|
من علامات الخالق أن يمرر للمخلوق بصائر إدراكية ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6552 - 2020 / 5 / 2 - 14:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ سؤال يحمل بعض الوجاهة ، ماذا تبقى من الفلسفة ، فإذا كانت الأسئلة الكبرى التى كانت خارج مجال العلم ، أصبحت مع العلم مجرد تأملات منهجية عامة ، لأن على سبيل المثال ، علم الأعصاب وعلم الإدراك هما اللذان يحاولان حل مشاكل الإدارة الحرة تماماً كما علم الكونيات هو الذي يجيب إن كان الكون قديم أو محدث ، وبالتالي حسب إعتقادي هذا السؤال هو ألد القضايا اضطراباً في الفلسفة ، وكما يقول هايدغر ، عليك إدراك الطبيعة لكي تفسر كل شيء ، لكن يبقى السؤال هل نحن أحرار في إرادتنا لكي ندركها كما يحلو لنا ، وبالتالي في الأغلب ، إذا سألت أي فيلسوف هل نحن أحرار ، سينصح السائل بالمثل الألماني الذي يقول ( ما لا تقدر أن تطأه بقدمك / تجاوزه ) ، ولأن الناظر للطبيعة سيجدها علمياً ومنطقياً أنها سلسلة مترابطة من الأسباب والمسببات ، وبالتالي ما يمكن الذهاب إليه هنا ، هو ما أطلق عليه مجدداً هايدغر ، انكشاف الكينونة وكيفية ظهور الأشياء لنا ، إذن سيجد ايضاً صعوبة الخروج بشيء ، ثم يسأل مرة أخرى ، حسناً ، كيف هي الأشياء في الواقع ، فكلما اكتشف العلماء كوكب جديد خارج المجموعة الشمسية ، يطرحون على الفور تساؤلاً ، هل الموجات الجاذبية التى عثروا عليها تعود حقاً للحظات الأولى لولادة الكون (البيغ بانغ ) أما إلى مكان آخر .
تستمر التدخلات تحت جنح الظلام ، وعلى غرار المطارحات الكبرى ، بل ، ولأن الطبيعة لا تُرى بالإبصار وبالتالي الافتراض العقلي واحد ، لا بد للطبيعة إدراك من لا يدركها ، وطالما هناك بصائر ، كدلالات غايتها أن يبصر الغير مدرك بما هو مُدرك ، ولأن إيضاً الفلسفة في نهاية المطاف ، لا يتوافق فلاسفتها على مفهوم واحد أو تفسير واحد أو شبه متقارب ، بل القارئ لأفكار أصحابها يجزم بأنها نابعة من عقد نفسية أكثر من أنها ذهنية سليمة التفكير ، لأن علم المنطق الذي يُعلم المعاني الكلية ، وبإجماع جميع مدارس الفلسفية ، تشير بأن الطبيعة لا مكان لها سوى بالذهنية ، أي أن كلمة مادة دون قيد لا توجد إلا في الذهنية ، لكنها موجودة في الأشياء المحددة ، وبالتالي عندما نقوم بترتيب الأشياء التى تحتويها الطبيعة وبشكل تصاعدي ، من الأقل إلى الأدنى ثم الأعلى ، سيجد المراقب الأدني هو عالم الجماد ويليه عالم النبتات ومن ثم الحيوان حتى يصل إلى عالم الإنسان ، التى تقع عليه مسؤولية الإبصار وإدراك ما لا يبصره ، إذن ، بالإنسان تكون اكتملت عناصر الطبيعة ، وبالتالي يتقدم سؤال مركزي ، إي عنصر منهم خلق الآخر ، وهنا ستجيب الفلسفة على الفور ، لا أحد من تلك العناصر لديه مواصفات الخالق ، لكنها أيضاً بسرعة ستحيل مهمة الخلق للطبيعة التى لا وجود لها أو غير ملموسة أو مدركة ، لكن الجميع ايضاً يدرك ، بأن هذه العناصر موجودة ضمن الطبيعة ، ضمن تعريف للماهية والوجود ، فالماهية تقتصر على القعل والوجود على العناصر وبالتالي مع عدم توفر الإجابة ، تصبح الطبيعة الملجأ الوحيد .
إذن ، على مستوى السجالات ، تطرح المادة والطبيعة كخالق وحيد لعناصرها ، تماماً ، وفي جميع اللغات المنطوقة في عالم البشري ، عناصر الطبيعة قابلة لفعل الإنسان فيها وليست مانحة للفعل ، وهذا على المستوى الاشتقاقي للكلمة ، على سبيل المثال ، اللغة العربية ، اشتقاق كلمة الطبيعة من طبعة ، فهي فعيلة بمعنى مفعول ، تماماً مثل قتيلة ، بمعنى قتلت وليست قاتلة ، وبالتالي نفهم من المعنى الحقيقي للاشتقاق ، بأن كلمة طبيعة قابلة للفعل وليست مانحة للفعل ، هي متأثرة وليست مؤثرة ، منفعلة وليست فاعلة ، أما إذا اخذنا المستوى الجدلي ، جميع الفلاسفة يؤمنون بأن الطبيعة جماد لا حياة فيها ، صماء لا عقل لها ، إذن ، إذا كانت الطبيعة كذلك ، لا عقل لها وصماء وحسب الترتيب التصاعدي إياه ، الجماد والنبات والحيوان والإنسان ، كيف يمكن لشيء لا عقل له وأصم أن يكون خالق لشيء عاقل ، كالإنسان التى تدب فيه الحياة ، إذن السؤال ، من هو الذي وهب الإنسان العقل والحياة لمدة زمنية محددة .
يبقى النشاط الدماغي من هايدغر إلى التفكيكيين ، يشتغل على طرح تساؤل ، ماذا نريد أن نصل إليه ، وطالما لا يمكن أن تقارب الطبيعة مقاربة خالية من العيوب ، أقصد بأنها لا يحدها أفق كما يشار إليها ، أو بطريقة الاستسلام أو بالطريقة التى أشرتُ إليها من خلال المثل الألماني ( ما لا تقدر أن تطأه بقدمك ، تجاوزه ) ، وبالتالي سيصل الباحث بأن الطبيعة لا يمكن لها أن تكون الخالق ، منطقياً أولاً وعلمياً ثانياً .
كل هذا التخبط الذي حصل ويحصل بين الدولة والمتفلسفين عليها ، نابع من الاعتراض على الدولة الكهوناتية التى قدست رموز الدولة ، وبالتالي ، الظُلم الكهنوتي أدى إلى إنتاج سلسلة انتفاضات على لاهوتية الدولة ، لأن التكوين السابق ، إقتصر على اللاهوت والدولة مع غياب الأمة ، وعندما أنتجت الثورة الفرنسية دولة ديمقراطية علمانية ، أصبح لها دولة وأمة لكن لا يوجد شريعة ، أي اللاهوتية ، وهذا هو الفارق الحقيقي بين الديمقراطية والشورى ، فالدولة الإسلامية إلتزمت بأحكام الشريعة ، والتى جعلها تجمع بين الأمة كمصدر للسلطات ، ودولة مستخلفة عن الأمة وليست عن الله ، والأمة مستخلفة في إقامة الشريعة ، وهنا نستحضر من التاريخ للدولة الأندلسية ، مقولة لأحد علمائها الكبار ، ابن حزم يقول ( إن من حكم الله جعل الحكم لغير الله ) وهذا يفسر استخدام البشري على حكم الله ، إذن هناك أزمة حقيقية تواجه الفلسفة ، لأن كلما اكتشف العلم مسألة علمية جديدة ، فالاكتشاف هنا ، لم يقتصر على انهاء دور الفلسفة فحسب ، بل العلم يثبت بطلانها ، تماماً كمسألة الزمان والمكان عند نيوتين والتى أقام كانط فلسفته عليها . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لبنان بين حكومات الطبقة الفاسدة وحكومة التجويع ...
-
كيم يونغ فتى الظل الجديد في لعبة التراشق ...
-
عظمة الخيال جاء بكل هذه التكنولوجيا الافتراضية ...
-
محمد عمارة من صفوف البناء التحتي للمادة إلى صفوف المدافعين ع
...
-
كانط المتخبط والعرب المتخبطون بكانط ...
-
ابو محمود الصباح من غرفة عملية صيدا يرد على تصريح مردخاي غور
...
-
خلطة الحرية والفلسفة والتحوّل ، تمهد للانتحار ...
-
فقط أبن الحرة من يُدير الأزمات بنجاح ...
-
محاولة ركيكة مثل صاحبها ...
-
البحث عن الهوية ، شعاراً مازال قيد البحث لم يتحقق ...
-
إعادة النظر بالبيداغوجيا التقليدية ..
-
الأفكار العلمية والفلسفية ممكنة في زمن معين ومستحيلة في زمن
...
-
الرأسمالية الليبرالية والرأسمالية بلا ليبرالية ...
-
مازالت أنماط التفكير لأجهزة الاستخبارات العالمية تتشابه بالأ
...
-
من على الرف إلى الحياة الكاملة ...
-
جندرة الحيوان كانت مقدمة لجندرة البشرية ...
-
وزير قلق ووزير مرتاح والفرف بين بكين وواشنطن
-
كورونا بين القرض الحسن والربوي ...
-
عندما تمطر السماء والأرض ترفض الإستجابة ...
-
الغزالي بين من الإختزال والإسهاب ...
المزيد.....
-
إسقاط عشرات الطائرات المسيرة الأوكرانية على مختلف الأقاليم ا
...
-
الرئيس الروسي يعلن استعداد بلاده للتفاوض حول النزاع في أوكرا
...
-
ماكرون يعلن عن عملية تحديث لمتحف اللوفر تستغرق سنوات لاتمامه
...
-
فلسطينيون يواجهون أسوأ مخاوفهم في شمال غزة
-
مسيرات أوكرانية تستهدف منشأة للطاقة الذرية في مقاطعة سمولينس
...
-
-هآرتس-: ارتفاع مبيعات الأسلحة من صربيا لإسرائيل بنسبة 3000%
...
-
سوريا.. تنظيم -حراس الدين- يعلن حلّ نفسه
-
المبعوث الأمريكي يبحث اتفاقا شاملا للشرق الأوسط يشمل إعمار غ
...
-
القيادة العامة السورية تصدر بيانا عن لقاء الشرع وبوغدانوف في
...
-
المغرب.. توقيف مشتبه به لتورطه بالاحتيال منتحلا صفة مسؤول بم
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|