أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رواء محمود حسين - خاطرة في الهجرة















المزيد.....

خاطرة في الهجرة


رواء محمود حسين

الحوار المتمدن-العدد: 6569 - 2020 / 5 / 20 - 10:13
المحور: الادب والفن
    


ومن أجل أن أفهم (أرض الله الواسعة) بشكل أكبر فقد رجعت إلى تفاسير الكتاب الحكيم، وفوجئت أنهم قد ذكروا هذا المفهوم، وتوسعوا بشرحه:
فقد ذكر الطبري: إن أرض الله واسعة، فاهربوا ممن منعكم من العمل بطاعة الله؛ وذلك أن الأرض إذا وصفها بِسعَة، فالغالب من وصفه إياها بذلك أنها لا تضيق جميعها على من ضاق عليه منها موضع، لا أنه وصفها بكثرة الخير والخصب، وأن ذلك هو أظهر المعاني من الآية. (ينظر: الطبري، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر (المتوفى: 310هـ): " جامع البيان في تأويل القرآن"، المحقق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 2000 م، 20/ 56).
وذكر البيضاوي:
أي إذا لم تسهل لكم العبادة في بلدة ولم يسهل لكم إظهار دينكم فهاجروا إلى حيث تقدرون على ذلك. (ينظر: البيضاوي، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي (المتوفى: 685هـ): " أنوار التنزيل وأسرار التأويل"، المحقق: محمد عبد الرحمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الأولى - 1418 هـ).
ولعل مفهوم (أرض الله الواسعة) يلخص هجرتنا كلها!
إذاً هذه هي الهجرة، وهذه فوائدها. وفِي اعتقادي أن في الهجرة فوائد كبيرة:
قالوا: قناعة الناس بالأوطان من النقص والفشل والطلب من علم التجارب والعقل.
وقال أكثم بن صيفيّ: ما يسرّني أنّي مكفيّ أمر الدنيا، وأني أسمنت وألبنت.
قالوا: ولم؟ قال: مخافة عادة العجز.
وقيل: الفقير في الأهل مصروم، والغنيّ في الغربة موصول.
وقالوا: أوحش قومك. ما كان في إيحاشهم أنسك، واهجر وطنك ما نبت عنه نفسك.
وقالوا: إذا عدمت أنكرك قريبك، وإن أثريت عرفك غريبك.
وقالوا: لا توحشك الغربة إذا آنست بالكفاية، ولا تجزع لفراق الأهل مع لقاء اليسار.
وقالوا: الفقر أوحش من الغربة، والغنى آنس من الوطن، وترك الوطن أدنى إلى فرح الإقامة.
وقال آخر: تألّفوا النعم بحسن مجاورتها، والتمسوا المزيد بحسن الشكر، واغتربوا لتكسبوا، ولا تكونوا كالنساء اللاتي قد رضين بالكنّ واقتصرن على القعود، فإن الغربة تخرج الغمر، وتشجع الجبان، وتحرك المضطجع، وتزيد في بصيرة الماهر.
وقال:
الفقر في أوطاننا غربة ... والمال في الغربة أوطان
وقال آخر: لا يألف الوطن إلا ضيق العطن (ينظر: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق الهمداني المعروف بابن الفقيه (ت 365): " البلدان"، المحقق: يوسف الهادي، عالم الكتب، بيروت، الطبعة: الأولى، 1416 هـ - 1996 م، ص 107).
وقالوا: الحنين إلى الأوطان من أخلاق الصبيان وفي طول الاغتراب فوز الاكتساب، وفي فائدة صالح الإخوان مع النزوح عن الأوطان سلو عن مقارنة الجيران، ولولا اغتراب الناس عن محالهم ضاقت بهم البلدان وسئم ألافهم الإخوان، ومن طالب أخاه بمحله قلت هيبته وسئمه أهله وتمنوا الراحة منه.
ولولا اغتراب المغتربين ما عرف ما بين الأندلس إلى الصين، ولا ردم الإسكندر السدود، ودوخ الأقاليم، ومدن المدن، وبخع له ملوكها بالطاعة، ولا قتل دارا بن دارا، ولا أسر الأساورة، ولا جمعت الملوك بين الصفائح اليمانية، والقضب الهندية، والرماح البلوصية، والأسنة الخزرية، والأعمدة الهروية، والأجرزنة الأسروشنية، والخناجر الصغدية، والسروج الصينية، والدروع السابرية والجواشن الفارسية، والقسي الشاشية، والأوتار التركية، والسهام الناوكية، والجعاب السجزية، والدرق المغربية، والأترسة التبتية، والجلود الزنجية، والنمور البربرية، واللجم الخانبدية والركب المروزية، والستور الصينية، والخيل الخزرية، والكراسي القمية، والشهاري البخارية والبغال الأرمنية، والحمير المريسية، والكلاب السلوقية، والبزاة الرومية، والصوالجة النهاوندية، والثياب المنيرة الرازية، والأكسية القزوينية، والثياب السعيدية، والحلل اليمانية، والأردية المصرية، والملاحم الخراسانية، والثياب الطاهرية، والحلل الأندلسية، والدر العماني، والياقوت السرنديبي، والحرير الصيني، والخز السوسي، والديباج التستري، والبزيون الرومي، والكتان المصري، والوشي الكوفي، والعتابي الأصبهاني، ولا علم أن ببلاد المغرب ومصر عجائب لا تكون إلا بها مثل منارة الإسكندرية وعمود عين الشمس، والهرمان وجسر أذنة، وقنطرة سنجة، وكنيسة الرها، وسور أنطاكية، والأبلق الفرد، وبرهوت، وهاروت، والفرس الذي في أقصى المغرب، والأسد الذي بهمذان، والسمكة والثور بنهاوند، وإيوان كسرى بالمدائن، وتخت شبديز في الطاق، وبناء قصر شيرين والدكان، وأساطين قصر اللصوص، وعجائب رومية، والتمساح بالنيل، والرعاد والسقنقور، وغير ذلك مما لا يحصى ولا يعد ً". (ينظر: ابن الفقيه: " البلدان"، ص 108- 109).
………
وذات مرة قلت مع نفسي: كيف فاتني أن أنتبه لما قاله ابن خرداذبة عن الأرض:
" بسم الله الرحمن الرحيم: أطال الله تعالى بقاءك يا ابن السادة الاخيار والائمّة الأبرار منار الدين وخيرة الله من الخلق أجمعين وأدام الله لك السعادة وكثّر لك الزيادة من جميع الخيرات، ووفّقك لسبيل الصالحات، وجعلك ممن ارتضى أفعاله وزيّن أحواله فهمت الذي سألت أفهمك الله جميع الخيرات وأسعدك إلى الممات، وأفلح في الدارين سهمك ووفّر فيهما قسمك من رسم إيضاح مسالك الارض وممالكها وصفتها وبعدها وقربها وعامرها وغامرها، والمسير بين ذلك منها من مفاوزها وأقاصيها ورسوم طرقها وطسوقها على ما رسمه المتقدّمون منها، فوجدت بطليموس قد أبان الحدود وأوضح الحجّة في صفتها بلغة أعجميّة فنقلتها عن لغته باللغة الصحيحة لتقف عليها، وقد رسمت رسم لك فوز الحقّ في جميع مأمولك ومطالبك ما رجوت أن يكون محيطاً بمطلوبك وآتياً على ارادتك، كالمشاهد لما نأى والخبر بما قرب وصنعته كتاباً افتتحته بالحمد لله ذي العزّة المنيعة والنعمة السابغة الذي انشأ الخلق على ما أراد وبيّن سبيل الحقّ للعباد لم تشركه في خلقه الآراء المتوهّمة ولا ظنون الرّويات، تعالى الله عما يشركون وصلّى الله على محمّد نبيّه وعلى الأخيار من عترته وسلّم كثيراً" (ينظر: ابن خرداذبة، أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله (المتوفى: نحو 280هـ): " المسالك والممالك"، دار صادر أفست ليدن، بيروت، عام النشر: 1889 م، ص3).
أنا أسف، أيها الجغرافي الكبير، الإصطخري، كل العالم قد قرأ مقدمة كتابك: " المسالك والممالك " إلا أنا!
أنا أعتذر منك، لأني لم أقرأ من قبل مقدمة كتابك التي تقول فيها:
" الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد النبيّ وعلى آل محمّد وسلّم، ونسال الله التوفيق وخاتمة السعادة، الحمد لله مبدئ النعم ووليّ الحمد وصلّى الله على محمّد وعلى آل محمّد، امّا بعد: فإني ذكرت في كتابى هذا أقاليم الارض على الممالك وقصدت منها بلاد الإسلام بتفصيل مدنها وتقسيم ما يعود بالأعمال المجموعة إليها ولم أقصد الأقاليم السبعة الّتى عليها قسمة الارض بل جعلت كلّ قطعة أفردتها مفردة مصوّرة يحكى موضع ذلك الإقليم، ثمّ ذكرت ما يحيط به من الأماكن وما في أضعافه من المدن والبقاع المشهورة والبحار والأنهار وما يحتاج الى معرفته من جوامع ما يشتمل عليه ذلك الاقليم من غير أن استقصيت ذلك كراهة الإطالة الّتى تؤدّى إلى ملال من قرأه ولانّ الغرض في كتابى هذا تصوير هذه الأقاليم الّتى لم يذكرها أحد علمته وأما ذكر مدنها وجبالها وأنهارها وبحارها والمسافات وسائر ما أنا ذاكره فقد يوجد في الأخبار ولا يتعذر على من أراد تقصّى شيء من ذلك من أهل كلّ بلد فلذلك تجوّزنا في ذكر المسافات والمدن وسائر ما نذكره، فاتّخذت لجميع الأرض الّتى يشتمل عليها البحر المحيط الّذى لا يسلك صورة إذا نظر اليها ناظر علم مكان كلّ اقليم ممّا ذكرناه، واتّصال بعضه ببعض، ومقدار كلّ إقليم من الأرض حتّى اذا رأى كلّ إقليم من ذلك مفصّلاً علم موقعه من هذه الصورة ولم تتّسع هذه الصورة الّتى جمعت سائر الأقاليم لما يستحقّه كلّ إقليم في صورته من مقدار الطول والعرض والاستدارة والتربيع والتثليث وسائر ما يكون عليه أشكال تلك الصورة فاكتفيت ببيان موقع كلّ اقليم ليعرف مكانه ثمّ أفردت لكلّ اقليم من بلاد الاسلام صورة على حدة بيّنت فيها شكل ذلك الإقليم وما يقع فيه من المدن وسائر ما يحتاج إلى علمه ممّا آتى على ذكره فى موضعه ان شاء الله تعالى" (الإصطخري: "المسالك والممالك"، مطبعة بريل، ليدن، هولندا، 1927م، ص 2 – 3).
لكن الذي يسليني أن ابن حوقل من قبلي قد مر بظروف صعبة في دار السلام، فاضطر للهجرة منها، وقد قال في كتابه: " صورة الأرض":
" فدعانى ذلك الى تأليف هذا الكتاب واستنطاقي فيه وجوهاً من القول والخطاب وأعانني عليه تواصل السفر وانزعاجي عن وطني مع ما سبق به القدر لاستيفاء الرزق والأثر والشهوة لبلوغ الوطر بجور السلطان وكلب الزمان وتواصل الشدائد على أهل المشرق والعدوان واستئناس سلاطينه بالجور بعد العدل والطغيان وكثرة الجوائح والنوائب وتعاقب الكلف والمصائب واختلال النعم وقحط الديم،] [فبدأت سفري هذا من مدينة السلام يوم الخميس لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى وثلثين وثلاثمائة" (ابن حوقل، محمد البغدادي الموصلي، أبو القاسم (المتوفى: بعد 367هـ): " صورة الأرض"، دار صادر، أفست ليدن، بيروت، عام النشر: 1938 م، ص 3).
فالهجرة هي الدواء لمن يعاني من الأدواء!



#رواء_محمود_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حنة آرندت ونقد التوتاليتارية
- خاطرة في التاريخ (2)
- خاطرة في التاريخ (1)
- خاطرة في الفلسفة (4)
- خاطرة في الفلسفة (3)
- خاطرة في الفلسفة (2)
- خاطرة في الفلسفة (1)
- خاطرة في الحب
- خاطرة في الصداقة
- سبعة أيام في باشاك شهير ( قصة قصيرة )
- جاء الإسطواني ( قصة قصيرة)
- محسن مهدي في مأزق
- أمبرتو إيكو ملاحظات حول كتابة الرواية
- باولو كويلو ( الخيميائي) الذي نجح أخيراً
- طه عبد الرحمن في كتابه: - دين الحياء -
- الحداثة والإيديولوجيا
- جلبرت سينويه وروايته (ابن سينا أو الطريق إلى أصفهان)
- قراءة في كتاب مارتن هيدجر - الفلسفة، الهوية والذات -
- سؤال المنهج: الحلقة الأولى
- ماكس فيبر وإقتصاديات الحداثة


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رواء محمود حسين - خاطرة في الهجرة