|
الشافعي شاعرا وفيلسوفا
روژين احمد سليمان
باحثة
(Rozheen Ahmed Sulaiman)
الحوار المتمدن-العدد: 6583 - 2020 / 6 / 4 - 11:08
المحور:
الادب والفن
الامام الشافعي شاعراً وفيلسوفاً
محمد بن إدريس الشافعي هذا الرجل الذي عاش قبل العشرات من القرون ولا زالت للأبيات الشعرية التي كتبها وقعٌ واثرٌ كبيرين على كل من سمعها او قرأها لشدة تطابق ما اراد ايصاله لاهل زمانه من انتقادات او ارشادات او وصف او تحليل للسلوك العام الناتج عن الافراد مع طبائع المجتمعات التي نعيشها في العصر الحالي . لم اكن اعرف عن الشافعي شيئاً سوى اسمه وانه امام اهل زمانه في العلم وان هناك مذهبا سنيا باسم المذهب الشافعي ، دون ان تكون لي دراية بتفاصيل المذهب او سيرة حياة هذا الشخص الذي ستبقى شمائله ابد الدهر . في بعض الاحيان يظهر في حياتنا من يفتح اعيننا لنرى بها مواضيع ومسائل لها صلة بالحياة لا سيما الجانب العلمي منه ، فينتج عن ذلك افاقاً جديدة ورؤى وتطلعات جديدة ، واحيانا تصل النقاشات العلمية او جلسات العلم الانسانية بشتى انواعه الى اجبار المرء لمعرفة امور كان يجهلها في السابق ، لنا صديق لا يكاد يخلو مجلسه واحاديثه عن سيرة الامام الشافعي وكثيرا ما يستدل بابياته الشعرية على الواقع المر الذي نعيشه ، فاصبحت اعشق كل ما قيل على لسان الشافعي من ابيات شعرية ، ولما تعمقت في تحليل اشعاره رايته وكأنه يتحدث عن اليوم ، وكأنه يعيش بيننا ويرى واقعنا. ان الذي يتعمق في قراءة ديوان الامام الشافعي سيرى ان في طياتها فلسفة الحياة وفلسفة الادارة والمداراة بين الافراد ، سيرى الحض على الاخلاق ، الدين ، العلم، تهذيب النفس، الصبر ، تحمل الصعاب والمشقات ، تعريف السلوك البشري ، كيفية ادارة السلطة ، سيرى فلسفة التحليل للاعراف والعادات ، فلسفة البساطة ، عزة النفس ، القناعة ، فلسفة تحقيق الاهداف والطموحات ، نبذ الشر ، حب الخير ، ووو.... الكثير من المواضيع التي لا تعد ولا تحصى ، فمثلاً يقول في تحمل الكلمات الجارحة من اهل الحماقات والسفهاء من الناس : يُخَاطِبني السَّفيهُ بِكُلِّ قُبْحٍ .:. فأكرهُ أن أكونَ له مجيباً يزيدُ سفاهةً فأزيدُ حلماً .:. كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيباً
بمعنى الافضل ان نسكت عن السفيه الذي يقدح في كل شيء فينا ، لاننا بمجرد الاجابة على ما يقول او يعلق سنجعله يتنفس بكل هدوء وسيرتاح باله وسينشرح صدره ، والاحرى ان يبقى على حاله ينتظر كسرنا للصمت ، لذلك اكمل الشافعي ابياته قائلاً :
إِذا نَطَقَ السَفيهُ فَلا تَجِبهُ .:. فَخَيرٌ مِن إِجابَتِهِ السُكوتُ فَإِن كَلَّمتَهُ فَرَّجتَ عَنهُ .:. وَإِن خَلَّيتَهُ كَمَداً يَموتُ سكتُّ عن السفيهِ فظنَّ أني .:. عييتُ عن الجواب و ما عييتُ من جانب اخر نراه يعطي درسا في الدبلوماسية المجتمعية بين الافراد ، حيث يحث على عدم اظهار الامتعاض وكره الاخر ،بالعكس يفول انه من الاحسن ان نقترب ونحيي بعض الاشرار للابتعاد عن المشاكل التي قد تحصل بسببهم قائلاً: النَّاسُ داءٌ وَدَواءُ النَّاسِ قُرْبُهُمُ .:. وفي اعتزالهمُ قطعُ المودَّاتِ ولستُ أسلمُ من خلٍّ يخالطني .:. فكيفَ أسلمُ من أهلِ العداواتِ اني احيى عدوي عند رؤيته -: لا هب الشر عني بالتحياتِ واظهر البشر للانسان ابغضه -: كما ان قد حشى قلبي محباتِ
وفي موضع اخر نراه يذكر التحلي بالصبر وعدم الاستعجال في حل المشكلة التي يظن صاحبها انه لا يمكن حلها ، ويقول بان هذا الاعتقاد بصعوبة الحل لا يتلائم مع رحمة الخالق الذي لا يستعصي عليه شيء في الوجود ، فقال في ذلك:
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى .:. ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ ضَاقَت فَلَمَّا استَحكَمَت حَلَقَاتُهَا .:. فُرِجَت، وَكُنتُ أَظُنُّهَا لاَ تُفرَج وهكذا يستمر الشافعي في كتابة شعره عن مواضيع مختلفة ياسلوب سلس ومرن ومفهوم لذلك الزمان ولهذا العصر الحالي ولم يترك الشافعي مجالا لم يخض فيه حتى مسألة الحب والعشق. الذي يتعمق في دراسة هذا الامام سيرى بوضوح مدى نباغته وسرعة بديهته وبلاغة شعره وبساطة نثره . لقد كان الشافعي شاعرا وفيلسوفا يحب الحكمة وذات فراسة في معرفة المجتمعات ، كما انه كان اعلم اهل زمانه بعلوم الفقه والحديث والتفسير واصول الدين وقواعده ، تتلمذ على يد الامام ابو حنيفة ، واصبح بعده مدرسة وصرحا علميا يقصده الالاف من طلاب العلم في شتى بقاع الخلافة الاسلامية انذاك ، ولا زالت كتبه تدرس وفقهه يتبع في المثير من الامصار والبلدان الاسلامية .
#روژين_احمد_سليمان (هاشتاغ)
Rozheen_Ahmed_Sulaiman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ارضاء الناس غاية لا تدرك
-
فيروس كورونا في إطار نظريات العلاقات الدولية
-
الامم المتحدة مبادئ رائعة وتطبيقات مرة
المزيد.....
-
روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم
...
-
كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا
...
-
مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م
...
-
“نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma
...
-
مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
-
شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا
...
-
منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية
...
-
ليلة رأس السنة.. التلفزيون الروسي يعرض نسخة مرممة للفيلم الك
...
-
حكاية امرأة عصفت بها الحياة
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|