أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - احمد حسن - دفاعا عن الماركسية - ليون تروتسكي - الجزء الثالث.















المزيد.....



دفاعا عن الماركسية - ليون تروتسكي - الجزء الثالث.


احمد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6590 - 2020 / 6 / 11 - 23:36
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


3 - رسالة إلى شيرمان ستانلي Sherman Stanley
8 أكتوبر 1939
عزيزي الرفيق ستانلي.
تلقيت خطابك إلى أو برين O’Brien على ضوء مغادرته. ترك عندي الخطاب انطباع غريب، لأنه يتعارض مع مقالاتك الرائعة، وهذا أمر متناقض جداً.
لم اتلقى إلى الآن أي مواد حول الاجتماع العام، ولا اعرف سواء نص قرار الأغلبية أو قرار M. S ، وأنت تؤكد انه لا يوجد تعارض كبير بين النصين. لكنك في نفس الوقت تؤكد أن ثمة "كارثة" على وشك أن تحل بالحزب. لماذا؟
حتى لو كان هناك موقفين متعارضين، فذلك لا يعنى أن هناك "كارثة" لكنه يعنى أن تواصل القتال في الصراع السياسي إلى النهاية، وان كان هناك مجرد فروق ضئيلة بين مقترحات الفريقين حول نفس وجهة النظر التي يعبر عنها برنامج الأممية الرابعة، كيف يمكن أن ينشأ عن ذلك انحراف/اختلاف (من وجهة نظرك) غير مبدئي، كارثة؟ أن تختار الأغلبية فروق “ها" الضئيلة، (لو أن المسألة تتعلق فقط بفروق ضئيلة) هذا أمر طبيعي. ولكن ما هو غير طبيعي بالمرة أن تعلن الأقلية "بسببك، أن على الأغلبية قبول فروقك الضئيلة، وليس فروقنا، أو تقع كارثة." من جانب من؟ ... أنت تزعم أنك نظرت بموضوعية إلى المجموعات المختلفة، ليس هذا الانطباع الذي لدي على الإطلاق.
أنت على سبيل المثال كتبت الاتي، أن صفحة واحدة من مقالي " فقدت لسبب أو أخر" عبرت عن ذلك بتشكك حانق نحو الرفاق المسئولين. الصفحة ضاعت بسبب إهمال مؤسف في مكتبنا هنا، وقد أرسلت فعلاً نص جديد كامل للترجمة.
حجتك حول "الإمبراطورية العمالية “المنحطة تبدو بالنسبة لي اختراع مؤسف جداً. “برنامج توسع قيصري" رفضه البلاشفة تقريبا من اليوم الأول لثورة أكتوبر. حتى لو مال صوت العمال في اتجاه التوسع، وتوافقت الخطوط الجغرافية الزاماً مع الخطوط العامة للتوسع القيصري لأن الثورة لا تغير ببساطة الحدود الجغرافية. ما اعترضنا عليه في عصابة الكرملين ليس هو التوسع ولا الاتجاه للتوسع جغرافياً ولكن، الأساليب البيروقراطية المضادة للثورة في التوسع. غير انه في نفس الوقت، لأننا كماركسيين "ننظر بموضوعية" إلى الأحداث التاريخية أدركنا انه لا القيصر ولا هتلر، ولا شامبرلين Chamberlain، كان لديهم أو لديهم نية الغاء للجمارك custom، في الدول المستعمرة، أو الملكية الرأسمالية، وهذا الواقع، التقدمي جداً، يعتمد على معطى أخر، تحديداً أن ثورة أكتوبر لم تتلقي مساعدة من البيروقراطية، وان الأخيرة مجبرة بسبب وضعها أن تتخذ إجراءات علينا أن ندافع نحن عنها في أحوال معينة ضد أعداء امبرياليين. هذه الإجراءات التقدمية هي، قطعاً اقل أهمية بما لا يقارن من النشاط البيروقراطي العام المضاد للثورة: لهذا السبب نجد انه من الضروري الإطاحة بالبيروقراطية..
الرفاق ناقمين جداً بخصوص تحالف ستالين /هتلر. هذا أمر يمكن تفهمه. أنهم يرغبون في صب انتقامهم على ستالين. هذا رائع. لكننا ضعاف الآن، وليس بمقدرتنا الإطاحة فورا ًبالكرملين. بعض الرفاق يحاولون هكذا إيجاد مصطلح بليغ مشبع: أنهم يدقون بمطارق الغضب على تسمية الاتحاد السوفييتي دولة عمالية.
الرفيق العزيز، أجد أن ذلك، عملاً طفولياً، علم الاجتماع الماركسي لا ينسجم مطلقاً مع حالة الهستيريا.
مع أفضل تحياتي الرفاقية. ليون تروتسكى – CRUX
===
4 - مرة أخري، ومجدداً حول طبيعة الاتحاد السوفيتي
الماركسية والتحليل النفسي
رفاقي الحاليين، أو رفاقي السابقين، مثل برنو أر Bruno R، لقد نسيتم النقاشات السابقة وقرارات الأممية الرابعة، وحاولتم أن تشرحوا تصوري الشخصي للاتحاد السوفيتي من الناحية السيكولوجية "بما أن تروتسكى شارك في الثورة الروسية فإنه من الصعب بالنسبة له أن ينحي جانباً فكرة الدولة العمالية، فذلك يعنى تخليه عن قضية حياته كلها"، الخ. اعتقد أن فرويد، الذي كان بعيد النظر إلى حد كبير، سوف لن يعير انتباهاً كبيراً إلى محللين نفسيين من هذا النوع. طبعا لن أغامر بمثل هذا الموقف، وذلك على الرغم من أـنه لدي الشجاعة لأؤكد أن انتقاداتي لا صلة لها بالجانب الذاتي أو العاطفي الذي يتوفر لديهم.
إن تصرفات موسكو، التي جاوزت كل حدود موضوعية وكل سخرية ممكنة، تدعو إلى تمرد واضح داخل كل بروليتاري ثوري، لكنه تمرد ينتج عنه أن يتم نبذه. فحين تكون القوى المطلوبة للقيام بفعل مباشر غائبة، يلجأ الثوريون الذين لا يتحلون بالصبر المطلوب إلى طرق خاطئة، ومن الممكن هكذا، على سبيل المثال، ظهور الإرهاب الفردي. وكثيرا ما يدفع ذلك إلى وسائل تعبير حادة، مثل الشتائم وصب اللعنات. في القضية التي تعنينا هنا ثمة رفاق معينين اتجهوا بوضوح إلى البحث عن تعويض من خلال إرهاب اصطلاحي. على أي حال حتى من هذا المنظور فإن التعريف المجرد للبيروقراطية كطبقة يخلو من أي قيمة. فلو أن الحثالة التي استندت اليها البونابرتية تشكل طبقة هذا يعني أن البونابرتية ليست إجهاضاً لمسار، بل وليد جديد قابل تاريخياً للاستمرار في الحياة. لو أن طفيليتها العارضة هي "استغلال" بالمعنى العلمي الدقيق للكلمة، فهذا يعني أن للبيروقراطية مستقبل تاريخي كطبقة حاكمة لا يمكن الاستغناء عنها في النظام الاقتصادي المعطى. لدينا هنا ما يفضي اليه التمرد العجول عندما يفصل نفسه عن المنتج الماركسي.
عندما تري الميكانيكية العاطفية عربة، دعونا نقول إنها لعضو عصابة هرب من مطاردة الشرطة له فدخل إلى طريق ملئ بالحفر، ثم اكتشف أن إطار العربة أعوج، والعجل انحرف، والموتور تلف جزئيا، من الممكن أن يفسر ذلك لنفسه قائلا “هذه ليست عربة، الشيطان وحده يعلم ماذا تكون!" هذا التفسير يفتقر تماماً إلى أي قيمة علمية أو معرفة ميكانيكية، لكنه يعبر عن رد فعل منطقي لعضو عصابة يقود عربة. على أي حال دعونا نفترض أن تلك الالة يجب إصلاحها، المسألة التي يسميها رجل العصابة (الشيطان – يعرف – ما هذه) في تلك الحالة عليه أن يعرف أولا أن تلك عربة أمامه تعرضت لتلف. سوف يحدد ماهي الأجزاء التي لم تتلف، والأجزاء التي تلفت تماماً، وذلك ليقرر ماذا سيفعل. العامل الواعي طبقيا سيكون لديه نفس المنظور تجاه روسيا. فلديه كل الحق أن يقول إن رجل العصابات البيروقراطية قد حول دولة الطبقة العاملة إلى (الشيطان وحده يعلم ما هذه) لكنه عندما يتجاوز رد الفعل الانفعالي للوصول إلى البحث عن حل للمشكلة السياسية، فهو مجبر على أن يفهم أن دولة العمال التي أمامه تعاني من موتور اقتصادي تالف نسبياً، لكنه لازال يعمل نوعاً ما، ويحتاج إلى استبدال بعض الأجزاء التالفة ليعمل بصورة جيدة، هذا مجرد قياس جزئي، ولكن مناسب للقياس عليه هنا.
دولة الثورة المضادة العمالية
بعض الأصوات تصيح: "لو واصلنا القول إن الاتحاد السوفيتي دولة عمالية، سيكون علينا إذا أن ننشأ مصطلح جديد، دولة الثورة المضادة العمالية the counter-revolutionary workers’ state.”" هذه الحجة تحاول أن تصدم أوهامنا بأن تعارض مقياس norm برنامجي جيد بشيء مزري، بمعنى، واقع منفر. ولكن هل لم نلاحظ يوماً بعد يوم من 1923 كيف أن الدولة السوفيتية قد لعبت أكثر فأكثر دور الثورة المضادة على مستوى دولي؟ هل نسينا تجربة الثورة الصينية، الإضراب العام في إنجلترا عام 1926ومؤخرا تجربة الثورة الاسبانية الأحدث والأقرب زمنياً؟ هناك حدثان دوليان لعمال الثورة المضادة كلياً. النقابات العمالية في فرنسا، وبريطانيا العظمى، الولايات المتحدة ودول أخري دعم فيها العمال بالكامل سياسات الثورة المضادة لبرجوازيتهم. هذا النقد يجعلنا بوضوح نغفل عن أن ذلك مجرد " مصطلح". لكن ذلك لم يمنعنا من اعتبارهم نقابات عمالية، أو من دعم خطواتهم التقدمية أو الدفاع عنهم في مواجهة برجوازيتهم. لماذا من الصعب تطبيق نفس المنهج في التعامل مع دولة الثورة المضادة العمالية؟ في التحليل الأخير الدولة العمالية تشبه نقابة عمال استولت على السلطة. اختلاف الموقف في كلاً منها أمر يمكن فهمه ببساطة، النقابات العمالية تمتلك تاريخاً ممتداً وقد اعتدنا على التعامل معها كوقائع حية وليس مجرد "مصطلحات" في برنامجنا. عندما نأخذ في الاعتبار الدولة العمالية فهذا ببساطة يبين أننا لم نتمكن بعد من تعلم أن ننظر اليها كواقع تاريخي فعلي لم يبلور نفسه بعد في برنامجنا.
إمبريالية؟
هل يمكن أن نسمي التوسع الراهن للكرملين عمل إمبريالي؟ في البداية يجب أن نحدد المضمون الاجتماعي الذي تشير اليه كلمة إمبريالية. نحن نعرف من التاريخ "إمبريالية" الدولة الرومانية التي قامت على أساس العمل العبودي، وإمبريالية ملكية الأرض الإقطاعية، إمبريالية رأس المال التجاري والصناعي، إمبريالية القيصرية الملكية المطلقة، الخ. إرسال القوات إلى خارج موسكو هو تصرف بلا شك يعكس ميل البيروقراطية إلى توسيع نفوذها، مظهرها، إيراداتها، تلك هي عناصر "الإمبريالية" بأوسع معانيها في العالم القديم الذي كانت الملكية فيه في يد اولجارشيات، أنظمة ملكية مطلقة، طوائف مسيطرة، ضيعات estates وطبقات القرون الوسطى. على أي حال، في الأدبيات المعاصرة، على الأقل أدبيات الماركسية، الإمبريالية هي مفهوم مقصود به السياسة التوسعية لرأس المال المالي الذي يحدد إلى حد كبير وقطعي المضمون الاقتصادي للمصطلح. محاولة تطبيق مصطلح إمبريالية على السياسية الخارجية للكرملين – دون إيضاح دقيق لمعناها – يعنى ببساطة أن تعتبر سياسة البيروقراطية البونابرتية هي نفسها سياسة الرأسمالية الاحتكارية على أساس أن كليهما يستخدم القوات العسكرية في التوسع. هذه المطابقة، التي لا تقدم سوى خلط فحسب، تناسب جداً الديموقراطيين البرجوازيين الصغار، ليس الماركسيين.
استمرار سياسة الإمبريالية القيصرية
الكرملين يشارك في التقسيم الجديد لبولندا، الكرملين يضع يده على دول البلطيق، الكرملين يتحرك في اتجاه دول البلقان، فارس وأفغانستان، وبمعنى أخر، الكرملين يواصل السياسية الإمبريالية القيصرية. اليس لنا الحق إذن أن نصف سياسية الكرملين بكونها إمبريالية؟ ليست الحجة الجغرافية – التاريخية أكثر إقناعا عن غيرها من الحجج. الثورة البروليتارية، التي حدثت على ارض إقليم ضمن الإمبراطورية القيصرية، حاولت منذ أول لحظة أن تحتل ولوهلة احتلت فعلاً دول البلطيق، حاولت أن تدخل رومانيا وبلاد فارس وفي أحد المرات أرسلت قواتها مباشرة إلى وارسو (1920). معالم التوسع الثوري كانت مشابهة لمعالم للتوسع القيصري، لكن الثورة مذ ذاك لم تغير الحدود الجغرافية. هذا تحديداً سبب أن المناشفة اتهموا البلاشفة بكونهم امبرياليين يسيرون على خطى وتقاليد دبلوماسية القيصر. أن ديموقراطيو البرجوازية الصغيرة يلوذون بتلك الحجة إلى الآن عن طيب خاطر. ليس لدينا منطق، أكرر، مقلداً طريقتهم في ذلك؟
الوكالة عن الإمبريالية؟
بغض النظر عن الطريقة نفسها التي يتم بها تقييم سياسات التوسع السوفيتي، يظل هناك قضية المساعدة التي تقدمها موسكو لسياسة الكرملين الإمبريالية، عدينا هنا بداية، ضرورة أن نصوغ وتحت شروط محددة – وفقاً لدرجة معينة وفي شكل محدد- دعم هذه الإمبريالية أو تلك، الذي هو أمر ضروري حتى بالنسبة لدولة عمالية سليمة تماماً – بحكم استحالة عمل قطيعة مع الصين أو العلاقات الإمبريالية في النطاق العالمي. ساعد صلح بريست ليتوفسك بلا ادني شك المانيا الإمبريالية ضد فرنسا وإنجلترا. أنه لأمر غير مقبول ألا تستطيع دولة عمالية معزولة المناورة بين معسكرات الامبرياليات المعادية. عليها أن تعرف أياً من المعسكرين الإمبرياليين أكثر فائدة أو أكثر عدائية للتعامل معه أو دعمه ضد الأخر في لحظة معينة، هذه ليست قضية مبدأ مجرد ولكن حسابات واقعية وتقديرات. يمكن اعتبار ذلك خطأ، أن تضطر إلى تقديم دعم محدد لبرجوازية ما في مواجهة برجوازية أخري، لكنه خطأ ضروري ناجم عن كونها دولة معزولة، ويدعم قدرتها في الحفاظ على وجودها. لكن هناك فرق بين مناورة وأخري. في بريست ليتوفسك ضحى الاتحاد السوفيتي باستقلال أوكرانيا لإنقاذ الدولة العمالية. لا يمكن أن يقول أحد أن ذلك كان بمثابة خيانة لأوكرانيا، كل العمال الواعين طبقياً فهموا الطبيعية القهرية لتلك التضحية. ذلك يختلف تمام عن حالة بولندا. الكرملين لا يستطيع مطلقاً وليس لديه سبب أن يتحدث عن قضية بولندا وكأنه كان مجبراً على التضحية في بولندا. على العكس، فقد كان يتباهى ساخراً عند ضمها، الأمر الذي شكل إهانة لمشاعر ديموقراطية أساسية عند الطبقات والشعوب المقهورة عبر العالم، وأضعف إلى حد كبير المكانة الأممية للاتحاد السوفيتي. التحولات الاقتصادية في البلدان التي احتلها الجيش السوفيتي لا تعوض عن عشر ما أشرنا اليه.
السياسية الخارجية الكلية للاتحاد السوفيتي تقوم بوجه عام على تجميل متزلف ومتدنى للتودد الإمبريالي، ويؤدي ذلك إلى التضحية بمصالح جوهرية للحركات العمالية عبر العالم مقابل مزايا ثانوية عارضة. بعد خمس سنوات من خداع العمال باسم "الدفاع عن الدول الديموقراطية" موسكو الآن احتلت بلدان تحت غطاء مواجهة سياسة هتلر اللصوصية. هذا في حد ذاته غير كافي لتحويل الاتحاد السوفيتي إلي دولة إمبريالية. لكن ستالين والكومنتيرن الآن هم، بلا ادني شك، الوكيل الأكثر جداًرة للإمبريالية.
لو أردنا تحديد السياسية الخارجية للكرملين بشكل دقيق، يجب إذن أن نقول إنها "سياسة بيروقراطية بونابرتية لدولة عمالية منحطة داخل طوق إمبريالي". هذا التعريف ليس موجزاً وليس له رنين مدوي مثل "سياسة إمبريالية" لكنه أكثر دقة.
"الشر الأصغر"
احتلال الجيش الأحمر لشرق بولندا هو من المؤكد " شر أصغر" مقارنة باحتلال نفس الإقليم بواسطة القوات النازية. حدث هذا الشر الأصغر لأن هتلر كان من المؤكد سيحقق شر أعظم. لو أن شخصا أشعل أو ساعد في إشعال حريق في منزل، لكنه بعد ذلك أنقذ نصف المنزل من الاحتراق، واحتل النصف الذي أنقذه ليحول سكانه إلى أشباه عبيد له. من المؤكد أن ذلك شر أصغر مقارنة باحتراق المنزل ككل. غير انه أمر مثير للريبة مكافأة هذا المهووس بإشعال الحرائق بميدالية مكافأة له على الإنقاذ. بينما كان يجب، بغض النظر عن انه اخذ الميدالية فعلاً، أطلاق النار عليه مباشرة بعد ذلك، كما في حالة بطل أحد روايات فيكتور هوجو.
إرساليات مسلحة
ذكر روبسير Robespierre في أحد المواضع إن الشعب لا يحب الإرساليات التي يرافقها حراب bayonets. انه هكذا يرغب أن يقول إن من المستحيل أن تفرض أفكار أو مؤسسات ثورية على شعب أخر باستخدام العنف العسكري. هذه الرؤية الصحيحة لا تعنى بالطبع رفض التدخل العسكري في بلدان أخري دعما لثورة داخلها. لكن هذا النوع من التدخل، بوصفه جزءا من سياسة أممية ثورية، يجب أن يكون مفهومها للبروليتاريا العالمية، ويجب أن يكون مرغوباً ومقبولاً من قطاعات كبيرة من الكادحين في البلد التي ستدخل القوات إلى إقليمه. نظرية الاشتراكية في بلد واحد لا تتناغم طبعاً مع وجود مبدأ تعاون أممي فعال من هذا النوع، المبدأ الذي يمكن وحده أن يجهز ويبرر فكرة التدخل المسلح. أن الكرملين يطرح ويحل قضية التدخل المسلح، مثل كل القضايا السياسية الأخرى، بانفصال تام عن أفكار ومشاعر الطبقة العاملة في العالم. لهذا السبب تثير "النجاحات" الأخيرة للمساومات الدبلوماسية البشعة التي أجراها الكرملين الحد الأقصى من التشوش في صفوف عمال العالم.
توجيهات على جبهتين
لو أن القضية هكذا تحدد إطارها – بقول بعض الرفاق – فهل من المناسب أن نتحدث عن الدفاع عن الاتحاد السوفيتي والمناطق التي احتلها؟ اليس صحيح تماماً أن ندعو العمال والفلاحين في كل أجزاء بولندا السابقة أن يهبوا في مواجهة هتلر وأيضاً في مواجهة ستالين؟ بالقطع، ذلك أمر جذاب للغاية. لو انطلقت الثورة بنفس القوة وبالتزامن معاً في المانيا وفي الاتحاد السوفيتي، بما في ذلك المناطق التي احتلوها، هذا سيحل الكثير من القضايا بضربة واحدة. لكن سياستنا لا يجب أن تتأسس على ما هو مرغوب فقط، أو على المصادفات السعيدة للأحداث. إن القضية مطروحة على النحو التالي: ما الذي يجب فعله لو أن هتلر، قبل أن تكسحه ثورة، هاجم أوكرانيا قبل أن تطيح الثورة بستالين؟ هل يقوم أنصار ومناضلو الأممية الرابعة في تلك الحالة بالقتال ضد قوات هتلر أثناء حربهم في اسبانيا في صفوف قوات الجمهوريين المعادية؟ فرانكو؟ نحن تماماً وبلا ادني تحفظ مع أوكرانيا سوفيتية مستقلة (عن ستالين أو هتلر). ولكن ما العمل لو أنه، قبل حدوث هذا الاستقلال، حاول هتلر أن يحتل أوكرانيا، التي هي في نفس اللحظة تحت هيمنة البيروقراطية الستالينية؟ إجابة الأممية الرابعة هي: سندافع ضد هتلر عن أوكرانيا التي يستعبدها ستالين.
الدفاع الغير مشروط عن الاتحاد السوفيتي
ما المقصود بالدفاع غير المشروط عن الاتحاد السوفيتي؟ المقصود هو أننا لا نضع أي شروط متعلقة بوجود البيروقراطية من عدمه. ذلك يعنى أننا وبشكل مستقل عن الدوافع والأسباب المرتبطة بالحرب نلتزم بالدفاع عن الأسس الاجتماعية للاتحاد السوفيتي لو تعرضت لخطر من جانب الإمبريالية.
يقول بعض الرفاق "ولو قام الجيش الأحمر غداً بغزو الهند وبدأ في تركيع الحركة الثورية هناك، هل سنقوم بدعمه في تلك الحالة؟" أن هذه الطريقة في طرح المسالة ليست منسجمة على الأطلاق. اليس من الأسهل أن تسأل: لو ان الجيش الأحمر هدد إضراب عمالي أو احتجاج فلاحي ضد البيروقراطية في الاتحاد السوفيتي هل سندعمه أو لا؟ السياسية الخارجية هي استمرار للسياسية الداخلية. نحن لم نتعهد مطلقاً بدعم كل أعمال الجيش الأحمر الذي لا زال يتلقى توجيهاته من البونابرتية البيروقراطية. لقد تعهدنا فقط بالدفاع عن الاتحاد السوفيتي باعتباره دولة عمالية، والي حد طفيف للغاية الأشياء التي يتضمنها هذا المعنى والتي في صالح الدولة العمالية.
يمكن أن يقال: لو أن الجيش الأحمر، باستقلال عن طبيعته العمالية، تمت هزيمته بواسطة انتفاضة جماهيرية في الهند، هل يضعف ذلك الاتحاد السوفيتي.؟ ويمكن أن نجيب علي ذلك السؤال بالآتي: لو تم تحطيم الجيش الأحمر بواسطة حركة ثورية في الهند، ذلك سيكون إشارة إلى خطر أعظم بكثير بما لا يمكن مقارنته، بخصوص الأساس الاجتماعي للاتحاد السوفيتي، أكثر من كونه هزيمة عارضة لفيالق ثورة مضادة من الجيش الأحمر في الهند. في جميع الأحوال ستعرف الأممية الرابعة كيف تفرق متى وأين يعمل الجيش الأحمر بتوجيه رجعى من البونابرتية، أو كقوة دفاع عن الأساس الاجتماعي للاتحاد السوفيتي.
لو أن النقابات العمالية تحت قيادة أدعياء رجعيين نظمت إضراباً عمالياً ضد السماح بدخول العمال السود في فرع صناعي معين. هل نقوم بتأييد مثل هذا الإضراب المشين؟ بالقطع لا. لكن دعنا نتخيل أن الرؤساء يستخدمون الإضراب المعطى، في محاولة لتحطيم النقابة العمالية وخلق استحالة بوجه عام أمام وجود دفاع ذاتي منظم للعمال. في تلك الحالة سندافع عن النقابة العمالية نفسها كقضية، رغم وجود قيادتها الرجعية على رأسها. لماذا لا يمكن تطبيق هذا النهج السياسي بالنسبة للموقف من الاتحاد السوفيتي؟
القاعدة الأساسية
اقرت الأممية الرابعة بشكل حازم قاعدة انه في كل الدول الإمبريالية، بغض النظر عن كونها في تحالف مع الاتحاد السوفيتي أو في المعسكر المعادي له، يجب على الأحزاب البروليتارية خلال الحرب أن تدفع الصراع الطبقي بقوة في اتجاه الاستيلاء على السلطة. وفي نفس الوقت على البروليتاريا في تلك البلدان أن تحافظ على رؤية مصالحها في الدفاع عن الاتحاد السوفيتي (أو الدفاع عن ثورات المستعمرات) وفي حالة وجود ضرورة فعلية يجب عليهم أن يلجؤوا إلى أكثر الأساليب حسما، مثل الإضرابات أو الأعمال التخريبية sabotage.. الخ. إن احتشادات القوى (موازين القوى) قد تغيرت جذريا عن الوقت الذي صاغت فيه الأممية الرابعة هذه القاعدة. إلا أن القاعدة نفسها لا زالت صحيحة تماماً. لو أن إنجلترا أو فرنسا هددوا غداً لينينجراد أو موسكو، يجب على العمال الإنجليز أو الفرنسيين القيام بأشد الأعمال حسماً لمنع إرسال جنود أو إمدادات عسكرية. لو أن هتلر وجد نفسه مضطراً إلى إرسال جنود أو إمدادات عسكرية إلى ستالين، سيكون واجباً على العمال الألمان العكس تماماً، أن لا يقوموا بأعمال، في تلك الحالة المحددة، قد تمنع أو تعطل هذا الإرسال، مثل الإضرابات أو التخريب. لدى امل ألا أحد سوف يفترض حلول أخري.
مراجعة الماركسية
من الواضح أن بعض الرفاق فوجئوا أنى تحدثت في مقالي "الاتحاد السوفيتي في حرب" حول " الجماعية البيروقراطية" كإمكانية نظرية. لقد اكتشفوا أن ذلك بمثابة مراجعة كلية للماركسية، هذا سوء فهم جلي. ليس هناك شيء مشترك بين المفهوم الماركسي عن الضرورة التاريخية وفكرة الحتمية. إن الاشتراكية لا تدرك "في ذاتها"، ولكنها تظهر كمحصلة لصراع قوي حية، طبقات وأحزابها. الميزة الحاسمة لدي البروليتاريا في هذا الصراع تكمن في أنها تمثل تطوراً تاريخياً فعلاً، بينما تجسد البرجوازية الجمود والتدهور. هذا تحديداً هو مصدر اقتناعنا الراسخ بالانتصار. لكن لنا كامل الحق أن نسأل أنفسنا، أي طبيعة سيكون عليها المجتمع في حال ما إذا انتصرت القوي الرجعية؟
أكدت الماركسية كثيرا جداً أن البديل، إما أن يكون الاشتراكية، أو ينحدر المجتمع إلى البربرية. بعد أن شاهدنا "تجربة" إيطاليا كررنا الاف المرات: ما هي الشيوعية أو الفاشية. الرسالة الحقيقية للاشتراكية تتضح بشكل شديد الجلاء من خلال أوضاع شديدة التعقيد، شديدة التباين، مركبة ومليئة بالتناقضات، أكثر مما يمكن أن يظهره تخطيط تاريخي عام. لقد تحدث ماركس حول ديكتاتورية البروليتاريا وميلها إلى الاضمحلال، لكنه لم يقل شيئا عن الانحطاط البيروقراطي للديكتاتورية. نحن لاحظنا وحللنا للمرة الأولي في التجربة العملية هذا النوع من الانحطاط، هل يعتبر ذلك مراجعة للماركسية؟
أن مجري الأحداث ساعدنا في إيضاح أن تأجيل الاشتراكية ينجم عنه ظواهر لا شك فيها، مثل البطالة الدائمة، البربرية، إفقار شديد للبرجوازية الصغير، فاشية، وأخيرا حروب إبادة لا تفتح أمام البشرية أي طريق جديد. إذا سلمنا نظرياً أن الجنس البشري قد لا يستطيع أن يرتقي بنفسه إلى الاشتراكية، فما هي الأشكال السياسية والاجتماعية التي يمكن لبربرية جديدة أن تتسم بها؟ إن لدينا إمكانية التعبير بأنفسنا عن هذا الموضوع بشكل ملموس بالنسبة لنا أكثر مما يقدمه ماركس. إن الفاشية من جهة، وانحطاط الاتحاد السوفيتي من جهة أخري، من يرسمون الخطوط العريضة للأشكال السياسية والاجتماعية للبربرية الجديدة. البديل لهذا النوع هو الاشتراكية أو عبودية كلية totalitarian servitude – إن ذلك ليس هاماً فقط من الناحية النظرية، بل له أهمية بالغة في التحريض، لأنه على ضوء شرحه تتبين ضرورة الثورة الاشتراكية بصورة مجسمة للغاية.
إن تحدثنا عن مراجعة أفكار ماركس، فذلك ما يمثله واقعياً أفكار هؤلاء الرفاق الذين رسموا شكل جديد لدولة “ليست برجوازية" وأيضاً “ليست عمالية". لأن النظر إلى تطور بديل بالنسبة لهم يقودهم إلى وضع أفكارهم باتساق مع استنتاجاتهم المنطقية، بعض هذه الانتقادات التي قدموها مرعب في استنتاجاته النظرية، جعلني – إراجع الماركسية. أفضل أن تفكروا في ذلك على انه دعابة ودية.
الحق في التفاؤل الثوري
حاولت أن أبرهن في مقالي (الاتحاد السوفيتي في حرب) على أن منظور نظام استغلال لا برجوازي – لا اشتراكي، أو " الجماعية البيروقراطية" هو منظور مهزوم تماماً ومستنكر من البروليتاريا العالمية، انه المنظور التاريخي الأكثر تشاؤماً. هل هناك أي أسباب وجيهة لمثل هذا المنظور؟ قد يكون مفيداً أن نستعلم عن إجابة لهذا السؤال بين الطبقات المعادية.
في العدد الأسبوعي لجريدة "مساء باريس Paris-Soir " الشهيرة 31 أغسطس 1939الموضوع الأكثر بروزا في العدد تقرير عن حوار جري في 25 أغسطس بين السفير الفرنسي كولند Coulondre وهتلر، في اللقاء الأخير الذي جمع بينهم. (مصدر المعلومات هو بالقطع كولند نفسه) عطس هتلر، تباهي بالتحالف الذي عقده مع ستالين ("انه تحالف واقعي") و"تأسف" أن دماء فرنسية وألمانية سوف تراق.
"لكن" كولند اعترض "ستالين يتباهى باتفاق ذو حدين إلى مدى بعيد. المنتصر الحقيقي (إذا ما نشبت حرب) سيكون تروتسكى. هل تعتقد أن هذه مبالغة؟"
"اعرف" – السيد الفوهرر يجيب "ولكن لماذا لم تعطي فرنسا وإنجلترا لبولندا الحرية التامة في الحركة".
هؤلاء السادة المهذبون أرادوا أن يطلقوا اسماً شخصياً على شبح الثورة التي تحوم. لكن ذلك بالطبع لم يكن جوهر هذا الحوار الدرامي الذي تم في لحظة دقيقة للغاية، وقت قطع العلاقات الدبلوماسية. “الحرب ستثير ثورة حتما"، ممثل الديموقراطية الإمبريالية نفسه، مرتجفاً حتى النخاع، يثير الرعب في خصمه.
"اعرف “هتلر يجيب، كما لو أن تلك المسألة تقررت منذ أمد بعيد. “اعرف" حوار مدهش.
كلا منهما، كولاند وهتلر، يمثل البربرية التي تتقدم نحو أوربا. وفي نفس الوقت لا أحد منهم ينتابه شك في أن بربرتيهم سوف تهزم بواسطة ثورة اشتراكية. ذلك بالتحديد ما تعيه الآن جميع الطبقات الحاكمة في كل البلدان الرأسمالية في العالم. هبوط معنوياتهم تماماً هو أحد اهم العناصر في العلاقة بين القوى الطبقية. البروليتاريا لديها قيادة ثورية شابة وإن تكن لا تزال ضعيفة. وبالمقابل قادة البرجوازية تعفنوا حتى الجذور. في بداية الحرب، التي لم يكن في استطاعتهم تفاديها، هؤلاء السادة المهذبون كانوا مقتنعين سلفاً بانهيار أنظمتهم. هذا الواقع وحده يجب أن يكون مصدراً لا ينضب للتفاؤل الثوري.
18 أكتوبر 1939

5 - الاستفتاء والمركزية الديموقراطية
نطالب بإجراء استفتاء حول مسألة الحرب لأننا نريد شل أو إضعاف مركزية الدولة الإمبريالية. لكن هل يمكن أن نقر الاستفتاء كطريقة طبيعية لحسم القضايا في حزبنا؟ لا يمكن الإجابة على هذا السؤال سوى بالسلب.
كل من يؤيد مبدأ الاستفتاء يسلم بذلك بأن القرار الحزبي هو مجرد محصلة تجميع حسابي للقرارات المحلية، كل واحد من السكان المحليين ينظر حتما من خلال قواه الخاصة وخبرته المحدودة. كل من يؤيد الاستفتاء يجب أن يكون في جانب المندوبين الملزمين. هذا هو الأمر، أن لكل مواطن محلي الحق في إلزام ممثله في مؤتمر الحزب للتصويت بطريقة محددة. كل من يقر بالتفويضات الإلزامية ينفي تلقائيًا أهمية المؤتمرات باعتبارها أعلى جهاز في الحزب. بدلاً من المؤتمر، يكفي عد الأصوات المحلية. يختفي الحزب ككل مركزي. من خلال قبول الاستفتاء، يتم الاستعاضة عن تأثير المواطنين المحليين الأكثر تقدما وتجربة والرفاق الأكثر خبرة وبعد نظر في العاصمة أو المراكز الصناعية بتأثير الوحدات الأقل خبرة وخلفية، إلخ.
نحن بالقطع نؤيد تجربة وإشراك الجميع، والتصويت على كل مسألة من قبل كل عضو محلي، من قبل كل خلية حزبية. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن يكون لكل مندوب يختاره أحد المحليين الحق في تقييم جميع الحجج المتعلقة بالمسألة في المؤتمر، وأن يصوت وفقاً لتقديره السياسي لها. إذا صوت في المؤتمر ضد الأغلبية التي فوضته، وإذا لم يكن قادراً على إقناع منظمته بصحتها بعد المؤتمر، فإن المنظمة يمكن أن تحرمه لاحقا من ثقتها السياسية. مثل هذه الحالات أمر لا مفر منه. لكنها لا تقارن بأقل النتائج السيئة لنظام الاستفتاءات أو التفويضات الإلزامية التي تقتل الحزب ككل.
6 - رسالة إلى شيرمان ستانلي.
====
21 أكتوبر 1939.
عزيزي الرفيق ستانلي:
أجيب – وعذراً للتأخير – على رسالتك المؤرخة 11 أكتوبر.
(1) أنت تقول إنه “لا توجد اختلافات أو خلافات خطيرة" حول المسألة الروسية. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا هذا التحذير الرهيب في الحزب ضد اللجنة الوطنية، وما شابه ذلك، أي أغلبيتها؟ يجب ألا تحل مفاهيمك الخاصة محل أفكار الأقلية في اللجنة الوطنية التي اعتبرت السؤال جادًا وملتهباً بما يكفي لإثارة نقاش على أعتاب الحرب.
(2) لا أستطيع أن اوافقك على أن بياني لا يتعارض مع رأي الرفيق م. س. يقع التناقض حول نقطتين أساسيتين:
(أ) الطبيعة الطبقية للاتحاد السوفيتي.
(ب) الدفاع عن الاتحاد السوفيتي.
بخصوص السؤال الأول، يضع الرفيق م. س. علامة استفهام تشير إلى أنه تخلى عن القرار القديم ويؤجل اتخاذ قرار جديد. ولكن لا يمكن للحزب الثوري أن يعيش بين قرارين، واحد متخلى عنه، والثاني غير مقدّم. وحول مسألة الدفاع عن الاتحاد السوفيتي أو الأراضي المحتلة الجديدة ضد هجوم هتلر (أو بريطانيا العظمى)، يقترح الرفيق س. ثورة ضد ستالين وهتلر. هذه الصيغة المجردة تعني إلغاء الدفاع في وضع ملموس. لقد حاولت تحليل هذا السؤال في مقال جديد تم إرساله يوم أمس بالبريد الجوي إلى اللجنة الوطنية.
(3) أتفق معك تماماً في أن مناقشة جدية فعلاً يمكن أن توضح المسألة، لكنني لا أعتقد أن التصويت لبيان الأغلبية ومع الرفيق م. س. في نفس الوقت ممكن أن يساهم في التوضيح الضروري.
(4) ذكرت في رسالتكم أن القضية الرئيسية ليست المسألة الروسية بل "النظام الداخلي". لقد سمعت هذا الاتهام عشرة مرات منذ بداية وجود حركتنا في الولايات المتحدة تقريبا. تباينت الصياغات قليلاً، والتجمعات أيضاً، لكن عدداً من الرفاق ظلوا دائماً معارضين لـ "النظام". كانوا، على سبيل المثال، ضد الدخول إلى الحزب الاشتراكي (دون توغل أبعد في الماضي). ومع ذلك، حدث فوراً أن اعتبرت الدخولية ليست هي "القضية الرئيسية" ولكن النظام. والآن تتكرر نفس الصيغة فيما يتعلق بالمسألة الروسية.
(5) من جهتي أعتقد أن المرور بالحزب الاشتراكي كان عملاً مفيدًا لتطور حزبنا ككل وأن "النظام" (أو القيادة) أكدت على صحة هذا الدخول ضد المعارضة التي كانت في ذلك الوقت تميل إلى الوقوف في ذات النقطة دون حركة.
(6) الآن في بداية الحرب تنشأ معارضة جديدة حادة حول المسألة الروسية. ويتعلق الأمر بصحة برنامجنا الذي تم نقاشه تفصيلاً من خلال مداخلات لا تعد ولا تحصى، وجدال، ونقاشات خلال عشر سنوات على الأقل. إن قراراتنا بالطبع ليست أبدية. إذا كان لدى شخص ما في موقع قيادي شكوك وشكوك فقط، فمن واجبه تجاه الحزب أن يعبر عما لديه من خلال دراسات جديدة أو مناقشات داخل الهيئات القيادية للحزب قبل طرح السؤال في الحزب - وليس في شكل قرارات جديدة مفصلة، ولكن في شكل شكوك. الجميع بالطبع، من وجهة نظر النظام الأساسي للحزب، بما في ذلك أعضاء في اللجنة السياسية، لهم الحق في القيام بذلك، لكنني لا أعتقد أن هذا الحق كان يستخدم بطريقة سليمة يمكن أن تساهم في تحسين عمل النظام الحزبي.
(7) كثيرا ما سمعت في الماضي اتهامات من الرفاق ضد اللجنة الوطنية ككل – تفتقر إلى اخذ المبادرات، وما إلى ذلك. أنا لست محامي اللجنة الوطنية وأنا متأكد من أنه تم إهمال العديد من الأشياء التي كان ينبغي القيام بها. ولكن كلما أصررت على بلورة تلك الاتهامات، عرفت في كثير من الأحيان أن عدم رضا (المعارضين) عن نشاطهم المحلي، مع افتقارهم إلى المبادرة، قد تحول إلى اتهام ضد اللجنة الوطنية التي كان من المفترض هكذا أن تكون كلية العلم، كلية الوجود، كلية القدرة.
(8) في القضية الحالية، تتهم اللجنة الوطنية بـ "المحافظة". أعتقد أن الدفاع عن القرار البرنامجي القديم إلى أن يتم استبداله بقرار جديد هو الواجب الأساسي للجنة الوطنية. كما أعتقد أن مثل هذه "المحافظة" تمليها المحافظة الذاتية للحزب على وجوده نفسه وتماسكه.
(9) هكذا نري أنه، في اثنتين من أهم القضايا في الفترة الأخيرة، كان موقف الرفاق المتذمرين من "النظام" في رأيي موقفاً سياسيًا كاذبًا. يجب أن يكون النظام أداة للسياسة الصحيحة وليس الخطأ. فعندما يتضح عدم صواب تصوراتهم السياسية، يميل أصحابها غالباً إلى القول إن هذه القضية المحددة ليست حاسمة وإنما تكمن المشكلة الجوهرية في النظام العام. خلال تطور المعارضة اليسارية والأممية الرابعة عارضنا هذه البدائل مئات المرات. عندما تعرض Vereecken أو Sneevliet أو حتى Molinier للهزيمة في جميع نقاط اختلافهم، أعلنوا أن المشكلة الحقيقية مع الأممية الرابعة ليست هذا القرار أو ذاك بل النظام السيئ.
(10) لا أرغب فعلاً في إقامة أدنى تشابه بين قادة المعارضة الحالية في حزبنا الأمريكي وVereeckens وSneevliets وغيرهم؛ أعلم جيداً أن قادة المعارضة هم رفاق مؤهلون تأهيلاً عالياً، وآمل مخلصاً أن نواصل العمل معا بطريقة ودية للغاية. ولكن لا يسعني إلا أن أكون منزعجًا من حقيقة أن بعضهم يكررون نفس الخطأ في كل مرحلة جديدة من تطور الحزب بدعم من مجموعة من أتباعهم الشخصيين. وأعتقد أنه في هذا النقاش يجب تحليل هذا النوع من الإجراءات وإدانته بشدة من جانب الرأي العام للحزب الذي الآن لديه مهام هائلة يجب الوفاء بها.
مع أفضل التحيات الرفاقية - CRUX [Leon Trotsky]
ملاحظة: في ضوء حقيقة أنني أتحدث في هذه الرسالة عن الأغلبية والأقلية في اللجنة الوطنية، خاصة رفاق م. س. القرار، أرسل نسخة من هذه الرسالة إلى الرفاق كانون وشاختمان.

==
7 - رسالة إلى جيم بي كانون. 28 أكتوبر 1939
عزيزي جيم
(1) أن معركة أيديولوجية هامة أصبحت حتمية وضرورية من الناحية السياسية؛
(2) سيكون من الضار للغاية إذا لم يكن قاتلاً أن نربط بين هذا الصراع الأيديولوجي ومنظور الانقسام، التطهير، أو الطرد، وما إلى ذلك.
سمعت على سبيل المثال أن الرفيق جولد Gould أعلن في اجتماع عضوية: "أنتم ترغبون في طردنا". لكنني لا أعرف ما هو رد الفعل من الجانب الآخر على هذا. من جهتي سأحتج على الفور بأشد الصور على هذه الشكوك. أقترح إنشاء لجنة مراجعة خاصة من أجل التحقق من مثل هذه التأكيدات والشائعات. إذا حدث أن قام شخص من الأغلبية بإطلاق مثل هذه التهديدات، فإنني سأصوت من أجل توجيه تحذير أو إنذار شديد اللهجة له.
لديك العديد من الأعضاء الجدد والشباب الذين ليس لديهم تجربة سابقة. أنهم بحاجة إلى مناقشة تربوية جادة في ضوء الأحداث العظيمة.
إذا كان تفكيرهم من البداية منشغل بالمسائل المتعلقة بالاعتبار الشخصي، أي خفض مستوى العضوية، فقدان التقدير العام، الطرد أو الاستبعاد من اللجنة المركزية، وما إلى ذلك، لو أن ذلك، فإن المناقشة بأكملها ستصبح مسممة، وسلطة القيادة سوف تصبح محل مساومة.
لو أن القيادة على العكس من ذلك تخوض نضالاً صارماً ضد المفاهيم المثالية البرجوازية الصغيرة والأفكار التنظيمية المسبقة، ولكنها في الوقت نفسه تضمن إيجاد جميع الضمانات الضرورية لديموقراطية المناقشة ولحقوق الأقلية، فلن تكون المحصلة انتصاراً إيديولوجيًا فحسب بل ستدفع وتوسع نفوذ القيادة أيضاً.
إن "الحلول التوفيقية أو القائمة على مساومات من جهة القيادة" حول القضايا التي تشكل جوهر الاختلافات ستكون قطعاً بمثابة جريمة. ولكن من جهتي، أقترح على الأقلية في القمة التوصل إلى اتفاق، إن كانت ترغب ذلك، حول حل وسط بشأن اليات النقاش وبصورة أقرب إلى التعاون السياسي. على سبيل المثال:
(أ) يحظر على كلا الجانبين في المناقشات القيام بأي تهديدات أو تشويه شخصي وما إلى ذلك.
(ب) يلتزم الطرفان بالتعاون الجاد في إنجاح النقاشات.
(ج) كل الفرقعات الكاذبة (مثل التهديدات أو أثارة شائعات حول وجود تهديدات أو تلميح بتهديد أو استقالات وما إلى ذلك) يجب أن يتم التحقيق فيها من قبل اللجنة الوطنية أو لجنة خاصة تأخذ الأمر على محمل الجد، ولا يجوز إثارة مثل تلك الأمور في سياق المناقشات أو ما يماثلها.
إذا قبلت الأقلية هذا الاتفاق، فستكون لديك فرصة تنظيم الحوار وكذلك أولوية اتخاذ مبادرة جيدة. وفي حال رفضوا ذلك، يمكنك في كل اجتماعات العضوية في الحزب تقديم الاقتراح مكتوباً للأقلية باعتباره أفضل دحض عملي لشكاواهم وكمثال جيد على "نظامنا".
أعتقد أن المؤتمر الأخير فشل في لحظة سيئة للغاية (لم يكن الوقت قد نضج بعد) وأصبح أقرب إلى الإجهاض. أحيانا تأتي النقاشات الأعمق بعد المؤتمر. وهذا يشير إلى أنه لا يمكنك تجنب عقد مؤتمر جديد في الكريسماس أو نحو ذلك. فكرة الاستفتاء سخيفة. يمكنها فقط تسهيل حدوث انقسام على مستوى الهيئات المحلية. لكني أعتقد أن الأغلبية يمكن أن تقترح على الأقلية في الاتفاق المذكور أعلاه عقد مؤتمر جديد على أساس وجود منصتان مع إقرار جميع الضمانات التنظيمية للأقلية.
إن المؤتمر مكلف لكني لا أرى أي وسيلة أخرى لختم النقاشات الجارية والأزمة الحزبية الناتجة عنها.
J. HANSEN [Leon Trotsky]
ملاحظة: كل مناقشة جادة وحامية الوطيس يمكن أن تؤدي بالطبع إلى حدوث بعض الانشقاقات، أو الانسحاب، أو حتى عمليات طرد، لكن ينبغي إقناع الحزب بأكمله، انطلاقاً من منطق الواقع، أنها نتائج حتمية تحدث على الرغم من أفضل تعامل من قبل القيادة، وليست ابدآ هدفًا أو أمراً مقصوداً من القيادة، ولا تدعو ابدآ إلى التخلي عن إتمام النقاش برمته. تلك هي في رأيي النقطة الحاسمة في المسألة برمتها.

===
8 - رسالة إلى ماكس شاختمان
6 نوفمبر 1939.
تلقيت نص خطابكم المرسل لي في 15 أكتوبر، وأقرأه طبعاً، بكل الاهتمام الممكن. لقد وجدت الكثير من الأفكار والصيغ الممتازة التي بدت لي متفقة تماماً مع موقفنا المشترك كما هو معبراً عنه في الوثائق الأساسية للأممية الرابعة. ولكن ما لم أستطع تفسيره هو هجومك على موقفنا السابق واعتباره "غير كاف وغير ملائم وعفا عليه الزمن".
لقد قلت:
" إن فرضياتنا التاريخية السابقة وكذلك توقعاتنا لم تعد تتفق مع الأحداث الملموسة والتغيرات الجارية في الظرف الراهن"
ولكن لسوء الحظ، أنت تحدثت عن "ملموسية" الأحداث بشكل بالغ التجريد، فلم أتمكن من معرفة الوجه الذي تغيرت اليه الأحداث، وما هو إثر تلك التغيرات على رؤانا السياسية. لقد أشرت في خطابك إلى بعض الأمثلة من الماضي. وبالنسبة لك، من ثم فنحن "رأينا وتوقعنا" انحطاط الأممية الثالثة؛ لكن بعد انتصار هتلر وجدنا أنه من الضروري إعلان الأممية الرابعة.
لم يتم صياغة هذا المثال بدقة. في الواقع نحن لم نكن نتوقع فقط انحطاط الأممية الثالثة ولكن أيضاً توقعنا إمكانية إحياءها. لكن التجربة الألمانية في 1929-1933 أقنعتنا بأن الكومنتيرن مات فعلاً ولا شيء يمكن أن يعيد إحياءه. ومن ثم فقد غيرنا سياستنا بشكل جوهري: نطرح الأممية الرابعة في مواجهة إفلاس الأممية الثالثة.
إلا أننا لم نستخلص نفس الاستنتاجات بالنسبة للدولة السوفياتية. والسؤال هنا، لماذا وما الفرق؟ كانت الأممية الثالثة حزباً سياسياً لتشكيلة من الناس تجمعت على أساس الاتفاق في الأفكار وفي الأساليب. أصبح هذا التجمع متناقضاً مع الماركسية إلى درجة أننا فقدنا تماماً أي أمل في إصلاحه أو إحياء دوره الثوري. لكن الدولة السوفييتية ليست مجرد توافق أيديولوجي، بل هي تركيبة معقدة من المؤسسات الاجتماعية التي لا تزال مستمرة رغم حقيقة أن أفكار البيروقراطية هي الآن متناقضة مع أفكار ثورة أكتوبر. لهذا لم نتخلى عن تصور إمكانية إعادة بناء الدولة السوفيتية من خلال ثورة سياسية. هل تقترح الآن أنه يجب علينا تغيير هذا الموقف؟ إن لم يكن، وأنا متأكد من أنك لا تقترح هذا، فأين التغيير الجوهري في "ملموسية" الأحداث؟
في هذا الصدد، أنت اقتبست شعار "أوكرانيا سوفيتية مستقلة"، الذي أرى بكل ارتياح أنك توافق عليه، لكنك تضيف:
" إن موقفنا الأساسي، كما أفهمه، كان دائما معارض للميول الانفصالية في الجمهورية السوفياتية الفدرالية".
فيما يتعلق بهذا، فإنك ترى "تغييرًا جوهريًا في السياسة". ولكن.
1 - تم اقتراح شعار أوكرانيا السوفيتية المستقلة قبل قيام حلف هتلر - ستالين.
2 - هذا الشعار هو مجرد تطبيق في نطاق المسألة القومية لشعارنا العام للإطاحة الثورية بالبيروقراطية.
يمكن بنفس المنطق أن تقول: " موقفنا الأساسي كما أفهمه، كان دائما معارضة أي أعمال تمرد ضد الحكومة السوفييتية". هذا كان صحيحا من قبل، لكننا غيرنا هذا الموقف الأساسي منذ عدة سنوات. لا أرى حقا أي تغيير جديد تقترحه في هذا الصدد الآن.
أنت استشهدت بزحف الجيش الأحمر في 1920 إلى بولندا وجورجيا وعقبت:
"الآن، إن لم يكن هناك جديد في الموقف، فلماذا لا تقترح الأغلبية الترحيب بتقدم الجيش الأحمر في بولندا، ودول البلطيق، وفنلندا ..."
في هذا الجزء الحاسم من حديثك، تثبت أن هناك شيئًا جديدًا فعلاً حدث خلال الفترة بين 1920 و1939. بالطبع! هذه التطور الجديد في الأحداث هو إفلاس الأممية الثالثة، انحطاط الدولة السوفيتية، تطور المعارضة اليسارية، وإنشاء الأممية الرابعة. وقعت هذه "الوقائع الملموسة" بشكل دقيق بين عامي 1920 و1939. وتبين بشكل كاف لماذا قمنا بتغيير موقفنا بشكل جذري تجاه سياسة الكرملين، بما في ذلك سياساته العسكرية.
يبدو أنك تنسى إلى حد ما أنه في عام 1920، لم نكن نؤيد فقط أعمال الجيش الأحمر بل أيضاً أعمال أل GPU (جهاز الأمن السياسي السري (. فمن وجهة نظر تقديرنا للدولة وقتذاك لم نري وجود فرق مبدئي بين الجيش الأحمر والـ GPU. فلم تكن أنشطتهم تكمل أحدها الأخر فقط، بل كانت متشابكة بقوة. يمكننا أن نقول إنه في عام 1918، وفي السنوات التالية، رحبنا بنشاط أل Cheka (جهاز امنى خاص أنشأه البلاشفة في 1917 للعمل ضد أنشطة الثورة المضادة –المترجم) في كفاحها ضد الجيش الروسي المعادي والجواسيس الإمبرياليين، ولكن في عام 1927 عندما بدأ الـ GPU بالاعتقال والنفي وإطلاق الرصاص على البلاشفة الحقيقيين، غيرنا تقديرنا لهذه المؤسسة. حدث هذا التغيير الملموس قبل 11 سنة على الأقل من الاتفاق السوفييتي الألماني. ولهذا السبب أشعر بالدهشة عندما تتكلم بسخرية حول "رفض (!) الأغلبية أن يأخذوا نفس الموقف الآن الذي أخذناه جميعاً في عام 1920." بدأنا تغيير هذا الموقف في عام 1923. لقد تقدمنا في موقفنا بدرجات أكثر أو أقل وفقاً للتطورات الموضوعية. كانت نقطة الانعطاف الحاسمة في هذه التطور بالنسبة لنا هي أعوام 1933-1934. إذا أخفقنا في سياستنا، وفقاً لتقديرك، في رؤية التغييرات الجوهرية الجديدة، فهذا لا يعني أن نعود للقياس على عام 1920!
أنت تصر بشكل خاص على ضرورة التخلي عن شعار "الدفاع غير المشروط عن الاتحاد السوفييتي"، وتفسر هذا الشعار في الماضي على أنه دعمنا غير المشروط لكل عمل دبلوماسي وعسكري يقوم به الكرملين. بمعنى سياسة ستالين. لا يا عزيزي شاختمان، لا يتوافق هذا العرض فعلاً مع "الوقائع الملموسة". في عام 1927، أعلننا ذلك في اللجنة المركزية: "بالنسبة للوطن الاشتراكي؟ نعم بالقطع! ولم يكن معناه إطلاقا أننا مع اتجاه الستالينية؟ ثم يبدو أنك نسيت ما يسمى بـ "أطروحة حول كليمنصو" التي تشير إلى أنه من اجل مصلحة الدفاع الحقيقي عن الاتحاد السوفييتي، يجب على الطليعة البروليتارية أن تطيح بسلطة ستالين وتستبدلها بسلطتها الخاصة. وقد أعلن هذا في عام 1927! وبعد مرور خمس سنوات، شرحنا للعمال أن هذا التغيير في السلطة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الثورة السياسية. وهكذا، فصلنا بشكل أساسي بين دفاعنا عن الاتحاد السوفيتي كدولة عمالية والدفاع عن البيروقراطية في الاتحاد السوفييتي. عندما تفسر سياستنا السابقة بأنها كانت دعم غير مشروط للأنشطة الدبلوماسية والعسكرية لستالين! اسمح لي أن أقول إن هذا هو تشويه فظيع لموقفنا بالكامل، ليس فقط منذ إنشاء الأممية الرابعة ولكن منذ بداية المعارضة اليسارية.
إن الدفاع غير المشروط عن الاتحاد السوفييتي يعني، على وجه التحديد، أن سياستنا لا تحددها أفعال أو مناورات أو جرائم البيروقراطية في الكرملين، ولكن تتحدد فقط من خلال تصورنا لمصالح الدولة السوفيتية والثورة العالمية.
في نهاية حديثك، تستشهد بما قاله تروتسكى بخصوص ضرورة إخضاع الدفاع عن الملكية المؤممة في الاتحاد السوفييتي لمصالح الثورة العالمية، وتعقب:
إن فهمي الآن لموقفنا في الماضي أننا نرفض بشدة تصور وجود أي تناقض محتمل بين المسألتين ... لم أفهم ابدآ أن موقفنا كان يعني أن نقوم بإخضاع إحداهما إلى الأخرى. إذا كنت أفهم اللغة الإنجليزية، فإن المصطلح يعني ضمناً إما وجود تناقض بين الاثنين أو احتمال حدوث مثل هذا التناقض. "
ومن ثم ترفض إمكانية التمسك بشعار الدفاع غير المشروط عن الاتحاد السوفيتي.
إن حجتك تقوم على خطأين في الفهم على الأقل. كيف ولماذا يمكن أن "تتناقض" مصالح الحفاظ على الملكية المؤممة مع مصالح الثورة العالمية؟ استنتج أنك تشير ضمنيًا إلى أن سياسة الكرملين (وليس سياستنا) يمكن أن تتعارض مع مصالح الثورة العالمية. بالتأكيد! في كل خطوة! مع كامل الاحترام! ومع ذلك، فإن سياستنا الدفاعية ليست مشروطة بسياسة الكرملين. هذا هو أول لبس لديك. ولكن، أنت تسأل، إذا لم يكن هناك تناقض فما هي ضرورة الربط بينهما؟ هنا سوء الفهم الثاني. يجب علينا إخضاع قضية الدفاع عن الاتحاد السوفييتي إلى قضية الثورة العالمية، وذلك بقدر ما نقوم بربط الجزء إلى الكل. في عام 1918 في الجداًل مع بوخارين، الذي أصر على حرب ثورية ضد ألمانيا، أجاب لينين:
إذا كان ينبغي أن تكون هناك ثورة في ألمانيا الآن، فعلينا أن نذهب إلى الحرب الآن حتى وإن كنا عرضة لخطر الخسارة. إن ثورة ألمانيا أكثر أهمية من ثورتنا، وينبغي علينا إذا لزم الأمر التضحية بالسلطة السوفياتية في روسيا (مؤقتاً) من أجل المساعدة في تأسيسها في ألمانيا”.
قد تكون الدعوة إلى الإضراب في شيكاغو في هذا الوقت غير منطقية في ذاتها، ولكن إذا تعلق الأمر بالمشاركة في إضراب عام على المستوى القومي، فيجب على عمال شيكاغو إخضاع مصالحهم لمصالح طبقتهم ككل والدعوة فورا إلى الإضراب. إذا كان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية متورطاً في الحرب إلى جانب ألمانيا، فإن الثورة الألمانية يمكن أن تهدد بالتأكيد المصالح المباشرة للدفاع عن الاتحاد السوفييتي. هل ننصح العمال الألمان بعدم اتخاذ أي مبادرة ثورية؟ بالتأكيد سيقدم لهم الكومنتيرن هذه النصيحة، لكن ليس نحن. سنقول:
"يجب علينا إخضاع قضية الدفاع عن الاتحاد السوفييتي لمصلحة أعلى هي الثورة العالمية."
يبدو لي أن بعض حججك قد وردت كرد على مقال تروتسكى الأخير "مرة أخرى، ومجدداً حول طبيعة الاتحاد السوفيتي" الذي كتب قبل أن يصلني نص خطابك.
هناك المئات من الأعضاء الجدد الذين لم يجتازوا تجربتنا المشتركة. إنني أخشى أن يؤدي التصور الذي تعرضه إلى خطأ في الاعتقاد بأننا نساند الكرملين بدون أي شرط، على الأقل في الأمور الدولية، لدرجة أننا لم نتوقع احتمال وقوع تحالف ستالين-هتلر، ومن ثم أخذتنا الأحداث على حين غرة منا، وعلى ذلك يجب علينا تغيير موقفنا تغييراً جذرياً. هذا ليس صحيحاً! وبغض النظر عن جميع المسائل الأخرى التي نوقشت أو بالكاد تطرقت إليها في خطابك (القيادة، الاتجاه المحافظ، النظام الحزبي وما إلى ذلك) يجب علينا، في تقديري، أن نراجع مرة أخرى موقفنا بشأن المسألة الروسية بكل الحرص الضروري من أجل مصلحة الفرع الأمريكي وكذلك الأممية الرابعة ككل.
أن الخطر الحقيقي الآن ليس هو الدفاع "غير المشروط" عما هو جدير بالدفاع، لكن أن نقدم مساعدة مباشرة أو غير مباشرة للتيار السياسي الذي يحاول وضع الاتحاد السوفييتي مع الدول الفاشية في جوال واحد لصالح الديمقراطيات، أو إلى التيار الذي يحاول وضع كل الاتجاهات في نفس المرتبة ليطابق بين البلشفية والماركسية والستالينية. نحن الحزب الوحيد الذي تنبأ فعلاً بالأحداث، وليس في ملموسيتها الواقعية، بالطبع، ولكن في اتجاهها العام. ان قوتنا الحقيقية تكمن في أننا لسنا مضطرين إلى تغيير توجهنا مع بدء الحرب. وأجد أنه تزوير تام للحقيقة القول إن بعض رفاقنا، تحركوا قبل نشوب الصراع السياسي في الحزب للمطالبة "بنظام حزبي جيد" (وهو مالم يقل به أحد، على حد علمي)، مستمرون في الصراخ: "لقد أخذنا على حين غرة! توجهاتنا أصبحت غير ملائمة! يجب أن نرتجل خطًا جديدًا! هذا يبدو لي غير صحيح تماماً وخطير.
مع أحر تحياتي الرفاقية - LUND [Leon Trotsky]
التاسعة
LUND [Leon Trotsky]-
CC to J. P. Cannon.
ملاحظة: الصياغات الواردة في هذه الرسالة أبعد ما تكون عن الدقة لأنها ليست مقالة مفصلة، ولكنها مجرد رسالة أمليتها على معاوني باللغة الإنجليزية وقام بتصحيحها خلال الإملاء.

===
9 - رسالة إلى جيمس ب كانون
15 ديسمبر 1939
عزيزي الرفيق كانون
إن قادة المعارضة بصفة مبدئية لم يقبلوا الصراع حتى الآن، وسيحاولون دون شك تجنبه في المستقبل أيضاً. ليس من الصعب تخمين ما سيقوله قادة المعارضة فيما يتعلق بالمقال المرفق. "هناك العديد من الحقائق الأولية الصحيحة في المقال “، سيقولون؛ "نحن لا ننكرهم على الإطلاق، لكن المقال يفشل في الإجابة على الأسئلة "الملموسة" الملتهبة. إن تروتسكى بعيد جداً عن الحزب ليتمكن من الحكم بشكل صحيح. ليست كل عناصر البرجوازية الصغيرة مع المعارضة، وليس كل العمال مع الأغلبية. "ومن المؤكد أن بعضهم سيضيف ... أن هذ المقال "ينسب لهم “أفكار لم يسبق أن دعوا إليها، وما إلى ذلك.
للإجابة على الأسئلة "الملموسة"، ينتظر المعارضون وصفات من كتاب طهي في حقبة الحروب الإمبريالية. أنا لا أنوي كتابة كتاب الطهي هذا. ولكن من خلال تطبيق نهجنا المبدئي تجاه الأسئلة الأساسية، سنكون قادرين دائماً على التوصل إلى حل صحيح لأية مشكلة ملموسة، ويمكن أن تكون معقدة أيضاً. في المشكلة الفنلندية بالتحديد أثبتت المعارضة عجزها عن الإجابة على أسئلة ملموسة.
لا توجد أبدا هيئات حزبية نقية كيميائيا في تكوينها. إن العناصر البرجوازية الصغيرة تتواجد بالضرورة في كل حزب وهيئة عمالية. المسألة الحاسمة هنا هي من يضع النوتة التي سيتم عزفها. إن العناصر البرجوازية الصغيرة وسط المعارضة هي التي تضع الآن النوتة للعازفين.
أشد على يديك بحرارة.
L. TROTSKY

===
10 - المعارضة البرجوازية الصغيرة في حزب العمال الاشتراكي
من المهم جداً ان نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية. ان المعارضين من كل الفصائل المنخرطة في الصراع صاروا محددين بوضوح تام، ويجب أن يقال أن الأقلية المعارضة في اللجنة الوطنية تقود اتجاه برجوازي صغير حرفياً، ومثل أي جماعة برجوازية صغيرة داخل الحركة الاشتراكية نجد المعارضة الحالية تتسم بهذه السمات: موقف إذراء للنظرية وميل للانتقائية، الاستخفاف بتقاليد منظمتهم وعدم احترامها، الشعور بالقلق على "الاستقلال" الخاص بالفرد على حساب الشعور بالقلق من ضياع الحقيقة الموضوعية، التصرف الانفعالي بدلا من التصرف المتماسك، الاستعداد للقفز من وجهة نظر إلى أخري، الافتقار إلى فهم ضرورة المركزية الثورية واتخاذ موقف عدائي تجاهها، وأخيرا، الميل إلى الروابط الشللية والعصبوية بدلا من الالتزام بالانضباط الحزبي. من المؤكد انه ليس كل أعضاء المعارضة يتسمون بهذه السمات بنفس الدرجة. ومع ذلك فإن الطابع العام، كما هو الأمر دائما في التكتلات المتنوعة التركيب، يتم إضفاءه بواسطة هؤلاء الأكثر ابتعاداً عن الماركسية والسياسية البروليتارية. ومن الواضح ان أمامنا نضالاً طويلاً وهاماً علينا خوضه. لم أقم بمحاولة معالجة المشكلة من جميع وجوهها في هذا المقال، لكنى سأسعى إلى تحديد ملامحها العامة.
الانتقائية والتشكك النظري
في عدد يناير 1939 من مجلة New International نشر الرفيقان بورنهام وشاختمان، مقالاً مشتركاً بعنوان “مثقفون منسحبون". في حين تحتوي المقالة على العديد من الأفكار الصحيحة والتوصيفات السياسية الملائمة، إلا أنها شابها خطأ جوهري إن لم يكن خللاً. أثناء الجدال ضد المعارضين الذين يعتبرون أنفسهم - دون سبب وجيه – فوق جميع مؤيدي التمسك ب “النظرية"، نجد أن المقالة، وعن عمد، لم ترتفع بالموضوع إلى المستوى النظري. كان من الضروري للغاية أن نوضح لماذا يقبل المفكرون الأمريكيون "الراديكاليون" الماركسية بدون الديالكتيك (مثل زمن بدون ربيع). السر بسيط. لم يشهد أي بلد آخر مثل هذا الموقف السلبي من الصراع الطبقي كما هو الحال في أرض "الفرص اللا محدودة". أن إنكار التناقضات الاجتماعية كقوة محركة للتطور أدى إلى إنكار الجدل كمنطق مهيمن في مجال الفكر النظري. وفي المجال السياسي، يسود الاعتقاد في أنه يمكن إقناع الجميع هناك بصحة برنامج "عادل" عن طريق البراهين المنطقية وكذلك يمكن إعادة بناء المجتمع من خلال تدابير "عقلانية"، لذلك فالمقبول لديهم في المجال النظري هو المنطق الأرسطي، بعد ان تم اختزاله إلى مستوى "الحس السليم"، وهو ما يكفي عندهم لحل جميع المسائل.
لقد أصبحت البراغماتية، وهي عبارة عن مزيج من العقلانية والتجريبية، الفلسفة الوطنية للولايات المتحدة. لا تختلف المنهجية النظرية لـماكس ايستمان Max Eastman اختلافاً جوهرياً عن منهجية هنري فورد - كليهما ينظر إلى الحياة الاجتماعية من وجهة نظر "المهندس" (ايستمان - أفلاطونياً). من الوجهة التاريخية يفسر الموقف الاذدرائي الحالي تجاه الرؤية الجدلية واقع أن الأجداد والجدات الأكبر لماكس ايستمان وغيرهم لم يحتاجوا إلى التفكير الجدلي لغزو الأراضي وجنى الأموال. لكن الزمن تغير، ودخلت فلسفة البراغماتية حقبة إفلاس مثلما حدث للرأسمالية الأمريكية بالضبط.
مؤلفو المقال لم يبينوا، ولا يستطيعوا وغير مهمتين ان يبينوا، تلك الصلة العضوية بين الفلسفة والتطور المادي للمجتمع، وقد شرحوا صراحة سبب ذلك.
كلاً من الكاتبين قالوا كتابة “أنهم مختلفون تماماً فيما بينهما في تقديريهما للنظرية العامة للمادية الجدلية، إذ ان أحدهما يتفق معها والأخر يرفضها ... ما من شيء غريب في ذلك الموقف. رغم أن النظرية، (من وجهة نظرهما -م) بلا شك، مرتبطة دائماً بشكل أو أخر بالممارسة، إلا ان العلاقة بينهما لا تأخذ دائما نفس المسار أو في نفس الوقت، وقد توفرت لدينا الفرصة من قبل في أن نلاحظ ان البشر على الأغلب لا يتصرفون بتطابق. فمن وجهة نظر كل منهما ثمة تناقض بين “النظرية الفلسفية" والممارسة السياسية، والتي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى خلاف سياسي ملموس حاسم. ولكن لا يحدث الآن، ولم يبرهن أي شخص بعد على أن الاتفاق أو الاختلاف حول مذاهب المادية الجدلية الأكثر تجريدًا يؤثر بالضرورة على القضايا السياسية الملموسة سواء اليوم أو غداً - والأحزاب السياسية والبرامج والنضالات (لا تقوم على أساس المنطق الجدلي، وإنما -م) تقوم على مثل هذه القضايا الملموسة. قد نأمل جميعاً أن نتمكن من المضي قدماً في المسائل الأكثر تجريدية فيما بعد، أو عندما يكون لدينا مزيد من وقت الفراغ. في الوقت نفسه هناك قضايا الفاشية والحرب والبطالة ".
ما هو معنى هذا المنطق المدهش تماماً؟ بقدر ما يصل بعض الناس من خلال أسلوب سيئ في بعض الأحيان إلى استنتاجات صحيحة، وبقدر ما لا يصل بعض الناس من خلال طريقة صحيحة بشكل غير منتظم إلى استنتاجات غير صحيحة، لذلك ... هذا المنهج ليس ذا أهمية كبيرة. سنقوم بالتأمل في المناهج في وقت ما عندما يكون لدينا المزيد من أوقات الفراغ، ولكن الآن لدينا أشياء أخرى للقيام بها. تخيل كيف سيكون رد فعل العامل عند تقديم شكوى إلى رئيسه أن أدواته كانت سيئة وتلقى الرد: باستخدام الأدوات السيئة، من الممكن أن يكون هناك عمل جيد، وبأدوات جيدة لا يضيع الكثير من الناس سوى المواد. أخشى أن يكون هذا العامل، لا سيما إذا كان يعمل بالقطعة، قد رد على رئيس العمال بعبارة غير أكاديمية. يواجه العامل مواد مقاومة للحرارة والتي بسببها يكون مجبورا على تقدير أهمية الأداة الجيدة، في حين أن المثقف البورجوازي الصغير - للأسف! - يستخدم مثل هذه "الأدوات" بجانب ملاحظات ضبابية وتعميمات سطحية - حتى تقع الأحداث الكبرى مثل الهراوة فوق رأسه.
أن تطلب من كل عضو في الحزب بأن يركز على دراسة فلسفة الديالكتيك فمن الطبيعي أن يتحول إلى متحذلق لا قيمة له. لكن العامل الذي مر بمدرسة الصراع الطبقي يتطور لديه ميلًا، انطلاقاً من تجربته الخاصة، إلى التفكير الجدلي. حتى لو لم يكن على دراية بهذا المصطلح، فإنه يقبل بسهولة الأسلوب الجدلي واستنتاجاته. لكن الأمر مع البرجوازية الصغيرة أسوأ من ذلك.
هناك بالطبع عناصر برجوازية صغيرة مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالعمال، الذين يذهبون إلى وجهة نظر البروليتاريا دون حاجة إلى ثورة داخلية. لكن هؤلاء يشكلون أقلية ضئيلة. الأمر مختلف تماماً مع البورجوازيون الصغار المدربين أكاديمياً. وقد تم بالفعل بلورة تحليلاتهم النظرية في صيغة مكتملة أثناء جلوسهم على مقاعدهم المدرسية. وبقدر ما نجحوا في اكتساب قدر كبير من المعرفة المفيدة وغير المفيدة بدون مساعدة المنهج الجدلي، فإنهم يعتقدون أنهم يستطيعون الاستمرار بشكل ممتاز عبر دروب الحياة بدونه. في الواقع، أنهم يستغنون عن المنهج الجدلي فقط إلى الحدود التي يعجزون فيها عن مراجعة، تحسين، وصقل أدوات التفكير النظري، وفي نطاق فشلهم عمليًا في الخروج من الإطار الضيق لعلاقاتهم اليومية. وعندما يُلقى بهم في مواجهة أحداث كبيرة، فإنهم يرتبكون بسهولة ويرتدون مرة أخرى إلى طرق التفكير البرجوازية الصغيرة.
أن اللجوء إلى “عدم الاتساق" كمبرر لعمل تكتل نظري غير مبدئي، يشير إلى أن المرء يقدم شهادة على نفسه بكونه ماركسي رديء. إن عدم الاتساق ليس صدفة، ولا يظهر في السياسة على أنه مجرد عرض فردي. فإنه عادة يخدم وظيفة اجتماعية.
هناك تكوينات اجتماعية لا يمكن أن تكون متسقة. إن العناصر البرجوازية الصغيرة التي لم تخلص نفسها من النزعات البرجوازية الصغيرة العتيقة، تضطر بصورة منهجية داخل حزب العمال إلى عمل مساومات نظرية مع وعيها الطبقي الخاص.
تحذير وتأكيد
أدهشني ذلك المقال لدرجة أنى كتبت فوراً إلى الرفيق شاختمان:
لقد قرأت تواً المقال الذي كتبته أنت وبورنهام عن المثقفين. هناك أجزاء كثيرة ممتازة. ومع ذلك، فإن الجزء المتعلق بالديالكتيك هو أشد ضربة من الممكن أن تكون أنت، شخصياً، كمحرر في "الأممية الجديدة"، قد وجهتها إلى النظرية الماركسية. يقول الرفيق بورنهام: "أنا لا أعترف بالديالكتيك." إنه رفيق واضح ويجب على الجميع أن يعترفوا بذلك. وأنت تقول: "أنا أعترف بالديالكتيك، لكنه غير مهم. ليس له أدنى أهمية. "أعد قراءة ما كتبته. هذا القسم مضلل بشكل رهيب لقراء الأممية الجديدة وأفضل الهدايا التي يمكن تقديمها إلى كل من هم على طراز ايستمان. جيد! سنتحدث عن ذلك علانية".
كُتبت رسالتي في 20 يناير، قبل بضعة أشهر من المناقشة الحالية. لم يرد شاختمان حتى الخامس من مارس، حيث أجاب قائلاً إنه لا يستطيع أن يفهم فعلاً لماذا أثرت كل هذه الضجة حول تلك المسألة. في 9 مارس، أجبت شاختمان بالكلمات التالية:
"لم أرفض مطلقاً إمكانية التعاون مع المناهضين للديالكتيكيين، ولكني أتوقف فقط عند اقتراح كتابة مقال مشترك حيث تلعب مسألة المنهج الجدلي، أو يجب أن تلعب، دورًا مهمًا للغاية. يتطور الجداًل على محورين: السياسي والنظري. انتقادك السياسي لا غبار عليه. انتقادك النظري غير كاف فقد توقف عند النقطة التي كان ينبغي فيها أن تصبح هجومياً. أي أن المهمة تتمثل في إظهار أن أخطائهم (بقدر ما هي أخطاء نظرية) هي نتاج لعجزهم وعدم رغبتهم في التفكير في الأمور من خلال المنهج الجدلي. كان يمكن تحقيق هذه المهمة بروح تربوية جادة للغاية وناجحة. بدلاً من هذا، تعلن أن الديالكتيك مسألة خاصة وأنه يمكن أن يكون لدينا زميلًا جيداً بدون استخدامه للتفكير الجدلي ".
حرم شاختمان نفسه، بتحالفه في هذه المسألة مع بورنهام المناهض للديالكتيك، من إمكانية إظهار لماذا بدأ ايستمان وهوك وآخرون غيره بشن هجوم فلسفي على الديالكتيك، لكنهم انتهوا إلى خوض صراع سياسي ضد الثورة الاشتراكية. هذا هو جوهر القضية.
لقد أكدت المناقشة السياسية الحالية في الحزب مخاوفي وتحذيراتي بشكل أكثر حدة بكثير مما كان يمكن أن أتوقعه، أو، على نحو أكثر صراحة، أكثر مما كنت أخشاه. تحمل شكوكية شاختمان المنهجية ثمارها المؤسفة في مسألة طبيعة الدولة السوفياتية. بدأ بورنهام منذ بعض الوقت ببناء نظري تجريبي بحت، شكله على أساس انطباعاته المباشرة، دولة غير بروليتارية وغير بورجوازية، تصفوية في نقلها النظرية الماركسية الدولتية باعتبارها جهازاً للحكم الطبقي. اتخذ شاختمان بشكل غير متوقع موقفاً مراوغاً: "السؤال، كما ترون، يخضع لمزيد من الدراسة"؛ علاوة على ذلك، لا يمتلك تحديد اجتماعي لطبيعة الاتحاد السوفيتي وليس لذلك التحديد، كما يري، أي أهمية مباشرة وفورية في "مهامنا السياسية" ويتفق شاختمان في ذلك كلياً مع بورنهام. نحيل القارئ مرة أخرى إلى ما كتبه هؤلاء الرفاق عن الجدلية. بورنهام يرفض الديالكتيك. يبدو أن شاختمان يقبله، لكن ... الهدية الإلهية المتمثلة في "عدم التجانس" تسمح لهم بالاتفاق على استنتاجات سياسية مشتركة. موقف كل منهم تجاه طبيعة الدولة السوفياتية يساهم درجة تلو أخري في إنتاج موقفهم تجاه المنهج الجدلي.
في كلتا الحالتين يحتل بورنهام الدور القيادي. هذا ليس مفاجئًا: إنه يمتلك المنهج - البراجماتية. وشاختمان ليس لديه منهج. ومن ثم يكيّف نفسه وفقاً لاتجاه بورنهام. وذلك بدون تحمل المسؤولية الكاملة عن التصورات المناهضة للماركسية لدى بورنهام، فإنه يدافع عن تكتله مع بورنهام المعادي للمفاهيم الماركسية في مجال الفلسفة وكذلك في مجال علم الاجتماع. في كلتا الحالتين يظهر بورنهام كبراغماتي وشاختمان كانتقائي. هذا المثال له هذه الميزة التي لا تقدر بثمن إذ يظهر السير على التوازي تماماً بين مواقف بورنهام وشاختمان، ولديهما طريقتان مختلفتان في التفكير حول مسألتان لهما أهمية قصوى، ستجذباًن أبصار حتى الرفاق الذين ليس لديهم خبرة في التفكير النظري البحت. منهج في التفكير قد يكون جدلياً أو مبتذلاً واعياُ أو عشوائيا، ولكنه موجود ويكشف عن نفسه.
أخر يناير سمعنا من مؤلفينا:
"لكن ليس الآن، ولم يثبت أحد بعد أن الاتفاق أو الاختلاف حول عقيدة المادية الديالكتيكية شديدة التجريد يؤثر بالضرورة على القضايا السياسية الملموسة اليوم وغداً ..." ولم يثبت أي شخص بعد! لم يمر أكثر من بضعة أشهر قبل أن يثبت بورنهام وشاختمان أنفسهم أن موقفهم من مثل هذا "التجريد" "المادية الجدلية" يجد تعبيره الدقيق في موقفهم تجاه الدولة السوفياتية.
نؤكد انه من الضروري الإشارة
إلى أن الفرق بين الحالتين مهم إلى حد بعيد، لكنه ذو طبيعة سياسية وليست نظرية. في كلتا الحالتين، شكّل بورنهام وشاختمان كتلة على أساس رفض المنهج الجدلي أو التحفظ تجاهه. ولكن تلك الكتلة كانت موجهة في البداية ضد معارضي الحزب البروليتاري. ولكن في الحالة الثانية، بلورت توجهها ضد الجناح الماركسي في حزبهم. لقد تغير ترتيب مسرح العمليات، إذا جاز التعبير، ولكن السلاح ظل كما هو.
صحيح أن الناس غالبًا لا يكونون متسقين. مع ذلك، يميل العقل البشري إلى وجود تجانس معين. تضطر الفلسفة والمنطق في عملهما إلى الاعتماد على هذا التجانس الذي ينشده الوعي البشري وليس على ما يفتقر إليه هذا التجانس، أي عدم الاتساق. لا يهتم بورنهام بالديالكتيك، لكن الديالكتيك يهتم ببورنهام، بمعنى أنه يضعه ضمن دائرة نفوذه. يعتقد شاختمان أن المنطق الجدلي ليس له أهمية في استخلاص الاستنتاجات السياسية، ولكن في الاستنتاجات السياسية لشاختمان نفسه نرى النتيجة المزرية لموقفه الاذدرائي تجاه الجدلية. يجب علينا وضع هذا المثال في الكتيبات التي تشرح المادية الجدلية.
في العام الماضي زارني أستاذ بريطاني شاب متخصص في الاقتصاد السياسي، وهو من المتعاطفين مع الأممية الرابعة. خلال حديثنا حول طرق ووسائل تحقيق الاشتراكية، أعرب فجأة عن ميل تجاه مذهب النفعية البريطانية انطلاقاً من كينز وغيره: "من الضروري تحديد أهداف اقتصادية واضحة، لاختيار أكثر الوسائل المعقولة لتحقيقها". قلت: "أرى أنك من الرافضين للديالكتيك". أجاب، وهو مندهش إلى حد ما: "نعم، أنا لا أرى أي ضرورة لاستخدامه في ذلك". "على أي حال،”، أجبته، "المنهج الجدلي مكنني، من خلال النظر إلى بعض ملاحظاتك حول المشاكل الاقتصادية، تحديد أي نمط من التفكير الفلسفي تنتمي إليه - وهذا وحده يدل على أن هناك قيمة مهمة في التفكير الجدلي. "على الرغم من أنني لم أتلق أي كلمة عن هذا الضيف منذ ذلك الحين ولكن ليس لدي أي شك في أن هذا الأستاذ المناهض للديالكتيك يتبنى الرأي القائل بأن الاتحاد السوفيتي ليس دولة عمالية، وأن الدفاع غير المشروط عن الاتحاد السوفييتي هو رأي "عتيق"، وأن أساليبنا التنظيمية سيئة، إلخ. وانه من الممكن صياغة نسق في التفكير العام انطلاقاً من التعامل مع مشاكل عملية ملموسة، ومن الممكن أيضاً التنبؤ تقريبًا بمعرفة فكره العام، وكيف يمكن لشخص ما أن يقترب من سؤال عملي أو آخر. هذه هي القيمة التعليمية التي لا تضاهى لطريقة التفكير الجدلي.
ألف باء المادية الجدلية
يعتقد الشكيين المخربين أمثال سوفارين Souvarineأن "لا أحد يعرف" ما هو الديالكتيك.
وهناك "الماركسيين" المعروفين بتوقيرهم لسوفارين ويأملون في تعلم شيء منه. هؤلاء الماركسيين لا يختبئون فقط في التحديث الشهري. ولكن لسوء الحظ، يوجد تيار يتمنى إلى السوفارينية في المعارضة الحالية داخل حزب العمال الاشتراكي. هنا من الضروري تحذير الرفاق الشباب: احذروا تلك العدوى الخبيثة!
الديالكتيك ليس تخيلاً ولا نزعة صوفية، بل هو علم تكوين تفكيرنا الذي لا يتوقف عند مظاهر الحياة اليومية بل يحاول أيضاً الوصول إلى فهم العمليات الأكثر تعقيدًا.
ان العلاقة بين المنطق الصوري والمنطق الجدلي مثل العلاقة بين الرياضيات الأدنى والأعلى.
سأحاول هنا أن أوضح جوهر المشكلة في شكل ملموس للغاية. يبدأ المنطق الأرسطي من القياس المنطقي البسيط، وذلك بالافتراض أن "A" تساوي "A". يتم قبول هذا الصيغة كبديهية مسلم بها في عدد كبير من الأنشطة البشرية العملية والتعميمات الأولية. ولكن "A" لا تساوي "A"في الواقع. من السهل إثبات ذلك إذا رأينا هذين الحرفين تحت العدسة - أنهما مختلفان تماماً عن بعضها البعض. ولكن، يمكن للمرء أن يعترض، فالقضية لا تتعلق بحجم أو شكل الحروف، لأنها ليست سوى رموز تعبر عن كميات متساوية، مثلا، رطل من السكر. الاعتراض هنا لصالحنا في الواقع، إن رطلًا من السكر لا يساوى أبدًا رطلًا من السكر، فالميزان الأكثر دقة يكشف دائمًا عن فرق. مرة أخرى، يمكن للمرء أن يعترض: لكن رطل من السكر يساوي نفسه. لا ابدآ، كل هذه الأجسام الحقيقية تتغير دون توقف سواء في الحجم أو الوزن واللون وغير ذلك. فهي لا تساوي نفسها ابدآ. سيجيب السفسطائي أن رطلًا من السكر يساوي نفسه في لحظة محددة. وبغض النظر عن القيمة العملية المشكوك فيها للغاية لهذه "البديهية"، فإنها لا تصمد أمام النقد النظري أيضاً. كيف يجب علينا حقا تصور كلمة "لحظة"؟ حتى لو كانت فترة زمنية متناهية الصغر، فسيخضع رطل السكر خلال هذه اللحظة إلى تغييرات "طفيفة" لا مفر منها. أم أن "لحظة" تساوى هنا تجريد رياضي محض، أي صفر من الوقت؟ لكن كل شيء موجود في وقت ما بالضرورة. وهذا الوجود نفسه هو عملية تحول لا تتوقف؛ الوقت فعليا عنصر أساسي في الوجود. وبالتالي، فإن البديهية "A" تساوي "A" تعني أن أي شيء يساوي نفسه إذا لم يتغير، أي إذا لم يكن موجودًا.
للوهلة الأولى، يبدو أن هذه "التفاوتات الطفيفة" غير مهمة. لكنها في الواقع ذات أهمية حاسمة. المسلمة أن "A" تساوي "A" تظهر من جهة لتكون نقطة الانطلاق لكل معرفتنا، من ناحية أخرى نقطة الانطلاق لجميع الأخطاء في معرفتنا. الاستفادة من بديهية "A" تساوي "A" مع إمكانية تحصينها من النقد أمر ممكن في حدود معينة فقط. وذلك عندما تكون التغييرات الكمية في "A" ضئيلة جداً وغير جديرة بالاهتمام بالنسبة للمطلوب، يمكن وقتها الافتراض أن "A" تساوي "A". هذا هو، تلك هي الطريقة التي يفكر بها البائع والمشتري عند بيع رطل من السكر. نحن نفكر في درجة حرارة الشمس بنفس الطريقة. وحتى وقت قريب، نحن نتعامل مع القدرة الشرائية للدولار بنفس الطريقة. لكن التغييرات الكمية التي تتجاوز حدود معينة تصنع تغييرا نوعياً. إن رطلًا من السكر المعرض لإجهاد الماء أو الكيروسين لا يستمر رطلًا من السكر. الدولار في أحضان الرئيس يتوقف عن أن يكون دولار. إن تحديد اللحظة المناسبة، النقطة الحرجة التي تتغير فيها الكمية إلى حالة نوعية مختلفة عن الأصل هي واحدة من أهم المهام وأكثرها صعوبة في جميع مجالات المعرفة بما في ذلك علم الاجتماع.
كل عامل يعرف أنه من المستحيل صنع جسمين متساويين ومتطابقين تماماً. عند وضع نحاس البارينج في حوامل مخروطية، يُسمح ذلك بحدوث انحراف معين للمخاريط التي لا يجب أن تتجاوز حدود معينة (وهذا ما يسمى بالتسامح) "أو حدود الاختلاف المقبولة -م". من خلال وضع معايير التسامح في الاعتبار، يمكن ان تعتبر المخاريط متساوية. ("A" تساوي "A"). وعندما يتم تجاوز نسبة التسامح تتغير الكمية نوعياً؛ وبعبارة أخرى، إن قالب الخرط أصبح رديئاً أو عديم القيمة تماماً.
إن تفكيرنا العلمي ليس سوى حصيلة ممارستنا العامة بما في ذلك الجانب التقني. بالنسبة إلى المفاهيم، هناك أيضاً فكرة "التسامح" التي تم إنشاؤها، والتي لم يكن ممكن إنشاؤها بواسطة المنطق الصوري الذي ينطلق من مسلمة أن "A" تساوي "A". فقط بالانطلاق من المنطق الجدلي الذي يصدر من مسلمة مفادها أن كل شيء في حالة تغير مستمر. مشكلة "الحس العام" هي أنه يتجاوز بشكل منهجي عملية "التسامح الديالكتيكي".
إن منطق التفكير السطحي المبتذل Vulgar يتعامل مع مفاهيم مثل الرأسمالية، والأخلاق، والحرية، دولة العمال، وما إلى ذلك، باعتبارها مفاهيم مجردة وثابتة، بافتراض أن الرأسمالية تساوي الرأسمالية. الأخلاق تساوي الأخلاق، إلخ. التفكير الجدلي يحلل كل الأشياء والظواهر أخذاً في اعتباره تغيّرها المستمر، بينما يحدد في رصده للشروط المادية لتلك التغيرات الحالة الحرجة التي يتوقف عندها أن تكون A تساوي A’، وأن "دولة العمال" تكف فعلاً ًعن أن تكون “دولة عمال".
الخطيئة الأساسية للتفكير المبتذل تكمن في واقع أنه يرغب في إقناع نفسه بسمات ثابتة للواقع الذي لا يكف أبداً عن الحركة. بينما يستخلص التفكير الجدلي المفاهيم، عن طريق التقريب الدقيق، التصحيحات، التكثيف، يعطى ثراء في المحتوى والمرونة؛ بل سأقول "دينامية" تجعل الظواهر إلى حد ما أقرب إلى أن تكون معطيات حية. الجدل لا يفهم الرأسمالية بشكل عام، ولكن يفهم الرأسمالية المعطاة في مرحلة معينة من التطور. ولا الدولة العمالية بشكل عام، بل دولة عمالية معينة، مثلاً في بلد متخلف ومحاطة بإطار إمبريالي، إلخ.
أن علاقة الفكر الجدلي بالفكر السوقي السطحي تظهر في نظر كل منهما إلى مشهد الواقع، كونه يري كمشهد ثابت أو مشهد متحرك، ان المشهد المتحرك لا يناقض وجود المشهد الثابت، لكنه يستخلص تصوره للواقع ليس من صورة خاصة للواقع بل من خلال ربط سلسلة من الصور لمشهد الواقع وفقاً لقوانين الحركة، الجدل لا ينفي القياس المنطقي "الأرسطي" ولكنه يعلمنا التفكير بطريقة أعمق، حيث يضع قياسات وفروض منطقية متعددة بطريقة تجعل فهمنا أكثر الماماً بالواقع في حركته وتغيره.
أنشأ هيجل في منطقه سلسلة من القوانين: تغير الكم إلى كيف، التطور من خلال التناقضات، التضارب بين الشكل والمضمون، انقطاع الاستمرارية، تحول الاحتمال إلى حتمية، إلخ، وهي قوانين لا تقل أهمية في الفكر النظري، بالنسبة لأغلب المهام الأولية، عن القياس المنطقي البسيط.
كتب هيجل نظرياته قبل داروين وقبل ماركس. وبفضل قوة الدفع الهائلة التي أعطتها الثورة الفرنسية للفكر، توقع هيجل الحركة العامة للعلم. ولكن لأنه كان مجرد توقع، على الرغم من أنه عبقري، إلا أنه طبع أفكاره بطابعاً مثالياً. لقد اشتغل هيجل على الظلال الأيديولوجية باعتبارها حقيقة مطلقة. أظهر ماركس أن حركة هذه الظلال الإيديولوجية لا تعبر عن شيئًا سوى حركة الأجسام المادية.
نحن نسمي منهجنا بالمادي الجدلي لأن جذوره ليست محلقة في السماء ولا (تتحرك بانطباعية -م) في أعماق "إرادتنا الحرة"، ولكن لأنه مرتبط بالواقع الموضوعي، الطبيعة. تطور الوعي من اللاوعي، وعلم النفس من علم وظائف الأعضاء، والعالم العضوي من اللا عضوي، والنظام الشمسي من السديم. على جميع درجات سلم التطور هذه، تتحول التغييرات الكمية إلى نوعية. إن فكرنا، بما في ذلك التفكير الجدلي، هو مجرد أحد أشكال التعبير عن المادة المتغيرة. ليس هناك مكان داخل هذا النظام لشيطان أو رب، ولا روح خالدة، ولا الأعراف الأبديّة للقوانين والأخلاق. إن جدلية التفكير، بعد أن نمت من جدلية الطبيعة، تمتلك بالتالي طابعاً مادياً حصراً.
إن الداروينية، التي كشفت تطور الأنواع من خلال التغيرات الكمية التي تتحول نوعيا، كانت أعلى انتصار للمنطق الجدلي في حقل المادة العضوية بأكمله. الانتصار الأخر الكبير هو اكتشاف جدول الأوزان الذرية للعناصر الكيميائية والأهم هو بيان التحول من عنصر معين إلى آخر.
هذه التحولات في (الأنواع، العناصر، إلخ) ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمسألة التصنيف، ولها نفس الأهمية سواء في حقل العلوم الطبيعة أو العلوم الاجتماعية. كان نظام لينيوس Linnaeus (القرن الثامن عشر)، الذي استخدم كنقطة انطلاق للبرهنة على ثبات الأنواع، مقصوراً على وصف وتصنيف النباتات وفقاً لخصائصها الخارجية. إن المرحلة الطفولية في تطور علم النبات مشابه للمرحلة الطفولية في تطور المنطق، لأن أشكال فكرنا تتطور كأي كائن حي. إن القطع الجازم مع فكرة ثبات الأنواع، بجانب دراسة تاريخ تطور النباتات وتشريحها هو ما ساعد على تأسيس تصنيف علمي حقيقي.
يتميز ماركس عن داروين بجدلية الوعي. فقد اكتشف أسس التصنيف العلمي للمجتمعات البشرية من خلال دراسة قواها الإنتاجية وبنية علاقات الملكية التي يمكن من خلالها تشريح المجتمع. ان الماركسية حلت محل التصنيف الوصفي السطحي للمجتمعات والدول الذي لا يزال مزدهرا في الجامعات إلى الآن، وفقط من خلال استخدام المنهج الماركسي يمكن إيجاد تحديد صحيح للدولة العمالية، ولحالة انهيارها.
وكل ذلك، كما نري، لا ينطوي على أي شيء ميتافيزيقي أو مدرسي، كما يزعم ذلك الأستاذ المتغطرس الجاهل. ان المنهج الجدلي يعبر عن قوانين الحركة في الفكر العلمي المعاصر. بينما يعبر الموقف المناوئ له عن تصورات الماضي السحيق، وعن الميل المحافظ لدى البرجوازي الصغير، والغطرسة الذاتية للجامعيين المقولبين و ... ونوعا من الأمل في حياة أخري بعد الموت.
طبيعة الاتحاد السوفيتي
التعريف الذي يقدمه الرفيق بورنهام للاتحاد السوفيتي "ليس دولة عمالية، ولا دولة برجوازية" هو تعريف سلبي بحت، مفصول عن سياق أي تطور تاريخي، يتأرجح في الفراغ، مفرغ من الجسيمات الاجتماعية ويمثل ببساطة استسلام نظري للبراغماتية أمام تعقيدات ظاهرة تاريخية مركبة.
لو ان بورنهام كان مادياً جدلياً في أسلوبه لتصدى لبحث الثلاث نقاط التالية:
1 - ما هو الأساس العضوي التاريخي للاتحاد السوفيتي؟
2 - ما هي التغييرات التي مرت بها هذه الدولة عبر وجودها؟
3. هل اجتازت هذه التغييرات مرحلة التغيرات الكمية إلى حدوث تغير نوعي؟ أي، هل خلقوا أساساً ضروري تاريخياً لتحقيق هيمنة طبقة مستغلة جديدة؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة ستدفع بورنهام إلى استخلاص النتيجة المحتملة الوحيدة وهي ان الاتحاد السوفيتي لا يزال دولة عمالية منحطة.
الديالكتيك ليس مفتاحًا سحريًا لحل جميع الأسئلة. فهو لا يحل محل التحليل العلمي الملموس. لكنه يوجه هذا التحليل إلى الطريق الصحيح، ويحميه من التشرد العقيم في صحاري الذاتية والمدرسية.
يضع برونو ريتزي كلا النظامين السوفييتي والفاشي تحت تعريف "الجماعية البيروقراطية"، لأن كل من الاتحاد السوفيتي وإيطاليا وألمانيا يحكمها البيروقراطيات. هنا وهناك مبادئ التخطيط؛ في حالة منهم يتم تصفية الملكية الخاصة، في الأخرى تصفية محدودة، الخ. وهكذا على أساس التشابه النسبي لخصائص خارجية معينة ذات منشأ مختلف، من وزن محدد مختلف، ذات أهمية طبقية مختلفة، يتم بناء هوية أساسية للأنظمة الاجتماعية، وتمامًا بروح الأساتذة البرجوازيين الذين يقومون ببناء تعريفات مثل "الاقتصاد الخاضع للرقابة"، الدولة المركزية "، دون الأخذ في الاعتبار تحديد الطبيعة الطبقية لهذا أو ذاك، برونو ريتزي. وأتباعه، أو شبه الأتباع مثل بورنهام، يظلون، في أحسن الأحوال، في دائرة التصنيفات الاجتماعية التي على مستوى لينيوس والذي ينبغي مع ذلك ملاحظة أنه عاش قبل هيجل وداروين وماركس.
الأسوأ والأخطر من ذلك، هو تلك الانتقائية التي عبر عنها في فكرة أن تحديد الطابع الطبقي للدولة السوفيتية أمر " غير هام"، وأن اتجاه سياستنا يكفي فيه تحديد "طبيعة الحرب". كما لو أن الحرب كانت موضوع اجتماعي متعالي ومستقل؛ كما لو أن طبيعة الحرب لا تحددها طبيعة الطبقة الحاكمة، أي وفقاً للعوامل الاجتماعية نفسها التي تحدد أيضاً طبيعة الدولة. من المثير للدهشة كيف ينسى بعض الرفاق أبجديات الماركسية تحت تأثير الأحداث!
ليس من المستغرب أن منظري المعارضة الذين يرفضون التفكير الجدلي ينهار منطقهم بشكل مؤسف أمام الطبيعة المتناقضة للاتحاد السوفييتي. ومع ذلك، فإن التناقض بين الأسس الاجتماعية التي أرستها الثورة، وطبيعة الدولة التي نشأت من انحطاط الثورة ليس حقيقة تاريخية لا يمكن دحضها فحسب، بل هو أيضاً قوة دافعة. في كفاحنا من أجل الإطاحة بالبيروقراطية، نوجه أنفسنا على هذا التناقض. في هذا الأثناء، بينما يصل بعض اليسار المتطرف إلى حد السخف في نهاية المطاف من خلال التأكيد على أنه من الضروري التضحية بالبنية الاجتماعية للاتحاد السوفييتي من أجل إسقاط الأوليغارشية البونابرتية! ولا ينتابهم أي شك في أن الاتحاد السوفيتي بدون تلك البنية الاجتماعية التي أرستها ثورة أكتوبر سيكون نظامًا فاشيًا.
الجدل والارتقاء
ربما يحتج الرفيق بورنهام على انه بوصفه من أنصار نظرية الارتقاء، ومن ثم فهو مهتم بالتطور الاجتماعي وأشكال الدولة بما ليس أقل من أنصار الديالكتيك. لن نناقش في ذلك. كل شخص نال قسطاً من التعليم بعد ظهور داروين يمكن ان يصف نفسه باعتباره “ارتقائيًا". لكن الارتقائي فعلاً يجب ان يطبق نظرية الارتقاء على أشكال تفكيره. بداية من منطق التفكير الأولى الذي لم تكن قد ظهرت فيه نظرية الارتقاء بعد، ومن الواضح انه لم يكن هناك منطقاً وقتذاك يسمح بتحليل عملية الارتقاء نفسها. منطق هيجل هو منطق الارتقاء. ولا يجب ان ينسى أحد أن مفهوم "التطور" نفسه قد شوه تماماً وأفسد من قبل الأكاديميين والكتاب الليبراليين ليجعلوا معناه هو "التقدم" السلمي.
على أي حال صار مفهوماً ان عملية الارتقاء تحدث من خلال صراع قوى متعارضة؛ أن تراكماً بطيئاً للتغيرات يحدث إلى أن يصل في لحظة معينة إلى انفجار الغلاف القديم ويحدث كارثة، ثورة. أن كل من تعلم أخيرًا أن يطبّق قوانين التطور العامة على عملية التفكير نفسها، فهو ديالكتيكي، ويختلف عن أنصار التطور المبتذلين. التدريب الجدلي للعقل، كما هو ضروري لمقاتل ثوري مثل تمارين الأصابع لعازف البيانو، يتطلب التعامل مع جميع المشكلات كصيرورة حية، كعمليات حيوية وليس كمعطيات ثابتة. في حين أن أنصار التطور السطحيين، الذين يحصرون أنفسهم بشكل عام في الاعتراف بالتطور في مجالات محددة فقط، يكتفون، في كل الأمور الأخرى، بتقديس "الفطرة الإنسانية السليمة".
الليبرالي الأمريكي، الذي يتوافق مع وجود الاتحاد السوفيتي، بتحديد أدق بيروقراطية موسكو، يعتقد، أو على الأقل كان يعتقد حتى حدوث الاتفاق السوفييتي الألماني، أن النظام السوفيتي ككل هو "شيء تقدمي"، وأن السمات القبيحة للبيروقراطية ("بطبيعة الحال هي موجودة! ") سوف تزول تدريجياً وبذلك فإن تحقق" تقدم "سلمي وغير مؤلم" هو أمر مؤكد.
إن البرجوازي الصغير الراديكالي السطحي يشبه "الليبرالي" "التقدمي" في أنه ينظر إلى الاتحاد السوفييتي كتكلة واحدة، ومن ثم لا يرى تناقضاته ودينامياته الداخلية المتنوعة. عندما وصل ستالين إلى التحالف مع هتلر، ثم غزا بولندا، والآن فنلندا، انتصر المتطرفون السوقيون. فقد أكد لهم تماثل أساليب الستالينية والفاشية أنهم يواجهون صعوبات، لكن عندما دعت السلطات الجديدة الشعب(المحتل-م) إلى مصادرة مالكي الأراضي والرأسماليين، لم يكن ذلك في نطاق توقعاتهم على الإطلاق! في هذا الأثناء، لم تؤد التدابير الثورية الاجتماعية، التي نفذت عبر الوسائل العسكرية البيروقراطية، إلى زعزعة تعريفنا الديالكتيكي عن الاتحاد السوفيتي كدولة عمالية متدهورة فحسب، بل أعطته أيضاً اقوى الأدلة التي لا يمكن نقضها. بدلاً من الاستفادة من هذا الانتصار للتحليل الماركسي من أجل تحريض مثابر، بدأ المعارضون البورجوازيون الصغيرون بالصراخ بخفة عقل إجرامية أن الأحداث هدمت تكهناتنا، وأن صيغنا القديمة لم تعد قابلة للتطبيق، وأن الكلمات الجديدة ضرورية. أي كلمات؟ التي هم أنفسهم لم يحددوها بعد.
الدفاع عن الاتحاد السوفيتي
بدأنا بالفلسفة ثم ذهبنا إلى علم الاجتماع. أصبح من الواضح أنه في كلا النطاقين، ومن شخصيتين قياديتين في المعارضة، أحدهما مناهضاً للماركسية، والآخر يتبنى موقفاً انتقائياً. إذا نظرنا الآن إلى السياسة، ولا سيما مسألة الدفاع عن الاتحاد السوفييتي، فسوف نجد أن مفاجآت كبيرة في انتظارنا.
اكتشفت المعارضة أن صيغتنا حول "الدفاع غير المشروط عن الاتحاد السوفييتي"، وهي الصيغة الموجودة ببرنامجنا، "غامضة ومجردة وتجاوزها الزمن (!؟)". ولسوء الحظ، لا يشرحون وفقاً لأي "شروط" مستقبلية هم مستعدون للدفاع عن مكتسبات الثورة. وذلك على الأقل لإضفاء أي معنى على صيغتهم الجديدة، تحاول المعارضة تصوير المسألة كما لو أننا كنا حتى الآن ندافع "دون قيد أو شرط" عن السياسة الدولية لحكومة الكرملين مع جيشها الأحمر وأجهزتها البوليسية. كل شيء انقلب رأسا على عقب! في الواقع، لم ندافع عن السياسة الدولية للكرملين منذ مدة طويلة، ولا حتى بشروط، ولا سيما منذ الوقت الذي أعلننا فيه صراحة عن ضرورة سحق الأوليغارشية في الكرملين من خلال انتفاضة ثورية! إن السياسة الخاطئة لا تشوه فقط المهام الحالية بل تجد نفسها مجبرة حتى على تشويه ماضيها أيضاً بتلطيخه باللون الأسود.
في المقالة المذكورة أعلاه المنشورة في New International، وصف بورنهام وشاختمان بذكاء مجموعة من المثقفين البائسين "عصبة الأمال المهجورة"، وتسألوا باستمرار عن موقف هذه الجماعة المؤسفة في حالة نشوب صراع عسكري بين بلد رأسمالي والاتحاد السوفيتي ماذا سيكون. وكتب الباحثون "ننتهز هذه المناسبة". "لمطالبة I-look وEastman وLyons بإعلان مواقف لا تحتمل اللبس حول مسألة الدفاع عن الاتحاد السوفييتي أمام هجوم هتلر أو اليابان - أو من قبل إنجلترا .... لم يضع بورنهام أو شاختمان أي "شروط" في المقال ولم يحددوا أي ظروف "ملموسة"، وطالبوا في الوقت نفسه برد "لا يحتمل اللبس". "هل ستحجم عصبة (الآمال المهجورة) أيضاً عن اتخاذ موقف أو أنها ستعلن أنها محايدة؟". وأثاروا، باختصار، مسألة.. هل هم مع الدفاع عن الاتحاد السوفييتي ضد الهجوم الإمبريالي، بغض النظر عن وعلى الرغم من النظام الستالينى؟ "(تشديدي.) اقتباس للتعجب! وهذا بالضبط ما يعلن عنه برنامجنا. أيد بورنهام وشاختمان في يناير 1939 الدفاع غير المشروط عن الاتحاد السوفييتي وحددوا أهمية الدفاع غير المشروط بشكل صحيح تماماً كـ "بغض النظر عن وعلى الرغم من النظام الستالينى". ومع ذلك، فقد تمت كتابة هذه المقالة عندما تم تجفيف تجربة الثورة الإسبانية بالفعل. الرفيق كانون على حق تماماً عندما يقول إن دور الستالينية في أسبانيا كان أكثر إجراما بما لا يقاس مما حدث في بولندا أو فنلندا. في الحالة الأولى، خنقت البيروقراطية بطريقة الجلاد ثورة اشتراكية. وأعطت، في الحالة الثانية، حافزاً لقيام الثورة الاشتراكية من خلال الأساليب البيروقراطية. لماذا تحول بورنهام وشاختمان نفسهما بشكل غير متوقع إلى وضع "عصبة الآمال المهجورة"؟ لماذا ا؟ لا يمكننا أن نعتبر إشارات شاختمان عالية التجريد إلى " الأحداث الملموسة " بمثابة تفسير. ومع ذلك، ليس من الصعب العثور على تفسير. حظيت مشاركة الكرملين في معسكر الجمهوريين في إسبانيا بدعم من الديمقراطيين البرجوازيين في جميع أنحاء العالم. وقوبلت سياسة ستالين في بولندا وفنلندا بإدانة شديدة من نفس الديمقراطيين. وتعتبر المعارضة، على الرغم من كل عباراتها الصاخبة، تعبيراً، داخل حزب العمال الاشتراكي، عن التقلبات الانفعالية للبرجوازي الصغير "اليساري". هذه الحقيقة للأسف لا تقبل الجدل.
كتب بورنهام وشاختمان حول عصبة "الآمال المهجورة":
"أن أنصارنا" يفتخرون بالاعتقاد بأنهم يساهمون بشيء "طازج"، وأنهم "يرتقون من جديد في ضوء تجارب جديدة"، وأنهم "ليسوا متحجرين" ("محافظين"؟ -ل. ت) مثل الذين يرفضون إعادة النظر في "مفاهيمهم الأساسية"، إلخ. يا له من خداع ذاتي مثير للشفقة! لم يبرز أي منهم أي حقائق جديدة، في ضوء أي فهم جديد للحاضر أو المستقبل ".
اقتباس مدهش! ألا ينبغي لنا إضافة فصل جديد لمقالهم، "مثقفون منسحبون"؟ أنا أقترح على الرفيق شاختمان تعاوني في ذلك ....
كيف يمكن لأشخاص بارزين مثل بورنهام وشاختمان، المخلصين لقضية البروليتاريا دون أدني شرط، أن يفزعوا هكذا من السادة المهذبين الغير مفزعين أعضاء "رابطة الآمال المهجورة". على المستوى النظري البحت، يكمن التفسير فيما يتعلق ببرنهام، في منهجه الخاطئ، وفيما يتعلق بشاختمان في عدم احترامه للمنهج. المنهج الصحيح لا يساعد فقط في الوصول إلى نتيجة صحيحة، بل يربط كل استنتاج جديد مع الاستنتاجات السابقة في سلسلة منطقية مترابطة، تصحح الاستنتاجات في ذاكرة المرء. وعلى العكس، إذا تم التوصل تجريبيًا إلى استنتاجات سياسية، إذا تم الإعلان عن التناقض على أنه مزايا، فإن نظام السياسة الماركسي يتم استبداله هكذا بالانطباعية - من خلال العديد من الطرق التي يتسم بها المثقفين البورجوازيين الصغار. إن كل انعطافه جديدة في الأحداث تؤثر انطباعياً على ما هو معلوم لديه من قبل، وتجبره على نسيان ما كتبه هو نفسه بالأمس، وينتج رغبة مستهلكة في إيجاد صيغ جديدة قبل ظهور أفكار جديدة في رأسه.
حرب فنلندا – السوفييت
إن قرار المعارضة بشأن مسألة الحرب السوفيتية الفنلندية هو وثيقة يمكن توقيعها، ربما مع بعض التغييرات الطفيفة، من قبل البوردغييين Bordigists، فيريكين Vereecken، سنيفليت Sneevliet، فينر بروكوي Fenner Brockway، مارسو بيفرت Marceau Pivert وما شابه، ولكن على أي حال من وجهة نظر البلاشفة -اللينينين. واستنادًا إلى سمات البيروقراطية السوفييتية وحول واقعة “الغزو" فحسب، فإن القرار خاليًا من أدنى محتوى اجتماعي. إنه يضع فنلندا والاتحاد السوفييتي على نفس المستوى وبشكل لا لبس فيه “يدين ويرفض ويعارض كل الحكومات وجيوشها". ومع ذلك، بعد أن لاحظنا أن هناك شيئًا ما غير مناسب، يضيف القرار بشكل غير متوقع وبدون أي صلة بالنص:
"في التطبيق (!) من هذا المنظور، فإن الأممية الرابعة، بالطبع، (كم هي رائعة تلك “بالطبع ")، تأخذ بعين الاعتبار (!) العلاقات الاقتصادية المختلفة في فنلندا وروسيا".
كل كلمة لؤلؤة. من خلال الظروف "الملموسة"، فإن عشاقنا "الملموسين" يقصدون الوضع العسكري، ومزاج الجماهير، وفي المقام الثالث الأنظمة الاقتصادية المتعارضة. أما بالنسبة إلى الكيفية التي ستوضع بها هذه الظروف الثلاثة "الملموسة" في" الاعتبار"، فإن القرار لا يعطى أدنى قدر من الإيضاح. إذا عارضت المعارضة بنفس القدر "الحكومات وجيوشها" بخصوص هذه الحرب، كيف ستأخذ إذن "بعين الاعتبار" الاختلافات في الوضع العسكري والأنظمة الاجتماعية؟ بالتأكيد لا شيء من هذا يمكن فهمه هنا.
لمعاقبة الستالينيين على جرائمهم المؤكدة فإن القرار، مقتفيا أثر كل أنواع الديموقراطية البرجوازية الصغيرة، لا يشير بكلمة واحدة إلى ما قام به الجيش الأحمر في فنلندا من نزع ملكية مساحات كبيرة من ملاك الأراضي، وفرض رقابة عمالية ويجهز لنزع ملكية الرأسماليين.
غداً سيخنق الستالينيون العمال الفنلنديين. لكنهم الآن يقدمون - وهم مجبرون على إعطاء - دفعة هائلة للنضال الطبقي في أشد صوره حدة. يبني قادة المعارضة سياستهم ليس على العمليات "الملموسة" التي تجري في فنلندا، ولكن على التجريد الديمقراطي والمشاعر النبيلة.
من الواضح أن الحرب السوفياتية الفنلندية بدأت تستكمل بحرب أهلية يجد فيها الجيش الأحمر نفسه في مرحلة معينة في نفس المعسكر بجانب العمال والفلاحين الصغار الفنلنديين، في حين يتمتع الجيش الفنلندي بدعم الطبقات المالكة. والبيروقراطية العمالية المحافظة والإمبرياليين الأنجلو ساكسونيين. إن الآمال التي يوقظها الجيش الأحمر بين الفقراء الفنلنديين، ما لم تتدخل الثورة العالمية، ستتحول إلى مجرد وهم. سيكون تعاون الجيش الأحمر مع الفقراء مؤقتاً فقط؛ وسيحول الكرملين أسلحته قريباً ضد العمال والفلاحين الفنلنديين. نحن نعرف كل هذا الآن ونقوله صراحة كتحذير. ولكن في هذه الحرب الأهلية أل "ملموسة" التي تجري على الأراضي الفنلندية، ما هو الموقف "الملموس" الذي يجب على أنصار "ملموسين" للأممية الرابعة أن يأخذوه؟ إذا كانوا قد قاتلوا في إسبانيا في معسكر الجمهوريين على الرغم من حقيقة أن الستالينيين كانوا يخنقون فعلاً الثورة الاشتراكية هناك، فمن ثم يتعين عليهم أن يشاركوا في فنلندا في نفس المعسكر حيث يُجبر الستالينيون على مساندة أعمال مصادرة الرأسماليين.
يغطّي مخترعونا الثقوب الموجودة في مواقعهم بعبارات عنيفة. يسمون سياسة الاتحاد السوفيتي "إمبريالية". يا له من إثراء واسع للعلوم! ابتداء من الآن (يجب أن نطلق -م) على كل من السياسة الخارجية لرأس المال المالي وسياسة إبادة رأس المال المالي مسمى الإمبريالية. هذا سيساعد بشكل كبير في التوضيح والتعليم الطبقي للعمال ولكن في نفس الوقت - سوف يصرخ، دعونا نقول، ستانلي المتسرع جداً – إن الكرملين يدعم سياسة رأس المال المالي في ألمانيا! ومنطق هذا الاعتراض هو القيام بوضع مشكلة مكان أخري، في حل ما هو ملموس من خلال تفكير مجرد (الخطأ المعتاد للفكر السطحي المبتذل).
إذا أُجبر هتلر غداً على إرسال الأسلحة إلى الهنود المتمردين (ضد الاستعمار البريطاني -م)، فهل يجب على العمال الألمان الثوريين أن يعارضوا هذا الإجراء الملموس بالإضرابات أو التخريب؟ على العكس، يجب عليهم التأكد من أن المتمردين سوف يتسلمون السلاح في أسرع وقت ممكن. نأمل أن يكون هذا واضحاً لستانلي. لكن هذا المثال هو مجرد قياس افتراضي لا غير. استخدمناه لكي نظهر أنه حتى حكومة فاشية تمثل رأس المال المالي يمكن في ظل ظروف معينة أن تُجبر على دعم حركة ثورية وطنية (ومن المؤكد ستحاول خنقها في اليوم التالي). لن يدعم هتلر مطلقاً تحت أي ظرف من الظروف أي ثورة بروليتارية على سبيل المثال في فرنسا. أما بالنسبة إلى الكرملين، فهو في الوقت الحاضر مجبرًا - وهذا ليس مجرد افتراض ولكنه وضعًا حقيقيًا – على حفز حركة ثورية اجتماعية في فنلندا (سيحاول خنقها سياسيًا غداً). القيام بالتعمية على حركة ثورية اجتماعية معينة باستخدام مصطلح الإمبريالية المجرد فحسب، وفقط لأنها حفزت وفي نفس الوقت كبحت من قبل الكرملين، يشهد فقط على الفقر النظري والسياسي.
من الضروري أن نضيف أن التوسع في مفهوم "الإمبريالية" يفتقر حتى إلى جاذبية الحبكة الروائية. في الوقت الحاضر، ليس فقط "الديموقراطيون" بل البرجوازية في الدول الديموقراطية أيضاً، من يصفون السياسة السوفيتية بأنها إمبريالية. إن هدف البرجوازية واضح بجلاء – طمس التناقضات الاجتماعية بين التوسع الرأسمالي والتوسع السوفيتي، إخفاء مشكلة الملكية، وبهذه الطريقة يدعم فعلاً الإمبريالية الحقيقية. ما هو هدف شاختمان والآخرين؟ هم أنفسهم لا يعرفون. أن اختراعهم الاصطلاحي يرميهم بشكل موضوعي بعيداً عن المصطلحات الماركسية للأممية الرابعة ويجعلهم يقتربون من مصطلحات "الديمقراطيين". هذا الظرف، للأسف، يشهد مرة أخرى على حساسية المعارضة الشديدة تجاه ضغط الرأي العام البرجوازي الصغير.

"المسألة التنظيمية"
في الكثير من الأحيان يسمع المرء من صفوف المعارضة ما يلي: "المسألة الروسية ليست ذات أهمية حاسمة في حد ذاتها. الأكثر أهمية هو تغيير نظام الحزب ". التغيير في النظام، يجب أن نفهم، هل يعني تغيير في القيادة، أو على نحو أدق، القضاء على كانون ومنعه والمتعاونين القريبين منه من توجيه المراكز. يتبين هكذا أن هذه الأصوات الشجاعة تميل إلى الصراع ضد "فصيل" كانون "" قبل تلك " " الأحداث “التي يشير إليها شاختمان وآخرون في شرح تغيير موقفهم. في الوقت نفسه تذكرنا هذه الأصوات بسلسلة كاملة من جماعات المعارضة السابقة التي خاضت صراعاً في مناسبات مختلفة. والذين، عندما بدأ الأساس المبدئي في الانهيار تحت أقدامهم، انتقلوا إلى ما يسمى بـ "المشكلة التنظيمية" - كانت الحالة متطابقة مع Molinier، Sneevliet، Vereecken وغيرهم الكثير. ومما قد يثير الاستهجان في هذه السوابق أنه من المستحيل تجاوزها.
ومع ذلك، فمن الخطأ الاعتقاد بأن تحويل الصراع إلى "قضية تنظيمية" يمثل "مناورة" بسيطة في صراع الفصائل. لا، فالمشاعر الداخلية للمعارضة تخبرهم، في الحقيقة، على الرغم من كونهم مرتبكين، أن القضية لا تتعلق فقط "بالمشكلة الروسية" بل بالأحرى بكل الرؤي حول القضايا السياسية بشكل عام، بما في ذلك طرق بناء الحزب. وهذا صحيح بمعنى ما. لقد حاولنا أيضاً أن نثبت أن القضية لا تتعلق فقط بالمشكلة الروسية، بل بما هو أبعد في منهج تفكير المعارضة، والجذور الاجتماعية التي يأتي منها. فالمعارضة تعكس هيمنة ذهنية وميول البرجوازية الصغيرة. هذا هو جوهر المشكلة برمتها.
لقد رأينا بوضوح تام التأثير الأيديولوجي لطبقة أخرى في حالات بورنهام (البراجماتية) وشاختمان (الانتقائية). لم نأخذ في الاعتبار قادة آخرين مثل الرفيق أبيرن لأنه لا يشارك بشكل عام في المناقشات المبدئية، حيث يحصر نفسه في نطاق "المشكلة التنظيمية". هذا لا يعني، مع ذلك، أن أبيرن ليس له أهمية. على العكس، من الممكن أن نقول إن بورنهام وشاختمان هما هواة المعارضة، في حين أن أبيرن هو المحترف الذي لا يرقى إليه الشك. أبيرن هو فقط، من لديه مجموعته التقليدية الخاصة التي انبثقت من الحزب الشيوعي القديم وأصبحت مترابطة خلال الفترة الأولى من الوجود المستقل لـ "المعارضة اليسارية". جميع الآخرين الذين لديهم أسباب مختلفة للنقد والاستياء يلصقونها بهذه المجموعة.
إن أي صراع اتجاهات عنيف في أي حزب هو دائماً في التحليل النهائي انعكاس للصراع الطبقي. لقد أسس فصيل الأكثرية نفسه منذ البداية على فهم الاعتماد الأيديولوجي للمعارضة على الديمقراطية البرجوازية الصغيرة. بينما المعارضة، على العكس من ذلك، وبالتحديد بسبب طابعها البرجوازي الصغير، لا تحاول حتى البحث عن الجذور الاجتماعية للمعسكر المعادي.
فتحت المعارضة صراعاً حزبياً عنيفاً ومتشدداً أدى إلى شل حركة الحزب في توقيت هام للغاية. صراعاً مثل هذا يمكن تبريره وليس إدانته بلا رحمة، فإن الأسس الجدية والعميقة ستكون ضرورية. بالنسبة للماركسي تلك الأسس لها طبيعة طبقية بالضرورة، إن قادة المعارضة، قبل أن يشرعوا في شن هجومهم العنيف، كان عليهم أن يسألوا أنفسهم هذا السؤال: ما هو التأثير الطبقي غير البروليتاري الذي ينعكس في موقف أغلبية اللجنة الوطنية؟ ومع ذلك، فإن المعارضة لم تقم بأي محاولة لعمل تقييم للاختلافات على أساس طبقي. فهي لا ترى سوى "المحافظة" و "الأخطاء" و "الأساليب السيئة" ونواقص نفسية وفكرية وفنية مماثلة. المعارضة ليست مهتمة بفهم الطبيعة الطبقية لفصيل المعارضة، تماماً كما لا تهتم بالطابع الطبقي للاتحاد السوفييتي. هذه الحقيقة وحدها تكفي لإظهار الطابع البرجوازي الصغير للمعارضة، مع مسحة من التدرّج الأكاديمي والانطباعات الصحافية.
يجب لفهم كيف تنعكس رؤي الطبقات والشرائح داخل صراع الفصائل، أن نقوم بدراسة كيف تطور هذا الصراع تاريخياً. إن المعارضين يؤكدون عدم وجود علاقة أو شيء مشترك بين الصراع الراهن والصراعات الحزبية السابقة، وبذلك يعبرون مرة أخري عن استخفافهم بحياة حزبهم. ان النواة الأساسية للمعارضة هي نفسها التي تجمعت منذ ثلاث سنوات حول Muster وSpector. والنواة الأساسية للأغلبية هي نفسها التي تجمعت حول كانون. ومن بين العناصر البارزة فقط شاختمان وبورنهام من انتقلوا من معسكر إلى آخر. لكن هذه التحولات الشخصية، رغم أهميتها، لا تغير الطابع العام للجماعتين. لن أخوض في التسلسل التاريخي لمعركة الفصائل، وأحيل القارئ إلى مقال رائع من كل الوجوه من تأليف جوزف هانسن، "الطرق التنظيمية والمبادئ السياسية".
إذا قمنا باستبعاد كل ما هو عرضي وشخصي وخارج التوقع، وإذا اختصرنا المجموعات الحالية المنخرطة في الصراع إلى أنماطها السياسية الأساسية، فإن الصراع بين الرفيق أبيرن والرفيق كانون كان هو الأكثر اتساقاً. مثل أبيرن في هذا الصراع مجموعة دعائية، برجوازية صغيرة في تركيبها الاجتماعي، يجمع بينهم روابط شخصية قديمة لها طابع عائلي. ومثل كانون الحزب البروليتاري في مرحلة التشكيل. إن الحق التاريخي في هذا الصراع – باستقلال عن الأخطاء والهفوات التي ربما تكون قد ارتكبت - هو بالكامل في جانب كانون.
عندما أثار ممثلو المعارضة الصخب والاحتجاج:
"القيادة مفلسة"، "لم يتضح أن الوقائع صحيحة"، "لقد فاجأتنا الأحداث"، "من الضروري تغيير شعاراتنا"، كل هذا دون أدنى مجهود في التفكير، وظهر بشكل أساسي كانهزامية حزبية. "هذا الوضع المؤسف يفسره تهيج وخوف حلقة الدعاية القديمة أمام المهام الجديدة وعلاقات الأحزاب الجديدة. إن التماهي مع العلاقات الشخصية يتناقض مع الانضباط والشعور بالواجب. إن المهمة المطروحة على الحزب هي أن يفكك علاقات العصبة السابقة وأن يسكن أفضل العناصر الدعائية القديمة في الحزب البروليتاري، فمن الضروري تطوير مثل هذه الروح الحزبية العامة، الحقيقة التي لا يجرؤ أحد على قولها: " ان المشكلة ليست القضية الروسية، لكننا نشعر ان (العمل الحزبي -م) هو أكثر ملاءمة وأسهل تحت قيادة بيرن مما كان عليه تحت قيادة كانون".
أنا شخصيا لم أصل إلى هذا الاستنتاج أمس فقط. لقد تصادف أنني عبرت عن ذلك عشرات ومئات المرات في نقاشات مع أعضاء مجموعة أبيرن. أكدت دائما على واقع التكوين البرجوازي الصغير لهذه المجموعة. لقد اقترحت بإصرار وبشكل متكرر تخفيضهم من العضوية إلى الترشيح، هؤلاء الزملاء البرجوازيين الصغار، أثبتوا أنهم غير قادرين على تجنيد عمال للحزب. لم تؤد الرسائل الخاصة والمحادثات والتحذيرات إلى أي شيء كما أظهرت الأحداث اللاحقة - نادرًا ما يتعلم الأشخاص من تجربة الأخرين. إن الخصومة بين شريحتي الحزب والمرحلتين اللتين اجتازاهما في تطورهما قد ظهرت على السطح، بما في ذلك طبيعة الصراع المرير بين الفصائل. لا يبقى شيء إذا سوى إبداء الرأي في ذلك، بشكل واضح ومحدد، أمام الفرع الأمريكي والأممية بأسرها. فكما يقول المثل الروسي "الصداقة صداقة والالتزام التزام".
يمكن طرح السؤال التالي: إذا كانت المعارضة اتجاه برجوازي صغير، فهل يعني هذا أن الوحدة معها لم تعد ممكنة؟ كيف نوفق إذا بين اتجاه برجوازي صغير وبين البروليتاريا؟ طرح القضية بتلك الطريقة يعنى أنك تحاكم الموضوع من زاوية واحدة، طريقة غير جدلية ومن ثم خاطئة. أظهرت المعارضة بوضوح، في المناقشة الحالية، سماتها البرجوازية الصغيرة. لكن هذا لا يعني أن المعارضة ليس لديها سمات أخرى إيجابية. إن أغلبية أعضاء المعارضة مخلصون بشدة لقضية البروليتاريا وهم قادرون على التعلم. أنهم مرتبطون اليوم بوسط برجوازي صغير لكنهم يستطيعون غداً إقامة روابط مع البروليتاريا. والعناصر الغير متسقة منهم، يصبحون مع نمو التجربة، أكثر اتساقاً. عندما يضم الحزب الآلاف من العمال، يستطيع حتى الحلقيون المهنيون إعادة تثقيف أنفسهم بروح الانضباط البروليتاري. من الضروري منحهم الوقت لهذا. وهذا هو السبب في أن اقتراح الرفيق كانون بالاستمرار في المناقشة دون أي تهديدات بالانشقاق أو الطرد وما إلى ذلك، كان صحيحاً تماماً وفي محله.
ومع ذلك، بلا ادني شك، إن كان على الحزب ككل أن يقتفي طريق المعارضة، فقد يعاني من تدمير كامل. الواقع أن المعارضة الحالية لا تستطيع ان تمد الحزب بقيادة ماركسية.
إن أغلبية اللجنة الوطنية الحالية تعبر عن المهام البروليتارية للحزب، بجدية وعمق، أكثر من الأقليّة. ولهذا السبب بالتحديد فإن الأغلبية لن يكون لها أي مصلحة في دفع الصراع إلى حدوث انشقاق عن – أفكار صحيحة ستفوز. ولن ترغب العناصر الجيدة في المعارضة أن تنشق – حيث أن تجربة الماضي تظهر بوضوح شديد أن جميع الفرق التي تشكلت ارتجالياً واختلفت ثم انفصلت عن الأممية الرابعة حكمت على نفسها بالعقم والتحلل. هذا هو السبب في أنه من الممكن تصور حال مؤتمر الحزب القادم دون أي خوف. سوف يرفض الأطروحات المخترعة المناهضة للماركسية التي ستقدمها المعارضة ويضمن أيضاً وحدة الحزب.



#احمد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعا عن الماركسية - ليون تروتسكي - الجزء الثاني
- دفاعا عن الماركسية - ليون تروتسكي - مقدمة جوروج نوفاك
- المشهد النيلي
- تداعيات واثار الكورونا
- الحسد والرغبة
- أوجه شبه واختلاف - الماركسية والدين والفلسفة.
- الثورة الايرانية - لمحة للذكرى
- جدل ماو
- مفارقة المقدس والعلم.
- بين لينين أبن الطاهرة، ومارس المصري. حبة عقل يارب.
- في مثل هذا اليوم قتل ليون تروتسكي
- 30 يونية - هذا الجدل العقيم.
- جلبير الأشقر - هل نعتذر؟
- الشعب (ولا مؤاخذة) يريد.
- تعديلات أم انقلاب دستوري
- الأمام علي
- الماركسية والنقاد
- نقد النقاد - مدخل.
- مرافعة ليون تروتسكي أمام محكمة القيصر في 1907 - دفاعاً عن ال ...
- الانتخابات الرئاسية – مشاركة أم مقاطعة.


المزيد.....




- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - احمد حسن - دفاعا عن الماركسية - ليون تروتسكي - الجزء الثالث.