|
عودة الحاج رامي مخلوف
سعيد لحدو
كاتب وباحث، شاعر
الحوار المتمدن-العدد: 6554 - 2020 / 5 / 4 - 02:45
المحور:
كتابات ساخرة
رأس الحكمة مخافة الله. والله هذا هو الملجأ الأخير لمن تعوزه الحيلة بالخلاص من الورطة التي وجد نفسه فيها. هذه هي حال الحاج رامي مخلوف في إطلالتيه الحزينتين مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي ليذكِّر السوريين بالهمِّ الذي رضيوا به وهو لم يرضَ بهم. حيث لم يبقَ ولو محل حلاقة صغير ناجح في أبعد زاوية في سوريا إلا ووضع يده عليه وقاسم أصحابه بالأرباح، وبالطبع دون المصاريف، كما هي العادة دائماً. وهنا لا نتحدث عن الصفقات الكبرى بمئات الملايين من الدولارات، التي بدأ بها النهب من خزينة الدولة ومؤسساتها المختلفة تحت عناوين وشعارات ومسميات متنوعة، منذ عهد "الأب القائد" والتي تطورت على عهد الابن الوريث لتصبح بالمليارات، وإنما نتحدث عن مصادر ارتزاق المواطن العادي وتأمين احتياجاته وعائلته بكرامة وشرف. إذا أردنا أن نسأل أي سوري عاش وعانى من هذا الحوت المتوحش الذي أتى على الأخضر واليابس، لن يتردد عن رواية عشرات القصص التي عاشها أو عانى من تبعاتها هو أو قريب أوصديق. هذا على مستوى المواطن العادي. فكيف الحال مع خزينة الدولة التي اعتبرها هو وراعيه الأعلى صهره أو ابن عمته أو الآخرين من أفراد العائلة، هذه الخزينة التي اعتبروها دائماً مالهم الخاص يتصرفون به كما يشاؤون؟؟؟ ولعل قصة واردات المبيعات من النفط التي كانت تذهب مباشرة إلى القصر الجمهوري دون أن تدخل خزينة الدولة، المثال الأوضح لما كان ولا يزال يجري في سوريا. بالعودة إلى الحاج رامي الذي كانت تنقصه عدة الشغل من عمامة ولحية ومسبحة وهو يذكر أسماء الله الحسنى في فيديوهاته المصورة، نراه هنا عاد إلى أساليب "السلف الصالح"، بعدما كان يترامى أشهر المشاهير من جورج وسوف وأمثاله على الأرض ليقبلوا قدميه بمجرد ظهوره في مكان ما. هذا الذي لم يكن يحسب حساباً لأي من السبعة عشر فرعاً أمنياً بكل جبروتهم ووحشيتهم. والآن يمكننا أن نضيف إليهم القطعان الداشرة من الشبيحة ومن لف لفهم بتسمياتهم المختلفة. حيث قال بعظمة لسانه إنه كان يدعمهم ويصرف عليهم، محملاً ابن عمته "سيادة الرئيس" (الجميلة) كونهم كما قال: هدول مِنَّا!!! عاد الحاج رامي مخلوف ليظهر نفسه زاهداً في هذه الدنيا ولا يفعل إلا ما يرضي الله وعباده المؤمنين، مسخِّراً نفسه لأعمال البر والإحسان، وهو لا يملك من متاع هذه الدنيا إلا بعض ما منَّ الله عليه من تعبه وعرق جبينه، هذه الكم شركة وكم بنك وبعض الفنادق الفارهة في دبي وسويسرا وباريس ولندن وشركة طيران واحدة وحيدة الله وكيلكم. مع ملكية الأسواق الحرة في المطارات والموانئ ومعابر الحدود السورية فقط. إضافة إلى شركات وشراكات ومؤسسات أخرى صغيرة تعد بالعشرات، ولكن كل أرباحها مجتمعة لا تعادل أرباح سوق حرة واحدة. وكي لا يُتهَّم الحاج رامي بالمراوغة، فهو للحقيقة ولمخافة الله، فأنه أيضاً يملك (سيريا تل) التي سخَّر سبعين بالمائة من أرباحها للأعمال الخيرية. وإذا كان هناك من لا يصدق هذا الكلام، فها هي دفاتر الحسابات مفتوحة للجمهور لمن يريد التدقيق. وهي حسابات موثقة وموثوقة، كما كلام الحاج رامي تماماً. ذلك لأن الله لا يحب الكذابين والمنافقين. وقد كان طوال مسيرته العملية رجلاً نادراً في الصدق والاستقامة والإيمان!!!! لقد تعب الرجل كثيراً منذ غادر رفعت الأسد سوريا حاملاً معه بضعة مليارات إلى أرض الغربة. فتشكلت بإشراف والده، ومن ثم هو، العصابة الجديدة بحماية الأب القائد وأبنائه من بعده، لتجريد الدولة والشعب كل ما يمكن تجريدهم منه. ولا شك أن هذا الأمر يحتاج إلى الكثير من الجهد والعرق والمتابعة، وعلى مدار عشرات السنين. وسورية المعطاءة الخيرة لم تكن يوماً ضنينة عل أبنائها الغيورين من أمثال هذه العصابة. فقدمت لهم كل ما يريدون، وأكثر. بما في ذلك الجوائز الكبرى من اليانصيب الذي تديره الدولة، وكانت تلك الجوائز تأتي، وبالمصادفة دائماً، من نصيبهم. ويأتي اليوم من يطلب منهم تسديد "الضرائب" كما يقولون. وهم الذين لم يتعودوا يوماً على دفع ضريبة. بل كانت الضرائب تدفع لهم عن كل خطوة يقومون بها. هذا باستثناء الحاج رامي مخلوف الذي لم يمد يده يوماً إلا للمال الحلال!!! وعوضاً عن الآخرين جميعاً، عليه هو أن يسدد هذه "الضرائب" باعتباره كبيرهم. وكما يقول المثل: كبير القوم خادمهم. الحاج رامي اليوم غير قادر على دفع المبلغ المطلوب لشركائه لأنه لم يبقَ لديه إلا مصروف الجيب. فقد توزع أبناؤه بينهم ما كان لديه من سيولة، والباقي استثمره كله في شراء عقارات وأسهم في البنوك والشركات وما شابه. وذلك لكي يدعم اقتصاد البلد الذي صار في الهاوية، وما زاد عنده من مال وزَّعه كله للأعمال الخيرية، وكأنكم لم تسمعوا بجمعية البستان الخيرية!!! ياجماعة ارحموا عزيزَ قومٍ ذَلْ. وترقبوا الحلقة الثالثة من المسلسل المشوق (عودة الحاج رامي مخلوف) قريباً.
#سعيد_لحدو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عطب الذات أم عطب المنظومة...؟ قراءة في كتاب الدكتور برهان غل
...
-
كردستان التي تأخرت مائة عام
-
(غودو) الحل السوري
-
الحرية طليقة والأحرار معتقلون
-
العرس في فيينا والطبل في حرستا
-
الدب الروسي في معرض الزجاج السوري
-
قلق العالم هو مايقلق السوريين
-
الخلافة وبناتها، الخليفة وإخوانه
-
حكاية الإرهاب ومكافحيه
-
وعند بثينة الخبر اليقين
-
التدخل الأمريكي: درهم وقاية أم قنطار علاج؟
-
داعشي حتى العظم مع وقف التنفيذ
-
انتحابات في سوريا... مرة أخرى
-
لسنا إرهابيين .... لكننا سنكون
-
استعراض روماني في الساحة السورية
-
جنيف 2... تعا.. ولا تجي...
-
إقالة قدري جميل.. عقوبة في الشكل ومكافأة في المضمون
-
نظرية المقاومة
-
مؤتمر الإنقاذ، وإنقاذ مالايُنقَذ
-
خطاب بشار الخامس: خمسة بعيون الشيطان
المزيد.....
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|