|
تأملات حول تشكيل العقل العربى
سيد يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1587 - 2006 / 6 / 20 - 11:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تمهيد
يقول تعالى (وَكَذلِك جَعَلْنَاكُـمْ أُمةً وَسطاً لِتكُونوا شُهداءَ على الناس وَيكونَ الرسُولُ عَليكمْ شهِيداً ) البقرة 43 ولا تستقيم تلك الشهادة إذا كان العقل المسلم غير مؤهل للقيادة والإبداع الحضارى ...ولا تستقيم تلك الشهادة والعقل المسلم مكبل ببعض القيود .
نماذج من هذه القيود نقول لا تستقيم تلك الشهادة والعقل مكبل ببعض القيود مثل :
قيود التهويل أو التهوين ، وقيود التعميم المفرط ، وقيود التأويل الشخصى للأمور، وقيود عزل الأشياء عن سياقها ، أو قيود قراءة المستقبل سلبيا ، أو قيود الانهزام الداخلى وضعف الثقة بالنفس ، أو قيود الاعتمادية المفرطة على الغير تكنولوجيا ومنهجيا وفكريا ، أو قيود العجز عن تقدير خير الشرين ، أو قيود المبالغة فى التركيز على العيوب وجلد الذات بصورة مرَضية فى مقابل قيود التهوين من العيوب مع التركيز فقط على المميزات ومن ثم تضخم الشعور بالذات ، أو قيود التماوت حول الآلام والمصائب ، أو قيود الحزازات النفسية ، أو قيود الموروثات الخاطئة ، أو قيود التقديس لكل ما هو قديم فى مقابل الانبهار بكل ما هو جديد ، أو قيود عدم وضوح معايير التقييم للأشخاص أو الأشياء أو الموضوعات ، أو قيود التسليم بكل ما يقال، أو قيود التعصب ، أو قيود الارتهان الثقافي، والاستلاب الحضاري، و التقليد، والتخاذل الفكري ، الانضغاط لمدح الاخرين ، الجدال ، وغير ذلك .
ماذا نريد لهذا العقل ؟
نريد لهذا العقل أن يسهم فى الإنتاج والإبداع الحضارى شأنه شأن كل عقل حر يتحرك فلا تثقله القيود أوالموروثات الخاطئة نريد له أن يتحول من رفع الشعارات إلى الإبداع واعتماد الوسائل العلمية، والانتقال من منهج الاستنباط الى منهج الاستقراء .
نريد له أن يسترد عافيته ويتعافى من مرضه المزمن – بغض النظر مرحليا عن أسباب مرضه- وذلك حتى يتبوأ مكانته بين الأمم....ولكن ما أسهل القول إذا قورن بالعمل !!
احتياجات لازمة
إن إعادة تشكيل العقل العربى والمسلم ليست ترفا حتى يزهد فيه الزاهدون إنها المفردة التى منها نواة الانطلاق نحو صناعة المستقبل وبناء الحضارة ...وهذه الرغبة هى أمانى وحتى تتحول تلك الأمانى من حلم إلى واقع فإنه يلزم ما يلى:
* جودة التشخيص لعلل أمتنا الفكرية وأمراضها الاجتماعية والخلقية ومن ثم تحديد أسباب هزيمتنا الفكرية وغيرها ...وهى مهمة غير شاقة وبذلت من أجلها جهود كثيرة لبعض المفكرين والمنظرين وللمركز العالمى للفكر الإسلامى جهود طيبة ههنا سواء فى المجال الاجتماعى أو الفكرى أو العلمى ولكنها نواة أكثر من كونها جهد منظم، وكذا بعض جهود الأفراد من دول عدة .
*ترسيخ مبادىء حقوق الإنسان ،والحريات ...فمن السفه أن نطالب بكيان علمى أو غيره دون أن يكون لدينا كيان إنسانى جدير بالاحترام والتقدير ومراعاة حقوقه.
* إعادة دراسة الثوابت والمتغيرات فى ضوء اجتهاد من يحق لهم الاجتهاد فى كل التخصصات بحيث يمكن توصيلها لعموم الناس مع مراعاة الفروق الفردية طبعا.
* تعديل البنية المعرفية للأمة ممثلة فى أشخاصها ومؤسساتها من خلال تحليل مكونات العقل العربى والمسلم ، والتعرف على مصادر روائه ، وتحديد مواريثه الفكرية وغربلة تلك المواريث من خلال علمائه وقادته ومناهج التعليم ومنابر الإعلام المختلفة ، وتسليط الضوء على أهمية تبنى منهج الاستقراء فى التعاطى مع عالم الحضارة ، مع رصد للأفكار اللاعقلانية الشائعة ، واستبدالها بأخرى عقلانية وفق مصادر الوحى السماوى ووفقا لمعيار الفهم الصحيح
* إعادة تشكيل العقل العربى والمسلم من خلال هذه المفردات الخمسة :
1/ رصد وتحليل ومن ثم معالجة المعتقدات الخاطئة الشائعة بين أفراد الأمة. 2/ رصد وتحليل طرق التفكير اللاعقلانية لدى أمتنا ومن ثم استبدال ذلك بتعلم طرق تفكير فعالة وايجابية . 3/ تبنى عقل يقظ استقرائى لا يعتمد على أحكام وتوقعات مسبقة . 4/ تحليل ورصد التخيلات المفزعة والتى شكلت وجدان أفراد هذه الأمة ..ولا يستهينن أحد بتلك المفردة فواقع أمتنا وانهزام صفنا الداخلى وانبهارنا بالغالب الغربى وضعف ثقتنا بذواتنا يرجع فى أحد أهم أسبابه إلى تلك المفردة . 5/إمداد الأمة أفرادا وجماعات بالمعلومات اللازمة للنهوض عبر المستقبل من خلال وسائط التعليم المختلفة ولا سيما ما يختص بالبحث العلمى والمعلومات لنوفر على أنفسنا من خلال العلم والتعلم كثيرا من سنوات الخبرة التى ضاعت منا فى ظل هذا التيه الفكرى الذى نمنا فى سباته طويلا حتى قاد ركب الحضارة قوم آخرون.
وهذه المفردات الخمسة هى التى نرجو لها تفعيلا حتى يحدث تغير محمود فى البنية المعرفية ويبقى السؤال المعضل : كيف؟
من المؤسف أن تكون الكيفية منوطة بالقيادة وأزمة أمتنا منذ عقود طوال فى قادتها ولكن لا مناص من المحاولة ولا سيما وأن كثيرا من مفرادات احتياجاتنا منوطة بمعاهد التعليم ومنابر الإعلام المختلفة والوسائط التربوية المتنوعة وهذا أمر يمكن التعاطى معه حتى وإن ضغطت على معظم بلادنا قياداتها التى لا تحسن سوى الانصياع لضغوط الغرب...وكم نرجو أن تتسع لحل هذه الإشكالية كتابات الفاقهين من كل اتجاه.
سيد يوسف
#سيد_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التهم المعلبة
-
حماس بين خيارى التراجع والحرب الأهلية
-
العقلية الحزبية وتأثيرها على الواقع السياسى
-
قلب نظام الحكم أم إهانة الرئيس ؟
-
أين القائد الملهم؟
-
عندما ترعى الذئاب الشعب المصرى
-
تجفيف منابع استنبات القادة
-
أزمة أمة أم أزمة نخبة؟
-
نظام مختل كتب شهادة وفاته بيديه
-
التوريث إهانة للمصريين
-
العقل العربى ومنهج التعاطي مع الحضارة
-
تساؤلات موجعة لكنها مجرد تساؤلات
-
ثقافة الإقصاء السياسي
-
ثقافة التبرير والحركات السياسية
-
نقد الحكام أم تشويه بلادنا؟
-
من القواعد الأخلاقية للمداخلات على الموضوعات
-
هموم مصرية
-
سذاجة القائلين بالتوريث فى مصر
-
سوريا فى عيون الإدارة الصهيوأمريكية
-
تدين فاسد مغشوش
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|