|
- لما جت الحزينة تفرح ملقتشي لها مطرح
لطيفة الشعلان
الحوار المتمدن-العدد: 1584 - 2006 / 6 / 17 - 11:41
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
" لما جت الحزينة تفرح ملقتشي لها مطرح"
بينما الفئة التي تحتكر الحديث باسم الدين والمجتمع والمرأة والفضيلة قد سخرت منتدياتها ومنابرها للاستنكار والتصعيد ضد قرار وزارة العمل بتوظيف السعوديات في محلات بيع اللانجري، وبينما الكاتبات اللواتي ينطلقن من فكر جهيمان وقد أغناهن الله من واسع فضله بعملهن في سلك التعليم يصرخن بأعلى أصواتهن بأن المرأة السعودية تنام قريرة العين لاتفكر في مصروفها لأن الإسلام قد ألزم الرجل بالصرف عليها، وبأن بنات الحمايل لاينبغي أن يشتغلن بائعات في المحلات لأن البيع باب شر يراد منه اخراج المرأة من بيتها ومخالطتها للرجال في خطوة لتغريب المجتمع وتحويله إلى (شقة حرية) كبيرة، أقول في هذه الأثناء دارت معركة حاميةلم يلتفت لها أحد في سوق (حجاب) الشعبي بحي النسيم شرق الرياض استخدمت فيها النساء الحجارة والعصي والمواسير ضد مراقبي البلدية للدفاع عن مباسطهن التي يبعن من خلالها اللانجري الرخيص والقمصان القطنية ولعب الأطفال، وانتهت المواجهة حسب صحيفة (الوطن) بتهشيم النساء لزجاج سبع سيارات، وبإصابة عدد من مراقبي البلدية الذين كان اعتراضهم على مخالفة المباسط للشروط النظامية. طبعا من زيارة واحدة للسوق وبحكم طبيعته وموقعه ستعرف أن هؤلاء النسوة بدويات أي بنات حمايل من الدرجة الأولى ! والمؤكد أنهن لا يقرأن زوايا الصحف ولايعرفن أحدا اسمه غازي القصيبي ولا آل زلفة، والمؤكد الآخر أنهن يعتقدن أن الحرية والليبرالية والموساد والماسونية خلطات جديدة لتطويل الشعر وتنحيف الأرداف يعرضها عطار الكويت أو عطار البحرين المقابل لبسطاتهن. أما المنطق فيقول بأن هؤلاء النسوة اللواتي يفترشن الرصيف من الرابعة عصرا وحتى العاشرة مساء سواء كان الجو حارا أو باردا أو مغبرا يفعلن ذلك ليكسبن قوتهن لا ليختلطن بالرجال أو ليمارسن التغريب أو التحرر. فمنذ القدم والنساء يزاولن البيع في مباسط الأسواق الشعبية ولم يمانع أحد لأسباب دينية، فالعين المتشددة مصابة بفوبيا الجديد فلا تقف عند الشيء الذي ألفته. والمرأة النجدية ولم يُعرف هوس الفصل الحاد بين النساء والرجال قبل خمسن عاما خرجت إلى الأسواق للبيع، وللبرية للحصاد والاحتطاب والسقاية، ولم يكن القوم يعرفون ما التحرر أو ما الليبرالية، لكن قد حكمتهم المحددات الاقتصادية. وهي المحددات ذاتها التي جعلت اليوم كثيرا من الأمهات المتحدرات من منطقة الوشم (قلب نجد) لا يعبأن بخطاب المحرم والقوامة وهن يلجأن للانتقال والسكن منفردات مع بناتهن اللواتي يعملن معلمات في قرى وهجر نائية حتى وصل بعضهن إلى أقصى قرى الجنوب. وحين يقال بأن السعوديين متنوعين وليسوا كتلة اجتماعية واحدة، فإن النجديين ذواتهم ليسوا كلا متجانسا حتى يختطف الخطاب (أهل منطقة واحدة) أو فئة يشيعون تزمتهم على أنه رأي الأغلبية في ظل انعدام أي استطلاعات موضوعية. إن المبادئ النظرية عن المرأة المكفولة لها النفقة هي لغة رجال مكتفون ماديا مع حريمهم، أو لغة النساء (الشبعانات فلوس)، أي تبقى كلاما عليه أن يهبط للواقع ويدخل بيوتا دخلها الشهري لايتجاوز الألفين وفيها خمس بنات عاطلات يحملن درجة البكالوريوس، وأخرى المرأة فيها هي العائل الوحيد. إنه مجتمع التناقضات الذي يتحدث متشدديه عن حياء المرأة وألوان التنكيل بها في الآخرة وشكل عباءتها وماذا يجب أن يكون عليه صوتها نغمة ودرجة إذا حادثت الأجانب، ثم تثور الثائرة إذا قيل: لتبيع المرأة للمرأة قطع الثياب الصغيرة المخرّمة بدلا من الفتى اللبناني أو السوري. تناقض مشابه لمنعها من قيادة سيارتها وإلزامها باستقدام فلبيني أو هندي. لا أحسبه سوى من المضحكات المبكيات أننا نعيش معركة توظيف المرأة في عمل فطري يناسب فطرتها ونحن قوم فطرة .. معركة توظيفها في محلات اللانجري التي لفرط خصوصيتها هي حكر على النساء في بقاع الأرض باستثناء البقعة ذات الخصوصية ! أما المناداة بعمل (يناقض طبيعة دورتها الشهرية) كما في مناجم الفحم وبناء الجسور فهي من اللطائف التي يشيعها الخطاب الصحوي عن خصومه. بعد إلتقاء المصالح أو نجاح حلف المتشددين مع التجار ضد اصلاحات غازي حق لأعضاء المنتدى الإماراتي الإرهابي المسلط على أكثر مجتمعات الأرض محافظة، لا على انفتاح دبي أو (فسادها)، حق لهم أن يبتهجوا ويحتفلوا خاصة بعد عملهم الجبار في التحشيد. مع ذلك لابد من القول إن الفساد الذي يُخوف الناس به لن يجيء من خطط غازي في توظيف السعوديات بل إن أتى فمن البطالة والحاجة المادية. لقد عرفت قصصا لفتيات تورطن أخلاقيا وهن بنات حمايل في سبيل الحصول على مال يمكنهن من شراء حذاء صيني أو بلوزة بأربعين ريالا، وأعرف من وقفن بحكم أعمالهن أو اختصاصاتهن على قصص كان الثمن فيها زجاجة عطر أو جهاز جوال، غير أننا قد نحتاج إلى عشر سنوات قادمة حتى نتحدث بشفافية في هذه الحكاية الكبيرة كما احتجنا إلى أزمان حتى تفشى العنف الأسري وقبله الإدمان على المخدرات وأصبح الحديث ممكنا. إن كنا مقبلين على كارثة فمؤكد أن سببها ليس مؤامرات غازي بل الارتفاع المهول في أعداد المتعلمات اللواتي ينتهي بهن الحال في بيوتهن يمضغن الفراغ في بلد تصل فيه نسبة العمالة من غير المواطنين إلى رقم ضخم. لنكن أكثر صراحة ونقول بأن مشكلتنا هي هذه المرأة، التي لا نعرف أين ندسها أو نذهب بها أو نحجر عليها. حفصة الجهني التي كانت تستعد للعمل في بيع اللانجري صرحت لـ (الشرق الأوسط) يوم الاثنين الفائت بعد (قرار تأجيل القرار) قائلة بلغة مشوبة بالحزن: " لما جت الحزينة تفرح ملقتشي لها مطرح "، وفي تصوري أن المطرح لن يوجد إن كنا نتقدم خطوة ونتراجع ثلاثا، وكأن الماضي لم يعلمنا أن مطالب التشدد ليس لها من نهاية أو سقف، وأن الاستجابة لها بعد حادثة الحرم المكي كانت من بين الأسباب التي جعلتنا بعد ذلك بسنوات نحصد المر و العلقم في تفجر الإرهاب. إن الإرداة السياسية لازمة لفرض بعض الإصلاحات حتى مع توقع ممانعة بعض التيارات، فهل بإمكان أحد أن يتخيل الطامة الشاسعة لوكانت الإرادة لم تقف يوما بحزم في وجه الممانعين لتعليم الفتاة، وقس على ذلك عشرات الأمثلة التحديثية التي وضعتنا على بوابة العصر وقد رغمت أنوف، فلم نعدم في الزمان الغابر أباء هؤلاء ممن استنكروا البرقية و(السيكل) وقاوموا إدخال السيارة والراديو.
لطيفة الشعلان
#لطيفة_الشعلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بثينة شعبان والبوطي و .. سعوديات
-
سيرة أصولي مصري
-
المشي في حقل الأشواك
-
ردا على الشاعر الليبي صالح قادربوه: - .. وانهم يقولون مالا ي
...
-
تزمامارت وأبو غريب
-
الرمز بين ابن العلقمي والبرامكة
-
طل الصبح ولك ميليس
-
شجون الجسد
-
عفاف البطاينة: رواية الشرق والغرب
-
تجنيد الأصوليين للنساء: تلك الأحجية
-
قاموس يمشي على قدمين
-
نساء ضد النساء
-
جراح الروح والجسد
-
يا بطلة الراليات السعودية: السكوت من ذهب !
-
الغول والعنقاء و المثقف السعودي
-
لاوقت للتثاؤب
-
جروح ايه اللي انت جاي تقول عليها
-
خلف كل ثائر دمعة سدى
-
عباسيون وعارضات أزياء
-
هيفاء وعالية .. والسجن السياسي
المزيد.....
-
اللبنانيات الجنوبيات في مواجهة -الميركافا- من مسافة الصفر
-
عفو ترامب عنها ذهب هباء.. السجن 10 سنوات مجددا لامرأة شاركت
...
-
مبادرة “لاها” وأهمية الحديث عن الصحة الجنسية والإنجابية للنس
...
-
الصورة الرسمية للسيدة الأمريكية الأولى الـ47: أنا امرأة عملي
...
-
الهلال الفلسطيني يستلم 3 مواطنات مصابات في قصف الاحتلال مبنى
...
-
أول مدربة كرة قدم سورية تحلم بعهد جديد للنساء ولبلادها
-
جرائم نازيي كييف في قرى كورسك: تعذيب واغتصاب وقتل بدم بارد
-
طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة للحصول على 800 دينار شه
...
-
طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة للحصول على 800 دينار شه
...
-
هل أنصف القرآن المرأة وظلمها رجال الدين؟
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|