|
نزيف قلم سجين
أيمن نور
الحوار المتمدن-العدد: 1583 - 2006 / 6 / 16 - 11:49
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
• أيمن نور يرد علي طبول أسامة سرايا بمبادرة لعقلاء السلطة... • إما بداية لإصلاح حقيقي.. ومصارحة ومصالحة أو دقات طبول أسوأ نهاية.. • المصري اليوم: السكوت ممنوع والتعليق علي الأحكام لا يخالف القانون.. • أين دم أيمن ومحمد؟... • حكم النقض خالف خمس مواد من الدستور.... • ننشر اليوم حلقة جديدة من نزيف قلم سجين الضمير الممنوع من الكتابة في مذكراته الفارة من بين القضبان ومصادرة السجان يكشف أيمن نور حقائق جديدة ويرد علي طبول أسامة سرايا في مقاله الأخير بمبادرة لعقلاء السلطة ليقدم رؤيته في مبادرة لإصلاح حقيقي ومصارحة وطنية.. ثلاث باقات أرسمها من خلف القضبان بثلاثة ألوان في ثلاثة اتجاهات عبر أوراق ومذكرات ربما تصل إليكم أو تتعثر في الطريق ويبقي شرف المحاولة.. الباقة الأولي للمصري اليوم في بداية عامها الثالث والثانية إلي روح الشهيد أيمن ومحمد شهداء سيناء حيث الدم بلا ثمن والقتل دون عقوبة.. أما الباقة الأخيرة فهي باقة من الأفكار أقدمها كمحاولة للفهم والتفاهم مع عقلاء السلطة ردًا علي مقال أسامة سرايا الأخير حول طبول المعارضة.. المصري اليوم الخميس ٨/٦/2٠٠6.. تابعت بفرحة مهنية وتقدير شخصي العدد الخاص الذي أصدرته صحيفة المصري اليوم بمناسبة بدء عامها الثالث، وكم كنت أتمني أن يكون بإمكاني أن أرسل باقات من الورود للأصدقاء الأعزاء صلاح دياب هشام قاسم، ومجدي الجلاد، وكل العاملين في هذه الصحيفة التي نجحت في أن تسقط الرهان علي عجز الصحافة المستقلة علي كسر احتكار الدولة للصحافة اليومية بعد أن استطاعت الصحافة المستقلة أن تكسر بنجاح في الصحافة الأسبوعية.. .. وأحسب أن عجزي عن إرسال تلك الباقات المستحقة، لم يمنعني من تلقي الباقة الصحفية المتنوعة التي تضمنها هذا العدد الخاص.. بل إن عبير هذه الباقة الرائعة في ظل في أنفي شذاه، حتي تمكنت من الانعتاق من الرقابة الدائمة وخط تلك السطور التي استهلها بالتعليق علي بعض مما استوقفني من ورود المصري اليوم في عددها السنوي خاصة ملف »الممنوع في مصر«. .. ممنوع الكلام ممنوع من الابتسام وكل يوم في حبك تزيد الممنوعات وكل يوم بحبك أكثر من اللي فات يا مصر يا سفينة متشوقة وحزينة في كل حارة حشرة. وفي كل قصر زينه.. .. تذكرت هذه الأبيات للشاعر الحبيب أحمد فؤاد نجم وأنا أطالع عنوان ملف »المصري اليوم«.. ولم يكن شغفي بهذا العنوان لأني أكثر الممنوعين معاناة من كثرة وتكالب الممنوعات علي.. فأنا ممنوع بقرار جمهوري من الحرية والكتابة، والخصوصية، ومن أدني حقوق الآدمية، مثل حق التعبير، والشكوي، والتقاضي، بعد مصادرة كل هذه الحقوق علي هامش مصادرة خمس سنوات من عمري ظلمًا، وأخري من حقوقي السياسية إمعانًا في الظلم والتنكيل.. .. لكن أظن أن شغفي بهذا الملف تجاوز هذا السبب لغيره من الأسباب أهمها أن أكثر من تضمنتهم قائمة الممنوعين، هم أصدقاء تجمعني بهم مشاعر مشتركة ونبهني ملف »المصري اليوم« لقاسم مشترك جديد بيننا وهو قائمة الممنوعات التي قررت السلطة أن تجمعنا فيها فرادي أو حتي جماعات مختلفة الهوي السياسي والمنابع الفكرية لكن السلطة ــ دون أن تقصد ــ صنعت تجربة عملية تؤكد أن ما يجمع بين فرقاء قائمة المنع والخطر في مصر هو اليوم أكبر ما يمكن أن يكون مفرقًا لهم بالأمس.. وأن المخاوف المفتعلة والمصطنعة بين كافة ألوان الطيف السياسي المصري، لابد وأن تزول ونحن إزاء خطر يتهدد به كل أبناء هذا الوطن .. والاستسلام له سيقود الجميع إلي قاع اليم.. والسكوت علي تنامي احتمالاته وحتى تكتمل سيناريوهاته هو جريمة تقترب من التواطؤ والتستر.. فعلي الكافة اليوم من نخب سياسية واجتماعية، ومثقفين، ومهمومين بهموم بمستقبل مصر الغامض من أن تستجمع القوي ونتشبث بما تبقي من خير وعقل لدي هذه الأمة لنمسك بالزمام قبل أن يفلت ونلملم كل الطاقات الخيرة لنصوغ معا مستقبلا يسع الجميع قبل أن يضل بنا السبيل«. السكوت ممنوع .. ومن ملف الممنوعين في مصر إلي ذلك الملحق الذي نشرته المصري اليوم عدد الخميس الماضي تحت عنوان السكوت ممنوع وهو محرر بالكامل بأقلام قراء المصري اليوم وقد حمل غلاف الملحق عنوان غلطة عمر وصيف الرئيس وقد أشار الزميل القديم والعزيز محمد الشربيني في اعتذار رقيق ومعالجة رشيقة للرسائل الكثيرة التي قال أنها تقاطرت من قراء المصري اليوم تعليقا علي الحكم الصادر مؤخرا من محكمة النقض مشيرا إلي عجز الصحيفة عن نشر هذه الرسائل لأنها تقع تحت طائلة القانون لما تحتمله من تعليق علي حكم حسمته محكمة النقض.. .. وأحسب أن الزميل محمد الشربيني أثار بهذا الفرض الشائع شهيتي للتعليق وتوضيح قدر الخطأ في هذا الغرض الذي يتردد بين المثقفين والإعلاميين باعتباره حقيقة قانونية بينما الحقيقة هي العكس.. وأقصد هنا فرضية أن التعليق علي أحكام القضاء هي جريمة توقع صاحبها وناشرها تحت طائلة التجريم القانوني.. وأود هنا أن أوضح النقاط والحقائق الآتية: ١ ــ لا يوجد نص واحد في قانون العقوبات أو غيره يجرم التعليق ومناقشة الأحكام القضائية النهائية. ٢ ــ العكس هو الصحيح حيث لم يرد التجريم إلا في المادة ٧٨١ عقوبات والتي تتحدث عن جريمة النشر بهدف التأثير علي القضاة وجهات التحقيق في قضية منظورة أمامهم ويمتد هذا التجريم لمحاولة التأثير علي الشهود والنيابة والمواطنين في الدعاوي المطروحة والمتداولة.. والهدف هنا هو حماية المتهم لكن للأسف عندما ننظر للواقع نكتشف أن النائب العام نفسه هو أول من يخرق هذا النص بعقد المؤتمرات الصحفية التي يعلق فيها قبل نهاية التحقيقات مواقف تؤثر علي حيدة المحققين والشهود وهو ما حدث في قضية الغد. ٣ ــ التعليق علي الأحكام النهائية، لا يؤثر علي العدالة التي تكون انتهت وفرغت من قول كلمتها بل أن هناك صحفا تصدر في كل بلدان العالم لتحقيق هذا الهدف.. ٤ ــ الدستور المصري نظم شئون السلطة القضائية في ٨ مواد من ٥٦١ حتي ٣٧١ وأكد عدم جواز التدخل من قبل السلطة في شئون العدالة والقضايا والتدخل هنا المقصود منه التأثير في مراحل ما قبل صدور الأحكام بهدف الوصول إلي نتائج بعينها ومن أشكاله مثلا اختيار السلطة للنائب العام الذي يمثل سلطة التحقيق ويجمع معها سلطتي الاتهام والإحالة. ٥ ــ نصت المادة ٠٧١ من الدستور علي أن الشعب يسهم في إقامة العدالة، بل إن القانون يشترط لصحة الأحكام الصادرة عن المحاكم أن تتصدرها عبارة باسم الشعب باعتباره وهو الأصيل وأن القاضي وكيل عن الشعب وليس بديلا عنه. ٦ ــ هناك فارق بين الحكم والعقوبة حيث منع الدستور والقانون التدخل بين أي سلطة في شأن إصدار حكم بعينه لكنه علي العكس فتح الباب عبر نص المادة ٩٤١ من الدستور نفسه لتعديل الأحكام بتخفيضها أو إلغائها أو العفو الشامل منها وهو الحق الدستوري الممنوح لرئيس الجمهورية وكذلك لمجلس الشعب ممثلا عن الشعب الذي تصدر باسمه الأحكام. ٧ ــ إن الأحكام النهائية هي عنوان مفترض للحقيقة لكن لم يقل أحد أبدا أنها الحقيقة التي يظل البحث عنها والسعي للوصول لها هو الشغل الشاغل للباحثين عن الحقيقة لذا لم يغلق المشرع هذا الحق الذي أقره في نص المادة ١٤٤ من قانون الإجراءات المصري التي فتحت الباب أمام ما يسمي بالتماس إعادة النظر. ٨ ــ إن ما يسمي بحجية الأحكام النهائية، وحجية الأمر المقضي به وما تمثله هذه الحجية من مصلحة اجتماعية ارفع بما يدفع عن العدالة شبهة الظلم أو مخالفة العدالة وقواعدها. ٩ ــ إذا كانت العدالة يمكن أن تتأذي بالتراجع أو مراجعة أحكام حازت قوة الأمر المقضي به فلا شك أن العدالة تتأذي أكثر إذا ما أغلقنا باب المراجعة لما يحتمله من معني البقاء علي أحكام صادرة عن بشر غير منزه عن الخطأ. ٠١ ــ في المعني السابق اقرأ كتاب فتحي سرور النقض وإعادة النظر ص ٧٦٥ دار الشروق طبعة 2٠٠3 وكذلك كتاب ادور الدهبي إعادة النظر في الأحكام الجنائية ص ٥٦ وما بعدها كذلك مقال مهم للأستاذ أحمد بهاء الدين بالأهرام ومنشور أيضا في كتاب يوميات هذا الزمان ــ مركز الأهرام للترجمة أحكام في حكم النقض عزيزي وزميلي محمد الشربيني قد تندهش من توسعي في التعليق علي عبارة عابرة وردت في ملحق المصري اليوم »السكوت ممنوع« بشأن هذا الخطأ الشائع الذي ربما يكرس أوضاعا تتناقض مع الأصل العام في كل إنسان وهو البراءة.. لكني أصدقك القول كنت أود عبر هذه السطور أن أرد علي أطراف عديدة تسعي للتزويج لهذه المغالطة التي وردت بقدر من حسن النية معلوم من جانبكم لكنها من بعض هذه الأطراف لا تحمل ذات القدر وأحسب أن بعض ما دار في الأيام القليلة الماضية داخل دهاليز مجلس الشعب ونمي لعلمي هو أبرز هذه الحالات التي أظن أن النقاط العشر السابق الإشارة إليها ــ خاصة ــ عاشرا قد تجعلني أندهش من الإصرار علي هذه المغالطة.. إذا كان يا صديقي عنوان ملحقكم السكوت ممنوع فاسمح لي أن أكسر معكم سقف المسكوت عنه لأؤكد الحق في مناقشة أحكام النقض وما تنتهي إليه عبر ملاحظات أضعها علي سبيل المثال لا الحصر، تنضح بها حيثيات الحكم الأخير الصادر منذ أيام ومنها: ــ ١ ــ لقد خالف الحكم الصادر في18/5/2006 في حيثياته خمس مواد من الدستور المصري.. فقد كشف هذا الحكم في صفحته رقم ٢٢ من الحيثيات أن المحكمة عطلت العمل بنص المادة ٩ من قانون الإجراءات الجنائية الفقرة الثانية منها بدعوي تعارض هذا النص مع المادة ٩٩ من الدستور التي تقول: لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ ــ أية ــ إجراءات ضد عضو مجلس الشعب.. ورغم أن الفقرة الثانية من المادة ٩ من قانون العقوبات هي مادة مكملة لهذا النص الدستوري القائم في كل الدساتير المصرية منذ 1923 وحتي الآن.. إلا أن المحكمة في حيثياتها قالت إن النص متعارض مع ما جاء مكملا له وقد انتهت إلي تعطيل النص وعدم العمل به بالمخالفة لكل القواعد المنظمة للطعن في عدم دستورية النصوص وبالمخالفة لكافة أحكام النقض التي اعملت النص، وبالمخالفة لتقرير نيابة النقض الصادر في ذات الدعوي والذي انتهي ببطلان الحكم وكافة الإجراءات الخاصة بالقضية لاتصال البطلان بالنظام العام الذي كان علي محكمة أول درجة أن تقضي به من تلقاء نفسها.. ٢ ــ إن تعطيل نص قائم ليس فقط خطأ مهنيا جسيما لكنه قبل ذلك إخلال بنص المادة 165 من الدستور التي تقول: السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم علي اختلاف درجاتها.. وتصدر أحكامها وفق »القانون«.. كذلك نص المادة 166: القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم لغير »القانون«.. كذلك خالفت المحكمة بقرارها الإداري بتنظيم الحضور في الجلسة نص المادة 169 من الدستور الخاصة بعلنية الجلسات حيث منع بعض محاميي من الحضور لإبداء أسانيد الطعن الذي تقدموا بأسبابه للمحكمة في إخلال بحق الدفاع نتيجة الجمع بين محاكمة القضاة ونظر النقض الخاص في اليوم نفسه والساعة والمكان.. بالمناسبة وللعلم رئيس دائرة النقض الخاص بي هو ذات المستشار الذي انتدب للتحقيق مع القضاة.. ٣ ــ لقد انتزعت الدائرة اختصاص المحكمة الدستورية الوارد في نص المادة 175 من الدستور الذي يقول: تتولي المحكمة الدستورية ــ دون غيرها ــ الرقابة الدستورية علي القوانين.. حيث قامت المحكمة بهذا الدور عندما قالت في حكمها بنسخ المادة/ ٩٩ من قانون الإجراءات القائمة والمعمول بها بل إن لدينا حكما سابقا منشورا في الجريدة الرسمية إعمالا لنص المادة 178 فيما تخص أحكام المحكمة الدستورية نصت فيه بدستورية هذه المادة في طعن كان مقدما من حسين أبو ريشه المحامي بالنقض. ٤ ــ إن حيثيات الحكم تحمل أكثر من الأمثلة السابقة التي نسوق إضافة أخيرة لها ــ علي سبيل المثال أيضا لا الحصر ــ وهذا ما ورد في الصفحة رقم 27 من حيثيات الحكم من رفض دفعي بإهدار حقي في الدفاع بفعل رفض إعادة استجواب المتهمين في القضية أمام المحكمة والذي قالت الحيثيات في أول فقرة منها إن المتهمين الثاني والثالث والرابع لم يطلبوا إعادة استجوابهم أمام المحكمة.. ثم عادت وقالت في الفقرة الأخيرة من الصفحة نفسها أن المتهم الثالث طلب استجوابه.. فكيف القبول بهذا في رفض دفع أيدته نيابة النقض بل أحكام النقض السابقة عن ذات الدائرة.. خاصة وأن المتهم الثالث هو الذي كشف ما تعرض له من ضغوط أمنية وقام برد المحكمة لأنها رفضت طلبه في إعادة استجوابه.. دم.. بلا ثمن الجمعة ٨ يونيو: تباعت عقب صلاة الجمعة ما قاله الرئيس مبارك لأعضاء الهيئة البرلمانية لحزبه، في خمس محافظات عن حادث اغتيال أيمن السيد حامد، ومحمد بدوي صديق، ولم أفهم شيئا مما قاله الرئيس إلا أني شعرت بقدر من الحرج البالغ والضيق مما وصلت إليه قيمة الدم المصري والإنسان المصري وكرامة هذا الوطن.. لقد قال الرئيس جملا ضبابية دخانية غير مفهومة لأنها تتماشي مع أي موقف علي غرار أننا لن نفرط.. ولن نقبل.. ولن نفعل شيئا حقيقيا مما ينبغي فعله في مثل هذه المواقف.. لأن دماء المصريين التي تسفك أو تحرق لا ثمن لها ولا قيمة.. .. بالطبع نحن لم نطلب من الرئيس أن يعلن الحرب علي إسرائيل وإن طلبنا فلن يفعل.. ولم نطلب من الرئيس أن يهدد الجناة بالرد بالمثل والعين بالعين والسن بالسن.. ولو طلبنا فهو لن يفعل.. كل ما كنا ننتظره أن ينحاز مبارك للقسم الذي أقسمه، أن يشعر بقدر كبير من الحرج أن يلتقي في منتجع شرم الشيخ برئيس وزراء إسرائيل قبل أن تبرد دماء أيمن ومحمد.. أقل ما كان ينبغي علي الرئيس أن يفعله هو أن يؤجل لقاء رئيس وزراء إسرائيل لحين أن تقدم إسرائيل اعتذارا رسميا ــ وليس أسفا ــ عن هذا الحادث المتكرر.. إن هذا الحادث هو صورة أخري لذلك الحادث الأخير الذي راح ضحيته ثلاثة من الجنود المصريين في رفح والذي وقع بعد أيام قليلة من تفجيرات طابا، ثم يأتي هذا الحادث عقب أسابيع قليلة من تفجيرات دهب.لم أفهم مبررا يحمل الرئيس القبول باللقاء في هذا التوقيت وبذات الأجندة المحددة سلفا قبل الحادث وكأن الحادث وقع علي أراضي دولة أخري، وراح ضحيته مواطنون لا يحملون جنسية الأرض والحكومة التي استقبلت أولمرت بالأحضان وتبادل أنخاب الصداقة والتفاهم.. .. إن ما أعلنه أولمرت في نهاية زيارته لشرم من أسفه وليس اعتذاره عن الحادث، وتشكيل لجنة مشتركة لبحث كيفية تفادي تكرار الحادث هو ما يدعو لمزيد من الأسف أن يكون القاتل هو الذي يتحدث عن القتيل وليس أهله والمسؤلين عنه أمام الله والتاريخ، فضلا أن مثل هذه اللجنة شكلت في أعقاب الحادث السابق ولم تمنع من أن يتكرر وسوف يتكرر لمرات أخري لأننا لم نتخذ موقفا حقيقيا يمنع من تكراره.. .. أرجو ألا يقول أحد أن أجندة اللقاء كانت تحمل ما لا ينبغي التضحية به من أجل إخواننا الفلسطينيين فإذا كنا لا نملك الدفاع عن مصالحنا ودماء أبناء مصر.. فكيف نفعل هذا لغيرنا؟ كيف نغضب بالوكالة لغيرنا ولا نملك هذا الحق لأنفسنا. .. من المؤسف أن إسرائيل لم تترك الفرصة لمن سيقول أننا طلبنا تحقيقا من الجانب الإسرائيلي لأن رئيس وزراء إسرائيل قال منذ اللحظة الأولي ــ عكس ما قاله أستاذه شارون في الحادث السابق ــ أن القتل كان دفاعا عن النفس ولم يكن خطأ كما قال شارون.. فماذا ننتظر من هذا التحقيق.. .. إن المسئولين عن هذا الوطن لا يغضبون إلا منا.. لكنهم لا يغضبون من أجلنا؟! فلو وقعت مظاهرة سلمية في أحد شوارع القاهرة يخرجون علينا كالأسود في الغابة يضربون ويعتقلون ويحبسون المئات لأنهم لا يقبلون أي اعتداء علي الشرعية والقانون لأن هناك جريمة وقعت هي تعطيل المرور.. لكن عندما تكون الجريمة علي أرضنا وضحيتها لحمنا ودمنا.. لم لا نسمع صوتا لهذه الأسود؟. .. والأغرب والأكثر دعوة للدهشة والأسف والغضب أن هؤلاء والذين لم ينطقوا بكلمة في شأن جريمة قتل متعمدة تمت علي أرضنا وراح ضحيتها اثنان من أبناء مصر هم ذاتهم الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها تصريحات شجب وإدانة لأي تصريح أو بيان يصدر عن أية جهة تستنكر انتهاكا للحريات في مصر وللسياسات الاستبدادية التي تقع علي أراضيها.. .. فإذا كان الأمر يتصل بالحرية تنتفض عروقهم ضد ما يسمونه ساعتها التدخل في الشئون الداخلية والسيادة الوطنية إلخ وإذا كان يتصل بالدم والكرامة الوطنية بالفعل لا نسمع منهم إلا الصمت الطويل.... الغضب المشروع كيف لنا أن نصدق غضب البعض علي السيادة والكرامة في مواجهة ما يسمونه بالتدخل في شئوننا إذا كنا لا نري ظلا لهذا الغضب في مثل هذا الاعتداء الخطير علي أرضنا ودمائنا وكرامتنا.. أم أن الأمر فقط أسد هنا وغيره هناك؟ .. إنني أطلب من إخواني في حزب الغد أن يتبنوا قضية أيمن السيد ومحمد بدوي ليس فقط من خلال حفل تأبين ولا من خلال حملة فقط لجمع التبرعات لأسرهم ولذويهم وليس فقط من خلال مظاهرة احتجاج أو وقفة بالشموع السوداء علي أرواح الشهداء.. لكن من خلال أيضا دعوي قضائية ضد القتلة وتبني ضرورة تقديمهم لمحاكمة علي أرض مصر وفقا للاختصاص وقواعده بوصف الجريمة وقعت علي أرض مصر والضحايا مصريون والمطالبة بالتعويض المناسب لأسرهم.. .. أدعو رجال الغد وكافة القوي الوطنية أن تطالب الرئيس مبارك أن يقدم تفسيرا للحادث عبر موقف واضح في ظل استقباله لأولمرت في شرم الشيخ وأن يتضمن هذا البيان للرئيس ضرورة المطالبة بتعديل ملحق اتفاقية كامب ديفيد بما يسمح لقوات حرس الحدود المصرية أن تحل محل الشرطة المدنية في منطقة الحدود مع إسرائيل.. .. لماذا الصمت علي تكرار مثل هذه الحوادث لماذا لا نطلب ــ وهذا من حقنا ــ بملحق أمني للاتفاقية التي تقيد التواجد والتسليح شرق القناة، أو نطلب التعديل بما كشفت عنه الاحتياجات الأمنية والمتغيرات المختلفة خلال أكثر من ربع قرن.. .. أتمني أن يجيب أحد عن مدي التزام الجانب الآخر في مسألة التسليح خاصة في المنطقة التي تحمل الرمز الكودي »د« عوازة خط الحدود من البحر المتوسط وحتى خليج العقبة؟! خاصة وأن معلوماتي عن حادث نوفمبر 2004 أن الضحايا المصريين راحوا ضحية قذائف من مدرعات إسرائيلية وهو ما ينبغي معه طرح السؤال حول التزام الطرف الآخر بنوعية السلاح في هذه المنطقة. (سؤال للنائب العام) .. إن الصمت في شأن هذه الجريمة هو العار بعينه وهو الامتهان لكل ما هو مقدس أو ينبغي أن يكون. .. إننا لسنا دعاة حرب.. ولن يكون.. لكننا دعاة كرامة وعدالة لا تسمح بأن نفرط في دماء وحياة بشر ينتمون لهذا الوطن وعلي أرضه دون أن نسمع حتى أن السيد النائب العام الذي لا يتهاون في جرائم تعطيل المرور أمر قبل أن يصرح رجاله بدفن جثة الشابين والخنوع وغياب الأولويات في أجندتنا السياسية الخارجية قبل الداخلية.. .. إننا نريد أن يصدر النائب العام بيانا صحفيا، أو يعقد مؤتمرا إعلاميا، من ذلك الصنف الذي عودنا عليه منذ قضية توكيلات حزب الغد، وبعدها فياجرا أبو العينين، وقبلها سفر ممدوح إسماعيل بسلامة الله ورعاية المسئولين وبينهما مؤتمره في صفقة بيع عمر أفندي.. نرد أن يعلن سيادته علي الرأي العام المصري ماذا كتب سيادته عندما صرحت النيابة العامة بدفن جثة أيمن السيد حامد، ومحمد بدوي صديق؟ .. هل قال تصريح الدفن أن الوفاة قضاء وقدر؟ أم قال أن الحادث قيد ضد مجهول؟ أم أنه لم ير في قتل مواطنين جريمة تسمح بالمطالبة من السلطة التنفيذية بضبط الجناة كما فعل في جريمة تعطيل المرور؟.. .. إننا لن نسأل النائب العام عن مصير التحقيق في واقعة الاعتداء بالرصاص علي قافلة الغد يوم ٥/٥/٥٠٠٢، ولن نسأله عن مصير تحقيقاته في بلاغ الغد ضد إصدار صحيفة بدون ترخيص باسم الغد واستمرارها حتي الآن ولا عن خرق السجون للدستور واستعمال القسوة معي فقط نسأله ماذا ستقول يوم السؤال عن كل هذا ومعه دم أيمن ومحمد؟.. لكم ندق الطبول يا اسامة.. السبت 10/٦/2٠٠6 طالعت السبت المقال الافتتاحي للأهرام الأسبوعي بقلم رئيس التحرير الزميل أسامة سرايا.. المقال كان بعنوان »لمن تدق الطبول في الشارع السياسي؟ محتلا صدارة الصفحة الأولى ونصف السابعة .. استوقفني المقال في محاولة لتحسس ما بين سطوره من إشارات ومعان وفي محاولة لرصد ما لا تخفيه السطور من نموذج فادح للتشخيص المغلوط، الذي يتداخل فيه الخطأ بالخطيئة والمرض بالعرض، والداء بالدواء، والنتائج بالأسباب. في البداية أجيب علي السؤال الذي يطرحه العنوان لمن تدق المعارضة الطبول؟ وأقول لكم يا سيد أسامة للحزب والنظام والرموز التي تحتكر كل شئ في هذا الوطن من السلطة للإعلام لكل منافذ الإطلال علي الرأي العام للثروة والنفوذ والحق في الوجود.. نقرع الطبول لأننا نريد ان تصل لمسامع الجالسين في قمة الجبل أن هناك بركانا يمور علي سطح الأرض ويهدد الجبل كله ويومها سيتساوى لأول مرة الجالسون علي القمة مثلكم او الجالسون دوما علي سطح الأرض وأحيانا تحتها. يا سيد أسامة إذا كان المقصود بمقالك هو إظهار أن أهل الحكم وصحفهم لديهم القدرة الموازية لدق الطبول مثل المعارضة وصحفها فأرجوك لا تكمل هذا المقال. وإذا كان الهدف أيضا من مقالك هو المشاركة في تلك الحملة الحكومية - التليفزيونية والصحفية - ضد التدني أو التدهور في لغة الحوار السياسي في مصر فربما أكون أخطأت الطريق وأنا شاغل نفسي بقراءة ما بين سطورك وربما سطورك نفسها. لكن يا سيد أسامة إذا كان لك هدف اسمي من هذا وذاك وهو محاولة الإسهام بوصفك من النخبة في تكثيف عملية المراجعة لأسباب هذه الظاهرة.. التي أشاطرك الانزعاج منها، وأخالفك الرأي في أسبابها والمسئول عنها فقد يفيدك جدا أن تقرأ السطور القادمة بقلب وعقل مفتوح ورغبة في التواصل لا التقاطع. احذر من سوء الفهم رغم أني اغلب معك دائما حسن النوايا لاعتبارات تتصل بالانتماء القبلي بوصفنا أبناء إقليم واحد إلا أن دقة موقفي الآن تحتم أن احذر محاولة الربط بين السطور القادمة وبين المكان والظروف التي كتبت فيه.. فالعقلاء والراشدون هم الذين إذا نزلت بهم نازلة استعلوا فوق الحزن والغضب، ولجئوا إلى التفكير والمراجعة باحثين عن مواضع الخلل ومنافذ الشر ساعين للوصول إلى أوفى إجابة علي كل الاستفهامات المشروعة التي يثيرها المشهد المحزن. فلا احد يحب هذا الوطن إلا وهو يشعر بالحزن والغضب لما وصلت إليه الأمور من انفعال تسميه أنت انفلاتا، وأنا يا سيد أسامة اعتقد أن التعبير عن الانفعال هو حق وضرورة بالغة لكن الاستسلام لحالة الانفعال الدائم هو أيضا خطورة داهمة، والأول هو إثبات لموقف، والثاني هو انهزام أمامه.. ولأننا نؤمن بالحوار، والتواصل لمواجهة ما يمكن الاتفاق حوله بالحوار، بدلا من التشابك وإطلاق النار، فقد أردت أن أضيف أيضا لما هو مشترك بيننا من إدانة لحالة الفظاظة والقسوة في الفعل واللغة من الجانبين السلطة والمعارضة أن هذه الحالة ليست تطورا طبيعيا في مجتمع متصالح مع نفسه متوافق علي عقد اجتماعي وسياسي واضح المعالم والمواعيد لاستحقاقات كل طرف فيه. مصر دولة الغموض.. إن حالة التوتر البادي علي سطح الشارع والمشهد السياسي المصري لا تنفصل أبدا عن حالة الغموض التي يشعر بها جميع فرقاء الساحة السياسية في مصر، بل سحل كل مواطن فيها.. حتى من هم علي قرب من السلطة ورموزها فلا احد يعرف إلى أين نحن ذاهبون؟.. أي غموض اكبر وأوسع مدي وأطول زمنا مما نعيش فيه، وطن كامل لربع قرن لا يعرف من سيحكمه بعد ساعة أو يوم أو أيام لو لقدر الله غاب عنه الحاكم بوصفه بشرا وفي سن يسمح أن يكون التفكير في هذا منطقا مقبولا مع الدعاء للجميع بطول البقاء لأسرهم ومحبيهم . هل تملك أنت شخصيا يا أستاذ أسامة إجابة لهذا السؤال في ظل نص دستوري المادة ٦٧ الحالية بمنع كل الأحزاب والمستقلين عدا الوطني من أن يقدم مرشحا.. أي أننا أمام مرشح وحيد من بين ٥٢ عضوا بالأمانة العامة للحزب الوطني ـ التشكيل الجديد الذي أتى به جمال ـ أي أننا أمام جمال مبارك مرشحا وحيدا بالتزكية او احمد عز او ماجد الشربيني او عائشة عبدالهادي علي أحسن الفروض.. وفي ظل التأكيد أن جمال لا يفكر .. وهو ما لا نصدقه ـ ولو صدقناه هو التوريث الذي نرفضه، وهل يمكن أن ينتهي الإنجاز التاريخي بتعديل ٦٧ بهذا الوضع الذي يعود بنا إلى أن نختار مرشحا واحدا من حزب واحد.. إنها كارثة تفتح الأبواب ليس فقط للغموض بل للمجهول الذي قد يفرض نفسه علي الجميع في الوقت الحرج في مواجهة احتكار للمعرفة وغياب الشفافية والوضوح والمماطلة طويلة الأجل والعناد من اجل العناد. أرجو ألا تقول لي أن الدستور سيتم تعديله العام القادم كي لا اضطر لتوجيه سؤال حرج قد تراه خروجا عن النص والدعوة لتبرير الحوار الدائر وهو في اخف وأكثر صياغاته تهذبا.. هل لديك ضمانة أو شهادة تؤكد أننا لن نضطر لمواجهة هذا الموقف قبل عام او نشهر او يوم او حتي ساعة وربما قبل ان اختم هذه الفقرة أو الكلمة؟.. الأهم من التعديل.. كيف يتم؟! إن تجربتنا مع تعديل المادة 76 المطلوب تعديلها الآن وفورا يجعلنا وغيرنا من المهمومين بمستقبل هذا الوطن قبل أن نكون منشغلين بموعد تعديل الدستور مهمومين أيضا وبذات القدر لكيفية إجراء هذا التعديل وهل سيكون خطوة للأمام أم للخلف؟! هل سيحقق ما هو من حقنا كغيرنا من الأمم الحرة أم انه سيكون جرعة جديدة محدودة وغير مفهومة الاتجاه والمعيار للاستهلاك الخارجي أو الداخلي.. ولكن بلا مضمون يحقق الهدف وهو وجود آلية مرنة لتداول السلطة المتحنطة في يد شخص واحد عبر ربع قرن وفي يد حزب واحد عبر نصف قرن؟! إن التغيير أو فتح قنواته المرنة هو ضمان أي امة في مواجهة المجهول والغموض الذي أصبح سمة من سمات الواقع السياسي في مصر وهو في تقديري أهم أسباب حالة التوتر والغضب المكتوم او البادي علي السطح في ظل إحساس جميع القوي السياسية والوطنية بأن القرار هو حكر علي شخص وان العلم والمعلومة هي في إطار الملكية الخاصة او العائلية في وطن لكل من فيه حقوق متساوية في أن يعرف عن يومه وغده ما يسمح له أن يكون شريكا وليس مجرد كومبارس.. برنامج الرئيس لا يكفي أرجو ألا تقول كما يقول البعض أن الرئيس لديه برنامج مدته ٦ سنوات وهو يكفي لإماطة اللثام عن أي غموض فهذا كلام أثبتت الأحداث انه مغالطة مركبة.. مثلا لقد وعد الرئيس بقانون استقلال القضاء وضمن هذا برنامجه وعند التنفيذ تبين وحتى اللحظة انه لا توجد رؤية محددة وواضحة لهذا القانون الذي مازال البحث جاريا عن ملامحه كذلك قانون سلطة الصحافة وإلغاء حبس الصحفيين وغيره وغيره. .. وكذلك تعديل الدستور الذي لا يعرف أحدا هل سيكون نعمة أم نقمة وخبرات الناس والقوي السياسي انه عندما تكون النوايا غر واضحة علينا أن نتوقع الأسوأ وان نترحم علي الماضي قبل أن نبتهج بالقادم. وهنا نقول أن برنامج الرئيس كان ينبغي أن يكون مدروسا ومحددا في إطار أجندة تشريعية معدة للطرح فور نجاحه.. يقدمها للمجلس التشريعي ليضيف ونحذف لها أو منها لا أن نبدأ في البحث والمماطلة علي طريقة قانون الإرهاب والطوارئ لأعوام قادمة لا يعرف من منا سيرها ومن منا سيلقي وجه كريم قبل ان تنتهي اللجان فيها. إن ألاف الأسر التي تنتظر مثلا إلغاء قانون الطوارئ بعد نجاح الرئيس لم تكن تعرف ولا تتصور ان مثل هذه الوعود يمكن أن تتحول إلى مجرد نوايا أعلن عنها في إطار لحظة انفعال غير مدروسة وان الدراسة قد تهدر من عمر هؤلاء الآلاف أعواما وأعواما علي أمل قد يتحقق وقد يجهض بقانون اشد شراسة من سابقه.. إننا نريد أولا الوضوح والمصارحة في مواجهة الغموض الذي هو في تقديري أهم وأول عناصر التوتر القائم والمفجر لما تراه واراه معك انفعالات غاضبة ومجاوزة أحيانا. ثانيا: الشطط يفجر الشطط إن ما ترصده يا أستاذ أسامة وتستنكره من شطط علي جانب واحد من المعادلة يدفعنا أن نلقي لك ولغيرك من عقلاء النظام أضواء كاشفة علي شطط منكور وفظ وبالغ القسوة علي الجانب الأول وهو النظام والدولة. يا أستاذ أسامة أن الإصلاح يحرك انفعال الإصلاحيين، والاعتدال يستقطب المعتدلين والغضب والعنف لا يحرك إلا الغاضبين بل يمكن أن يحيل من الإصلاحيين والمعتدلين إلى اتجاه الغضب بفعل اليأس بين العقل والحكمة التي لا يمكن أن تواجه العنف والقسوة والغلظة والقمع والاستهتار بعقول الناس ومشاعرهم بل بحقوقهم ومصائرهم.. ماذا تنتظر من اعتقالات المئات من المتظاهرين الذين فقط حاولوا أن يعبروا عن موقفهم مع قضاة مصر؟! ماذا تنتظر من أحزاب ترى الأمن يعبث كل صباح في استقرارها ويفجر داخلها ألغاما مكررة وفقا لسيناريو بات مفضوحا.. ولك أن تسأل يا سيد أسامة مؤسستك الأهرام وليس غيرها كيف لها أن تقوم بطباعة جريدة وتوزيعها باسم »الغد« ولونه ولكنها لا تصدر عن الحزب ولا رخصة لها؟! من وراء مثل هذه الألاعيب الصغيرة؟! ماذا تنتظر ممن تلفق لهم القضايا ومن يقادون إلى السجون والمعتقلات وتنتهك حقوقهم وآدميتهم وبيوتهم وحرماتهم هل يمكن أن تطلب منهم أن يكونون دمسي الخلق رفيعي العبارات يعطرون مواقفهم وراءهم بأفخر عطور باريس قبل أن يرفعوها لمن فعلوا بهم كل هذا وأكثر؟! إن هذا تكليف مستحيل أن لم يكن في اطاره مبادرة ومراجعة من جميع الشركاء.. مراجعة من الكل.. مبادرة عودة العقل والوعي إذا كانت النوايا صادقة في مواجهة هذا الذي نحن جميعا مدعون لمواجهته في إطار المحور الأول: وهو تنمية حق الناس في المعرفة والمشاركة ومواجهة حالة دولة الغموض والعناد فالحل الثاني: هو تخفيض حدة الشطط من جميع الأطراف ومعالجة ونزع ما تم زرعه من ألغام في الجسد الوطني في الآونة الأخيرة لتبرير ومحاصرة حالة الاحتقان. ولكن هذه الخطوات التمهيدية لا يمكن أن تكون إلا قدر من التسكين لأوجاع مزمنة لا حل لها إلا في إطار منظومة حقيقية تقود مصر لمصالحة وطنية وعودة الوعي والعقل في كل شئ من جميع الأطراف.. واسمح لي ان أتصور ملامح أولية لهذه المبادرة او مشروعا مقترحا للحوار حوله. الإصلاح الجماعي أولا: لجنة تحضيرية من كل القوي الوطنية والأحزاب وكافة الاتجاهات السياسية لإعداد وثيقة متوازنة تحقق وتلبي وترضي المحكومين ويقبل بها الحاكم وان تكون لأراء هذه اللجنة قدر من القبول والأولوية علي أن تعرض ما انتهت إليه علي مجلس الشعب مع بداية دور الانعقاد القادم. ثانيا: يقدم الرئيس في أولى جلسات هذه اللجنة رؤيته المحددة فيما يري تعديله في الدستور وتحديدا موقفه من الجمهورية البرلمانية وصلاحيات الرئيس ومسألته عما يبقي له منها كذلك موقفه من مدة الرئاسة كما نتصور أن الرئيس يستطيع أن يستفتي الشعب علي هذه اللجنة التحضيرية وعلي تمديد العمل بقواعد انتخاب الرئيس وفقا لانتخابات 2005 لحين الانتهاء من تعديل الدستور خلال عام 2007 لمواجهة أي طارئ لا قدر الله. التسامح السياسي ثالثا: الإعلان عن تصفية كاملة لأوضاع المعتقلين السياسيين تمهيدا لإلغاء قانون الطوارئ وإصدار عفو شامل في جميع القضايا السياسية عدا التي صدرت فيها أحكام باقتران الأفعال المجرمة باستخدام أسلحة نارية أو مفرقعات إلا إذا مضي علي الجريمة المقترنة عشر سنوات وكذلك تفعيل مبادرة تنظيم الجهاد والتي قدمت في وقت مواكب لمبادرة الجماعة الإسلامية إلا أن التفعيل أصاب الأخيرة ولم تراوح مكانها منذ سنوات وتصفية كل الحالات المتبقية خلال ثلاثة اشهر عدا من يرفض التخلي عن العودة عن أفكار العنف وهم مجموعة محدودة جدا بأحد السجون ومبررها أن من تخلوا عنه مازالوا أيضا في السجون فما جدوى المراجعة إذن.. رابعا: إخلاء سبيل كل المحتجزين علي ذمة قضايا التظاهر السلمي وإقرار وزارة الداخلية بحق التظاهر السلمي في أماكن محدودة في كل محافظة وبإذن مسبق في غيرها علي أن تكون هذه الأماكن غير متطرفة ومأهولة بالشكل الذي يحقق الغرض الدستوري من حق التظاهر كأحد حقوق التعبير. حرية الأحزاب والصحف خامسا: إطلاق حرية تكوين الأحزاب المدنية ووقف كل التدخلات الأمنية في شأن الأحزاب القائمة بما تعطيلها حرية الحركة ويحررها من التدخل في شئونها الداخلية ويعطيها إداريا.. وكذلك السماح للجماعات السياسية بحق الإشهار كجمعيات أهلية ـ كمرحلة أولى - ويكون لها حق إصدار صحيفة أسبوعية او نصف شهرية مع التمهيد لقبول تحول من يتقدم عنها ببرنامج مدني سياسي كحزب خلال المرحلة القادمة في إطار حق المجتمع في الاعتراف الكامل من هذه الجماعات كحق الآخر والبعد عن العنف. وأخيرا: إن هذه الخطوط العريضة لمشروع مبادرة لمصالحة وطنية شاملة وجادة لابد أن يأتي في إطار رغبة صادقة من كل الأطراف لا تنظر فقط للهواجس والمخاوف التاريخية والمزمنة بل تنظر بروح جديدة وشجاعة وثقة أن الحياة السياسية »الصحية« هي وحدها الكفيلة بتوفير أفضل الحصانات التي تمكن المجتمع من التصدي لمختلف الآفات والمخاطر التي يمكن ان تهدده .. حيث يظل ترسيخ قواعد الديمقراطية والتزام الجميع بقيمها ومبادئها هو طوق النجاة الوحيد والسياج الحقيقي الذي يحرس المجتمع ويصون استقراره ويؤمن تقدمه لبلوغ غاياته الكبرى. السيد الأستاذ أسامة سرايا: قد تشعر أني حملت سطورك أكثر مما تحتمل لكني بالفعل أوجه هذه الدعوة لكل عقلاء النظام قبل أن يفوت الأوان لإنقاذ الوطن من حالة ما قبل الانفجار الذي للأسف بتنا نتوقعه وان كنا لا نتمناه. إننا ندعو الكل ممن يؤمنون أن اللحظات الحرجة ليست هي تلك التي تترك فيها كل الملفات لرجال الضبط والربط بل هي التي يتولى فيها النخبة والمثقفون قيادة الدفة بعقل وحكمة وسماحة المثقف والناصح الأمين وليس بروح التقاطع والتنافر التي سادت في الأشهر الأخيرة والتي ولدت هذا الصراع المكتوم وهذا التراشق الانفعالي في كل الأصعدة السياسية والحزبية والصحفية. إن ما ينتقده عقلاء السلطة في بعض صحف ومواقف المعارضة لدينا مثله نقدمه في حوار عقلاء فالحديث عن عدم المساس بالرموز أمر قد نقبل مناقشته إذا ما التزمت به أولا صحف مثل روزاليوسف التي لم تترك رمزا في هذا الوطن.. في أي جيل من أجياله إلا ونالت منه وأهالت عليه التراب أننا نقبل أن نضع قواعد اتفاق الحد الأدنى في الاختلاف شريطة أن يلتزم الإعلام الحكومي أولا بها وكذلك أدوات الدولة وأجهزتها أن هذا هو المدخل الصحيح لدق طبول الإصلاح والمصالحة قبل ان ندق طبول الحرب والنهاية يا أستاذ أسامة سرايا ويا جميع عقلاء هذا النظام في زمن كاد العقل فيه ان يغيب.. يا كل شرفاء وعقلاء الوطن.. إما الإصلاح والمصارحة والمصالحة او علي مصر السلام. الأسبوع القادم إن شاء الله فصل جديد من مذكرات سجين الضمير نور يروي قصة لقاءه في السجن مع الأستاذ الكبير المرحوم مصطفي أمين
المركز الاعلامى لحزب الغد الليبرالي
#أيمن_نور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذا يا بني عمك جمال
-
النقض والحرق والسجن والموت
-
الخطايا السبع لنظام مبارك
-
حكاية أطول يوم في حياتي عندما تقرر علاجي بالتعذيب البدني وال
...
-
نحن لا نضرب ودعاً .. سيناريو تنفيذ مخطط التوريث
-
قمة الكسوف السياسي !!
-
رد أيمن نور على المتحدث باسم رئاسة الجمهورية
المزيد.....
-
روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر
...
-
تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول
...
-
ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن
...
-
ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب
...
-
-الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب
...
-
أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد
...
-
البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي
...
-
موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
-
-شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو)
...
-
ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|