نوفل كريم جهاد
الحوار المتمدن-العدد: 6576 - 2020 / 5 / 28 - 18:57
المحور:
الادب والفن
كنت في العشرين من عمري و يدفعني الفضول و حب المعرفة لزيارة المتحف العراقي في بغداد ,
وهكذا كانت عادتي في ثمانيات القرن الماضي بين الحين والأخر أذهب للتجول في أورقة المتحف العراقي ..
حيث أقضي ساعات طويله أقلب صفحات التأريخ العريق لبلاد مابين النهرين.. او أجلس للمطالعة في مكتبة المتحف ,
كنت أعيش بالخيال تلك اللحظات بأبعادها السحيقة وانا جالس على عرش سرجون او أعزف قيثارة سومر او أرتدي بفخر درع الفارس العربي ..
وفي احدى زيارتي للمتحف وبينما كنت اتجول في قاعات المتحف وأذا برجل عجوز أمامي يمشي في المتحف ببطيء شديد و متكئ على عصاه منحني الظهر
وكثيف الحاجبين يحيطه فريق تصوير بسيط من عدة أشخاص
وفي صحبتهم الإعلامية العراقية المبدعة فريال حسين .. تمعنت بالنظر حتى أعرف سر الأهتمام بهذا الزائر وهو شيخ في الثمانين من العمر.. ؟
ودهشت جدا حين رؤيتي للرجل وعرفت أنه البرتو مورافيا..
نعم أنه الكاتب العالمي الشهير البرتو مورافيا بشحمه ولحمه !!
البرتومورافيا هاهو امامي وفي بغداد ...! هاهو السأم و النضال واليسار .. هاهو من قارع الفاشيه وشهد لها الأنهيار ..
و الان ماذا أفعل .. وكيف لي وأنا الذي كنت قد عرفت مورافيا عبر رواياته فقط واذا به يقف امامي بمحض الصدفه ..
وبالطبع لم أنبس بكلمه .. أنه الصمت لا غير .. حيث كانت المذيعه تدير الحوار والرجل يتجول وينصت بأهتمام وانا احاول أن أسترق السمع وان أتبع خطاهم في أرجاء المتحف ,
وكلنا يعلم أن أول كتاب قرأه البرتو مورافيا هو كتاب الف ليلة وليلة وكان يتمنى رؤية بغداد بأجواء الف ليلة ليعيش عبق الماضي ولكنه في تصريح لاحق له قال :
" لم اتصور ان أجد بغداد بهذا الشكل، كنت اتصورها مدينة الف ليلة وليلة، مدينة شهرزاد وشهريار، لكن للأسف رأيتها تلبس ثوباً آخر".
و حينها لم يكن هناك هواتف ذكيه لكنت التقط صورة توثيق لهذه المصادفة الجميله .. لكنها بقيت عالقة في ذاكرتي طوال ثلاثين عاما ولأجد نفسي الأن أكتب عنها الأن كلحظه أعتزاز صاحبتني كل تلك السنين .
#نوفل_كريم_جهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟