ميمون الواليدي
الحوار المتمدن-العدد: 6579 - 2020 / 5 / 31 - 11:52
المحور:
الادب والفن
يوميات ساخرة ( 4 )
القفة والجلالب والقوالب !
مع بداية كل رمضان ، تطفو على السطح " أعمال الخير " و البر والإحسان " وتوزع " الإعانات " وتكثر " موائد الرحمان " و وجبات الإفطار وتحقير الإنسان !
مئات الجمعيات والمنظمات تنصب الخيام في الساحات والميادين لتطعم محتاجين يتساءلون كل مرة من أين تأتي تلك الأموال !
العقل والمنطق يقولان ؛ لو أن من يملك كان فعلا طيبا وكريما ومعطاء وقنوعا وشريفا ، ماكان ليملك ! وبالتالي فإطعام المسكين سيتبعه لامحالة ذبح بالسكين ، فلا شيء مجاني في بلاد المسلمين . ومقابل كل قالب سكر يتسلمه المواطن يعني أن " قوالب " من نوع آخر في انتظاره . في بلاد الماروك تتعد القوالب والنتيجة واحدة ، ركوب ظهر الكبار و " تدحيش الصغار " ونهب الثروات واطعامنا الفتات !
هذا العام وعلى غير العادة ، قررت وزارة الداخلية ومن يقف خلفها ، منع توزيع " قفة رمضان " ، وحرمت بذلك الكثير من الجمعيات المدعوة بالخيرية من الاستمتاع بالسيلفيات وهي تمعن في إذلال المفقرين . وقيل أن السبب هو اقتراب موعد الانتخابات و الخوف من من استغلال الأمر لحشد الناخبين .
طبعا هذا اعتراف ضمني بأن الانتخابات في بلاد الموغريب مرتبطة بالمال والمساعدات وشراء الذمم والولائم وكذب العمائم .
عندما يتعلق الأمر بمسرحية الانتخابات والبحث عن الأصوات، فلا فرق بين الإسلاميين باعة صكوك الغفران وبين مدعي الحداثة من حفذة الزعران .
عندما ينشر " زعيم " حزب يدعي العلمانية صورة له بمكة لأداء العمرة من أموال الشعب ، أو صورة من مكتبه وهو يصلي موليا وجهه جهة البيت الأبيض ، فلا يحق له بعد ذلك أن يتهم الاخونج باستغلال الدين في السياسة ، ماذا تكون هذه الصور غير استغلال لمعتقدات العامة قصد النصب عليهم.
لهذا تجد أغلب السياسيين ينزعون السترات و ربطات العنق في رمضان ويرتدون الجلابيب تعبيرا عن الورع والتقوى وقوة الإيمان.
إذا كانت الداخلية ترى أن توزيع المساعدات يخدم أجندات سياسية فلم لا تمنع " قفة " ماتسمى مؤسسة محمد الخامس للتضامن ؟ فهي تخدم أيضا أجندة معلومة ! ولأن وزارة الداخلية مجرد كاتب ضبط لدى آخرين ؛ فستستمر القفة الممولة أصلا من جيوب المواطنين في التدفق !
المواطنون لا يطلبون صدقة ، ولا رغبة لديهم في التعرض للاذلال خصوصا أمام عدسات التلفزة التي تنقل كل شيء . إنهم يريدون حقهم في الفوسفاط والمعادن النفيسة والسمك والغابة والتراب.
بغض النظر عن النوايا السياسية لكل الأطراف، وبغض النظر عن موقف المواطن ، والعياش منه بالخصوص والذي يمكن لكسرة خبز وعلبة سردين أن تجعله عبدا للأبد ، فإن المستفيد الأكبر من سياسة الجلالب والقوالب هذه هو مالك شركة السكر والشاي !
#ميمون_الواليدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟