|
كورونا هل هو اصطدام للقوى أم صراع لتوازن المصالح؟
لحسن وحي
الحوار المتمدن-العدد: 6575 - 2020 / 5 / 27 - 23:38
المحور:
كتابات ساخرة
" الأشياء التي تحدث في العالم اليوم أخطر من المخطط الميكاڤيلي . .والهستيريا التي نعيشها اليوم تتجاوز أطروحات " فرويد وتفوق تصورات "هتلر" المأساوية" إن الصراع والاصطدام بلا شك هما صفات مقدسة لدى دول العالم العملاقة مثل أمريكا والصين...، فلا وجود لشيء خارج عن إرادتهما القوية والجامحة، لكن نتساءل كما تتساءل كل بقع العالم اليوم التي غزتها وسوسة كورونا قبل أن يتسلل إليها كورونا شخصياً: هل كورونا صراع لأجل الهيمنة والسيطرة أم دعوة إلى تجديد النظام الاقتصادي العالمي؟. ليس من السهل أن نخمن أو نحدد بدقة التغيرات التي سيشهدها العالم الكبير والعالم الصغير بعد جائحة كورونا، كما لا يمكن التصويت إلى أي الفرقين، فالقصد من كورونا لا زال غامضاً إن لم نقل لا زال مخفياً في المجهول، الذي لا يعرفه إلا هو وهم. فإذا كان كورونا في نظر دولالعالم العملاقة اقتصادياً مفتاحا جديد السيطرتها وفرض هيمنتها على العالم وخلق نظام جديد، وإخضاع الاقتصادالعالمي لصالحها، فإن البحث عن الطريقة الدراماتيكية التي صنع بها كورونا بات الدافع الأول الذي سعت إليه الشعوب الفقيرة بعد أن شكلت سيناريوهات كوميدية تافهة في نكهة تراجيدية عنه. .كما تدفعنا الأزمة إلى كشف مخاوف لا حصر لها سيواجهها الإنسان مستقبلا، فالدولة العملاقة لا يهمها سوى إله عصرها؛ المال وجني المزيد من الأرباح حتى وإن اقتضى الأمر جر الملايين من البشر إلى الموت المفزع. إن القدرة على ابتكار وصنع فيروس، ما هي إلا نزعة اقتصادية بامتياز ووسيلة سياسية لإبراز التفوق وتأمين السيطرة على العالم بالكامل، واعتبارا لما سلف؛ فإن ارتباط التحول الاقتصادي بالتحول السياسي، جعل من العالم حديقة من الموتى؛الموتى الذين غادروا الحياة دون معرفة النهاية، إلا أن كورونا كظاهرة وبائية متشبعة ومتلبسة بمجموعة من التأويلات هنا وهناك، تكشف لنا مخاوف الشعوب الفقيرة والدول النامية الغارقة في العالم الثالث،لذالكنخشى من انتقال هذه الدول النامية منعالمها الثالث إلى الأدنى منه، فالأزمة تعري كل القطاعات وتكشف المدمر. ولم يعد المجتمع العالمي اليوم يفكر في نوعية السيارة التي يمتلكها أو الأكلة المفضلة لديه بل بات كورونا هاجسه اليومي والحدث الأبرز والأهم، وأصبح كورونا بشكل ما، هومن يحتل قمة هرمالأفكار؛الأفكار التي من المفروض أن تفصح عن ما يخبئه عالم ما بعد كورونا، من أسرار سياسية وتقلبات اقتصادية هائلة وتقدم أخلاقي رهيب. إن بُروز الاستعمار الجديد من طرف الدول العملاقة بات هو الهدف الذي يظهر فريداً ومميزا على صعيد الارتفاع الهائل في عدد الوفيات والإصابات في بلدانهم الأم، إلا أن السمات الكبرى التي تقوم عليه هذه الدول العظمى اقتصاديا، إرادة القوى والفوضى المنظمة وتحقيق اقتصاد صاعد حتى وإن كان على حساب أرواح شعوبها، مع أن العالم اليوم غارق في دماء موتى كورونا إلا أن الدول الرأسمالية تأبىوتصر على بلوغ هدف ما، وهدفها لا يمكن الكشف عنه وتحري حقيقته إلا بعد أن يخرج الثعلب السياسي والذئب الاقتصادي من أوكارهما الباذخة، وذلك لأن الظواهر السياسية شأنها شأن الظواهر الاقتصادية، وهي ظواهر تفرض على المتحكم فرض أسلوب جديد في كل حقبة. لكن ما يُخيفنا نحن أبناء العالم الثالث اليوم - إن كان هنالك عالماً ثالثاً أصلاً - أن نبقى عالقين في زمان كورونا حتى وإن انتهت زمكانيته، لأن كل الأشياء والأحداث اليوم لا يمكن أن توجد خارج نطاق زمان ومكان كورونا، كماأن سياسة العالم اليوم بزاعمة عملاق الاقتصاد عبرت عن فشلها في الاحتفاظ بأسمى مخلوق في العالم إن لم نقل في الأرض بأكملها، فقدتشكلت سياستها الجديدةعلى أنقاض ودماء شهداء كورونا بغية معرفة من يسير العالم في المستقبل. وبناء على ذلك يكون الحكم للأقوى دائما، الأقوى في الاقتصاد، حيث يسن نظامه الخاص وهو نظام الأجور القائم على تجرد الأجير حتى من أبسط احتياجاته، لأن من يمتلك حاجياتك الماسة يتحكم في قراراتك السياسية ويستغل ثرواتك الاقتصادية، ويستعبد شعبك بأبشع الطرق، لهذا فمعظم أمنياتنا بعد كورونا لن تتحقق، كما ستتحطم كل تخميناتنا وتوقعاتنا في الإصلاح، خصوصا تلك التخمينات التي توقعها أصحاب الخيال المريض. قد تدفعنا تجربة كورونا اليوم رويدا رويداً إلى صنع لغة خاصة وبناء جسور جديدة مع ذواتنا أولا، ومع مستقبلناً المجهول ثانياً، فسياسة العالم اليوم لا يمكن لها أن تنفصل عن الإنسان المعاصر مهما فعلت ومهما سعت إلى فعل ذلك، حيث طرحت كورونا في خضم مجال السياسة قضايا جديدة،كما أحرجت العقل السياسي بما فيه من الخللواللاتكافؤوأضعفت القوى الاقتصادية بما فيها من اللاتوازن. "لا عدو نحاربه بالدبابات ولا زعيم جيش نرميه بالرصاص، إننا نحارب شيئا يشبه المجهول . . لكن من لا توقظه الأزمات عن سباته لا يستحق أن يؤسس دولة. . كما هو مفزع حقاً أن تتقاتل الشعوب الفقيرة في ما بينها على رغيف خبز حاف . . وهذا ما يفزع العقل ويضجر القلب!" إن جل الأنظمة السياسية في العالم على مر العصور تأسست على أنقاض صراعات واصطدامات هائلة عبر التاريخ، سواء كانت هذه الصراعات والاصطدامات سلمية أو مسلحة وما يترتب عن هذه الصراعات والاصطداماتمن تفرد الأقوى بأداة الحكم. إذن لا يعقل الآن بعد انتصار المادة، عوض الرجل الرشيد والإنسان الحكيم أن نتصور عالما جديدا بصورة إنسانية متقدمة، فالمصالح الواحدة دون اشتراك تفرز لنا طغاةوجبابرة. . قطعا؛ ألا يمكن أن نتساءل في ظل أزمة كورونا: هل يمكن أن تكون أزمة كورونا الخيط الرفيع لبداية عصر الجماهير الغفيرة؟، إلا أن الأمر يبدو مستحيلا أو بمعنى أدق نظرية بالية وتجربة فاشلة، لأن الرأي العالمي لمن يملك القوة ويسير النظام ويسيطرعلى الأرض، فمن زاوية المجتمع المنبوذ تُقال العبارة التالية: " سنترك الأمر إلى من يراقب العالم بأكمله ويسيره في الخفاء!" من هنا يتضح لنا أن أزمة العالم الحقيقية اليوم هي عدم قدرته على تغيير نظامه القديم الذي يظهر بصفة ديمقراطية وهو ليس كذلك، كما أن الأزمة الحقيقية ستنتهي عندما يُقدم كل شيء على حقيقته وتزيلالرأسمالية قناعها المتوحشوتكف عن سعيها إلى الاستحواذ على كل شيء حتى رقاب البشر، وكذا تسخير الإنسان كآلة اقتصادية لحسابها فقط، وما يعرف الآن باسم كورونا سنستشفه مستقبلا باسم أخر وبنكهة بشعة أخرى. دعوا إفريقيا تعيش ولو في زمان كورونا، فخطتكم النهائية لم تكشف بعد عن من سيحكم هذه الأدغال من جديد ويصير بطلاً يخلده التاريخ الزائف؟ نعيش في فقر مدقع،نحن شعوب العالم الثالث . . يفزعنا ويرهبنا أن تسيطر الذات اللا شاعرة على المجتمع العالمي مستقبلا. . وهذا الإنسان الذي يكتب لكم الآن ابن البدوي الذي يعرف ما معنى أن يكون المرء محتجزاً مسلوب لاإراديا ويقاتل على رغيف خبز حاف.
#لحسن_وحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أخلاق الحداثة عند أندريه كومت سبونفيل
-
موريس بلانشو قارئا كافكا
-
نيتشه وسؤال التربية والثقافة
-
فلسفة التربية وبناء الإنسان
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|