يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6581 - 2020 / 6 / 2 - 17:46
المحور:
الادب والفن
هي قوية الشكيمة ، شديدة البأس ، شخصيتها فاعلةٌ مؤثِّرةٌ .
و في معظم الأحيان متمردةٌ إلا فيما يخص به وحده .
تبوح له ما تخفيه لغيره . تهتم بأمره ، و تترجل عن صهوة عرش كبريائها من أجله ، رغم أنها عزيزة النفس مع الجميع .
حولت جل تفكيرها إلى رصيده ، و دوَّنت كل أوقاتها باسمه في سجلات الهوى و الهيام .
ترفض مقارنته بغيره من البشر ، فهو أكبر من أن يشبه أحداً .
لسانها مفعَّلٌ ببرمجةٍ على النطق بِ : يا أحلى الناس ، و أغلى البشر .
بوجوده حضور الجميع و غيابهم سيَّانٌ .
كل القلوب صغيرةٌ عليه ، ولا مكان يسعه إلا قلبها المفتوح له وحده دائماً و المقفل على غيره للأبد .
قلبٌ مصنوعٌ على مقاسه ، على الآخرين ضيقٌ لا يناسبهم ، فلا يليق إلا بحبيبه .
ترى في عينيه كل تفاصيل الحياة ، كما أطياف السلم و الحرب أيضاً .
لا شيء يضاهي وجوده في لحظات اللقاء به .
على تعاطي جرعات الجلوس معه في الخيال مدمنةٌ ، و في تجاذب أطراف الحديث في الحلم و اليقظة معه مولعةٌ .
بين أحضانه يكتمل الأمان ، و تستقر الطمأنينة . فتشعر كأنها خارج سياق الكون كله ، حيث يرحل الزمن خجلاً ، و عقارب الوقت تتوقف تقديراً لخشوع روحٍ من وهج نشوتها تنسل شيئاً فشيئاً من الجسد .
تصدعات دواخلها تُرمم ، و كل الأوجاع تُعالج ، و بسرعة البرق تتلاشى آلام الشوق ، و الجروح تلتحم ، و تتعافى النفس من كدمات الحنين ، و تتخدًّر الذات تخمراً .
بحبه تعشق ذاتها ، و بهواه تفتخر بنفسها .
من أرقى أمنياتها أن تتجرَّعه رشفةً رشفةً ، و تحتسيه رويداً رويداً ، حتى تخبئه في جيوب قلبها ، و تخفيه عن الأنظار ، ثم تطير به إلى سحيق الفضاء .
حينها يُثلج الصدر ، و تهدأ النفس ، و يطمئن القلب ، فتغدو للحياة نكهةً طيبةً ، و للعيش متعةً .
فأية سعادةٍ تعادل أن تكون بقرب من تحب ؟
ارتياحٌ فريدٌ يتخلل إلى منافذ الروح ، ليملأ العروق بهجةً .
نعم هي تكتفي به وحده ، لكنها منه لا ترتوي .
و أيُّ قلبٍ أعظم من أن يهتم بغيره أكثر من ذاته ؟ كونه لا ينبض إلا له ، و ممتلئٌ بنسمات حبه الدفيئة ، و حلمها الأوحد ، و أمنيتها الفريدة ، و حنينها إليه ما يكفي لملء كل وهاد الكرة الأرضية و وديانها .
كل نبضةٍ من نبضات قلبها تهمس باسمه ، و الدم يتسرب إلى أنسجته شيئاً فشيئاً بعد أن جفت من حرارة الحرمان ، و المشاعر ترطبت بدموع الشوق بعد قحط فراقٍ مديدٍ ، و العيون العاشقة ترنو للوجه المريح بوجومٍ ، بعد أن بكت اشتياقاً بغزارةٍ فجفت مآقيها .
حبه لها تذكرةٌ نادرةٌ ثمينةٌ ، تمنحها السفر إلى خلجات دواخله للتجول بين أحراج النفس ، و التسلل إلى شواطئ قلبه الآمنة ، و الانسياب إلى هنين الروح لتهدهده كملاكٍ صغيرٍ ، فيركنا معاً بسلامٍ و أمانٍ .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟