أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جلبير الأشقر - الصهيونية بنت العنصرية الاستعلائية البيضاء














المزيد.....


الصهيونية بنت العنصرية الاستعلائية البيضاء


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6582 - 2020 / 6 / 3 - 09:01
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



يطيب للصهاينة تشبيه دولتهم بالولايات المتحدة الأمريكية، كالبنت التي تتشبّه بوالدتها الأعظم منها، وهم على حقّ تام في ذلك. فالدولتان ناتجتان عن عمليتين من الاستعمار الاستيطاني الأوروبي المنشأ، مفعمتين بالعنصرية شأنهما في ذلك شأن كافة حالات الاستعمار الاستيطاني. أما حيث يصرّ الصهاينة وأصدقاؤهم على الإشارة إلى تمايز بين الاستعمارين، ففي المقارنة بين مصير السكان الأصليين في كل من الحالتين: فحيث تعرّض «الهنود» الأمريكيون إلى إبادة لم تفلت منها سوى أقلية ضئيلة، تعرّض الفلسطينيون العرب بغالبيتهم الكبرى إلى اقتلاع جماعي من أراضيهم ومدنهم وقراهم (وقد تعرّضت هذه الأخيرة إلى إبادة معمارية، إذا جاز القول، بتدميرها تدميراً كاملاً ومحو آثارها). هذا الاقتلاع القسري يصرّ الصهاينة على وصفه بالنزوح الطوعي في وجه الحقيقة التاريخية الساطعة التي أقرّ عددٌ من المؤرخين الإسرائيليين بها وبتشكيلها حالة من «التطهير العرقي».
غير أن هذا الفرق بين الإبادة والاقتلاع / «التطهير العرقي»، وهو فعلي، يتغافل عن كون الاستعمارين قد سارا لاحقاً على خطى متوازية. فعندما احتاج الاستعمار الاستيطاني الأمريكي إلى يد عاملة زراعية للعمل في المزارع الكبرى في ولاياته الجنوبية، استعاض عن السكان الأصليين، الذين كان يستعصي عليه تدجينهم بالأصل لانتمائهم إلى نمط من العيش والعلاقة بالطبيعة جعلهم لا يطيقون العمل القسري، استعاض عنهم باستيراد ملايين الأفريقيين السود واستعبادهم. ويقدّر المؤرخون عدد الأفريقيين الذين نقلهم تجار الرقّ عبر المحيط الأطلسي بحوالي 12 مليوناً (لقي عِشرهم حتفهم خلال عبور المحيط). هذا ويشكّل اليوم الأفريقيون-الأمريكيون ما يناهز 13 بالمئة من سكان الولايات المتحدة الذين يبلغ عددهم الإجمالي حوالي 330 مليوناً. ثم بعدما ازدادت حاجة الرأسمالية الأمريكية إلى مزيد من اليد العاملة الرخيصة يحثّها الفقر على القبول بأعمال ترفضها غالبية البيض، فسحت المجال أمام تدفّق ملايين المهاجرين من أمريكا اللاتينية، بحيث بات القادمون من بلدان ناطقة باللغة الإسبانية يشكّلون حوالي 18 بالمئة من إجمالي سكان الولايات المتحدة. والفئتان، الأفريقيون-الأمريكيون و«الهسبان» / الأمريكيون اللاتينيون، تتعرّضان لتفرقة عنصرية شنيعة، هي على أقصاها في حالة السود إذ إن للحقد العرقي إزاءهم جذورا عميقة تعود إلى زمن العبودية.
وكذلك فبعد أن طردت الدولة الصهيونية الفلسطينيين مُحوّلة غالبيتهم إلى لاجئين ومُبقية على أقلية ضئيلة منهم على الأراضي التي استولت عليها عام 1948، وهي أقلية باتت تزيد عن 20 بالمئة من سكان دولة إسرائيل ضمن الحدود السابقة لحرب 1967، أدّت بها حاجتها إلى يد عاملة فقيرة ورخيصة إلى استخدام عدد من فلسطينيي الأراضي التي احتلّتها في تلك الحرب، استخدامهم ضمن «الخط الأخضر» لعام 1967 أو في المستعمرات التي أنشأتها في المساحات الجديدة من الضفة الغربية التي تنوي الآن ضمّها رسمياً إلى ما استولت عليه بين البحر والنهر.
بيد أن حذر الدولة الصهيونية من الروح الأبيّة لدى الفلسطينيين وعقدتها التاريخية القائمة على إدراكها أنها سلبتهم أرضهم ووطنهم، جعلها تحدّ من عدد المستخدَمين لديها القادمين من أراضي 1967 (يُقدّر هذا العدد الآن بحوالي 55 ألفا) وتبحث عن مصادر أخرى لليد العاملة.


فبعد أن أتت إثر تأسيسها بيهود من قاطني البلدان العربية (يسمّونهم بالعبرية «الشرقيين»)، وسّعت الدائرة إلى يهود سود قادمين من أثيوبيا. كما استوردت يداً عاملة غير يهودية من أوروبا الشرقية وشتّى مناطق الجنوب العالمي، يُقدّر تعدادها بحوالي 200 ألف. هذا وتتعرّض كافة الفئات المذكورة إلى درجات متفاوتة من التفرقة العنصرية والاضطهاد العرقي، بما حداها على تحرّكات احتجاجية، لكن كل فئة على انفراد إذ إن وباء العنصرية المتفشّي في شرايين المجتمع الهجين الذي أقامته الصهيونية إنما لا يزال أقوى من أن يتّحد المضطهَدون في النضال على اختلاف أصولهم وتفاوت درجات اضطهادهم، خلافاً لما بدأنا نراه في الولايات المتحدة.
إن العنصريتين، الاستعلائية البيضاء والصهيونية، من طينة واحدة حقاً، وليس من تدليل رمزي على ذلك أسطع من تزامن جريمتي قتل جورج فلويد وإياد الحلّاق، حيث يمثّل الشهيدان الفئتين القابعتين في درك التراتب العنصري في كل من أمريكا وإسرائيل.
ومثلما اعتاد أعضاء الشرطة الأمريكية على حصانة تحميهم من المعاقبة على قتلهم للسود، تعوّد أعضاء الأجهزة المسلّحة الإسرائيلية على حصانة تحميهم من المعاقبة على قتلهم للفلسطينيين، وفي كلا الحالين ثقافة مماثلة من الاستعلاء العنصري الأبيض. وبما أن الدولة الصهيونية شديدة الارتهان بأمريكا، ثمة ترابط أكيد وجليّ بين مصير العنصرية الصهيونية ومصير العنصرية البيضاء الأمريكية. فمثلما وفّر رمز الاستعلاء العنصري الأمريكي الأبيض، دونالد ترامب، أقوى دعم تاريخي لنظيره رمز الاستعلاء العنصري الصهيوني الأبيض، بنيامين نتنياهو، فإن الانتفاضة الجديدة للسود الأمريكيين وسواهم من المناهضين للعنصرية في الولايات المتحدة، إنما تشكّل موضوعياً أقوى دعم تلقّاه الفلسطينيون منذ سنين عديدة. وهو دعم نأمل أن يُلهم انتفاضة فلسطينية جديدة، لا بدّ منها في التصدّي لمشروع الضمّ الصهيوني الجديد وتمادي دولة إسرائيل في تصعيد اضطهادها العنصري لكافة الفلسطينيين الواقعين تحت سيطرتها من البحر حتى النهر.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين: من تقسيم إلى آخر
- رثاء الأمة العربية وشرط نهضتها
- الإدمان على النفط ومعالجته الملحّة
- رامي مخلوف المسكين…
- لبنان: عادت حليمة إلى عادتها القديمة
- هبوط أسعار النفط ومصيرنا
- أكباش الفداء أو عندما تسود اللاعقلانية
- بين قانون الغاب والشمولية
- الأديان بين الفائدة والضرر
- البشرية والوباء والاشتراكية
- وباءٌ مضاد للثورة؟
- المملكة السعودية وحرب النفط
- مهمة مستحيلة: الأمم المتحدة والملف الليبي
- تصدّياً للحملة العالمية على المسلمين
- تحية لشبيبة السودان الثورية
- أردوغان ومخاطر لعب الشطرنج مع بوتين
- هل فشلت اتفاقيات أوسلو أم نجحت؟
- أرادها نتنياهو “فرصة القرن” فهل ينتزعها الفلسطينيون؟
- دعهم إذاً يأكلون الكعك…
- تكامل الأدوار بين تركيا وروسيا


المزيد.....




- تعليم: نقابات تحذر الحكومة ووزارة التربية من أي محاولة للتم ...
- تيار البديل الجذري المغربي// موقفنا..اضراب يريدونه مسرحية ون ...
- استمرار احتجاجات ألمانيا ضد سابقة تعاون المحافظين مع اليمين ...
- رائد فهمي: أي تغيير مطلوب
- تيسير خالد : يدعو الدول العربية والاسلامية الانضمام إلى - مج ...
- التخطيط لمظاهرات في ألمانيا لمناهضة التعاون مع اليمين المتطر ...
- Al-Sudani and Keir Starmer’s meeting – and male hypocrisy!
- هيئة الدفاع في ملف الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي تعلق ح ...
- مقترح ترامب للتطهير العرقي
- برلماني روسي يستنكر تصريحات سيناتورة تشيكية حول حصار لينينغر ...


المزيد.....

- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جلبير الأشقر - الصهيونية بنت العنصرية الاستعلائية البيضاء