أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مراد حاجي - الفيراج البرلماني التونسي وتكوير السياسة














المزيد.....


الفيراج البرلماني التونسي وتكوير السياسة


مراد حاجي

الحوار المتمدن-العدد: 6565 - 2020 / 5 / 16 - 17:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تكن ممارسة السياسة في زمن الاستبداد في تونس امرا شائعا ولا اظهار الاعتراض ممكنا من عامة الناس, وباستثناء النخب السياسية والفكرية التي انقسمت بين ممارسة السياسة داخل التجمع أو ضده او مكتفية باالصمت المنجي. لم يكن امام بقية الشعب وخاصة الشباب منه الا واجهتان إبراز الرفض والتعبير عن الاختناق والرغبة في التحرر في الفيراج في ملاعب الكرة حيث يحتمي الفرد بالحشود لتنطلق الحناجر بالرفض او الانخراط في التجمع لغايات انتهازية وبنفس عقلية الفيراج أي الصياح تهليلا للحزب وقادته وحكمتهم. ولعل من المفارقات ان نفس ذاك الشباب الذي قد يكون ممن يصيحون في الفيراج ضد السلطة وهو داخل الحشود اضعف من ان يواجه وهو منفرد وهو ما يجعل الشعب تستثمرهم في الاستقبالات وفي الاجتماعات العامة التي ينظمها الحزب مستفيدة من مهاراتهم في التعبير بصوت مرتفع وضمن الحشد
كان الشباب خاصة بعيدا عن عوالم الدراسة ولم تكن هناك حركة تلمذية ولا طلابية قوية خاصة وان النظام اضعف النقابات الطلابية وحاول الهيمنة عليها. وقد حاول تخريبها دوما عبر الحفلات والتظاهرات ومقابلات كرة القدم الاستعراضية والتي كان يوظف لها شبابا تربى على ثقافة الملاعب هو الاخر.
إن هذه الظاهرة جعلت التونسيين يختلط لديهم عالم الفيراج بعالم السياسة ولم يكن هناك فضاء للتعبير اكثر انفتاحا من حشود الفيراج. وقد وجد نوع من الكر والفر بين السلطة ومجموعات الفيراج من خلال تصادمهم مع الشرطة بسبب بعض الشعارات او الدخلات. ولقد حاول النظام استثمار الفيراج احيانا في حالات حضور الرئيس في بعض التظاهرات الرياضية عبر استقطاب بعض المنتمين من اجل تقديم لافتات ترحيبية والتوقي من ظهور اي لا فتات او صيحات قد تقلق راحة الزائر العظيم.
اذن تربي الشباب على السياسة في الملاعب معارضة ومساندة. ولعل هذا ما يفسر مظاهر تكوير السياسة في البرلمان التونسي وتحويله الى فيراج يعلو فيه الصياح والخطاب العنيف. فصوت النهضة الملعلع في البرلمان وان اعلن انتماءه الى مسمى ائتلاف الكرامة سيف مخلوف مازال يتصرف بمنطق الفيراج الذي اعلن اكثر من مرة انه ابنه.
فتأسيس ائتلاف الكرامة فرعا من فروع النضهة مع البقاء في نفس الفيراج يشبه الى حد كبير ما تفعله جماهير كرة عندما تتاسس مجموعة جديدة قد تكون منشقة عن مجموعة سابقة وكلاهما تساندان نفس الجمعية ونفس الاهداف ويتباريان في طرائق التشجيع والرد على الخصوم. وقد يختلفان احيانا لكن العقلاء في الجمهور يصلحون بينهما على اساس منطق ان الاهم هو مصلحة الجمعية وتشجيعها هي الغاية الاسمى
واذا كانت المجموعات في الفيراج تتبارى في عنف الخطاب والرد على الخصوم وتتتفنن في بذاءة القول وتؤسس خطابها على مقولات "القرحة" وخطاب المحق والسحق للخصوم الى جانب استعمال السخرية والسباب ادوات لمواجهة الخصوم فقد نقل مخلوف وائتلافه ادوات الفيراج الى البرلمان. وإذا كان الاعتداد بالنفس ومهاجمة كل سلطة ومواجهتها بعقلية المراهقين الذين يرغبون في نيل الاعتراف وجلب الاهتمام فإن مخلوف لم يتاخر عن نقل ذلك إلى قبة البرلمان. وإذا كانت جماهير الفيراج توظف داخل الفريق الواحد اما لمهاجة لا عب او مسؤول بتحريض ما أو انها تضع نفسها تحت خدمة شق معين فإن ذاك جلي في علاقة النهضة ومخلوف فهو مجموعتها التي تستنفرها ضد كل من لا يروق لها خطابه بداية من رئيس الدولة الى اصغر الخصوم
على الضفة الاخرى، سبق وان اشرنا الى ان السلطة استغلت عقلية الفيراج هذه في اجتماعاتها وتظاهراتها وانتجت هتّيفة يحسنون الصياح ويتميزون بالقدرة على تبرير كل شيء سلاحهم في ذلك الصياح والصوت المرتفع. وهو ما يظهر في سلوك عبير وريثة التجمع التي حولت البرلمان الى ساحة للصراخ بعقلية الفيراج التي تقوم على منطق كلما كان صوتك اعلى اسكت الخصوم.
في كل هذا يجد الناس انفسهم مشدوهين امام مشهد الفيراج البرلماني الذي يتعالي فيه السباب والشتائم. غير ان صفحات التواصل الاجتماعي من جهة اخرى تزيد الطينة بلة فهي تتعامل مع هذه الظواهر بمنطق جمعيات الكرة وكل يهتف بفيراجه ومجموعاته كلما اسفت في القول واساءت الى الخصوم معتبرا ذاك يشفي غليله.
في هذا الخضم يضيع كل صوت يقول لا لكل هذا وان هؤلاء يسوقوننا نحو الفوضى وان ما يفعلونه والصفحات التي تساندهم ستؤدي في اي انتخابات قادمة الى برلمان على طريقة "شكون سرق باش الاخر" وهي ظاهرة فيراجية تمثل افتكاك مجموعة لمعلقة مجموعة اخرى تقوم بعدها معارك حامية الوطيس على شاكلة جرائم الشرف.



#مراد_حاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغنوشي، عبير والمرقش الأكبر
- المغتصبة قربان على مذبح العنف المعمم


المزيد.....




- بأكثر من 53 مليون دولار.. مرسيدس تعرض سيارة سباق نادرة للبيع ...
- -مخطط لتهجير المواطنين-.. السلطة الفلسطينية تتهم إسرائيل بتو ...
- دور الصحافة بمكافحة -التضليل الإعلامي- في سوريا.. مسؤول في م ...
- مرتديا -ملابس الإحرام-.. أحمد الشرع يصل إلى جدة لأداء العمرة ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير مستودعات أسلحة لـ-حزب الله- في ج ...
- هل يشهد لبنان أزمة مياه هذا العام؟
- نتنياهو في واشنطن لعقد -اجتماع بالغ الأهمية- يبحث المرحلة ال ...
- انفجار يستهدف مجمعا سكنيا فاخرا في موسكو ويوقع قتيلا وأربعة ...
- هجوم من ماسك وترامب على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: - ...
- أكثر من 200 هزة أرضية تضرب -إنستغرام-.. اليونان تغلق المدارس ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مراد حاجي - الفيراج البرلماني التونسي وتكوير السياسة