أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - هاني أبو المجد














المزيد.....

هاني أبو المجد


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6552 - 2020 / 5 / 2 - 20:15
المحور: الادب والفن
    


أما هاني أبو المجد فقد كان رجلاً بما تعنيه الرجولة، كريماً رغم فقره، يحب الكيف والمتعة والحياة، يشرب الخمر كل يوم بعد عودته من عمله في المرفأ، وكانت زوجه الأولى شهيرة ذات الوجه الأسمر الداكن بخيلة ونقَّاقة كضفدع، تكيل له الدعوات اللئيمة الحاقدة في الأوقات الخمسة كل يوم، تدعو لربها مراراً كي يُصّير العرق سماً يسري في شرايين زوجها، وكان هاني يبتسم بوجهها متجنباً خلق مشكلة يسمع بها الجيران.

صبر عليها طويلاً إلى أن حصل وتُوفي زوج فتنة، ابنة عم والده. كانت فتنة معجبة منذ زمن برجولة هاني وشبابه وطلته، نصبت له أكثر من مرة وكتبت له عند المشايخ وحرّاس المقابر طويلاً إلى أن أوقعته في أحابيلها، بعد أن تزوجها هاني هجر زوجته شهيرة تاركاً لها البيت الصغير لتعيش فيه مع أولاده الذكور التسعة وبنى لنفسه وفتنة بيتاً بالقرب منهم.

صارت فتنة تُجهد نفسها لاحترام طقوسه اليومية، تطبخ له طعام العشاء كل مساء، تصبُّ له كؤوس العرق وتقف على خدمته مثل جارية، كانت تبدو في وقفتها كأن العنز تأكل عشاءها، وإذا ما فرغت الزجاجة دون أن يشعر هانيها بالإكتفاء، كانت جاهزة لتذهب في المساء المتأخر لتبتاع لهما ليتراً عرقاً، تدُقّ الأبواب على أصحاب الدكاكين ليلاً كي يفتحوا لها ويبيعونها العرق.

لم تكن تتركه يشرب وحيداً، تجلس مقابله أو تدحمل بجانبه، تتعلق بذراعه بكلتا ذراعيها، تسامره وتغنجه، تُخرج ثعبانه من فتحة سرواله الداخلي، تلاعبه وتغطّس رأسه في كأس العرق، تفرك عنقه براحة يدها حتى تسري الدماء في عروقه فينتفخ ويشرئبّ، يثور وينتفض ويلهث ثم يستسلم للرقاد. حينها تمتدّ يد هاني إلى الكأس الأخيرة فيجرعها حتى الثمالة، يكز على أسنانه الصفراء مكشراً فتلمع سنه الذهبية، يحسّ بالغبطة تسري في مسامه دون أن يُعلن عنها، يعصر عينيه لوهلة باحثاً عن الطريق الأقصر إلى سريره المعدني، في الوقت نفسه يلمح ابنة عمه فتنة تنظر إليه ممراحة الجفون وهي تقول بحبور داخلي: بالصحة والهناء يا ابن عمي، إن شاء الله مبسوط؟ ثم يرين عليهما صمت لا يعكّره إلا صرير الصراصير التي لطأت بين الأعشاب وفي جذوع شجرات الزيتون القليلة في حديقة بيتهما الجديد.

أصبحت فتنة مع الأيام ملاذه وعالمه المفضّل وبقي متمتعاً بصفة الكرم وحسن الضيافة وحب الحياة والاقتصار عن المشاكل حتى وافته المنيَّة. لم تنجب فتنة له، كانت عاقراً، لكن هذا لم يهم هاني على الإطلاق، فقد كان حتماً فخوراً بأولاده الذكور التسعة من زوجته الأولى شهيرة، الذين تمكّنوا رغم ظروف الفقر والتشرد والحرمان من بناء مستقبلهم وتكوين عائلاتهم.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا من لم يعرفني قَطّ
- مقتطفات من كتبي
- في المهجع
- فول أخضر
- حصاد الحقل الإلكتروني
- السيدة كورونا
- المثلث
- المنحنى الأُسّيّ
- الكمَّاشة
- شيء أحمر كالقلب
- عن غسيل الزيزفون
- متفرقات
- وباء التاج الذهبي
- الهاربون
- هدية إلكترونية
- أسئلة وأجوبة للكويتية
- لوحده
- الله كبير
- طقوس الكتابة عند علي إبراهيم دريوسي
- ما الذي تفكرُ به أريج؟


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - هاني أبو المجد