أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - حقيقة صلاة الجماعة في الإسلام...لا فرض ولا سنة.















المزيد.....

حقيقة صلاة الجماعة في الإسلام...لا فرض ولا سنة.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6553 - 2020 / 5 / 3 - 11:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كل الروايات التاريخية المعتمدة تؤكد أن أول صلاة جمعت رسول الله ص والمؤمنين كانت في المدينة بعد بناء جامعها وكانت صلاة جمعة وجماعة، وهذا لا ريب فيه حتى تعود الناس الصلاة خلف رسول الله ليس فرضا ولكن سنة سنها المؤمنون وأستجابة للظرف المكاني، حيث كان مسجد رسول الله هو مقر الدعوة ودار الحكومة ودكة القضاء وملتقى الناس ومدرسة لتعلم الدين وأحكامه، وأيضا كان مقرا لقيادة الجيش الإسلامي الناشئ ومحل تجمع المقاتلين ونفيرهم، فكان المسجد هو المكان الوحيد الذي يجمع الجميع من الذين يلزم تواجدهم بالضرورة وخاصة من أصحاب الصفة أو من كبار السن أو للقاء الرسول ص وملازمته، فكان من الطبيعي أن يجتمع هؤلاء جميعا لأداء الصلاة معه دون إلزامهم أو جبر أو دعوة أو حتى إشارة لذلك لا في نص قرآني ولا في حديث صحيح، ما عدا صلاة الجمعة فهي جامعة بحكم الترغيب والتحبيب نصا وممارسة.
لم نجد في كل تاريخ النبي محمد ص في المدينة أنه أمر بصلاة الجماعة أو دعا لها بسند صحيح أو حديث موثوق ومتيقن به عدا ما كان له أمر وضرورة وقتيه بمناسبة وفقا لظرفيتها كالدعوة للجهاد أو تبليغ حكما أو أمرا إلهيا، بل هناك أشارات أن رسول الله ص أحيانا يترك الصلاة في المسجد ليصلي في بيته وما أكثر ما صلى هناك كما صلى أصحابه وكبار قادة المسلمين في بيوتهم وأكثرها كانت ملاصقة للجامع، وهكذا فعل خيرة الصحابة في الحل والسفر والصحة والسقم ويذكر المؤرخون أن الخليفة الرابع الإمام علي ع قاطع المسجد لمدة ستة أشهر بعد وفاة النبي والقضية معروفة بالتفصيل ولا خلاف عليها.
حتى رحل رسول الله وأجبر المسلمون على أداء الصلاة جماعة خلف الحاكم أو وكلائه والسبب يعود لمعرفة من يناصر الخليفة ومن يعاديه أو يتحفظ على ذلك، فالسبب من وجود صلاة الجماعة يعود أصلا إلى رغبة سياسية لا صلة لها بأحكام الإسلام ولا منهج الرسول، أما الروايات المروية حول أفضلية صلاة الجماعة وأن الركعة في الجامع أو المسجد خلف الإمام تعادل كذا ركعة أو أفضل من كذا حجة وكذا عمرة، فهي مما لم ينزل الله بها سلطانا وكلها من صنع أدوات السلطة ولغايات في نفس يعقوب يعلمها الله ولا يعلمها المسلمون.
وكثيرة أيضا الروايات والأخبار التي دونت أفادت بأن صلاة الجماعة كانت متفرقة في أوقاتها ومناسبتها إلا ما كان من حب المسلمون أن يقتدوا بإمامة الرسول، في التطور التأريخي لهذه القضية والتي تحولت من سنة أستحبابية إلى ما يصل إلى درجة الفرض (فرض كفاية على تعبير بعض الفقهاء)، كانت العوامل السياسية بين أطراف الصراع الإسلامي الداخلي حاضرة، فبعد رحيل النبي محمد ص قاطع بني هاشم وأغلب ألأنصار والكثير من السابقين الأولين الصلاة خلف الخليفة الأول رض مع علمهم بما في مخالفة السنة لو كانت حقيقية من تركها وأثرها على الإيمان الشخصي لهم، فالحال يقول أن هؤلاء الذين يعدون من ركائز المؤمنين أولى بغيرهم من أداء السنن والفروض.
فقد ورد في المصادر الفقهية وأجتهادات أهل المذاهب ما يؤيد بأن التوصيف الفقهي الحكمي لم يكن ثابتا عند كل المسلمين، وهذا دليل على عدم وجود الأصل الشرعي لها لا بنص من الله وبدليل من حديث أو رواية صحيحة لا غبار عليها، فكتب الفقهاء تتناقض فيما بينها من قاطع بوجوبيتها كفرض يقتتل بسببها إلى من جعلها سنة كفائية، وهذا جزء من نص فتوى بذلك ((فإن العلماء رحمهم الله اختلفوا في صلاة الجماعة، فالبعض يراها سنة مؤكدة، والبعض الآخر يراها فرض كفاية، وهناك من قال بوجوبها عينا. فعند الشافعية أنها فرض كفاية، وهو الصحيح من مذهبهم، ومنهم من قال إنها سنة. قال الشيرازي في المهذب: اختلف أصحابنا في الجماعة فقال أبو العباس وأبو إسحاق: هي فرض كفاية يجب إظهارها في الناس، فإن امتنعوا من إظهارها قوتلوا عليها، وهو المنصوص في الإمامة، والدليل عليه ما روى أبو الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، عليك بالجماعة، فإنما يأخذ الذئب من الغنم القاصية. وقال النووي في المجموع شرح المهذب: والصحيح أنها فرض كفاية، وهو الذي نص عليه الشافعي في كتابه "الإمامة" كما ذكره المصنف، وهو قول شيخي المذهب: ابن سُريج وأبي إسحاق وجمهور أصحابنا المتقدمين، وصححه أكثر المصنفين، وهو الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة. وعند أكثر المالكية أنها سنة مؤكدة، وقال بعضهم: فرض كفاية، قال أبو الوليد الباجي في شرحه على موطأ الإمام مالك عند شرحه لحديث: صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. وهذا الذي ذكره يدل على أن الجماعة ليست بشرط في صحة الصلاة ولا بفرض)).
في القواعد الشرعية الفروض مبنية على نص واردة في كتاب الله تحديدا وتخصيصا، وكل ما عدا ذلك من مستحبات الأعمال لا يمكن فرضها ولا الحساب على تركها بدون حجة أو دليل ظاهر محكم، فحتى رواية أبي الدرداء حول صلاة الجماعة وما عاضدها من روايات تشير لوجوبية صلاة الجماعة فهي تشير إلى صلاة الجمعة جماعة تحديدا، لا الصلوات اليومية، فقد ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه (أن النبي قال لقوم يتخلفون عن الجمعة " لقد هممت أن أمر رجلا يصلي بالناس، ثم أحرق علي رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم)) رواه مسلم.
فالخلط واضح بين دعوة المسلمين لأداء صلاة الجمعة جماعة وهو فرض كفاية وأستجابة لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) الجمعة (9)، وبين أن تكون الصلوات اليومية جماعة ويقتتل عليها، فحتى النص بصلاة الجمعة جاءت بصيغة (النصيحة وطلب الخير) ولم تكن إلزامية ولا قهرية على الناس، فكيف بصلاة لم ينزل الله بها حكما ولا نصا بينا على حتى كفائية فرضها، وكل ما جاء بها من أحكام رواها المؤرخون وأصحاب الروايات لا تتعاضد ولا تقوى على فرضها لا سنة ولا فرض، بقدر ما تشير إلى أن الحسم في ذلك يبقى لصالح طلب المثوبة والأستفادة مما تتركه من أثر معنوي على المصلين.
هذا الأتجاه الوجوبي عند مذاهب السنة نجد خلافا له عند الطائفة الشيعية في عدم وجوبيتها مع إعلانهم الاستحباب في إتيانها على سبيل المثوبة، ولا خلاف عند معظم فقهائهم في ذلك، ويركز المذهب الشيعي على ذلك تأكيدا على عدم وجوبها لا كفرض كفائي ولا كسنة مؤكدة ولا جزاء على تركها بل قصارى ما قالوا فيها الذم على عدم الإتيان بها مع التمكن، فقد ورد في مثلا في كتاب منهاج الصالحين للسيد السيستاني هذا الأمر بهذه الصيغة الأعتدالية (تستحبّ الجماعة في جميع الفرائض، غير صلاة الطواف فإنّه لم ‏تثبت مشروعيّة الجماعة فيها، ويتأكّد الاستحباب في الصلوات اليوميّة خصوصاً في الأدائيّة، ولا سيّما في الصبح والعشاءين، ولها ثواب عظيم، وقد ورد في الحثّ عليها والذمّ على تركها أخبار كثيرة ومضامين عالية لم ‏يرد مثلها في أكثر المستحبّات).
وقد أفتوا بعدم وجوبية النوافل والصلوات المخصوصة كالتراويح وصلاة العيد وصلاة الأستسقاء وغيرها من الصلوات المستحبة (لا تشرع الجماعة لشيء من النوافل الأصليّة وإن وجبت بالعارض لنذر أو نحوه مطلقاً على الأحوط لزوماً، وتستثنى من ذلك صلاة الاستسقاء فإنّ الجماعة مشروعة فيها، وكذا لا بأس بها فيما صار نفلاً بالعارض، فتجوز الجماعة في صلاة العيدين مع عدم توفّر شرائط الوجوب)، فهم بالتالي لا يقولون بالوجوب مطلقا ولهم رأي فقهي ينفردون به عن كل طوائف المسلمين بما فيهم بعض مدراس المذهب الشيعي من غير الاثني عشرية، مفاد هذا الرأي أن صلاة الجمعة لا تنعقد إلا بإمامة معصوم أو نائبه الثابت بالقطع اليقيني.
فصلاة الجمعة تنعقد عندهم جماعة تحديدا بحضور الإمام المعصوم وهنا يكون الحضور وجوبيا لا مفر منه وفي غير هذا الموضع لا وجوب في صلاة الجماعة ولا الجمعة إلا أختيارا وأستحبابا فقط، لأن قاعدة حكم الإمامة تعين على أن الصلاة من أسباب الطاعة والأتباع الولائي للإمام، فقد ورد هذا الحكم الفقهي في غالب كتب فقهاء الشيعة ومنهم المرجع الأعلى السيد السيستاني (إذا اقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من اقامها الامام عليه السلام أو من يمثله وجب الحضور فيها تعييناً ، وان كان غيره لم يجب الحضور ، بل يجوز الاتيان بصلاة الظهر ولو في اول وقتها).
ومن الاتجاهين المتناقضين بين الوجوب حد القتل وبين عدم الوجوب إلا أستحبابا يثبت لدينا أن صلاة الجماعة وبما فيها صلاة الجمعة شكلا من أشكال تحصيل الخير، لا هما سنة ولا هما فرض بأي شكل من الأشكال مع وجود عشرات الأحاديث المنسوبة للنبي ص والصحابة تؤكد على ما يذهب كل فريق منهم إلى ما يذهب عليه، مع إنعدام الدليل النصي الملزم والبين فيها، وطالما أن غياب الحكم الدال يؤدي إلى غياب المدلول فلا يمكن عد صلاة الجماعة اليومية الوقتية خمس مرات واجبه بل هي من باب البدع المستحسنة التي في أدائها ثواب وليس في تركها لا عقاب ولا عتاب ولا مذمة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الكذب كعامل النفسي في هلاك القرى
- دروس رمضانية قرآنية في سورة الأعراف.
- رواية (حساء الوطواط) ح18
- دروس قرآنية من وحي رمضان.
- رواية (حساء الوطواط) ح17
- رواية (حساء الوطواط) ح16
- رواية (حساء الوطواط) ح15
- رواية (حساء الوطواط) ح14
- رواية (حساء الوطواط) ح13
- هل تنجح الفلسفة في تنوير العقل الديني التاريخي ج1
- الحب والموت بين وجودنا الأول ووجودنا الراهن
- الترتيل بين الفهم والمفهوم.
- رسالتي المتمردة إلى حضرة الكل
- العبد والعبودية في الفهم الديني... القرآن الكريم أنموذجا.
- العنف ضد المرأة في مجتمعات الفضيلة
- رواية (حساء الوطواط) ح12
- تخاريف عراقية في زمن الكورونا
- رواية (حساء الوطواط) ح11
- رواية (حساء الوطواط) ح10
- رواية (حساء الوطواط) ح9


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - حقيقة صلاة الجماعة في الإسلام...لا فرض ولا سنة.