|
جائزة نسوية
علاء الأحدب
الحوار المتمدن-العدد: 1589 - 2006 / 6 / 22 - 09:16
المحور:
كتابات ساخرة
"هذه القصة ، هي الصورة طبق الأصل لحكاية ما .. حصلت في زمن ما .. مع رجل ما ! "
بعد أن أنجز عمله القصصي ، تناول ورقة بيضاء ، وخطّ بقلمه : (سيدي محرر صفحة أدب الشباب المحترمون : يسعدني ...) .... ومضى يصوغ رسالته ، رغم النعاس الذي يطارده ، استأذن محرر الصفحة الستيني بأن تكون قصته فاتحة لحلم يراوده وأشار لما ينشده من أمر الكتابة كونها الضالة التي تنسيه فقره وحرمانه تابع الكتابة ..... لكن صفحة الجريدة مثقلة بالردود المجاملة ، وأنها في كثير من الأحيان تخرج عن هدفها؛ تنبّه لذلك ، دون رأيه بعفوية وتابع مقترحاً أن تتحول نافذة المحرر إلى زاوية نقدية ، تتناول إبداعات الشباب و... و ... ثم أنهى أسطره الأخيرة ، شاكراً ممتناً أدلى بتوقيعه : ( تلميذكم ح ) وغطّ في نوم عميق . وفي الصباح ، نهض (ح ) مغتبطاً ، حمل قصته البكر، ومعها الرسالة إلى الجريدة . ومضى بعد ذلك إلى مدرسته ، ومن ثم ألى صنعته انقضى أسبوع ... أسبوعان ، شهر ... شهران ، و ( ح ) ينتظر ولادة قصته ، أو وأدها . وفي الوقت ذاته كان يتابع إبداعات الشباب مع بعض التحفظ...أذهلته المفاجئة ، الأسماء ذاتها تتكرر مع أن زاوية الردود تنوه في كل مرة على ترحيبها بالأصدقاء الجدد وكل ما هو جديد ظنّ أن قصته لم تصل الى يد المحرر ...لكن كيف ذلك ؟ و ( المدموزيل )أكدت له أن المحرر قد تسلمها باليد ! ..بل شكر جهودها وتعاونها ! ...راوده الشك بأن المحرر لم يقرأها ... لكن كيف يحدث هذا وللصفحة سمعتها الطيبة ولمحررها الشأن المعتبر ؟؟ لم ييأس ، عاد وأرسل الصورة الأصل ، بعد أن أردف هامشها بعبارة ( مكرر ) . وفي صباح نهاية الأسبوع الثالث ، طالع في صفحة الردود : " الصديق ( ح ) إن مقترحاتك لا تخدم أهداف الصفحة ورسالتها لذا فهي مرفوضة أما قصتك فهي غير صالحة للنشر ولا تحمل الجديد كما هو الحال في إبداعات الشباب ... عدا أسلوب نسجها الضعيف وصورها الباهتة " تبسّم ( ح ) .... رمى بالجريدة جانباً ، وتابع عمله حتى آخر الليل ، مثقلاً بأفكاره الرافضة دوماً الوقوع في شرك اليأس ؛ منشغلاً بفن القصة الذي يرده عن شعوره المحبط ، بعبثية وجوده . هو، الذي يعرف ما ينبغي فعله ، لم يتردد عن مثابرة القراءة والكتابة ومتابعة الأنشطة الثقافية ، الى أن قاده الحظ ليتعثر بالمحرر ذاته ؛ محاضراً في إحدى الأمسيات... بعد انتهاء الأمسية توجه ( ح ) نحو محرر( الشباب )وبادره التحية مبتسماً : أستاذنا ، اسمي (ح ) ألا تذكر قصتي (.... ) استغرب المحرر : لا أذكرها تماماً ... متى أرسلتها ؟ قبل أربعة أشهر ... لم تنشر ، فعاودت إرســـالها ثانيــة بعد أن أردفت ... قاطعه : آه تذكرت وتذكرت أيضاً أني أجبتك بأنها غير صالحة للنشر ، وذكرت لك الأسباب أريد السبب الموضوعي ورؤيتك النقدية الواقعية لـ ... صرخ الأستاذ المحرر غاضباً : أتكذبني أيها الصبي ؟ ! .... حسناً قصتك ممتازة ورائعة ولن أنشرها .... انفلق !! عذراً ولكن ... أسكت أيها الصبي الوقح .... لن أنشرها ... ؟ ! ....؟ ! ....؟ ! لن أنشرها و ( بلّط ) البحر ... والجبل !! تجمّع الحاضرون حولهما . لحظتئذ ، احمّر وجه ( ح ) خجلاً ... أدرك الموقف ، سمع وهو يدير ظهره مغادراً بقائلة تقول : ماذا يا أستاذ ؟ لاشيء ، لاشيء ... مجرد متحذلق طفيلي!
* * * * * * في المساء ، نهضت ( حة ) مغتبطة حملت قصتها البكر إلى عنوان المسابقة ولم تنس أن تذيل القصة بالعبارة التالية : "الحسن وحده لا يكفي ، ساحتاج إلى رأيكم في عملي القصصي علّني أرتقي الكمال " في تلك الفترة تملصت ( حة ) من كل محاولات الإتصال التي أجريت معها ، باستثناء إشاراتها إلى حفل توزيع الجوائز وما سيعقبه ، واستعدّت لاستلام الجائزة ( الموعودة ) الأولى عن فئة القصة ! في حفل توزيع الجوائز، جلس الجميع بانتظار إعلان اللجنة للأعمال الفائزة ... وزعت جوائز الشعر .. حان وقت القصة ، تأهب المحرر ، عضو لجنة التحكيم لملاقاة أديبته الشابة ، الحسناء ، والتي ينقصها للكمال شيء أكثر من جائزة ! تأمل الحاضرات جميعهنّ... تسائل في قرارته : ( ترى أيهنّ تكون حسنائي ؟ ) قام نحو المنبر ، تلا مقتطفات من القصة المختارة ، وعرج على مدح جودة سبكها !! وذكر بالأمثلة أجمل صورها واستعاراتها !!!.... ثم قال : إننا اليوم ، نقف أمام موهبة أدبية فذّة ، تبشّر بمستقبل باهر ، سيكون لأدبها الرفيع دوره الرائد إن صاحبة القصة الفائزة : المتسابقة .... ( حة ) ... المتسابقة ( حة ) ! لم تخرج الآنسة (حة ) لإستلام جائزتها !... ارتبك محررنا ، تسائل المدعوون : الآنسة ( حة ) ؟ ظهر من الخلف ( ح ) وقد بدا صلباً ، عازماً . مشى نحو المنبر ، اعتلاه بوقار واضح ، متجاهلاً حضور الأستاذ الذي بدأيتبدل لون وجهه ... قالـ / ــت ( حــ / ــة ) : ببساطة الأمر لم يحتج للكثير من الجهد ، ما كان عليّ سوى تأنيث إسمي ليغدو ( حة ) ثم هم مغادراً القاعة ، تاركاً قيمة الجائزة للفائزة الثانية !!! ... بعد أن أنجز عمله القصصي تناول ورقة بيضاء وخط بقلمه : ( سيدي محرر صفحة أدب الشباب المحترمون يسعدني أن تتركوا لنا فسحة أمل ) .
#علاء_الأحدب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|