشاط السياسي والانتخابات.
العوائق التي تواجه الأحزاب السياسية : وجود مشكلة خطيرة تهدد الحياة السياسية وهي غياب الشباب وارتفاع سن القيادة القديمة وعدم تعويضها أو تجديد دمائها والدولة والأحزاب هي المسئول الأول عن هذه المشكلة. سيطرة الحزب الحاكم علي منافذ العمل الإعلامي والسياسي وشمولية السلطة الحاكمة والتي جعلت أو خلقت قناعة لدي الشباب المصري بعدم نزاهة العملية السياسية والانتخابية وبالتالي عدم جدوى المشاركة في أي عمل سياسي الأمر الذي أدي إلي ضعف أداء الأحزاب السياسية في القيام بوظائفها. غياب المراكز الشبابية وعدم لعبها دورا من أهم الأدوار المنوط بها وهو التثقيف السياسي والتنشئة السياسية مع احتكار الحزب الوطني الحاكم لها ولأي نشاط سياسي آخر. تقييد القوانين المعمول بها في الجامعات والتي تحظر القيام بأي نشاط حزبي أو سياسي داخل المؤسسات مما فرغ الجامعات من دورها في مجال التثقيف السياسي والتنشئة السياسية والاجتماعية. ومن أهم العوائق التي لا يمكن إغفالها عند الحديث عن الأحزاب السياسية هو قانون الأحزاب السياسية لعام 1977 م وتعديلاته عام 2005 م والتي قيدت الأحزاب السياسية وشلت حركاتها أو جعلتها تتحرك وفقا لرؤى واتجاهات الحزب الحاكم. ومع وجود هذه العوائق لا يمكن للأحزاب التقدم أو التعبير عن نفسها أو تحسين أدائها بطريقة تسمح لها القيام بوظائفها التي أنشئت من اجلها ومن ثم عرقلة عملية التحول نحو الديمقراطية
توصيات لتفعيل دور الأحزاب السياسية : تعديل القانون رقم 177 لعام 2005 م لإلغاء لجنة الأحزاب السياسية؛ فقد سمحت السلطات الواسعة لهذه اللجنة للحزب الحاكم بأن يتحكم في تحديد منافسيه وتحديد شروط المنافسة أيضاً عبر منع تسجيل أحزاب جديدة وفرض قيود غير منطقية علي الأحزاب القائمة. تعديل القانون رقم 177 لعام 2005 م لإلغاء الأحكام الفضفاضة مثل عدم جواز احتواء برامج الأحزاب الجديدة ما يتعارض مع "مقتضيات الحفاظ علي الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي"؛ ووجوب أن يمثل الحزب الجديد "إضافةً إلي الحياة السياسية وفق أهداف وأساليب محددة"؛ وكذلك إلغاء الأحكام التي تسمح للجنة الأحزاب السياسية ولمجلس الدولة في المحكمة الإدارية العليا بحل الأحزاب أو تعليق نشاطها "وفقاً لمقتضيات المصلحة القومية وفي حالة الاستعجال". وتسمح هذه المعايير غير الموضوعية والفضفاضة بسوء استخدامها من قبل الحكومة، ويجب أن تحل محلها ضوابط واضحة حول كيفية استخدام هذه المعايير بحيث لا تفرض قيوداً غير منطقية علي قيام الأحزاب السياسية الجديدة ونشاطها. إقامة هيئة انتخابية دائمة لتسجيل الأحزاب السياسية الجديدة وتنظيم أسس السماح لها بخوض الانتخابات، وتحديد قدرتها علي الاستفادة من وسائل الإعلام، وكذلك تحديد مقدار الدعم المالي الذي يجب أن تتلقاه من الأموال العامة. ويجب أن تكون هذه الهيئة محايدةً سياسياً وتامة الاستقلال عن الحكومة وعن الأحزاب السياسية وجماعات المصالح. ويجب أن يتخذ أي قرار بتقييد نشاط الحزب أو تعليقه أو حظره بما ينسجم مع حقوق المشاركة السياسية ومع الاحترام الكامل لحقوق التجمع والتنظيم طبقاً للقانونين المحلي والدولي. إلزام جميع الأحزاب بتقديم تقارير دورية تفصيلية عن إيراداتها ونفقاتها. ويجب أن تكون هذه التقارير جزءاً من السجلات العامة العلنية. تكوين الأحزاب السياسية بالإخطار علي ان يكتفي القانون بالنص علي شروط عامة تكفل التعبير السياسي والسلمي الديمقراطي عن كل توجهات الشعب المصري. حرية الأحزاب في إنشاء الصحف الحزبية ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية بمجرد الإخطار للجهة المختصة. حرية عقد الاجتماعات والندوات والمؤتمرات دون الحصول علي أذن مسبق من الجهة المختصة. إن تعتمد الأحزاب في تمويلها علي اشتراكات أعضائها وتبرعاتهم والهبات غير المشروطة والدعم المقدم من الموازنة العامة للدولة مع الالتزام بمعايير الشفافية والمحاسبة. إن يعفي الحزب من جميع الضرائب والرسوم المتعلقة بمقاره وصحفه وجميع أوجه نشاطه مع إعفاء التبرعات من المصريين التي تقدم للحزب من أوعية الضرائب النوعية. إلغاء التشكيل المختلط لمحكمة شئون الأحزاب بمجلس الدولة وإعادة الاختصاص الي محكمة القضاء الإداري وحق الطعن في أحكامها أمام المحكمة الإدارية العليا.
رئيس الجمعية المصرية للتنمية العلمية والتكنولوجية
#حسن_الشامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني في دعم الديمقراطية
-
10 يونيو .. يوم الصحفي المصري
-
الدولة الديمقراطية الحديثة... الواقع والمستقبل
-
استقلال القضاء في النظم الديمقراطية
-
حرية واستقلال المؤسسات في النظم الديمقراطية
-
المجتمع المدني ونشر ثقافة الديمقراطية
-
مشاركة المرأة في الحياة العامة
-
أثر تكنولوجيا المعلومات على الممارسة الديمقراطية
-
تفعيل المشاركة السياسية لدى الشباب
-
تاريخ حافل من الاحتجاجات على العنصرية في الولايات المتحدة
-
فلسفة إعداد الدساتير للنظم الديمقراطية
-
الإعلام المصري.. ومطالبات للخروج من الأزمة
-
تطور الحياة النيابية المصرية.. من عام 1824 م وحتى عام 2011 م
-
تحديات الإعلام العربي.. بين الواقع الراهن والمستقبل المنشود
-
مستقبل الصحافة الورقيّة في مصر.. صراع -النزع الأخير-
-
لماذا يحتفل العالم بعيد الأم؟
-
حقوق الإنسان : بين المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية .. مص
...
-
الدَّين الخارجي المصري في عام 2019 : كيف زادت الأعباء وارتفع
...
-
خبراء روس يثبتون أثر التغيرات المناخية على الحضارة المصرية و
...
-
ثورة 23 يوليو 1952 والثقافة للجميع
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|