أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - العفيف الأخضر - الديمقراطية تقتضي الفصل بين المواطن والمؤمن















المزيد.....

الديمقراطية تقتضي الفصل بين المواطن والمؤمن


العفيف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 461 - 2003 / 4 / 18 - 23:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأربعاء 16 أبريل 2003 16:28 

 
(نص المحاضرة التي القاها زملينا العفيف الأخضر في "مؤتمر قطر حول الديمقراطية والتجارة الحرة" الذي انعقد ما بين 14 و15 نيسان (اذار) الجاري.)
 
صرح الخميني يوم عودته من منفاه الفرنسي سنة 1979 للجموع التي كانت تكبر له: "ولاؤنا ليس لإيران بل للإسلام". نص قانون حماس الأساسي علي "تحرير فلسطين حتى آخر ذرة تراب وتحويلها إلي وقف علي جميع المسلمين في العالم".
هذان التصريحان: الشيعي والسني يكشفان عن اللا شعور الجمعي السياسي - الديني التقليدي السائد الذي لا يعترف بوطن آخر غير الإسلام ولا بقيم أخرى غير القيم الدينية: الحلال والحرام.
فما هي العواقب السياسية لهذه الهوية التي تعتبر الدين جنسية؟
1- اعتبار الدين وطناً للمسلم مما يؤدي إلي إنكار ضرورة الفصل بين الوطن بما هو انتماء سياسي إلي دولة أمة أي إلي قوانين ومعايير عامة يشترك فيها جميع المواطنين تضمن لهم الأمن والحرية والحقوق المدنية، وبين
"دار الإسلام" بها هي ذكرى إمبراطورية تتطلب من المسلم أن يكون مسلماً قبل أن يكون بل دون أن يكون مواطناً ذا هويات متعددة ومنفصلة لكن غير متناحرة.
2 - عدم الفصل بين المواطن المنتمي إلي وطن يتمتع فيه بحقوق المواطنة بلا استثناء وبالمساواة مع باقي المواطنين دونما اعتبار للإنتماءات الخاصة كالدين، والمؤمن بما هو ينتمي إلي دين ما لا يعطيه حقوقاً مدنية ولا يحرمه منها.
3 - تأبيد الطابع الثيوقراطي والتمييزي للدولة الإسلامية الذي يقصي من حقوق المواطن غير المسلم والمسلمين من طوائف أخرى والمسلمين العلمانيين والنساء. إيران يعرفها دستورها بأنها جمهورية إسلامية، شيعية، جعفرية. وهكذا نقصي من مواطنتها غير المسلمين، المسلمين السنة والشيعة غير الجعفريين. كما تتضمن معظم الدساتير الأخرى _ عندما يوجد دستور أصلاً _ في الدول العربية السنية مادة تنص علي اعتبار الشريعة "مصدراً رئيسياً للتشريع" يقصي أيضاً مواطنيها غير المسلمين وغير السنة والنساء من مزايا القانون الوضعي الذي حول الإنسان من رعية إلي مواطن ومن عضو في طائفة إلي فرد. كما تفرض تمييزاً دينياً مرفوضاً في عصر حقوق الإنسان والمواطن علي مواطنيها غير المسلمين عندما تحرمهم من الترشح لرئاسة الدولة أو تقلد وزارات السيادة كرئاسة الحكومة ووزراء الخارجية، الداحلية، العدل، التعليم والدفاع، وقيادة الجيش. أو عندما تعامل المرأة المسلمة كنصف رجل في الإرث والشهادة وصفر رجل في الحقوق المدنية وحقوق الإنسان بل إنها تحرمها من حقوقها الأولية كأهليتها المدنية لعقد زواجها بنفسها ومشاركة الزوج في رئاسة العائلة وحماية نفسها من الطلاق والحصول علي جواز سفر والسفر بدون إذن زوجها. أما المرأة غير المسلمة فالقوانين المستمدة من الشريعة تعاملها بدونية أكبر: إذا كانت المسلمة لا ترث في البلدان العربية - باستثناء تونس - إلا نصف ثروة أبيها إذا لم يكن لها أخ والنصف الآخر يذهب إلي أقرب ذكر إليه أو للخزينة، فإن غير المسلمة لا ترث زوجها أو أبناءها المسلمين ولا يحق لها حضانتهم في حالتي الطلاق والترمل.
 ضحايا القوانين المستمدة من الشريعة ليس المواطنين غير المسلمين أو المسلمين من طوائف أخرى الذين يعاملون كطابور خامس، وليس النساء وحسب بل أيضاً المسلمين العلمانيين الذين تعاملهم كمرتدين لمجرد ممارسة حقهم في التعبير والتفكير باستقلال نسبي عن المجتمع. مثلاً منع الأزهر آلاف الكتب منها "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، الذي حاول إرهابيون إسلاميون اغتياله بفتوى من عمر عبد الرحمن، وحكمت المحكمة الشرعية المصرية بالردة علي نصر حامد أبو زيد وبذلك أفتت ضمناً لأي مسلم متعصب بقتله، وحكم القضاء الإيراني علي الجامعي هاشم أغاجاري بالإعدام بسبب مطالبته في إحدى محاضراته بإصلاح الإسلام وأدين الفيلسوف والمتصوف السوداني محمد محمود طه بالردة ونفذ فيه حدها: الإعدام.
ضحية أخرى - لا أخيرة - لهذه القوانين المستلهمة لا من قوانين العقل بل من قوانين الغاب هي حقوق الإنسان التي تشكل الأسطورة المؤسسة للمجتمع المدني العالمي الناشئ وللقيم الإنسانية الكونية المعاصرة. القصاص ينافي احترام الحق في الحياة، الحدود الشرعية أو العقوبات البدنية تتنافى مع الحق في السلامة الجسدية، حد الردة، قطع رأس المرتد، يتنافى مع حرية التعبير والتفكير والإبداع الأدبي والفني، التفاوت الجوهراني بين الرجل والمرأة يعارض المساواة بين الجنسين، اللا مسواة بين المسلم وغير المسلم تتنافى مع المسواة بين المواطنين في الحقوق كافة. وباختصار فالمحرمات الشرعية تعارض حق الفرد الحديث في التصرف الحر في رأسه وفرجه وحقه في اختيار قيمه ونمط حياته وملبسه ومأكله ومشربه ومنكحه.
 هذا الإسلام الإقصائي لغير المسلم وللمسلم من طوائف أخري وللمسلم العلماني وللمرأة وللفرد الحديث وللحقوق المدنية ولحقوق الإنسان الضرورية جميعاً للديمقراطية بتعريف الحد الأدنى، حق كل مواطن في أن يتمتع بحقوق متساوية مع جميع مواطنيه وفي أن يكون ناخباً ومنتخباً، يشكل عائقاً بنيوياً للديمقراطية بل حتى لمجرد العيش معاً.
 وحدها تونس شرعت غداة الاستقلال 1956 في إصلاح الإسلام انطلاقاً من تحديث خطبة الجمعة وقوانين الأحوال الشخصية فألغت "مفسدة تعدد الزوجات" كما أسماها الإمام محمد عبده، الطلاق التعسفي، الزواج المبكر الذي يمنع الفتاة من إتمام تعليمها الثانوي، وأعطت للمرأة الحق في الإجهاض والحد من النسل وأهليتها القانونية في عقد زواجها بنفسها والرئاسة المشتركة للأسرة بالتشاور مع الأطفال وارث كامل ثروة أبيها إن لم يكن لها أخاً ذكراً.
 الجدير بالذكر أن عالمين طبقت شهرتهما آفاق العالم الإسلامي هما الشيخان محمد الطاهر بن عاشور مؤلف تفسير "التحرير والتنوير" ونجله محمد الفاضل بن عاشور، أول مفتى لتونس المستقلة، شاركا في تحضير هذه القوانين، الأول باعترافه بتطابقها مع مقاصد الشريعة والثاني بصياغتها. ووحدها تونس شرعت منذ 1990 في إصلاح تعليمها وخاصة تعليمها الديني إصلاحاً عميقاً باستبعاد كل النصوص المعادية للمرأة ولغير المسلم وللعقل وبإدخال دراسة الفلسفة الحديثة إلي السنتين الأخيرتين من التعليم الثانوي وإدخال الفلسفة والعلوم الإنسانية إلي جميع الاختصاصات العلمية في التعليم العالي وإلي التعليم الديني لتدريب الأجيال الصاعدة علي استخدام الفكر النقدي الذي يسائل الأفكار عن شرعيتها العقلانية. أما النخب السياسية العربية الأخرى، الفاقدة للشجاعة السياسية وبعد النظر، فلم تتبن هذه الإصلاحات الضرورية وما زالت تدرس القرآن، لا كنص روحي حصراً، بل ككتاب تاريخ وجغرافيا وبايلوجيا وفزياء فلكية واقتصادية وسياسية واستراتيجيا وجهاد... مما ألحق أفدح الضرر بالقرآن ودارسيه معاً.
 ما العمل لمساعدة العالم العربي والإسلامي علي الخروج من أزمة الحداثة العاصفة التي يجتازها؟ بالتدخل الخارجي الذكي والفعال لدعم النخب الإصلاحية بالضغوط الدبلوماسية، الإعلامية والإنسانية علي النخب التقليدية السياسية والدينية لإصلاح التعليم الديني وقوانين الحالة الشخصية علي الطريقة التونسية ولتبني التقدم التدريجي لكن الحقيقي إلي الديمقراطية انطلاقاً من الاعتراف بحرية الإعلام والبدء بتطبيق حقوق الإنسان بتعريف الحد الأدنى: مساواة المسلم بغير المسلم والمرأة بالرجل فلم يعد وعي الإنسانية الجمعي اليوم يقبل بحرمان المرأة من قيادة السيارة -كما في السعودية - والحال أنها كانت في عهد النبي تقود الجمل وهو أصعب مراساً من السيارة كما قال الأمير طلال بن عبد العزيز!.
 ما هي القوى المؤهلة لممارسة هذه الضغوط؟ المجتمع المدني العالمي الصاعد والديناميكي مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان الأمريكية وغيرها من المنظمات الإنسانية الأخرى ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والإعلام العالمي ودبلوماسية البلدان الديمقراطية.
 أذكر السادة الحساسين لمثل هذا التدخل الخارجي باسم مبدأ السيادة المتقادم بالبديهيات التالية: بأن كل مشكل قومي لا يحل في الوقت المناسب يتحول إلي مشكل دولي لأن الحدود بين الداخل والخارج آخذة في التلاشي فالسوق الدولية المتدامجة والعولمة وثورة الاتصالات عمقت التبعية المتبادلة بين جميع الأمم، وتعجز النخب العربية عن حل مشكلاتها المزمنة من الصحراء الغربية إلي حرب جنوب السودان ومشكلة الجزر بين الإمارات وإيران، ولولا التدخل الخارجي لكان الاحتلال العراقي مازال في الكويت. وأذكرهم أخيراً بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم "تعلق" حد الرجم، الذي ذهب ضحيته في العقد الأول للثورة 1200 امرأة إلا بفضل تدخل الاتحاد الأوربي ولم ينس شيوخ الأزهر اعتراضهم منذ ثلاثين عاماً علي دمج المرأة في سلك القضاء بأنها "عاطفية" إلا عندما أحسوا بضغوط خارجية قوية فلم يعترضوا علي تعيين امرأة في مجلس الدولة و الحال أن 23% من القضاة التونسيين نساء!
 إصلاح العالم العربي والإسلامي دينياً، سياسياً، اقتصادياً، تعليمياً، مهمة فوق وسائله إذا ترك لوحده ومصلحة مشتركة بينه وبين الإنسانية التي يهمها قطع الطريق علي فوضي عالمية دامية باسم " الجهاد إلي قيام الساعة " أو امتلاك أسلحة الدمار الشامل أو غيرهما من التعلات.
 
إيلاف خاص
 

 



#العفيف_الأخضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تقليد العدو هو السبيل إلي الحداثة؟
- لماذا يرفع سيزيف العربي الحجر الثقيل ليقع على قدميه؟
- ماذا قالت لي الصواريخ المتساقطة عل عاصمة الرشيد؟
- لماذا كنت أول من طالب صدام بالاستقالة – الإقالة ؟
- راشد الغنوشي وأفكاره الثابتة
- الثقافة الغربية مطلوبة
- هل ينقلب صدام على نفسه ؟
- أميركا : هل حوّلتها سياستها الخارجية ضحيةً آثمة ؟
- متى سنقيم الحداد على ما فات ومات؟
- وعد الحرب على العراق ووعيدها؟
- المثقفون والعمليات الانتحارية : هذيان جماعي !
- بشائر انقلاب في الفكر الإستراتيجي الفلسطيني
- لماذا نحن جبناء فكرياً وسياسيا؟
- رسالة لـ-حماس-: متى تنقضون حلفكم غير المكتوب مع شارون ؟
- كي لا تكون مقترحات بوش ( المؤجلة ) فرصة أخري ضائعة
- مراهنة علي ضبط تلاقح الثقافات والحضارات
- العمليات الإنتحارية مجازفة بمستقبل الشعب الفلسطيني
- ما العمل بعد الزلزال ؟


المزيد.....




- مشاهد توثق انفجار أجهزة -البيجر- اللاسلكية في عدد من المتاج ...
- مصادر عسكرية رفيعة: تناقض شديد بين الجيش ونتنياهو ونخسر حرب ...
- ألمانيا تتعهد بتقديم 100 مليون يورو إضافية لأوكرانيا في الشت ...
- مصرع 4 أشخاص وإصابة 40 جراء حرائق الغابات في البرتغال
- وزير القوات الجوية الأمريكية: روسيا ستواصل تهديدنا بغض النظر ...
- قيس سعيد: جهات أجنبية تسعى لإفشال حركة التحرر الوطني في تونس ...
- البرلمان الجورجي يتبنّى مشروع قانون حظر الدعاية للمثلية وتغي ...
- مالي: مسلحون يهاجمون مقرا للقوات المسلحة في العاصمة والجيش ي ...
- عاجل: عدد من الإصابات في حدث أمني غير واضح في الضاحية الجنوب ...
- تطوير صمام قلب جديد لتفادي مشاكل عمليات استبدال الصمامات


المزيد.....

- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - العفيف الأخضر - الديمقراطية تقتضي الفصل بين المواطن والمؤمن