أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاطمة ناعوت - الكمامة والقمامة ولغةٌ (قايلة) للسقوط














المزيد.....


الكمامة والقمامة ولغةٌ (قايلة) للسقوط


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6592 - 2020 / 6 / 13 - 15:55
المحور: كتابات ساخرة
    


(بناء على تعليمات السيد رئيس مجلس الوزراء بضرورة ارتداء القمامة من السادة الموظفون الذين يعملون بمقر العمل طرفكم ابتداء من اليوم السبت الموافق 2020/5/30 وذلك حتى نحمي أنفسها والمواطنين من خطر فيروس كرونا وذلك حتى لا يتعرضون للمسائلة القانونية ودفع الغرامة المقررة وايضا عدم دخول أي مواطن دون ارتداء القمامة. احمي نفسك واحمي بلدك. والوحدة تحملكم المسئولية في حالة ثبوت تواجد موظف دون ارتداء القمامة او مواطن يريد خدمة من طرفكم دون ارتداء القمامة. وتفضلوا بقبول وافر التحية والاحترام.) هذا قرار صدر عن إحدى الوحدات المحلية بمحافظة الفيوم، وقّع عليه رئيسُ الوحدة وموظفون آخرون، وأُمهِر بختم المحافظة.
وبدايةً، أقدّم التحية للدكتور "أحمد الأنصاري" محافظ الفيوم، على قراره بعزل جميع الموظفين الموقّعين على تلك الورقة الرسمية التي تضمّنت كلمة: (القمامة) بدلا من (الكمامة). وكان تكرار الكلمة أربع مرات في الورقة، دليلا حاسمًا على كون الخطأ عن (جهل سافر باللغة العربية)، وليس عن تعجّل أو سهو.
والحق أن (القمامة) ليست الخطأ الوحيد في الورقة. فارصد معي ما يلي:
(من السادة الموظفون/ صحيحها: "الموظفين")، (حتى لا يتعرضون/ صحيحها: "يتعرضوا”)، (المسائلة القانونية/ صحيحُها: “المساءلة”)، (احمي نفسك/ صحيحها "احمِ")، (تواجد/ صحيحها: "وجود”). فضلا عن ركاكة الصوغ والهمزات الغائبة والضالّة طريقها. ثم أن "الكمامة" لا تُرتدَى! بل نقول: أضعُ الكمامة على وجهي، أو : أغدقها على وجهي.”
تلك الورقة المدجّجة بالأخطاء الإملائية والخطايا النحوية والصرفية والدلالية والبلاغية، صارت حديث السوشيال ميديا أيامًا كثيرة. وذكّرتني برئيس أحد أحياء القاهرة في زمن الإخوان الأسود، حين ظهر على القناة الثالثة قائلا إن الحيَّ غير مسؤول عن الكارثة التي أسفرت عن موت العشرات تحت أنقاض منزل منهار في زمام الحي، بل إن قاطني العقار هم المسؤولون؛ (لأن المنزل كان "قايل" للسقوط!!). وبالطبع كان يقصد: (آيل) للسقوط.
والحقُّ أن المرء ليحزن من تهافت اللغة العربية على ألسن الناطقين بها؛ نحن أبناء لغة القرآن الكريم التي نتعلّمها منذ طفولتنا على مقاعد الدرس ونتحدث بها طوال يومنا. ونستحي حين نرى العالم الغربي بات يعرف قيمة لغتنا الجميلة، ويضعها في مكانتها الرفيعة، فتُدرَّس في المدارس الغربية ضمن اللغات الحية التي يختارها الطلاب كلغة ثانية لهم غير اللغة الأم.
واختار اليونسكو يوم 21 فبراير من كل عام، يومًا للاحتفال بعيد "اللغة الأم" لدى الأمم المتحدة. وهو اليوم الذي تحتفل به كلُّ أمّة باللغة الخاصة بها. فاختار الروس يوم 6 يونيو عيدًا للروسية، وهو عيد ميلاد الشاعر الروسي "ألكسندر بوشكين"، واختار الصينيون 20 أبريل عيدًا للصينية، وهو ذكرى "سانج چيه" مؤسس الأبجدية الصينية، واختار الإنجليز 23 أبريل للاحتفال بالإنجليزية لأنه يوم ميلاد العظيم وليم شكسبير، واختار الفرنسيون 20 مارس يوما للفرنسية ليتزامن مع اليوم العالمي للفرنكفونية. أما نحن، الناطقين بالعربية، فوقع اختيارنا على 18 ديسمبر عيدًا عالميًّا للغة العربية، وهو ذكرى اعتماد العربية لغةً رسمية في الأمم المتحدة عام 1973، بعد محاولات دؤوب بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي. ولستُ أدري لماذا نُقرُّ بوجودنا من خلال إقرار الآخرين بوجودنا، بدلا من اختيار يوم ميلاد المتنبي أو طه حسين أو المنفلوطي أو شوقي، ليكون يومًا للغة العربية؟!
ولأنني أميلُ دائمًا إلى الإيجابي بدلا من السلبي، لن أستمر في حال التباكي على ما وصلت إليه لغتُنا من حالٍ تعسة على ألسن الناطقين بها، ولن أخوض في ركاكات الإعلاميين وأخطائهم التي تصمُّ آذاننا ليل نهار، ولا انهيار مستوى معلّمي اللغة العربية وعجزهم عن الأخد بأيدي أبنائنا ليُحبّوا لغتهم ويتقنوها، إنما سأذكر الإشراق الذي أصادفه بين "أُميّين" لا يعرفون القراءة والكتابة، لكنهم قادرون على ارتشاف سحر العربية، دون عِلمٍ أو دراسة.
أدعوكم للإنصات للمزارعين المصريين وهم يدندنون فيما يضربون فؤوسهم في طمي الأرض ليخرجوا كنوزَها الخبيئة. تجدهم يحفظون عن ظهر قلب قصائد ابن الفارض، الشاعر الصوفيّ الأكبر، بعدما سمعوها بصوت الشيخ ياسين التهامي، المنشد الديني الشهير ابن مدينة منفلوط. ويحفظون قصائد أحمد شوقي وأحمد رامي وجورج جرداق وأبي فراس الحمداني وغيرهم ممن غنّت لهم أم كلثوم. وإن سألتهم عن مكامن المجاز والاستعارات؛ أجابوك بفطرتهم بما يدهشك من معارف.
للغة العربية سحرٌ خاص، دعه يتسلّلُ داخل روحك وارتشفْ شيئًا من جمالها. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احترام فيروس كورونا!
- البابا تواضروس … في شهر رمضان
- التكفيريون: بارتْ تجارتُهم
- منسي: اللي زيّنا عمرُه قُصَيّر
- الطبيعةُ تتنفَّس!
- لا تسخروا من السُّخرية… في السخرية حياةٌ
- -فرج فودة- الذي عاش أكثر من قاتليه
- أخيرًا… وصايا السَّلف الصالح في مناهجنا
- مسلسلات رمضان … في زمن الكورونا
- يُفطرون على دماءِ الصائمين… شكرًا للإرهاب!
- ما لون قبّعتُك … في زمن كورونا؟
- رِهانًا على وعي الأسرة المصرية
- مصرُ العظيمةُ … رمضانُ الكريم
- حين منحني -الأبنودي- منديله لأبكي
- صمتُ السَّعف … صمتُ رمضان
- مِنَصَّةُ الأخلاق … في درس كورونا
- السيسي … فارسُ المهامّ الصعبة
- وأكره اللي يقول: آمين.. يا عزيزي الرئيس مبارك
- ركلةٌ في أسنان البشر
- خُطّة العميل كوڤيد 19


المزيد.....




- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاطمة ناعوت - الكمامة والقمامة ولغةٌ (قايلة) للسقوط