أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - حلاوة














المزيد.....

حلاوة


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 6587 - 2020 / 6 / 8 - 14:08
المحور: كتابات ساخرة
    


عندما أشارت ساعة يدي إلى الثالثة بعد الظهر دون أن يقدّم لنا طعام الغداء, بدأت عصافير بطن الرفاق بالزقزقة, لا سيّما وأنها اعتادت على استلام الطعام ما بين الواحدة والثانية ظهراً. ولقد دُهِشْنا جميعاً عندما أخبرنا السجّان بأنه لا يوجد طعام هذا اليوم، وبالتالي علينا تناول السندويش ودفع ثمنه. وبدأ يدور على الزنازين مسجّلاً طلبات كل زنزانة حاجتها من الطعام ونوعيته ويقبض ثمنها نقداً.
فتح السجّان طاقة زنزانتي وسألني:
- حُصَيْني*! ماذا تريد أن تأكل؟
وقفتُ منتصباً وأجبته:
- سندويشة فلافل أبو صْطيف..
فصرخ محتدّاً كمن تلقّى صفعة مباغتة: «أبو صْطيف؟! شو أنا ابن دورتك وْلا ابن الشرموطة؟ قرّب راسك لهون, قرّب وْلاه..!» فدنَوْتُ خطوة مذعورة باتجاهه. أدخل يده من الطاقة وصفعني بقوة لكنه لم يحقّق هدفه! فأمرني ثانية بالاقتراب ليعيد الصفعة من جديد, ( طْرَقْ ).. لقد رضيَ عن هذه الصفعة الآن..
- آسف سيدي! آسف.. (أجبته معتذراً)
- هات خمس ليرات هات (قالها بلهجة هادئة وكأنه قبل الاعتذار)
- يوجد معي عشرة..
- هات سأعيد لك الباقي بعد الشراء..
ناولته العشر ليرات فسجّل على ورقة بيضاء طولانية وبصوت مسموع: (حُصَيْني, سندويشة فلافل, واصل عشر ليرات) وانصرف وسط دهشتنا وحيرتنا في تفسير هذه الواقعة..!
وعندما تكرّر الأمر في اليوم التالي وطلب منا السجّان الطيب (أبو محمد) شراء ما نشتهيه من طعام، لأن مخصصات السجناء قد انقطعت دون أن يشرح لنا السبب في ذلك, جعلنا نغتبط كثيراً. واخضرّت الكثير من الآمال التي كانت قد ذبلت وأصاب اليباس معظمها.
طلبتُ علبة حلاوة لحاجتي الماسة للسكريات بفعل الصرف اليومي لآلاف الحريرات.
عندما علم رفيقي (أبو طارق) بالمنفردة المجاورة عن رغبتي في الحلاوة، طلب منّي برجاء إعطاءه بعضاً منها. فأجبته متحمّساً بمحبّة: «لن أضنَّ عليك بها يا أبا طارق، ولكن كيف سأناولك إياها؟» اقترح أن أفتح طاقة زنزانتي بهدوء وأمدّ يدي منها نحو طاقة زنزانته والتي لسبب لا نعرفه, لا يوجد غطاء مركّب فيها وبالتالي فهي مفتوحة دائماً.
وبالفعل، عندما استلمت الحلاوة، وضعتُ قطعة منها على رغيف خبز وطويته، ثم فتحتُ الطاقة ومددتُ يدي خارجاً كما اقترح, لكنّ يده لم تستطع الوصول إلى يدي!
صفنتُ هُنَيْهة مفكّراً كيف يمكنني تلبية طلب رفيقي، تذكّرتُ الثقب الصغير الكائن في أعلى الجدار المشترك بين زنزانتينا. وأنه بمقدوري استثمارها بطريقةٍ ما. وسرعان ما خطرت على بالي فكرة. وهي أن أضع الحلاوة على قطعة نايلون أقتطعها من كيس الخبز, وألفّ الحلاوة بها على شكل سيكارة وأمرّرها من ذلك الثقب.
وكم كانت فرحتنا كبيرة عندما نجحت الخطّة والتهم الحبيب أبو طارق سندويشة الحلاوة اللذيذة. وقد تكرّرت هذه المحاولة مرات عديدة خلال الأيام التالية حتى فرغت العلبة نهائياً.
-----------------
*(حُصَيْني): اتفق المحققون والسجّانون على تسميتي بـ (الحُصَيْني) والتي تعني "الثعلب". لأنني برأيهم (خبيث، متكتّم، ماكر..) بعد أن أعْيتْهم كل وسائلهم من استنطاقي بما يرغبون.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبوءة صادقة في حرفها الأول!
- لكنّنا لم نلتقِ!
- مسلمة الحنفي – قراءة في تاريخ محرّم
- هل وحدة الشيوعيين السوريين ممكنة؟
- وأغلقَتِ الخطّ!
- «جبال الأغاني والأنين»
- «البلد»
- ألو بابا، أنا ابنك!
- «النباتية»
- «أعدائي»
- التحقيق رقم (1)
- «الإسلاموفوبيا»، ثُمَّ الكورونا، ثُمَّ..؟
- اللِّصُّ الغبيّ
- «المترجم الخائن»
- صاحب الأنف الضخم!
- «وردَّدتِ الجبالُ الصدى»
- ما بعد كورونا..
- حظر التجوّل
- بيروتُ الحُلُم، والحقيقة..
- لكِ، «ألف شمس مشرقة»


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - حلاوة