أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ماجي صباغ - هل هناك بديلٌ عن الرأسمالية؟














المزيد.....


هل هناك بديلٌ عن الرأسمالية؟


ماجي صباغ

الحوار المتمدن-العدد: 6584 - 2020 / 6 / 5 - 16:25
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كوميونة باريس تقدِّم نموذجًا

تواجه الرأسمالية هذه الأيام أزمةً تُعَدُّ الأسوأ من نوعها إثر تفشي فيروس كورونا المُستجَد وما كشفه من عجز الدول، حتى المتقدمة منها، على الحد من انتشاره، وتترتَّب على ذلك آثارٌ اقتصادية كارثية في قطاعاتٍ مهمة وحيوية مثل السياحة والنقل والطيران، علاوة على انخفاض الطلب بشكل عام على منتجات باقي القطاعات.

لا تختلف الآثار الاقتصادية للأزمة عن مثيلاتها في الأزمات السابقة، إذ تتحمَّل الطبقة العاملة ثمن تجاوز الأزمة وخسائرها، لضمان عدم المساس بأرباح الرأسماليين.

وعلى الرغم من الإخفاقات المتتالية للنظام الرأسمالي في تجاوز أزماته دون تحميل الطبقات العاملة فاتورتها من خلال تطبيق سياسات التقشف وتخفيض الإنفاق على الخدمات العامة، لا يزال الكثيرون يرون أن النظام الرأسمالي لا بديل عنه ويلزم التعايش معه رغم مساوئه، بل ربما أكثر ما يمكن فعله إزاءه هو فقط محاولة إصلاحه قدر الإمكان.

دائمًا ما تُساق الحجج والمبرِّرات من أعلام ورموز هذا النظام ويردِّدها الكثيرون من الطبقة العاملة المُستغَلَّة نفسها.
وبحسب ما يقولون، فإن “السلطة لا تملك عصا سحرية”، إذ اعتادت الطبقة الحاكمة ومؤيدوها استخدام هذه العبارة كمبرِّرٍ لغياب العدالة الاجتماعية والعزوف عن إصدار قرارات تخدم مصالح الفقراء.

لكن هناك الكثير من التجارب الثورية في التاريخ التي قدَّمَت فيها الجماهير نماذج اقتصادية وسياسية واجتماعية بديلة عن الرأسمالية -وحاربتها الرأسمالية بعنفٍ ووحشية. على سبيل المثال، مرَّت علينا في 28 مايو الماضي ذكرى مهمة تخص إحدى هذه التجارب، وهي ذكرى سقوط أول دولة عمالية في التاريخ، والتي عُرِفَت بـ”كوميونة باريس” عام 1871.

في ذلك العصر، أدَّت هزيمة فرنسا في حربها على ألمانيا إلى إبرام حكومة الدفاع الوطني، التي تولَّت الحكم، اتفاقًا مع ألمانيا يتضمَّن التنازل عن بعض المدن الحدودية في مقابل دعم ألمانيا لتلك لحكومة الدفاع في القضاء على انتفاضة العمال في باريس التي سبَّبَت ذعرًا هائلًا لحكومات الدول المجاورة خشية أن تنتقل الثورة إلى باقي أنحاء أوروبا.

لم تعش الكوميونة طويلًا، إذ استمرت فقط من 18 مارس إلى 28 مايو 1871. لكن السلطة العمالية أنجزت، في خلال أيامها الـ72، ما تعجز عنه أكثر الحكومات ديمقراطية في العالم اليوم.

انتُخِبَ مجلس العمال انتخابًا مباشرًا وخلق أجهزة سلطة بديلة عن أجهزة السلطة التقليدية، فأصبح مجلس الكوميونة بديلًا عن البرلمان في الديمقراطيات البرجوازية، غير أنه اجتمعت لديه السلطتان التشريعية والتنفيذية. وكان من حقِّ الناخبين استدعاء أعضاء المجلس المُنتَخَبين في أيِّ وقت. استبدلت الكوميونة الجيش النظامي وأحلَّت محله جيشًا شعبيًا من العمال المسلحين، وألغت التجنيد الإجباري، وفي المقابل فتحت باب التطوُّع.

من أهم أهداف انتفاضة العمال في باريس آنذاك أن تكون المراكز ذات السلطة في المجتمع مُنتَخَبة وخاضعة للرقابة طيلة الوقت، فأصبح القضاة أنفسهم على سبيل المثال يُختارون بالانتخاب. وأُقِرَّت مساواة أجر العامل بأجر عضو الكوميونة، حتى لا يتميَّز المُنتَخَبون عن العمال الذي انتخبوهم، علاوة على تحرير التعليم من سيطرة المؤسسة للدينية وإقرار مجانيته، وإلغاء ديون الفقراء، وتحويل المصانع إلى تعاونيات تنظِّم الإنتاج على أساس احتياجات أهالي المدينة.

تدل هذه الإنجازات التي حُقِّقَت في أقل من شهرين ونصف على كذب مُبرِّر “العصا السحرية” الذي يدَّعي أنه لا يمكن إحداث تغيير بين عشية وضحاها. الأمر برمته يتوقَّف على مَن بيده القرار؛ هل هم النواب الذين يُنتَخَبون مرة كلَّ 4 أو 5 سنوات في انتخاباتٍ يتحكَّم في نتائجها المال والنفوذ وفي النهاية يعبرون في برلمانهم عن مصالح الطبقة الحاكمة؟ أم مجلس عمال تشريعي/تنفيذي بشكل مباشر والذي لا يتميَّز أعضاؤه عن بقية المجتمع في الأجر بل ويُعزَلون فورًا في حال عدم التزامهم بالعمل لمصلحة الأغلبية؟

لم تدم الكوميونة، بكلِّ ما قدَّمته من نموذجٍ لمجتمع عادلٍ، لوقتٍ طويل، نتيجة لانعزالها في باريس، وعدم إيلائها الاهتمام الكافي لما يُحاك ضدها، وكذلك للتواصل مع عمال المدن الأخرى في فرنسا. أتاح ذلك الفرصة للثورة المضادة من أجل إعادة تنظيم صفوفها وحشد جيوشها في فرساي، وذبحت الدولة العمالية الوليدة بكلِّ وحشية. قتل جيش فرساي وأعدم ما يقرب من 30 ألف من عمال باريس ودفنهم في مقابر جماعية، علاوة على دفن عددٍ غير معلوم من المصابين أحياءً، وظلَّت باريس تحت الحكم العسكري لمدة 5 سنوات لاحقة.

هذا القمع الوحشي للكوميونة، والذي طال فيما بعد التنظيمات الاشتراكية والعمالية في كلِّ فرنسا وألمانيا، يدل على حجم الذعر الذي سبَّبته دولة العمال في باريس، ليس فقط لأصحاب المال والسلطة في فرنسا، بل في أوروبا بأسرها خشية انتشار هذا النموذج إلى مدنٍ وبلدانٍ أخرى، إذ مثَّلَت الكوميونة تهديدًا لوجود النظام الرأسمالي برمته.

إذا كان ذلك قد حَدَثَ في زمنٍ كانت لا تزال فيه الطبقة العاملة أقليةً بين السكان، فالحال اليوم مختلفٌ تمامًا عن ذلك. تتجاوز الطبقة العاملة اليوم مئات الملايين من سكان العالم، ويتيح التطور التكنولوجي الهائل الذي خلقته الرأسمالية من تطور وسائل الاتصال، بغية خدمة مصالحها، فرصةً للتشبيك والتنظيم وسهولة وسرعة انتقال الأفكار والتجارب، فلم تعد التجارب الثورية يمكن عزلها داخل حدود مدنها.

لقد ضربت سلطة العمال في كوميونة باريس نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه المجتمع الاشتراكي، على العكس التام من النظام الرأسمالي الذي يولِّد الفقر والقهر والحروب والقتل. ولعلَّ أبلغ تعبيرٍ عن ذلك هو ما كَتَبَه الاشتراكي الثوري الروسي ليون تروتسكي: “لقد كانت الحرب الفرنسية-الألمانية انفجارًا دمويًا ينذر بمذبحةٍ عالمية لا حدَّ لها، في حين كانت كوميونة باريس بشرى مضيئة لثورة عمالية عالمية”.



#ماجي_صباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في غزة.. نصر فلسطيني جزئي بعد خسائر لا يمكن ...
- خواطر واعتراض واحدة من “أطفال يناير” على ميراث الهزيمة
- الانتخابات الألمانية القادمة والنضال ضد الفاشية
- م.م.ن.ص// رقم إضافي لقائمة حرب الاستغلال البشع للطبقة العامل ...
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تدعو إلى التعبئة قصد التنزيل ...
- غضب صارخ عند النواب اليساريين بعد تصريحات بايرو عن -إغراق- ف ...
- النهج الديمقراطي العمالي يحيي انتصار المقاومة أمام مشروع الإ ...
- أدلة جديدة على قصد شرطة ميلان قتل المواطن المصري رامي الجمل ...
- احتفالات بتونس بذكرى فك حصار لينينغراد
- فرنسا: رئيس الوزراء يغازل اليمين المتطرف بعد تصريحات عن -إغر ...


المزيد.....

- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ماجي صباغ - هل هناك بديلٌ عن الرأسمالية؟