أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جودت شاكر محمود - في زمن الكورونا















المزيد.....

في زمن الكورونا


جودت شاكر محمود
()


الحوار المتمدن-العدد: 6581 - 2020 / 6 / 2 - 12:35
المحور: الادب والفن
    


عالمنا يدور في حلقات لا متناهية
كل شيء جاء دون إعلان
أو سابق إنذار
بعيداً عن ما يؤمن به البشر
ضيفُ غريب يحل بيننا
ضيفٌ غير مرحب به
جاء ينشرُ رائحة الموت
ويضعنا بين المحظور والخطر
يحمل الهلاك والمتاعب
ملء العالم بالذعر
جاء بملائكة الحصاد إلى الأرض
فقد أينع البذار ونضج الثمر
وحان وقت قطاف نفوس البشر
في حين ملائكة الأرض وبلا أجنحة
تنشر الحب والسلام
ليصبح العالم أكثر إشراقا
يا لها من مأساة كبرى
اليوم تطاردنا كائنات غامضة
تختطف الأرواح منا
مخلوقات فيروسية خفية ماكرة
تختبئ في الزوايا
تترقب بلؤمٍ فريستها
يا لها من كائنات معقدة خبيثة
تتنقل بخفاء... لتواصل الترحال والسفر
تدخل البيوت بلا استئذان
عيوننا مليئة بالخوف والكِبْر
الخوف يتسلل لنفوسنا العاجزة
هناك الملايين من الظلال والشكوك
والقليل من الحقائق
عدونا مجهول لا يمكن وصفه
أحاول أرشفت الكلمات والمعلومات
الجميع يخاف ذكر أسمه
قد تكون أكذوبة أو أجندة جديدة
أو مؤامرة من الأرض أو السماء
بحضوره تجمد واقعنا
كما لو أن الوجود ينتقم لنفسه
كما لو أن الأرض تعيد توازنها
خلال أيام قليلة
بدأت الأرض تتنفس الصعداء..
تتنسم الشفاء
تنفض عن كاهلها الدرن والشقاء
الأرض تفتح رئتيها لتأخذ نفسا عميقا
لتنشر الذعر أو الرخاء
أخطائنا لا تزال مخفية
استنزفنا الطبيعة وملأناها بالفضلات
نسينا إنها أمنا وأساسا للحياة
لذا أظهرت غضبها ورمتنا باللعنات
إنها محاولة للتوقف
لإعادة اكتشاف أنفسنا
لاكتشاف ما سيأتي وما مر وفات
فالسماوات لا يمكن أن تنتظر
أن نبيد جميع العوالم والكائنات
عالمنا يخيم علية الصمت
الشوارع موحشة... تملأها الاشباح
اليوم توقفت جميع المكائن عن الدوران
وخرست الآلات
وأقفلت المرافئ
وتوقفت الحافلات والقطارات
وأغلقت المطارات
وغادرنا الأماكن المزدحمة
اليوم الجميع يفر من الجميع
فقدنا ما هو مثيرة من اللقاءات
اليوم يجمعنا التباعد في النأي بالمساحات
عالقون في أبعاد زمنكانية
لا نعرف ما نفتقد أكثر
الاحتضان، أم القبلات، أو اللمسات
أصبحنا نتوق إلى الحرية
شيء ما عرفته عقولنا الغبية
محتجزون في أماكننا... منازلنا
ننسج في الغيب أكفاننا
شوارعنا فارغة يخيم عليها الصمت
لا نرى أشخاص عابرين، ولا سيارات
هناك لا نرى سوى ملائكة وشياطين
في الخارج لا أثر للزحام والفوضى
الجميع خلف الجدران
والحشود أصبحت صغيرة
وعالمنا أصبح مقفرا
عالمنا الواسع أصبح حبة خردل
التزاور مرفوض
الجميع مشغولون في عالمهم الافتراضي
وعلى شبكات الإنترنيت.. ومواقع التواصل
اليوم أغلقت المدارس والملاعب ودور العبادة
انتشرت مراكز الصحة والوقاية
انقلب عالمنا رأساً على عقب
في الخارج هناك صمت وسكون
الهواء يُنقى ذاتيا
الأمطار تتساقط
السلام يملأ جنبات الأرض
هل ندفع فواتير جنونا
الزمن يعود لقوقعته
ننظر إلى بعضنا البعض من بعيد
نحاذر الاقتراب والاختلاط
نطالب الجميع بالابتعاد
نهرب من الزحام
الجميع يبحثُ عن الأمان
الجميع يترقب الأخبار
يراقب الأعراض.. صداع.. حمى.. سعال
إصابات غير مكتشفة
نختبئ خلف الجدران
نرتدي اقنعتنا
نغسل ونطهر أيدينا
نحاذر أن نتخلى عن الكمامة والقفازات
لا مزيد من المصافحة
فقط أقنعة ومطهرات
لا مزيد من المعانقة والهمسات
أصبح اللباس الواقي هو لباسنا
لا أجرؤ على لمس وجهي
أو أن أداعب حبيبتي إلا بالكلمات
خطواتنا متثاقلة كأننا عائدين من سبات
نحافظ على المسافة بيننا
وتباعدنا الجسدي طريقنا للنجاة
الجميع يبحثُ عن علاجٍ، عن لقاحات
الخوف يعيق التفكير
نمارس حياتنا بطرق مختلفة
من أجل إعادة الولادة الجديدة
وقفنا في شرفاتنا ومداخلنا ونوافذنا
فتحنا قلوبنا
نبحث عن نوافذ للهروب مؤقت
عن مخارج عن بوابات
علينا أن نتمسك بخيوط من الرجاء
نحن الباحثون عن الحب والغزل
الباحثون عن الخلاص والأمل
اليوم الوجع لا يمكن احتماله
بغفلة وبصمت يرحل الأحبة
ويواروا التراب
الأرواح تزهق منا دون وجل
الجميع يرحل إلى أرض الخراب
الأحبةُ والاعداء.. كلهم سواء
لا فرق.. إلا في الزمن والميعاد
كل يوم نعيشه.. هو هروب من الموت
الذي يلاحقنا في الحارات
نحن نسير في طريق الهلاك والفناء
الموت جزء من ظل حياتنا
اليوم تَطبقُ علينا جدران المنازل كأنها قبور
نتأمل من بعيد الأزقة والشوارع
نتحسر على الأيام الخوالي
على تلك التجمعات والمهرجانات
فقد تقلصت وقفاتنا الاحتجاجية
وكرنفالاتنا والتظاهرات
اليوم لا عناق أو قبلات
لا أضواء صاخبة
اليوم تغيرت كل الخيارات
اليوم نتداول صور لأحلام استثنائية
طرق للعيش جديدة
سلوكيات فريدة
اليوم البعض منا يتأمل...يصلي
والاخر يرقص أو يغني
كطائر محبوس يرقص ساعة ذبحه
نحن نخاف الأشياء المجهولة
ونقلق بشأن كل ما...
لا نستطيع السيطرة عليه...أو نجهل تفسيره
لا نجرأ على المطالبة بالشمس أو بالسماء
تطاردنا تلك اللحظات
هناك عوالم من الصمت نسعى لفك رموزها
علنا نتجنب الأفكار السلبية
لنخلق المزيد من المساحات الذاتية
لاستكشاف عوالمنا المخفية
أفكارنا غير الغبية
لأن حياتنا أو صحتنا غير قابلة للتفاوض أو للرهانات
اليوم بين جنبات عالمنا المعولم
هذا الوباء ينمو بشكل غير متساو
هذا الوباء أظهر الهشاشة التي نعيش بها
خلق عالماً مليئاً بالتغييرات
خلق خيارات فوضوية
ذكرنا بإنسانيتنا
منحنا فرصة لاستعادة جوهرنا
علمنا...كيف يمكن أن يصبح ضعفنا
قوتنا العظمى ساعة الشدة والمُلِمات
اليوم أزمتنا كبيرة للغاية
فقد تغير عالمنا في غمضة عين
أذن لا داعي لمغادرة مكان حجري أو منزلي
ولتتدفق الصور من ذهني والكلمات
ولأنسى كل ما ورثنا من عادات
وكل ما يروى من قصص وحكايات
عن ضوء في نهاية النفق
أو عن رجاءٍ وأمل
ولكن وبالرغم لكل ما جرى
سأبقى متسائلا من سيكون التالي
ومن الذي سنودعه بلا كفن
في زمن الكورونا والمحن



البصرة/2020-6-1



#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)       #          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أذهب
- أقطعُ عهدا
- مناجاة أخيرة
- تقارير الاستخبارات الإيرانية المسربة تكشف شبكة التأثير الهائ ...
- تقارير الاستخبارات الإيرانية المسربة تكشف شبكة التأثير الهائ ...
- صور من الذات
- رأسمالية المراقبة وآفاق حضارة رقيق المعلومات
- جنية صغيرة
- ثلاث رؤى
- المترقبة
- مطرٌ
- يا فاتنتي
- الذباب
- من هو المشرك يا سيد بولص؟
- الليلةُ الأولى
- إلى سيمون مع التحية
- سامي سيمو والأفكار الآسنة
- الوعي بالذات
- هل نحن مشركون أم موحدون؟؟؟؟؟؟
- استشعار


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جودت شاكر محمود - في زمن الكورونا