فتحي البوزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 11 - 03:55
المحور:
الادب والفن
بشفتك السّفلى Piercing
شمسٌ..
تخطف عيون نهر متجمّد.
شهوةٌ..
على سطح الذّاكرة تسيل.
القطرة الأخيرة..
لسعتني مثل نار باردة.
ثمّ..
و أنت تغتسلين من بقايا أصابعي على جسد يودّعني,
تعوي صحراءُ ثلجٍ مثلَ قطيع ذئابٍ بيضاءَ جائعةٍ..
تعضّ أشلاء اللّحظات الهاربة.
السّجناء في معتقل غولاغ لا تعنيهم:
الشّمسُ,
الذّاكرةُ,
الشّهوةُ.
أعرف أنّ
حبّاتِ البَرَدِ
قطراتِ الماء
رقائقَ الجليد..
تضيع في صحراء الثّلج.
الأحلامُ..
تضيع كذلك,
بشفتك. Piercingكما تضيع لمعةُ ال
أسوأ ضياع:
ألّا يعْبُر جائع إلى رغيف..
ألّا يعبر ثائر إلى شمس انتظرها طوال اللّيالي الباردات..
ألّا ترتعش عاشقة مثل زهرة لوز
شَهَق على جسدها الورديّ نسيمُ الرّبيع,
سكب عليها الفجرُ قطراتِ أورغازم.
الضّياع:
نوع من أنواع العمى.
عمًى يصيب
خطواتِ الرّاحلين..
شارةَ النصر على رأس إصبعين مرتجفين..
أُذُنَ وردة ذبُلت قبل أن يعلّق فيها العصفورُ أغنيةً..
شفتيْ شاعر خَاطَهما عنكبوتٌ بِشِبَاكِه..
عيْنَ صَدَفة يفقؤها المدعوّون إلى مأدبة حفل مخمليّ بإبَر خشبيّة.
العمى:
أن يعبر الحلم
كما تعبر عربات الفسفاط بالسّرطان على ضلوع عمّال المناجم.
صدري –أيضا- صار سكّة حديديّة تنوء بَصدَإ قاطرة تجرّ
خيبةَ جائع على باب قصر مسيّج بأسلاكٍ من أعصاب عمّال مطرودين,
حمْلا كاذبا لامرأة عاقر تقيّأت الوهم,
هزيمة الحناجر في اجتماع طلّابيّ.
بعد كلّ هزيمة
نتّهم الخياناتِ بذبح
أناشيد الشيخ إمام,
أغنيات مارسيل خليفة,
رسائل تشي غيفارا,
خطابات توماس سانكارا.
أليس عجيبا أنّنا كنّا نشعل ليلتنا بأغنيات حمراء:
"ريتّا"..
"يا نسيم الرّيح"..
"شيّد قصورك"..
"إذا الشمس غرقت في بحر الغمام"..
أليس عجيبا كذلك أنّك كنت تضغطين براحتيْ يديْك
على صدري..
على ضلوعي التي تشبه سكّة الحديد.
تقشّرين الصّدأ من أثر عربات الفسفاط .
في القطرة الأخيرة..
ترفعين رأسك
إلى نجوم تبتلعين بعضها بعينيك.
تعضّينني
بالشمس في شفتك السفلى
أعضّكِ
بنهرِ هزائم متجمّدة, لم يسل منها غير صدى صوت سانكارا يقول:
"النّساء نصف السّماء"
و أنت اخترت من السماء شمسا علّقتها
في شفتك السّفلى.Piercing
في غياب الشمس
أظلّ وحيدا مثل سكّة الحديد
تجرّ العتمة على ضلوعي
خيبةَ جائع,
حمْلا كاذبا,
هزيمة الحناجر
#فتحي_البوزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟