أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - تسطيح وتجريف المشهد السياسي الفلسطيني















المزيد.....

تسطيح وتجريف المشهد السياسي الفلسطيني


ابراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 6560 - 2020 / 5 / 10 - 10:32
المحور: القضية الفلسطينية
    


يعاني الحقل أو المشهد السياسي الفلسطيني من حالة مريعة من التسطيح السياسي والفكري والثقافي تسير في تواز مع عملية تجريف لحالة التحرر الوطني بقيمها وثقافتها ورجالاتها، بحيث لم تستطع كل أشكال البطولة والتضحية والمعاناة والصمود الشعبي التخفيف من وطأة هذا المشهد الذي لم يؤثر سلبا على مسار قضيتنا الوطنية وصراعنا مع الاحتلال فقط بل أيضا أثر سلباً على نظرة العالم للشعب الفلسطيني واتاح فرصة للبعض من العرب الشامتين والمتخاذلين الذين ينتظرون الفرصة للتحرر من التزامهم القومي والأخلاقي والقانوني وتطبيع علاقاتهم مع إسرائيل.
وفي مفارقة صادمة يتجلى هذا المشهد في الوقت الذي تتكاتف فيه قوى اليمين الصهيوني وتتوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية مدعومة بتأييد شعبي يهودي واسع وتأييد غير مسبوق من الإدارة الأمريكية وبتوظيف خبيث لواقع فصل غزة وتحييدها من خلال الهدنة القائمة مع حركة حماس، لتنفيذ سياسة ضم الغور والمناطق الشمالية للضفة والمستوطنات وذلك بهدف تصفية القضية الفلسطينية ووأد حل الدولتين بالرؤية الوطنية الفلسطينية.
دون التقليل من شأن تضحيات الشعب ومعاناته ومع كامل التقدير لأرواح الشهداء ومعاناة الاسرى في سجون الاحتلال، ومع تقديرنا للقلة الماسكين على الجمر والمشتبكين دوما مع الاحتلال بكل أشكال المقاومة السياسية والدبلوماسية والشعبية والفدائية ،بالرغم من ذلك فإن المشهد السياسي الراهن مريع وملتبس على مستوى حالة الاشتباك مع الاحتلال وهي المحك العملي لإثبات الجدارة الوطنية وليس مجرد خطابات الرفض العدمي، حيث زالت الفواصل والحدود أو التبست وغمَّت ما بين :اليساري واليميني، الثوري والرجعي، المثقف والعامي، الأجندة الوطنية والاجندة الخارجية ،مشروع مقاومة ومشروع استسلام، مشروع إسلامي ومشروع وطني، مقاومة أم ارتزاق ثوري وجهادي، المال السياسي المشبوه والمال الوطني الحلال، السلطة والمعارضة، والتبست المفاضلة بين من هم في السلطة وبيدهم مفاتيح التمويل التي توفر الحد الأدنى من متطلبات الحياة المعيشية وبين من هم خارج السلطة ويعارضون نهجها بالخطابات والتأكيد على التمسك بالثوابت الوطنية الخ .
هذا الحالة من التسطيح والتجريف نلمسها حتى على مستوى المؤسسات والقيادات. فلا توجد مؤسسة رسمية يتوافق عليها الشعب ويلتف حولها كمرجعية وعنوان، فلا إجماع على منظمة التحرير ولا على المجلس التشريعي ولا على الحكومة ولا على مؤسسة الرئاسة، وينسحب الأمر على الزعامات والقيادات حيث الافتقار إلى القدوة بالرغم من وجود المئات بل الآلاف من الأشخاص الذين يحملون لقب القائد: الوطني أو الفتحاوي أو الحمساوي أو الجبهوي أو الجهادي الخ، إلا أن جمهور واتباع كل واحد منهم ممن بُقرون له بصفة القيادة لا يتجاوز المئات من المنتفعين والمستفيدين منه.
تاه عامة الشعب أو غالبيته واختلطت وارتبكت مداركه وأصبح يعيش في حالة ألا يقين من كل شيء حتى تاريخه الوطني والنضالي وثوابته التي تربى عليها ولا تشوب عدالتها شائبة أصبحت محل تساؤل عند البعض. عندما يقف المواطن الذي تم إفقاره وتجويعه متردداً وحائراً أمام مَن يقدم له الراتب أو (الكوبونة) أو منحة المائة دولار ومَن يقدم له الشعارات والخطابات الوطنية والبندقية، فلا يمكن لومه إن اختار الراتب و(الكوبونة) والمائة دولار دون أن يسأل عن مصدرها وأدار الظهر للطرف الثاني، ليس هذا رِدة وطنية أو كفراً بالنضال ولكن تمسكاً بالحياة، والمسؤولية تقع على من أوصلوه لهذه الحالة من التعارض بين الحق والرغبة في المقاومة والنضال، ومتطلبات توفير قوت اليوم والعيش الكريم.
أيضا في ظل حالة التجريف والتسطيح أو من تمظهراتها، حالة الصمت المريب حول القضايا الوطنية الاستراتيجية: تحرير فلسطين، المقاومة بكل أشكالها، منظمة التحرير وضرورة تفعيلها، الوحدة الوطنية والمصالحة، في مقابل ذلك يغرق المجتمع في قضايا هامشية ومُستِجدة تم اصطناعها وتضخيمها عن عمد لإلهائه وإبعاده عن الحلقة المركزية للصراع وعن السبب الرئيس لكل المشاكل والمعاناة التي يعيشها الشعب.
نعم، هناك صمت مريب وغياب مطلق لأي حديث عن استراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال وصفقة ترامب-نتنياهو بالرغم من تشكيل لجان للبحث في الموضوع ووضع استراتيجية للمواجهة أو تطبيق قرارات سابقة للمجلسين الوطني والمركزي، وهناك صمت مريب حول المصالحة الوطنية سواء من الأطراف الفلسطينية أو من طرف رعاة ملف المصالحة وخصوصا مصر وكأن هناك استسلام تام لواقع الانقسام واعتراف بأن إنهاء الانقسام لم يعد شأناً وطنياً داخلياً، حتى الحديث عن منظمة التحرير وأهمية استنهاضها وتفعيلها تم تجاوزه وخصوصا أن عدداً من الفصائل المؤسِسة للمنظمة باتت خارجها، والمنظمة عنوان الشعب وبيته المعنوي وموئل الشرعية التي من خلالها يتعامل العالم مع الشعب الفلسطيني، كما أنها خط الرجعة في حالة إقدام إسرائيل على ضم الضفة وإنهاء الوجود الوطني للسلطة الفلسطينية، هذا ناهيك عن غياب أي حديث عن المقاومة المسلحة و حتى الشعبية ومسيرات العودة سواء في الضفة أو غزة وكأن التنسيق الأمني في الضفة والهدنة في غزة أطلقا رصاصة الرحمة على المقاومة وبالتالي على حركة التحرر الفلسطينية.
هذا المشهد الذي يسيء للقصية الوطنية ويخرجها عن سياقها الحقيقي حالة تتمدد وتتراكم منذ سنوات، ولم تُوقِف مساره النبرة العالية للخطابات الحزبية للمعارضة –وفي الحالة الفلسطينية التبس مفهوم المعارضة بالتباس مفهوم السلطة ومفهوم المقاومة– ولا قرارات المجلسين الوطني والمركزي وهي القرارات التي ما زالت حبراً على ورق، ولا تهديدات سلطة الأمر الواقع في غزة لإسرائيل بالويل والثبور وبالزحف القريب لتحرير المستوطنات وافتعالها حالات اشتباك مسلح مبرمجة وهزلية فيما هي ملتزمة بهدنة صارمة مع الاحتلال... وكل هذه المحاولات البائسة عززت من حالة الانقسام وزادت في تشويه المشهد السياسي والحياة الاجتماعية والثقافية .
هذه القرارات التي لا تنفذ والخطابات عالية النبرة والمتعالية عن الواقع أو منقطعة الصلة به وحالات التصعيد العسكري التي تلحق الموت والدمار في قطاع غزة، ليس فقط أنها تزيد من تشويه المشهد السياسي بل أيضا تثير السخرية عند المراقب الخارجي وعند العقلاء من الشعب، وتعمل على كي وعي الغالبية من البسطاء وتُبقيهم معلقين في حالة انتظار لا أفق لها.
هذا المشهد السلبي لا يعود لنقص في وطنية الشعب أو تقصير منه، كما لا يعود لخلل في عدالة القضية، ولكنه نتيجة تظافر متغيرات إقليمية ودولية آنية في غير صالح القضية الوطنية، أيضا نتيجة خلل في أداء الطبقة السياسية، وبالتالي يجب تغيير هذا المشهد ،ويمكن ذلك إذا ما تحرك الشعب وأبان عن أصالته التي عهدناها فيه طوال تاريخه وخصوصا في المنعطفات المصيرية.



#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المطلوب مراجعة استراتيجية شاملة وليس مجرد ردود افعال
- ضم إسرائيل للأراضي وفزاعة تنفيذ قرارات المجلسين
- الفلسطينيون ما بين خطر الكورونا ومخاطر الاحتلال
- الكورونا واحتمالات حرب عالمية ثالثة
- الكورونا يضع النظام الدولي على المحك
- الحكومة الفلسطينية وتحديات الكورونا
- حكومة الوحدة والقائمة العربية وذكرى يوم الأرض
- من عالم ما بعد الحداثة إلى عالم ما بعد الكورونا
- مقاربة سسيوثقافية لوباء الكورونا
- ماذا بعد هوجة التنديد بصفقة ترامب - نتنياهو ؟
- قراءة في الانتخابات الإسرائيلية وتداعياتها
- الفلسطينيون والإسرائيليون ،صراع مفتوح وتواصل محتوم
- هل انتهى فعلاً المشروع القومي العربي الوحدوي ؟
- التمسك بقرارات الشرعية الدولية لا يكفي لوحده لمواجهة صفقة تر ...
- قرارات الإدانة والشرعية الدولية لا يكفيان لمواجهة السياسة ال ...
- ردود الفعل على صفقة ترامب اخطر من الصفقة ذاتها
- تركيا وإيران ،أعداء أم أصدقاء ل (العرب)
- الثورة الفلسطينية كانت وما تزال على صواب
- دولة خارج سياق الزمان والمكان
- حتى لا يكون الرئيس أبو مازن كبش فداء المرحلة


المزيد.....




- معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
- ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
- المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد ...
- -كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر ...
- نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
- التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - تسطيح وتجريف المشهد السياسي الفلسطيني