|
أموال العرب السائبة في دول الغرب وتداعيات كورونا
كاظم ناصر
(Kazem Naser)
الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 11 - 07:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجرائم الكبرى التي ارتكبها الحكام العرب بحق الشعب العربي متشعبة ومتعددة، ولم تتوقف منذ استقلال دولنا حتى الآن وتضمنت إقامتهم لأنظمة الطغيان والفساد والمخابرات التي أذلتنا وعلمتنا الجبن والنفاق واللامبالاة، وتآمرهم على الوحدة العربية والربيع العربي وإفشالهما، وتفريطهم بحقنا في فلسطين والمناطق العربية المحتلة الأخرى، وتجهيلهم المتعمد المنهجي للمواطنين، وكتم أنفاسهم ومصادرة حريتهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم السياسية والتعليمية والصحية والثقافية، وإشعالهم الحروب البينية العربية، وارتمائهم في أحضان الغرب، ونهبهم لثروات الوطن العربي الهائلة، وايداعها في دول غربية، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا وبريطانيا وفرنسا. وبما ان الدول العربية تتصدر قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم بحسب تقرير منظمة الشفافية العالمية لعام 2018، فإنه من غير الممكن معرفة حجم هذه الأموال وأسماء مودعيها، لكن بنك " دويتشه فيله " الألماني ذكر في تقرير له أن إجمالي المبالغ العربية المودعة والمستثمرة في الخارج قد يصل إلى .. تريليونين ..من الدولارات " 2000 " بليون. فمن اين أتت تلك الأموال؟ ومن هم الذين نهبوها وأودعوها في دول الغرب؟ هذه الأموال هي ملك للشعب العربي، ودخلت خزائن دوله من منتجات نفطه وغازه وفسفاته وغيرها من مصادر دخله؛ أي إنها جزء من ثروات الأمة التي حصل عليها الملوك والأمراء والرؤساء وأفراد عوائلهم، وحاشيتهم من رؤساء وزارات ووزراء وقادة جيوش وكبار موظفين بطرق غير مشروعة على مدار عقود مضت، ومن ثم كان لا بد من نقلها خارج البلاد خشية من تغيير الأوضاع، والقسم الآخر من هذه الأموال المودعة في الغرب، جاء من ثروات رجال الأعمال الذين يهربون أموالهم للخارج خوفا من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في دولهم وتعرض ثرواتهم للمصادرة أو الابتزاز. هذه الأموال السائبة استفاد منها الغرب عن طريق تحويلها إلى قروض لشركات ورجال أعمال استخدموها في بناء وتطوير صناعات وجامعات ومدارس ومستشفيات وبنية تحتية ومشاريع إسكان وفنادق ضخمة ومنتجعات سياحية وخلق وظائف جديدة ساهمت في تقوية اقتصادهم وشوكتهم، وزادت عدتهم وعتادهم وتأثيرهم السياسي والاقتصادي والثقافي على المستوى العالمي، وساهمت في تمكين شعوبهم من العيش بأمان اقتصادي ورغد وترف، بينما حرم منها أبناء الشعب العربي الذين يعانون من الفقر والحرمان والجوع؛ لو أن هذه الأموال صرفت لتطوير الوطن العربي علميا وصناعيا وزراعيا وتعليميا وثقافيا وبنية تحتية لكان الوطن العربي الآن من أكثر دول العالم تقدما، والشعب العربي بأسره من أكثر شعوب العالم أمنا اقتصاديا واستقرارا ورفاها وبعدا عن الفقر! ولهذا فإننا عندما نصفها بالأموال السائبة نقول الحقيقة لأن الفوائد التي يجنيها منها المودعون منخفضة جدا ولا تتجاوز 1%، وإن محاولات بعض الدول لاسترجاعها خلال السنوات الماضية أثبت أن ذلك شبه مستحيل، لأن معظم هذه الأموال التي تودع في البنوك السويسرية والأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها من بنوك الغرب غالبا ما تنتهي محجوزة أو مجمدة أو مسيطرا عليها في تلك الدول؛ ولهذا يوجد 600 مليون دولار في البنوك السويسرية فقط لا أحد يعرف من أودعها، ولا يطالب بها أحد لأن معظمها مسجلة بأسماء مستعارة، أو لأن أصحابها ماتوا، أو قتلوا، أو ما زالوا في السلطة. وهنالك دلائل أخرى على ضياع تلك الأموال من ضمنها، على سبيل المثال لا الحصر، أن الرئيس الفليبيني فرديناند ماركوس، الذي تمت إزالته من الحكم في بداية عام 1986 كان قد أودع 60 مليار دولارا أمريكيا في دول الغرب، ولم تستطع الدولة الفلبينية من استعادة سوى 6 ملايين منها، وشكلت الحكومة المصرية لجانا للتباحث مع الحكومة السويسرية لاسترداد الأموال التي أودعها الرئيس المصري السابق حسني مبارك هناك، وبعد 8 سنوات على تجميد السلطات السويسرية لتلك المبالغ وجولات من المباحثات لم تحقق تلك اللجان أي نتيجة، وإن فنزويلا فشلت في استرداد 14 طنا من الذهب تقدر قيمته بنصف مليار دولار كانت الحكومات السابقة قد أودعته في بريطانيا، وتم تجميد 65 مليار دولار حجم أموال صندوق الثروة السيادي الليبي، وتجميد الودائع الإيرانية والعراقية في بنوك الغرب، وبدأت بريطانيا بمصادرة العقارات التي يعجز أصحابها عن إثبات مصدر الأموال التي استثمروها لشرائها، وأفادت الأنباء مؤخرا عن ضياع ما يزيد عن 10 مليارات دولار أمريكي من أصل الأموال الليبية المودعة في بلجيكا. والمؤسف ان الحكام العرب لم يودعوا المبالغ الهائلة التي نهبوها فقط في بنوك تلك الدول وفي استثمارات فاشلة، بل إنهم خزّنوا احتياطات دولهم النقدية في سندات الولايات المتحدة الأمريكية؛ ففي عام 2018 وصلت ودائع احتياطيات السعودية النقدية المخزنة في السندات الأمريكية 169.5 مليار دولار، الامارات 59 مليار، الكويت 43.6 مليار، العراق 29.8 مليار، سلطنة عمان 11.4 مليار، المغرب 3.2 مليار، مصر 2.1 مليار، قطر 1.3 مليار، والبحرين 0.9 مليار، أي ما مجموعه 320.8 مليار دولار مودعة في السندات الأمريكية فقط؛ فكم سيكون عدد المليارات العربية السائبة في بنوك وشركات وعقارات وتجارة دول الغرب؟ لا يعلم ذلك إلا الله! وباء كورونا ألحق ضررا بالغا بالاقتصاد العالمي ستكون له تداعيات سياسية واجتماعية خطيرة قد تستمر لفترة زمنية طويلة؛ ولهذا فإن الدول العربية، وخاصة دول الخليج النفطية ستواجه ظروفا يصعب التنبؤ بمدى خطورتها واستحقاقاتها، والولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى التي أودع الحكام العرب وعوائلهم وحاشيتهم هذه المبلغ الضخمة من الأموال فيها ستواجه أوضاعا اقتصادية في غاية الصعوبة، ولكي تقوم بإعادة تلك الأموال إلى مودعيها، فإنها ستكون مضطرة إلى أن تخفض كثيرا من مستوى حياة شعوبها لعقود عديدة قادمة، وهذا من المستحيل أن يحدث! مما يعني أن هذه الأموال العربية ضاعت إلى الأبد! وإن إيداعات واستثمارات " أولياء الأمر" العرب في الغرب تثبت أن الأغبياء وجدوا ليسعدوا الأذكياء!
#كاظم_ناصر (هاشتاغ)
Kazem_Naser#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- أم هارون - وأخواتها ومحاولات الإساءة للشعب الفلسطيني وقضيت
...
-
السعودية والإمارات وتقسيم اليمن
-
المصالحة الفلسطينية... اتفاقيات لا تنفذ وتصريحات ووعود مضللة
-
انهيار أسعار النفط على الرغم من اتفاقية دول - أوبك +- لخفض ا
...
-
ترامب يوجه سهامه لمنظمة الصحة العالمية
-
ضم الأغوار الفلسطينية لدولة الاحتلال
-
كورونا يعري جشع وعنصرية ترامب وعدم اهتمامه بحياة الآخرين
-
فشل محاولات بعض رجال الدين في الشرق والغرب في أدينة كورونا!
-
تيريز الهلسة أيقونة أردنية مسيحيّة من أيقونات النضال العربي
-
فيروس كورونا أجج الصراع الأمريكي الصيني على زعامة العالم
-
لماذا نجحت الصين وفشلت أمريكا وأروبا في الحرب على كورونا وما
...
-
العالم العربي بعد كورونا!
-
فيروس كورونا كشف تراجع أمريكا علميّا وسياسيا وأخلاقيّا وفضح
...
-
نجاح المقاومة الجماهيرية المنظمة للاستيطان الصهيوني... جبل ا
...
-
أردوغان وقضية اللاجئين والعلاقات التركية الأوروبية
-
حكّام السلام الزائف والتطبيع والاستسلام العرب وفوز نتنياهو ف
...
-
المرشح الرئاسي الأمريكي السناتور بيرني ساندرز واللوبي الصهيو
...
-
دونالد ترامب ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي ... - وافق شنّ
...
-
الرفض الشعبي العربي لثقافة الهزيمة
-
خطاب الرئيس عباس أمام مجلس الأمن لم يأت بجديد ولن يغير شيئا
المزيد.....
-
سوريا.. فيديو حراسة موكب أمير قطر بدمشق ولقطة مع أحمد الشرع
...
-
-سيفعلان ذلك-.. تصريح جديد لترامب عن مصر والأردن وخطة استقبا
...
-
الحوثيون على قائمة الإرهاب: ماذا يعني ذلك لليمن؟
-
بعد الدمار.. نازحون فلسطينيون يعودون إلى شمال غزة وينصبون خ
...
-
تحذير لمكاتب الكونغرس الأمريكي بعدم استخدام تطبيق -ديب سيك-
...
-
اليونان.. قرار بإزالة طوابق فندقية مخالفة قرب معبد الأكروبول
...
-
الصليب الأحمر يدعو إلى عمليات نقل -آمنة وكريمة- للرهائن
-
قنبلة نووية في متناول اليد!
-
السعودية.. فيديو يشعل تفاعلا لشخص وما فعله بمكان عام والأمن
...
-
-بلومبيرغ-: شركات العملات المشفرة تبرعت بملايين الدولارات لح
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|