أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - لمرابط أحمد سالم - جون رولز والإصلاح الليبرالي تحدي اليوتوبيا الواقعية















المزيد.....



جون رولز والإصلاح الليبرالي تحدي اليوتوبيا الواقعية


لمرابط أحمد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 6575 - 2020 / 5 / 27 - 21:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


-تمهيد
منذ التأسيس الأفلاطوني للتّفكر الفلسفي في الدولة تتحدد العدالة بوصفها الفضيلة الناظمة لبقية الفضائل، أو المعيار المرجعي الذي تقاس بواسطته القيم الأخلاقية والسياسية،وحتى التفريق الذي أقامته الفلسفة الحديثة مع ميكافيلي بين السياسة والفعل الأخلاقي، لم يقلل من مكانة سؤال العدالة بل عزز طرحه قيام نمط جديد من الشرعية التأسيسية.اتسم بالانزياح عن المقدس اللاهوتي" Le désenchantément" باصطلاح ماكس فيبر، حيث شكلت الحالة الطبيعية البديل الافتراضي الذي صاغه فلاسفة العقد الاجتماعي لتبرير قيام الدولة بعيدا عن مقولات اللاهوت السياسي،وإلى جانب نظرية العقد الكلاسيكية، وفّرت المنظومة الليبرالية بٌبعديها السياسي والاقتصادي الغطاء الأيديولوجي لقيام الدولة الغربية الحديثة،لتساهم الفكرة الليبرالية في تخليص القن من سياج الأرض ليتحول إلى مادة قابلة للاستعمال (1) تلائم متطلبات الثورة الصناعية وقواعد تقسيم العمل .
غير أن سطوة مقولات الحياد الليبرالي واقتصاد السوق الحر الذي عبر عنه آدم سميث بقوله "أعطني ما أريد لتحصل على ما تريد "(2)قد أثرّ سلبا على قيمة المساواة التي لاشك أن عدم مقاربتها يُفقد الحرية معناها الأصيل على اعتبار أن الفقر يشكل بحد ذاته حرمانامن القدرة على ممارسة الحرية (3) فالبشر الذين يعيشون في ظروف لا يتوفر فيها طعام ملائم لا يُتوقع منهم أن يكترثوا لحرية التعاقد أو حرية الصحافة كما يقول اشعيا برلين(4)بالإضافة إلى العوار الأخلاقي الذي عانت منه النظرية الكلاسيكية، أثبتت التحديات الاقتصادية الكبرى "كالكساد العظيم" عجز اليد الخفية عن إعادة الإصلاح الذاتي للسيستام الاقتصادى،وأن التّبني المطلق للقيّم الكلاسيكية من شأنه أن يعود بعواقب وخيمة على التركيبة الاقتصادية المعاصرة(5)
ورغم ذلك كله فإن جوهر الفكرة الليبرالية التي دافع عنها لوك وكانط بماهي تأسيس للسيادة الأخلاقية للفرد والحد من قدرة الدولة على تقييد الحريات الموضوعية،ظلّت مستساغة تماما في الفكر السياسي المعاصر ولايمكن تجاوزها بسهولة،باعتبار أن هذه القيّم تحكم الإطار الأساسي للحياة الاجتماعية الذي هو أساس وجودنا ذاته (6) من هذا المنطلق شكّلت نظرية العدالة كإنصاف،الصورة الأكثر نصاعة لتراث واسع،من التنقيح والإصلاح المستمر للفكر الليبرالي بدءا من جون لوك،وليس انتهاء بجون كينز،فقد استطاع رولز-الذي عمل لفترة في اوكسفورد-دمج مبادئ المساواة الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالاشتراكية الأوروبية،مع مبادئ التسامح التعددي والحرية الشخصية المرتبطة بالليبرالية الأمريكية (7)
الجوانب التي نريد إضاءتها في هذه الورقة البحثية تتعلق أساسا بالتشابك العلائقي بين ليبرالية رولز السياسية، وبين التراث التعاقدي و الليبرالي القريب،ومن ثم سنوضح أهم القوالب المفاهيمية في الطرح الرولزي،بالإضافة إلى بيان جملة من ردّات الفعل المتفاوتة حول نظرية العدالة كإنصاف.

لذلك ستكون خطاطة البحث على النحو التالي
-الفصل الأول:رولز مابين تبنيّ التعاقدية ونبذ النفعية
-الفصل الثاني؛نظرية العدالة إنقاذ الليبرالية عبر هيكلة البنية الأساسية
-الفصل الثالث؛ رولز ونقّاده إعادة بعث جديدة للفلسفة السياسية
-خاتمة

-رولز مابين تبنّي التعاقدية ونبذ النفعية.
قبل أشهر صدرت الترجمة العربية لكتاب الفيلسوف الأمريكي الالماني الأصل هاينز هيرمان هوبا الديمقراطية "الإله الذي فشل "
الأطروحة التي يدافع عنها هوبا تمثل الصورة الفوضوية الأكثر تطرفا للنظرية الليبرالية،حيث تبدو المُلكية الخاصة الغرض الأوحد لكل اجتماع سياسي.وبحسب هوبا تفشل الديمقراطية فشلا صريحا فى توفير الحماية التامة لأصحاب المُلكيات الخاصة لكونها تتطلب نمطا دوريا من إعادة التوزيع لصالح الأغلبية نظرا للطابع الديماغوجي الذي تقوم عليه المؤسسات المنتخبة،فعلى عكس الدفاع عن النفس في حالة وقوع هجوم إجرامي،فإن ضحية انتهاكات الحكومة الديمقراطية لحقوق الملكية الفردية لا يجوز له الدفاع عن النفس،ضد هذه الانتهاكات (8)باعتبار الديمقراطية نابعة من الإرادة الكلية بالمعنى الروسوي.
وإذا كان أفلاطون ينتقل من الفرد إلى المدينة باعتبارها شخصا معنويا يسهل فهمه أكثر من الفرد، فإن هوبا يدعونا إلى تخيل دولة ديمقراطية عالمية تقوم فيها الانتخابات على قاعدة (صوت واحد لكل شخص) حينها سيعمد المنتصرون وأغلبهم آسيويون(الصين و الهند) إلى إعادة هيكلة النظام الاقتصادى بحيث تستحيل حياة المُلاك إلى جحيم قار،وما ينطبق على الدولة العالمية ينسحب تماما على الدولة الوطنية الديمقراطية، والواقع أن هوبا يصل بالطرح الليبرالي إلى نهايته المنطقية، فمنذ اللحظة التأسيسية لنظرية الحق الطبيعي والنقاد لايفتأون في محاولة بيان خطورة التسليم بشرعية الحيازات في الحالة الطبيعية، ولا يمكن الوقوف على حقيقة الجدل الذي أحدثته نظرية العدالة كإنصاف طوال النصف الاخير من القرن الماضي دون العودة إلى النموذج الذي صاغته نظرية العقد الاجتماعي،
وبخاصة عند جون لوك الذي شكّل كتابه "المقالتان" توراة الفكر السياسي بحسب تعبير جاك شوفالييه(9)
ولايُخفي أقطاب الليبرالية المعاصرة انتمائهم العميق لكتابات لوك بوصفه فيلسوف الحرية الأول،الذي خط لنفسه طريقا جديدا داخل الفلسفة القارية يتميز عن نزعة هوبز الاستبدادية وعن اشتراكية الاتجاه الحارثي (حارثي الأرض) الذي عاصر لوك (10)
في الفقرة الثالثة من الرسالة الثانية يقول جون لوك "أعني بالسلطة السياسية حق سن القوانين وتطبيق عقوبة الإعدام وما دونها من عقوبات لتنظيم المٌلكية والمحافظة عليها "(11)
من الواضح أن لوك يحدد الوظيفة الأساسية للسلطة السياسية بأنها حماية المُلكية الخاصة وبالسؤال عن أصل هذه المٌلكية يحيلنا لوك -وعلى عكس مذهبه الابستيمولوجي- إلى الحالة الطبيعية
والقانون الطبيعي الذي يدركه بسهولة كل مخلوق عاقل،(12)
يحدد لوك نمطين من المُلكية يتم فيهما الانتقال من حالة المشاعة الأصلية حيث الأرض هبة إلهية أعطاها الله للبشر كافة تتم عملية الانتقال من حالة المُلكية العامة إلى المُلكية الخاصة بواسطة حق العمل المقدس فكل مايستطيع المرء أن يفلحه ويزرعه ويُصلحه و يستطيع أن ينتفع بانتاجه فهو ملك خاص له فالعمل هو الذي يعطي حق التملك في الحالة الطبيعية، ويعكس لوك حجة روبرت فيلمر عن الحق الوراثي للملوك النابع من نصوص العهد القديم، من أنه كان بوسع أول الخليقة تملّكْ كل ما يستطيع استثماره من الأرض وأن يترك مع ذلك القدر الكافي لخراف هابيل كي ترعى فيه(13)
يتم الانتقال إلى الحالة المدنية لضمان ما يسميه ليوشتراوس "المتعة الرأسمالية" فمن أجل ترسيخ المُلكية الفردية يخرج الناس إلى الانتظام السياسي لضمان استمرار الثروة،إن التأكيد علي الحرية وتقديس المٌلكية الفردية جعل لوك يُعد بامتياز ملهم الليبرالية الحديثة فلم يكن الفكر السياسي الأمريكي إبان الثورة الأمريكية ومابعدها إلا تأويلا لما كتبه لوك(14)
غير أن التغاضي عن شرعية الحيازات في حالة الطبيعية وإهمال المساواة الأصلية يعزز حُجة التحليل التاريخي لليبرالية لوك،باعتبار أنها لم تستهدف الحرية لذاتها بقدر ماكان هدفها مواكبة أنماط الإنتاج الحديثة، كما أن اعتماد لوك على وجود قانون "شبه فطري" يتنافى مع الطابع التجريبي الذي ميّز نظرته الابستيمولوجية(15)ولعل مأخذ رولز الأساسي على تعاقدية لوك هو تصوره المثالي للتاريخ، أي افتراض المساواة الأصلية(16) في الحالة الطبيعية الأمر الذي من شأنه تبرير حالة التفاوت في المجتمع السياسي.
يقول كارل شميت " إن الفكر الليبرالي يتملص ويتجاهل الدولة والسياسة ليتحرك في قطبين مختلفي الخصائص وهما الأخلاق والإقتصاد ، بحيث يتحول إلى منافسة من جهة الإقتصاد، وإلى جدال من جهة العقل "
لا شك أن الخلفية الليبرالية لنظرية العدالة كإنصاف مسلّمة لا جدال فيها فجون رولز يقرّ تمام الإقرار بمبدأ الحرية الليبرالي ويستدعي الأمر القطعي عند كانط الذي من شأنه أن ينفي عنه كل مزاعم التفكير الشمولي.
رغم اعتراف رولز بانتماءه لنظرية العقد الاجتماعي (17) إلا أن نظرية العدالة من خلال فرضية "الوضع الأصلي "تختلف تماما عن نظرية العقد الكلاسيكية من حيث كونها لاتُعنى بتأسيس اجتماع سياسي، بل بإيجاد صيغة للاتفاق على مبادئ للعدالة في المؤسسات الأساسية(18)
فالاتفاق المقصود كما يقول رولز لا يعني الدخول في مجتمع معين أو اعتماد شكل محدد للحكم، بل الموافقة على جملة من المبادئ الأخلاقية.في حين يترك لوك مسألة العدالة خاضعة للاعتباطات التاريخية دون تصور عمّا سيسميه رولز لاحقا بمؤسسات العدالة الخلفية.يبدو رولز في تماهى واضح مع التصور الجمهوري كما نجده في تعاقدية روسو، وتفسيره لقيام المُلكية الفردية،
فأول ما يلفت انتباه روسو عكس لوك هو الطابع الاعتباطي للمُلكية الفردية والقائم على الغلبة " فأول من سوَّر أرضا و عنّ له أن يقول: هذا لي ووجد أناساً على قسط كبير من السذاجة فصدّقوه
كان المؤسس الحقيقي للمجتمع المدني، ألا كم من جرائم وحروب واغتيالات، وكم من ويلات وبؤس وفظائع كان أبعدها عن الناس وكفاهم شرها رجل قد هب فاقتلع الأوتاد وردم الحفر ...(19)
لاشك أن عملية التسوير المفترضة و القائمة على الغلبة والاعتباط خلقت عند رولز دافعا قويا للقول بالضرورة الأخلاقية لقيمة العدالة التي من شأنها العمل على التخفيف من حدة التفاوت الحاصل بصورة اعتباطية، فالأصل الاعتباطي للمُلكية الفردية يجعل المؤسسات الرسمية تمارس دورا مكُرسا لكل أنماط اللامساواة حيث يساهم التفاوت المٌركّب في تعزيز التفاوت الطبيعي باصطلاح روسو انطلاقا من التشخيص ذاته عٌني رولز بتحقيق العدالة على مستوى البنية الأساسية، غير أن رولز ينطلق من مسلّمة مفادها أنه لا مندوحة من حالات التفاوت و ماتهدف إليه العدالة المؤسساتية هو الوصول إلى نمط من "اللامساواة العادلة "(20)
يعتبر رولز أن مشروع روسو قد استكمله كانط من حيث التأكيد على فكرة الحرية في إطار قواعد الأمر القطعي فقد كان هدف كانط الأساسي هو تعميق وتعليل فكرة روسو بأن الحرية هي التصرف وفق قانون شرعناه لأنفسنا.وهذا لا يؤدي إلى أخلاق التحكم الصارم بل يؤدي إلى أخلاق التقدير الذاتي والاحترام المتبادل(21)
لقد نجح رولز بحسب هابرماس في نقل مفهوم الاستقلالية الكانطي من المجال الأخلاقي "النظري" إلى المجال السياسي العام.يستدعي رولز النموذج الكانطي -بقصد إيجاد قاعدة عمومية للاتفاق السياسي- وهو على إلمام بالثنائيات الميتافيزيقية العميقة التي حكمت النسق الكانطي،
فرولز إذ يسعى إلى إيجاد قاعدة للعدالة في مؤسسات البنية الأساسية يتلافى الخوض في القضايا الفلسفية والأخلاقية ذات النهايات المفتوحة،
فالفلسفة بوصفها بحثا عن الحقيقة لا يمكنها أن تقدم قاعدة مشتركة وقابلة للتطبيق ضمن تصور سياسي للعدالة في مجتمع ديمقراطي "(22)
إن رولز بهذا الطرح يقترب أكثر من التصور البراغماتي الذي يتبنى نوعا من الحياد اتجاه القضايا الفلسفية اللاهوتية وهو ما يسميه فتحي المسكيني بالانعطاف الرولزي نحو المثال الجيفرسوني عن التسامح الديني،(23)
ويلخص ريتشارد رورتي في مقاله عن أسبقية الديمقراطية على الفلسفة طبيعة العلاقة بين رولز وكانط بقوله " إن رولز قد اكتفى بمفهوم عن الذات البشرية كشبكة من الاعتقادات و الرغبات المشروطة تاريخيا وهي شبكة بلا مركز ".
إلى جانب إعلان رولز انضواءه تحت راية التعاقدية الكلاسيكية واستحضار أخلاق الواجب الكانطي فإن هذا الأخير يقدم نظرية العدالة كإنصاف بوصفها بديلا مناسبا للتصورات النفعية التي هيمنت على الفضاء الأنجلوسكسوني لعقود، فالنفعية بوصفها فلسفة عواقبی. (conséquentialism) لا تلقي بالا للغايات والمقاصد المرتبطة بالفعل الأخلاقي، وهي من ناحية أخرى، وانطلاقا من مبدا السعادة العظمى تهمل مبدأ "الذات المطلقة " الأمر الذي يخلف بالغ الأثر بخصوص خرق الحريات والحقوق الأساسية،
والواقع أن وشائج الصلة بين النفعية والليبرالية قوية جدا لدرجة أن مبدأ السعادة القصوى يتسق تمام مع الطرح الليبرالي الكلاسيكي حول اليد الخفية واقتصاد السوق الحر، ورغم أن جون ستيوارت ميل قد اشتغل على الرفع من المستوى الحسي والتفاضلي أوالكمي لمذهب اللذة، إلا أن ميل لايجادل في اعتبار المنفعة المصدر الأوحد للإزام الأخلاقي، حيث لا يوجد أي أساس آخر للأخلاق غير السعادة العامة(24) وهو مايتقابل بالتناقض مع قواعد الأمر القطعي ومملكة الغايات الأخلاقية،التي ترفض اعتماد المبادئ التجريبية كأساس للقوانين الأخلاقية،(25)
إذا كان لينين يعتبر أن الطريق من هيجل إلى ماركس تمر حتما عبر فيورباخ فإن الطريق من جون النفعي إلى جون الواجبي تمر حتما عبر هنري سيدجويك، الذي اعتبره رولز أكبر ممثلي النفعية و الذي وصلت معه النظرية إلى صياغتها الأكثر وضوحا(26)
انصرف سيدجويك عن مذهب اللذة الأناني وأيد مذهب اللذة العامة معتبرا اياه الوحيد الذي يساير منطق العقل، مما دفعه لقبول فكرة التضحية والتي تجيز الاعتداء على مبدأ الذات الحرة.(27)

الفصل الثاني؛إنقاذ الليبرالية عبر هيكلة البنية الأساسية.
إذا كان رولز قد أعلن نيته الواضحة في زحزحة النظرية النفعية عن عرش الفكر السياسي الأنجلوسكسوني،فإن تفكيره مع ذلك لا يخلو من عناصر نفعية، حيث عمد إلى التوفيق مابين التجريد الكانطي للذات الفردية بوصفها مستقلة وسابقة على كل غرض،وما بين التجسيد النفعي للفرد باعتباره معنيا قبل كل شيء بمصالحه الخاصة،وهو مايمكن وصفه بأداتية رولز في تعامله مع مفهوم الذات الكانطي. أو البينذاتية باصطلاح هابرماس
يميز رولز فى ضوء افتراض الوضعية الأصلية بين المعقولية والعقلانية،فوصف المعقول يطلق على سلوك الفرد من حيث استعداده لقبول جملة من المبادئ التى قد تناقض منفعته الخاصة،
أما العقلانية فتتيح استخدام الأفراد لمواقعهم فى سبيل تحقيق مصالحهم، فلإحساس بالعدالة يندرج في سياق المعقول، فى حين أن تلمس الخيرات الأولية يدخل في نطاق ماهو عقلاني.
فالوضع الأصلي بحسب مايكل ساندل هو رد رولز على كانط إنه البديل الذي يضعه للدرب الذي سلكه كانط في كتابه نقد العقل المحض،بحيث يمكٍّننا من النظر إلى اغراضنا عن بُعد ولكن ليس عن ذلك البُعد الذي يضعنا في عالم مفارق،(28)
يقدّم رولز الوضع الأصلي كبديل موضوعي لجملة من الخيارات المطروحة لتحديد الشروط المنصفة للتعاون في مجتمع جيد التنظيم(29)،من بين هذه الخيارات الاستناد إلى قانون إلهي، وهو مالم يكن رولز ليقبله في ضوء إيمانه بالاجماع المتداخل وهو إجماع يتضمن كل المذاهب الدينية المتعارضة التي يرجَّح أن تدوم وأن تكسب موالين لها في نطاق مجتمع ديمقراطي ودستوري،
تحت عنوان ثيولوجيا راولز،يذهب محمد هاشمي إلى أن فيلسوف العدالة كان منجذبا خلف موجة إيمانية قوية في شبابه جعلته متمسكا بإله توراتي مشخصن، قبل أن تعصف به أزمة روحية حادة،ليتخلى عن الطابع الأقنومي للأخلاق،نحو نموذج بنائي يستبدل المبرر المتعالي بالمبرر التوافقي.(30) يحضر حجاب الجهل كتكملة تقنية وإجرائية للوضع الأصلي،فالغاية المرجوة من حجاب الجهل هي ضمان الحيدة التامة لعملية التفاوض والحيلولة دون أن يحاول أحد المتفاوضين أن يتحيز إلى أوضاعه الشخصية،بحيث يفصّل على مقاسه مبادئ يطرحها على الآخرين،(31) فالفرد بطبيعته لا يحس بالإكراه بل بالحرية حين يخضع لقوانين وضعها هو بنفسه،
ومن هنا يُقرّ رولز بأن فكرة حجاب الجهل حاضرة ضمنيا في التصورات الأخلاقية عند كانط،(32) فقيمة حجاب الجهل ترتبط أساسا بمحو آثار نوع محدد من المصادفات التي تجعل الناس متنازعين،وتشجعم على استغلال الظروف الطبيعية والاجتماعية لصالحهم.
فعندما يكون أطراف التعاقد الأصليين على قدم المساواة في جميع الجوانب وجميع الحيازات سواء كانت طبيعية أو اصطناعية حينها فقط يمكن الحديث عن درجة معينة من الإنصاف تبرر ما سيحدث لاحقا من تفاوت حتمي.
يفترض رولز خروج الأطراف في الوضع الأصلي بنوع من الاتفاق الإرادي على مبادئ للعدالة في مؤسسات البنية الأساسية،ويحرص من منطلق ليبرالي أصيل على تسلسل مبادئ العدالة، بحيث يسبق الأول الثاني وهذا الترتيب يعني أنه لا يمكن تبرير انتهاكات الحريات الأساسية المتساوية المصانة بوساطة المبدأ الأول، أو التعويض عنها من خلال منافع اقتصادية واجتماعية أكبر.
يعتبر صامويل فريمان أن تصور رولز لمبدأ الحرية يختلف عن الليبربتارية ( libertarianism) من حيث تركيزه على جملة محددة من الحريات الأساسية،وإهمال بقية أصناف الحرية التي لا تؤثر بشكل مباشر في مبدأ الفرق، فقد أراد رولز بحسب فريمان الحد الكافي من الحريات التي تضمن استقلال الذات
الأخلاقية(33)،وتلمُّسها للقوتين الأخلاقيتين ( العدالة و العقلانية)
يتحدد المبدأ الثاني للعدالة عند رولز باعتباره أحد المنعطفات الكبرى فى تاريخ الفكر السياسي،ومنظومة العدالة المجتمعية بالعموم، و تكمن أصالة مبدأ الفرق في بساطته وقدرته على التكيف مع النظام الليبرالي،دون نزوع نحو مطالب المساواة المفرطة ومع استحضار تام لبرواز الحرية،
ويتكون هذا المبدأ من قسمين
أ- أن تكون التفاوتات الاجتماعية و الاقتصادية مرتبطة بوظائف ومواقع متاحة للجميع في ظروف من المساواة التامة،(34)
ب- أن تكون مظاهر اللامساواة في مصلحة الأقل حظا (مبدأ الفرق )
غير أن السؤال الذي يتبادر الى ذهن القارئ حول مبادئ العدالة،هو الطابع الحصري لهذه المبادئ أو بمعنى آخر المصادرة المسبقة التي قام بها رولز لاختيارات الأطراف في الوضع الأصلي وما الذي يبرر اختيار هذه المبادئ دون غيرها. ويقر رولز نفسه في كتاب العدالة كإنصاف بأن ليس هنالك حد للاعتبارات التي يمكن أن يستند إليها الأطراف في الوضع الأصلي، ولكل تصور بديل للعدالة اعتبارات تؤيده واخري تدحضه،
تشكل المبادئ المتولدة عن حالة الوضع الأصلي،الخطوة الأولى في سلسلة من الخطوات لإقامة العدالة الاجتماعية على مراحل،تقود المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية "الدستورية" التي تُختار فيها المؤسسات الفعلية بما يتفق مع مبادئ العدالة.
يسترسل رولز للبرهنة رياضيا على نجاعة مبدأ الفرق في الحد من التأثير السلبي للتفاوت الغير مقنن،
كما أن الصفة المميزة لمبدأ الفرق أنه لايتطلب نموا اقتصاديا مستمرا عبر الأجيال(35)
عند هذه اللحظة ينتهي البُعد المثالي من النظرية ويبقى أمام رولز أن يواجه الواقع الامبريقي وهو ما يسميه الأستاذ الهاشمي بالانتقال من التدبر إلى التدبير(36) أي إسقاط مبادئ العدالة على المؤسسات الواقعية. تتجلى أول مراحل التدبر في انتقال صفة المتحاورين من أطراف في العقد إلى وكلاء معنيين بالإشراف على صياغة جملة من القوانين النابعة من مبادئ العدالة.
هذا التحول الوظيفي يستدعي رفع المستوى المعرفي للوكلاء،وهو ماينعكس في الرفع التدريجي لحجاب الجهل حيث يبدأ الوكلاء في اكتساب معرفة عامة بالموارد الطبيعية ومستوى النمو الاقتصادي إضافة إلى الخصوصية الثقافية للمجتمع،فمن خلال المبدأ الأول للعدالة يتم اقتباس الحريات والحقوق الأساسية.أما المبدأ الثاني،فيتم الرجوع إليه في التشريعات ذات البُعد الاقتصادي والاجتماعي،تتم هذه العملية على ثلاثة مراحل هي مرحلة المؤتمر الدستوري حيث يتم إقرار الحريات العامة،والمرحلة التشريعية التي تسنُّ فيها القوانين وفق مبدأ الفرق،ثم المرحلة الأخيرة التي تطبق فيها القواعد من قبل الإداريين وتفسّر فيها القوانين من قبل القضاء(37)
أراد رولز من خلال ديمقراطية المُلكية المقيدة كشف الادعاء الأيدولوجي للنظام الليبرالي عبر تحصين قيمة الحرية بجدار المساواة.
في الأيام الأخيرة للحرب الباردة وعلى إثر التراجع السريع للرهانات الاشتراكية بأبعادها الاقتصادية والسياسية أضحى الحديث الليبرالي القديم عن دفن الاشتراكية أمرا قابلا للتصديق (38) وقد بدا العالم وكأنه يتجه نحو انتصار مطلق للنظرية الليبرالية،
وكتب فرانسيس فوكوياما يقول "لم يبق في ساحة المعركة إلا أيديولوجيا واحدة محتملة ذات طابع شمولي،هي الديمقراطية الليبرالية عقيدة الحرية الفردية والسيادة الشعبية"(39)
لم يكن فوكوياما-عكس رولز-يبحث عن مكان ضمن الجيل "النيتشوي-الهيدجري"الذي حاول تطعيم الخطاب السياسي الأمريكي بما ينقصه من عنفوان الفلسفة الأوروبية،ليشكل بديلا عن التصورات النفعية و البراغماتية(40)
اختار فوكوياما العودة إلى حديث النهايات مقحما بكثير من التعسف مقولات الجدل الهيجلي،إضافة إلى استدعاء -غير بريء-للتيماوس الأفلاطوني،للبرهنة على انتصار النموذج الرأسمالي بوصفه الغاية القصوى للتفكير السياسي،
لم تكد تمضي سنتان على إعلان فوكوياما نهاية التاريخ بالمعنى الأيدولوجي حتى أصدر أستاذه المتمرس صامويل هانتغتون كتابه الزوبعة "صدام الحضارات إعادة صنع النظام العالمي " ركز هانتغتون على إبراز وجه قديم جديد من الصراع ألا وهو الوجه الثقافي معتبرا أن ماسماه بالحضارة العالمية أو "ثقافة دافوس"(41) ستواجه خطر التحدي الحضاري الذي يحصره أساسا في الثقافتين الإسلامية والآسيوية الشرقية(42).
في الوقت الذي كان فيه هانتغتون وتلميذه يحرصان على نمذجة الديمقراطية الليبرالية في برواز اقتصادي وثقافي ضيق لا يكاد يتخطى القوى الغربية الأساسية،أصدر جون رولز كتابه قانون الشعوب،ضمن مسعى متجذر لتدويل نظريته للعدالة،ويأتي اختيار رولز للتسمية"قانون الشعوب" تأكيدا على ثانوية المطلب الإثني والثقافي،فعلى خلاف هانتغتون يراهن رولز علي أن فكرة الشعب
ذات طابع سياسي صرف لايستدعي إدماج المعطي الثقافي إلا من حيث هو عمق عمومي(43) وإذا كان هانتغتون يعتبر الحضارة الإسلامية ضمن حضارات التحدي التي تشكّل خطرا على قيّم العالم الجديد فإن راولز يحرص على استدعاء نموذج إسلامي ضمن ما يسميه "الشعوب السمحة" الخاصعة لقانون الشعوب،الذي من شأن الفلسفة السياسية أن تحوّله من مجرد إمكانية إلي كيان عملي وتلك هي اليوتوبيا الواقعية(44)
الفصل الثالث؛ رولز ونقّاده إعادة بعث جديدة للفلسفة السياسية
أشرّت نظرية العدالة كإنصاف لولادة جديدة للفلسفة السياسية وشكّلت إنجازا غير مسبوق باعتبارها نظرة للعدالة الاجتماعية في مجتمع يُفترض أن يتمتع مواطنوه بالحرية والمساواة(45)
وعلى الرغم من كون جون رولز قد احتل بجدارة موقع الريادة بين فلاسفة السياسة المعاصرين لدرجة وُضع مؤلفه إلى جانب الأعمال الخالدة في تاريخ التفكير السياسي، إلا أن أطروحته لم تسلم من النقد العنيف والمتكرر من أطراف مختلفة،ولا نبالغ حين نقول بأن خريطة الفلسفة السياسية المعاصرة، قد تم رسمها من جديد وتشكلت تياراتها الكبرى بناء على الموقف من نظرية العدالة.
وبشكل عام سنحاول التمييز بين ثلاثة مستويات من النقد الذي واجهه رولز،وسنتعرض لها بإيجاز على النحو التالي.
1-النقد الجماعاتي عن إهمال المُعطى الثقافي وغياب التصور الجوهراني للخير.
2-النقد الليبرتاري، روبرت نوزيك وصراع الحيازات.
3-أمارتيا سِن،البنائية في وجه المافوقية.
أولا؛النقد الجماعاتي عن إهمال المعطى الثقافي وغياب التصور الجوهراني للخير.
تحت عنوان العدالة مفاهيم متغيرة كتب ألسدير ماكنتاير ؛"جميعنا نملك مالايحصى من المفاهيم الأخلاقية المتباينة والمتنافسة، والمصادر الأخلاقية للثقافة لا تفتح لنا سبيلا للفصل بينها عقليا،والفلسفة الأخلاقية بحسب فهمنا السائد تعكس صورة النقاشات الجدلية والإختلافات في الثقافة بكل إخلاص"(46)
إن ما اصطُلح على تسميته بالدستور المحايد عٌرفيا،يشكل أحد العقبات الأساسية التي واجهها رواد التيار الجماعاتي في السياق الليبرالي المعاصر، فالقول بحياد الدولة تجاه الأقليات الثقافية خاصة تلك التى تعرضت لغبن تاريخي أو الأقليات غير المسيطرة باصطلاح كيملكا، يندرج في إطار المعاملة المتماثلة وليس المعاملة العادلة لأن في ذلك معاملة متساوية مع غير متساوين (47)
لذلك يصف بعض الجماعاتيين النموذج الذي يقدمه رولز "بالليبرالية المتعامية عن التمايز والاختلاف" لتأكيده على تجنب الجماعات الثقافية بمعاملة استثنائية في المجال السياسي العام (48)
وإذا كان رولز وبتأثير من كانط ينطلق من تصور يُجرّد الذات الإنسانية من كل تحديدات تاريخية أو ثقافية،حيث تحضر فكرة الشعب في قالب سياسي محض،فإن ويل كيميلكا وهو احد أعلام الاتجاه الجماعاتي،لا يمكنه أن يتصور البشر إلا مخلوقات ثقافية لسببين،الأول أن الثقافة تعمل على تعيين نطاق وبناء عالمهم وتقّدم لهم الخيارات الممكنة لاتخاذ قرارات هادفة بخصوص ماهو قيّم بالنسبة إليهم،أما السبب الثاني هو أن الثقافة تهب الأفراد حسّ

الهوية،باعتبارها مصدرا غير مشروط للإنتماء والترابط(49)
يعتبر كيميلكا وغيره من الجماعاتيين وعلى رأسهم تشارلز تايلور أن رولز كبقية الليبراليين يناقض التعددية الثقافية في حين يُبدي إيمانا مطلقا بالتعددية الأخلاقية،ورغم أن كيميلكا يساير رولز في إقرار مبدأ الفرق إلا أنه يدعو إلي تعميم التفضيل الإيجابي ليشمل الأقليات الثقافية،فالدولة ينبغي عليها أن لا تُساند فقط المجموعة المألوفة من الحقوق الاجتماعية والسياسية التي تحميها كل الديمقراطيات الليبرالية الدستورية، ولكن عليها كذلك تبنّي حقوق الجماعات الخاصة المختلفة أو السياسات التي تهدف إلى الاعتراف والتكيف مع الهويات والتطلعات المتميزة للجماعات العرقية الثقافية(50)
من المنطلق ذاته رفض مايكل وولزر سعيَ رولز لإقامة نمط من العدالة الدولية على أساس المبادئ الليبرالية،غاضّا الطرف عن النظرة الخصوصية للجماعات في تصورها للخير فبحسب وولزر لايُعد المجتمع عادلا إلا إذا عاش أفراده حياتهم وفق قيّمهم المشتركة(51)
في إحدى لقاءاته الصحفية النادرة،سُئل راولز عن كون أكثر الانتقادات التي تلقّتها نظرية العدالة كان مصدرها شعبة الفلسفة في هارفرد،فأجاب بأن تلك الانتقادات جعلته يفهم الأمور بشكل أفضل،(52)
ويٌعد مايكل ساندل أحد زملاء رولز النشطين في هارفرد،حيث كانت له مساهمات قوية في تقديم نظرية رولز للجمهور رغم أنه كان مناوئته الشديدة للطرح الرولزي
ينتقد ساندل مايمكن تسميته بالفيمينولوجيا الليبرالية القاضية بوضع الآراء والتصورات الاجتماعية الدينية بين قوسين، فما الذي يمنع الإفادة من تلك القيّم لاسيما أن رولز نفسه يؤكد عدم تشكيك الليبرالية السياسية بمزاعم أي من تلك المذاهب، ويعزز ساندل هذا التوجه بمثال الإجهاض،فإذا صح رأي المؤسسات الدينية بتحريم الإجهاض على اعتبار أن حياة الإنسان تبدأ من اليوم الأول للحمل،حينها سيكون وضع رأي المؤسسة الدينية بين قوسين بعيدا عن المعقول (53)
إلي جانب رفض ساندل التصور الليبرالي عن أولوية الحق على الخير،يقدّم في كتابه العدالة اعتراضين أساسيين علي مبدأ الفرق،يُسمّي الاعتراض الأول باعتراض الحوافز،فما الذي يحفِّز الموهوب على تطوير مهاراته إذا كان لاينتفع منها إلا في حدود ضيّقة،ألن يتدرب مايكل جوردون بشكل أقل إذا كان التّدرج الضريبي سيحرمه من مضاعفة ثروته ؟
أما الاعتراض الثاني فيُسمّيه ساندل باعتراض الجُهد فإذا كان راولز يرفض نظرية الاستحقاق على أساس اعتباطية المواهب الطبيعية،فإن هذه المواهب قابلة للتطوير بالجُهد الفردي،فقد عمل بيل غيتس بجهد لتجاوز نظرائه وتشييد مايكروسوفت(54)
وبشكل عام يمكن اختزال أهم نقاط الاحتكاك بين النظرية الليبرالية السياسية وبين الجماعاتيين وبشكل أخص أنصار النزعة الثقافية في نقطتين أساسيتين،
النقطة الأولى ترتبط بعدم تعميم رولز لمبدأ الفرق بحيث يشمل الأقليات الثقافية وبأن إقرار مبدأ المواطنة السياسية لا يكفى لضمان حقوق الأقليات، أما النقطة الثانية والأكثر عمقا فتتعلق بعدم اعتبار رولز للإنتماء الثقافي من قبيل المنافع الأساسية وتجريد الأفراد في الوضع الأصلي من أي خلفية ثقافية بحيث يصبح موضوع النظرية السياسية "كائنا مجردا" فرولز هنا يلتمس نقطة ارخميدية ليست في المتناول

ثانيا؛النقد الليبرتاري؛روبرت نوزيك وصراع الحيازات،

ذكرنا في الفصل الأول أن مشكلة التبرير التي واجهت تصور الحق الطبيعي عند جون لوك،قامت على غياب الأساس العادل لقيام المُلكية الفردية، فالتفاوت الناتج عن عملية الاستحواذ الأصلية ينجم في الأساس عن تفاوت الأفراد في حيازاتهم الطبيعية،من هذا المنطلق طرح رولز مسألة شرعية الحيازات الطبيعية للمساءلة مُفضلا تصويب هذه الحيازات بحيث يستفيد منها الأقل حظا، ورغم أن رولز يعلن نفسه مخلصا للفكر الأنجلوسكسوني،من هيمنة المذهب النفعي،فإن نوزيك يري أن رولز لا يختلف كثيرا عن الطرح النفعي،فالفصلُ بين الذات وحيازاتها واستخدام هذه الأخيرة بحيث تكون مطروحة للمصلحة العامة يشكل اجتراء من رولز على قواعد الأمر القطعي عند كانط ومملكة الغايات الأخلاقية (55)
تحت عنوان مبدأ الفرق ضد مبدأ الاستحقاف يعددُ مايكل ساندل جملة من الاختلافات الأساسية بين مبدأ الفرق كما هو في المساواة الديمقراطية عند رولز والتصور الاستحقاقي في المساواة الليبرالية، وأهم هذه الخلافات يتعلق بالاستحقاق الفردى والخلاف حول الحيازات الطبيعية من ذكاء ومهارات فطرية.
يعتقد ساندل أن موقف نوزيك وأنصار مبدأ الاستحقاق يقوم على حجتين أساسيتين الأولى أخلاقية تتعلق بالطبيعة الجوهرية للحيازات الطبيعية "الفطرية" وهو مايخول للفرد الاستفادة منها على عكس الخصائص الاجتماعية والثقافية،أما الحٌجة الثانية فترتبط بالواقع العملي حيث أن تجريد الفرد من حيازاته الطبيعية أمر غير متاح واقعيا.(56)
في مقابل استعانة راولز بمبدأ الفرق لشرعنة الحيازات الطبيعية أخلاقيا،يطرح نوزيك نظرية التخويل،فالناس وإن كانوا غير مستحقين لحيازاتهم أخلاقيا إلا أنهم مع ذلك مخوّلين للانتفاع منها،ويقدم نوزيك تصورات بديلة لمبدأ الاختلاف لتصحيح الغبن التاريخي الذي قد تكون تعرضت له فئات اجتماعية محددة حيث يقترح دفع مبالغ محددة لشرائح من الناس يرجّح أن يكون أعضاؤها أسوأ حالًا ممّا كانوا ليكونوا عليه بسبب الظم التاريخي وهذه المبالغ تدفعها شرائح أخري يرجّح أن أعضاءها أفضل حالًا ممّا كانوا ليكونوا عليه بفضل هذا الظلم التاريخي(57).ما ينتهي إليه نوزيك يتسق تماما مع اقتناعه العميق بنجاعة النموذج الاقتصادى لدولة الحد الأدنى،فليس هنالك جهة خارجية لها الحق في توزيع المُلكيات الخاصة،لاسيما تلك الناجمة عن مبدأي النقل والاكتساب(58).

ثالثا؛أمارتيا سِن،البنائية في وجه المافوقية.
إذا كان حوار رولز -نوزيك،يعكس بامتياز الجدل السياسي في الولايات المتحدة،حول قضايا إعادة التوزيع والتدخل الحكومي،وأزمة الحقوق المدنية...)حيث يجد كلا المفكرين أنصارا له بين صنّاع السياسة في الولايات المتحدة الأميركية،(59)فإن مساهمة الفيلسوف والاقتصادي الهندي أمارتيا سِن تقّدم لنا الصورة التي يمكن أن ينظر بها مفكر "عالم ثالثي" لجدال العدالة في أعرق المجتمعات الليبرالية،
يعتقد سٍن أن مشكلة العدالة الاجتماعية في الفكر الليبرالي منذ هوبز وحتى جون راولز، أنها لاتقدّم مقاربة فعلية للعدالة بل تُفضّل التركيز على البُعد النظري في المؤسسات الأساسية (60)
وهو ما يسميه سِن بالمقاربة المؤسسية المافوقية (Trancsendental institionalisme)
وتحت عنوان أولوية الحرية عند جون رولز يطرح سِن المعضلة التالية كيف يمكن الحديث عن أولوية مطلقة للحرية في مجتمعات تشكّل فيها الضغوطات الاقتصادية ومحدودية الدخل مسألة حياة أو موت،ورغم أن سِن يقدّر المقاربة المعتدلة لرولز مقارنة بنوزيك،إلا أنه يُفضّل إدراج أولويات موازية ومفيدة لمصلحة الفرد على غرار الدخل والتنمية التي ينبغي تقييمها على أساس كيفية ومدى مساهمتها بالنسبة للمصالح الشخصية(61)
كما يطرح سِن الاعتراض الذي سبق أن أشرنا إليه والشبيه بفكرة الترجيح إن استخدمنا اصطلاحات علم الكلام الإسلامي فما الذي يضمن اختيار الأطراف في الوضع الأصلي مبدأين للعدالة على نحو حصري ورولز نفسه يقرّ بتعدد الخيارات الممكنة.
لايُخفي سِن تأييده للتدخل الحكومي المباشر لتصحيح الأنماط التاريخية الحادة من اللامساواة المادية المقيسة موضوعيا باعتبارها تساهم ضمن عوامل أخرى في تأجيج العنف المجتمعي بشكل يصبح معه التدخل الحكومي حتميا للدفاع عن مصالح الذين لا يمكنهم الدفاع عن أنفسهم (62)
صفوة القول أن المقاربة "الماتحتية" التي يدعو إليها سِن لا تناقض فقط ليبرالية رولز السياسية بل تستهدف تقديم بديل أكثر واقعية للتقليد التعاقدي المثالي،وإن كان سِن يحتفظ بكثير من الإجلال لزميله السابق في هارفرد الذي جعل موضوع العدالة على ماهو عليه اليوم.(63)


الخاتمة
أشرنا في المقدمة لفضل أفلاطون في افتتاح الدرس الفلسفي في المسألة السياسية ولا عجب في ذلك فما من يوناني وبالأخص أثيني لايُبدي اهتماما بالفضيلة السياسية،إذ لم تكن المشكلة الفلسفية والمشكلة السياسية حينها إلا شيئا واحدا (64) غير أنه إذا كان أفلاطون قد اضطلع بدور التأسيس في الفلسفة السياسية فقد أخذ جون رولز على عاتقه بعث هذا المبحث الفلسفي من جديد وليس البعث بأيسر من التأسيس،خاصة إذا وضعنا في عين الاعتبار عصر رولز الذي بات فيه الحديث عن فلسفة السياسة مدعاة للسخرية والترويح عن النفس،فيكفي أن نذكر كلمة يوتوبيا لتتداعى إلى الأذهان صور مختلفة عن هذيان فلسفي ومدن متخيلة لم تخرج من أذهان أصحابها،وقد تجلّت عظمة جون رولز في أن أصبحت اليوتوبيا واقعة بل ومرتبطة بقانون الشعوب الذي ليس له إلا أن يكون واقعا بوصفه نابعا من مصالح الشعوب -التي -وعلى عكس الدول- تقف دائما عند حدود المعقول (65).

الهوامش
(1)-الطيب بوعزة،نقد الليبرالية،تنوير للنشر والإعلام،الطبعة الأولى،2013، ص؛32.
(2)-آدم سميث،ثروة الأمم،ترجمة حسني زينه،معهد الدراسات الاستراتيجية بغداد، الطبعة الأولى،2007،ص؛25.
(3)-أمارتيا سن،التنمية حرية،ترجمة وتقديم شوقي جلال،اشراف جابر عصفور، المركز القومي للترجمة،الطبعة الأولى،ص،17،كما يخصص سين فصلا آخر للموضوع ذاته تحت عنون "الفقر كحرمان من القدرة.
(4)-ايزايا برلين،خمس مقالات عن الحرية،تحرير هنري هاردي،ترجمة،يزن الحاج،المركز القومي للترجمة،الطبعة الأولى،2015،ص44
(5)-جون ماينارد كينز،النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود،ترجمة الهام عيدروس،هيئة أبوظبي للثقافة والتراث،(كلمة ) ص؛61.
(6)-جون رولز،العدالة كإنصاف إعادة صياغة،ترجمة،حيدر حاج اسماعيل،المنظمة العربية للترجمة،الطبعة الأولى،2009؛ص؛329.
(7)-صامويل فريمان،ومجموعة مؤلفين،اتجاهات معاصرة في فلسفة العدالة،جون رولز نموذجا،ترجمة،فاضل جتكر،المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات،الطبعة الأولى،2015،ص؛44.
(8)-هاينز هيرمان هوبا،الديمقراطية الإله الذي فشل،الاقتصاد والسياسة بين الملكية والديمقراطية والنظام الطبيعي، ترجمة إيمان معروف،منشورات تكوين،الطبعة الأولى،2019،ص،107.
(9)-جان جاك شوفالييه،تاريخ الفكر السياسي،من المدينة الدولة إلى الدولة القومية،ترجمة محمد عرب صاصيلا،المؤسسة الجامعية لللدراسات،بيروت،الطبعة الأولى،1985، الكتاب الثاني،ص،389.
(10)-الطيب بوعزة،نقد الليبرالية،مرجع سابق،ص،60.
(11)-جون لوك،مقالتان في الحكم المدني،ترجمة،ماجد فخري،اللجنة الدولية لترجمة الروائع بيروت،1959،ص؛138.
(12)-جون لوك،مقالتان في الحكم المدني،مرجع سابق،ص؛148
(13)جون لوك،نفس المرجع،ص،160.
(14)-ليوشتراوس وجوزيف كروبسي،تاريخ الفلسفة السياسية،الجزء الثاني،من جون لوك إلى هيدجر،ترجمة،محمود سيد أحمد،مراجعة إمام عبد الفتاح امام،المجلس الأعلى للثقافة مصر،ص 67.
(15)-راجع الطيب بوعزة،نقد الليبرالية، مرجع سابق ص؛56-59.
(16)-جون رولز،العدالة كإنصاف،مرجع سابق،ص؛63
(17)-جون رولز،نظرية في العدالة،ترجمة ليلي الطويل،الهيئة العامة السورية للكتاب،الطبعة الأولى،2011،ص؛38.
(18)-جون رولز، العدالة كإنصاف،مرجع سابق،ص؛109.
(19)-جان جاك روسو،خطاب في أصل التفاوت وفي أسسه بين البشر،ترجمة بولس غانم،تقديم عبد العزيز لبيب،المنظمة العربية للترجمة،الطبعة الأولى،2009،ص117.
(20)-نوفل الحاج،مقال بعنوان؛العقد الاجتماعي عند جون راولز ،مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث
(21)-الذهبي مشروحي،فلسفة الحق بين كانط و جون، مجلة أوراق فلسفية، العدد21، 2009.
(22)-نفس المرجع
(23)-فتحي المسكيني،في أولوية الديمقراطية على الفلسفة،مؤمنون بلا حدود.
(24)-جون ستيوارت ميل،النفعية،ترجمة،سعاد شاهرلي حرار،المنظمة العربية للترجمة،الطبعة الأولى،2012، ص؛67
(25)-أيمانويل كانط،تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق،ترجمة وتقديم،عبد الغفار مكاوي،منشورات الجمل،الطبعة الأولى،2002،ص؛67.
(26)-راولز،نظرية العدالة،مرجع سابق،ص52.
(27)-عن هنري سيدجويك،راجع،توفيق الطويل،مذهب المتعة العامة في فلسفة الأخلاق،الفصل الثالث النفعية الحدسية عند هنري سيدجويك،
(28)-مايكل ساندل،الليبرالية وحدود العدالة،ترجمة محمد هناد،المنظمة العربية للترجمة،الطبعة الأولى،2009،ص70.
(29)-العدالة كإنصاف،مرجع سابق،ص؛105-106
(30)-محمد هاشمي،نظرية العدالة عند جون راولز،نحو تعاقد اجتماعي مغاير،دار توبقال للنشر الطبعة الأولى،2014،ص؛32.
(31)-على عبود المحمداوي،الفلسفة السياسية،كشف لما هو كائن وخوض في ما ينبغي للعيش معا،منشورات الاختلاف،الطبعة الأولى 2015،ص؛208
(32)-جون راولز،نظرية العدالة،مرجع سابق 186
(33)-صامويل فريمان،مجموعة مؤلفين،إتجاهات معاصرة في فلسفة العدالة،مرجع سابق،ص؛20.
(34)-جون رولز،نظرية العدالة،مرجع سابق ،ص:92
(35)-جون رولز، العدالة كإنصاف،مرجع سابق،ص:181.
(36)-محمد هاشمي نظرية عند جون راولز،مرجع سابق،ص؛141.
(37)-العدالة كإنصاف،مرجع سابق،ص؛157.
(38)-أنطوني جيدنز،بعيدا عن اليسار واليمين،مستقبل السياسات الراديكالية،ترجمة شوقي جلال،دار التنوير الطبعة الأولى،2002،ص؛82
(39)-فرانسيس فوكوياما،نهاية التاريخ والإنسان الأخير،ترجمة وتقديم،مطاع صفدي،مركز الإنماء القومي،الطبعة الأولى،1993،ص؛69-70.
(40)-نجيب جراد،نظرية نهاية التاريخ عند فرانسيس فوكوياما،على محك التاريخ الآني،الدار التونسية للكتاب 2013،ص؛10.
(41)-صامويل هانتغتون،صدام الحضارات إعادة صنع النظام العالمي،ترجمة طلعت الشايب،تقديم صلاح قنصوة،الطبعة الثانية،1999،ص؛95.
(42)-نفس المرجع،ص؛169.
(43)-محمد هاشمي،نظرية العدالة عند جون راولز،نحو تعاقد اجتماعي مغاير،مرجع سابق،ص؛255
(44)-جون رولز،قانون الشعوب وعود إلي فكرة العقل العام،ترجمة محمد خليل،المشروع القومي للترجمة،الطبعة الأولى،2007،ص؛31.
(45)-دافيد جونستون،مختصر تاريخ العدالة،ترجمة مصطفي ناصر،عالم المعرفة؛الطبعةالأولى،2012،ص؛260.
(46)-ألسدير ماكنتاير،بعد الفضيلة بحث في النظرية الأخلاقية،ترجمة،حيدر حاج اسماعيل،المنظمة العربية للترجمة،الطبعة الأولى، 2013،ص؛489-490.
(47)-محمد عثمان محمود،العدالة الاجتماعية الدستورية في الفكر الليبرالي السياسي المعاصر،بحث في نموذج رولز،المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات،الطبعة الأولى،2014ص؛293
(48)-نفس المرجع،ص؛295
(49)-حسام الدين على مجيد،إشكالية التعددية الثقافية في الفكر السياسي المعاصر جدلية الاندماج والتنوع،مركز دراسات الوحدة العربية،الطبعة الأولى،2010،ص؛235.
(50)-ويل كيميلكا،اوديسيا التعددية الثقافية،سير السياسات الدولية الجديدة في التنوع،الجزء الأول ترجمة إمام عبد الفتاح امام،سلسلة عالم المعرفة،الطبعة الأولي،2011،ص؛81.
(51)-محمد الشيخ،النقاشات الفلسفية المعاصرة،حول الاجتماع السياسي والخير العام،مجلة محور،
(52)-حوار مجلة هارفرد الطلابية مع جون راولز،(H,R,P) سنة 1991،ترجمه الأستاذ محمد هاشمي وألحقه بكتابه نظرية العدالة عند جون راولز،ص،279.
(53)مايكل ساندل،النظرية الليبرالية وحدود العدالة،مرجع سابق،ص؛329.
(54)-مايكل ساندل،العدالة ما الجدير أن يُعمل به،ترجمة،مروان الرشيد،جداول للنشر والترجمة والتوزيع،الطبعة الأولى، 2015،ص؛177.
(55)-Robert nozick,anarchy,state,and utopia.blackwell,publishers, p-----31.
(56)-راجع مايكل ساندل،مبدأ الاستحقاق ضد مبدأ الفرق،النظرية الليبرالية وحدود العدالة،مرجع سابق،ص؛ 138 ومابعدها.
(57)-روبرت نوزيك وفلسفته السياسية،موسوعة ستانفورد،ترجمة،على الحارس،مجلة حكمة،
(58)-روبرت نوزيك،نظرية العدالة في الحقوق،من كتاب مفاهيم الليبرتارية وروادها،الجزء الثالث، تحرير،ديفيد بوز،ترجمة،صلاح عبد الحق،الطبعة الأولى،2008،ص،138.
(59)-مايكل ساندل،النظرية الليبرالية وحدود العدالة،مرجع سابق،ص؛130.
(60)أمارتيا سِن،فكرة العدالة،ترجمة مازن جندلي،الدار العربية للعلوم(ناشرون) الطبعة الأولى،2010،ص؛40.
(61)-أمارتيا سِن،التنمية حرية،مرجع سابق،ص؛101.
(62)-أمارتيا سِن،السلام والمجتمع الديمقراطي،ترجمة،روز شمولي مصلح،المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات،الطبعة الأولى،2016،ص؛92.
(63)-أمارتيا سِن،فكرة العدالة،مرجع سابق،ص؛99.
(64)-الكسندر كواريه،مدخل لقراءة افلاطون،ترجمة عبد المجيد أبو النجا،الدار المصرية للكتاب،ص؛98.
(65)-جون رولز،قانون الشعوب،مرجع سابق،ص؛48



#لمرابط_أحمد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جون رولز والإصلاح الليبرالي تحدي اليوتوبيا الواقعية


المزيد.....




- أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل ...
- الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر ...
- الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب ...
- اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
- الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
- بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701 ...
- فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن ...
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - لمرابط أحمد سالم - جون رولز والإصلاح الليبرالي تحدي اليوتوبيا الواقعية