أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 4














المزيد.....


يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 4


حكيمة لعلا
دكتورة باحثة في علم الاجتماع جامعة الحسن الثاني الدار البضاء المغرب

(Hakima Laala)


الحوار المتمدن-العدد: 6550 - 2020 / 4 / 29 - 04:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن هاته الثقافة المجتمعية المغربية تمارس نوعا من الضبط الاجتماعي على تصرفات وعلاقات الأفراد في الفضاء العام، أول ملاحظة بخصوص تواجد الفرد المغربي في الفضاء هو نوع من الانتشار الجسدي والصوتي، فهو لا يراعي تواجد الآخر إن كان ماشيا على الأقدام أو أثناء قيادة سيارته. فهو يمارس نفس السلوكيات إن كان في محل تجاري أو حين تبضعه في دكان الحي. يقطع الطريق حسب رغباته بشكل عمودي أو أفقي. فهو لا ينحاز جانبا ولا يخلي الطريق لأحد حتى ولو كان لهذا الأخير الأسبقية. إن كل مغربي ينتظر من الآخر، إذا تقابلا في طريق أن يسمح له بأسبقية المرور. في كثير من الأحيان حول من له الأسبقية، يقع بينهما شجار.
إن هذه المشاداة تكون أكثر حدة في حالة ضرورة احترام الصف في الأماكن العمومية أثناء التبضع أو للحصول على خدمة أو حين يلجأ البعض إلى معارفه لتسريع الحصول على الخدمة، ففي أحيان كثيرة ترى شخصا يطلب من الموظف المكلف بتقديم الخدمات بإعطائه الأولوية، لأنه حسب تقديره الشخصي هو على عجلة من أمره، ولا يعبأ بوجود الأشخاص المتواجدين قبله، إلا أن هذا الأمر يرفض في أغلب الأحيان من طرف الأفراد المعنيين بالأمر، ومن هنا تأتي أهمية دور "الشاوش"، خصوصا في الأحياء الشعبية، الذي يحرس على تنظيم الصفوف.
إن هذا الفعل المعتاد والذي اعتادوا عليه المغاربة أصبح محل إعادة نظر، محل تفكير وانتقاد. فالجائحة فرضت على المغاربة إعادة النظر في سلوكياتهم، فتصرفاتهم أصبحت أكثر احتمائية خوفا من العدوى . إن ضرورة الاحتماء والخوف من الوباء غير في المفهوم العلائقي مع الآخر، فلم تعد علاقة القرب مع الآخر مصدر أمن بل مصدر خطر على حياتهم. إن الجائحة أرغمت الكثير على التخلي عن تمثلاتهم للعلاقات الاجتماعية ، فوقع نوع من الحظر على الفعل الاعتيادي الذي يتمثل في التقارب لينساق الإنسان المغربي مع مفهوم التباعد للوقاية وحماية النفس، أصبح العادي اليومي يدور حول الوسائل الاحترازية وكيف احترامها وتطبيقها. لم يعد عيبا أن يرفض شخص الجلوس أو الوقوف أو زيارة أحد من الأصدقاء أو الأقارب. إن الخوف أصبح هو الرابط الاجتماعي الأكثر قوة الآن، هناك نوع من الوعي بالعلمي في محاربة الجائحة و شراسة الوباء. ربما بدأ تكوين جزء من الوعي بمفهوم الوباء وخطره على الإنسان، وكذلك خطر الإنسان على الإنسان، وبدأ كثير من المعبرين على الصفحات الاجتماعية يتحدثون عن إشكالية العلم في المغرب، وكذلك التساؤل عن هجرة الأدمغة إلى العالم الغربي، إن هذا السؤال كان دائما مطروحا ولكنه أصبح انتقادا للدولة التي لا تمكن هؤلاء من ممارسة قدراتهم العلمية بالمغرب. ولكن أمر التباعد أو خلق مسافة الحماية استعصى على الكثير من المغاربة، فأغلبهم لا يحترمون مسافة الأمان ويكررون فعلهم بشكل اضطراري، فأكثر هؤلاء يشتغلون في الاقتصاد الغير المهيكل، وليس لهم دخل قار مما يرغمهم على الاشتغال أو التبضع يوميا. غير أن الفعل الثقافي له دور وتأثير في صعوبة تفاعلهم مع الوباء، ففي محاولاتهم احترام المسافة فهم يقفون بشكل أفقي وكل آت جديد يصعب عليه معرفة الترتيب الذي يجب احترامه، فيحاول التدقيق في الوجوه لمعرفة مجموع الأشخاص الذين سبقوه في الحضور، وقد يأتي أحدهم ويتخذ ذلك وسيلة لتجاوز الأسبقيات. في حالة الكوفيد 19 نلاحظ أن في المحلات التجارية الكبرى، المتواجدة قرب الأحياء الشعبية أو أحياء السكن الاقتصادي، أن المتبضعين لا تتجاوز المسافة بينهم 30 سنتمترا، وخلال التسوق داخل المحل لا يتراجع أحد لاحترام المسافة بل كعادته يتوارى شيئا ما حتى يسمح للآخر بالمرور، بل الكثيرون حين التبضع يتسارعون لنيل الشيء دون مراعاة تواجد الأخر ، إن هاته الأفعال هي اعتيادية بمعنى أن خطر كوفيد 19 لم يغير عند هؤلاء الكثير من تصرفاتهم، ناهيك أن هؤلاء يلامسون كل الأشياء حتى ولو كانوا لا يرغبون في اقتنائها. إن ما وقع في الفترة الأولى للإعلان عن المرض أعيد فعله عند شراء الكمامات، ومن الصعب أن نفترض أن ذلك الفعل مرتبط بعدم تواجدها أو قلتها، وإن كان هذا صحيحا، إن التفسير الأرجح في هذا الفعل هو الفعل الإرادي أو الميكانيكي الذي استبطنوه ليصبح فعلا مدمجا راسخا في الممارسات الغير المعقلنة، إن هذا الفعل يعبر عن فردانية اجتماعية عاشت على الحرمان وعدم القدرة على تحقيق الكثير من الرغبات.
من هنا نخلص أن الخوف من الجائحة قد يغير من ممارسات المجتمع المغربي ويخلق لديه فكرة الاحتماء والتباعد واستحضار الآخر في الزمان والمكان. إلا أن هذا التغيير عليه أن يرسخ فكريا وعقليا ليصبح موضوعا مفكر فيه، ليكون مكتسبا مند التنشئة الاجتماعية الأولى والثانية لكي يدمج في الخطاطة الدماغية ويصبح في الأخير فعلا تلقائيا عند الجميع.



#حكيمة_لعلا (هاشتاغ)       Hakima__Laala#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 3
- يوميات الحجر (14 ) وجها لوجه- الجزء 1
- يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 2
- يوميات الحجر (13) وجها لوجه
- يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 3
- يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 2
- يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 1
- يوميات الحجر الصحي (11) وجها لوجه
- يوميات الحجر (10) وجها لوجه
- يوميات الحجر (9) وجها لوجه
- يوميات الحجر (8) وجها لوجه
- يوميات الحجر (7) وجها لوجه
- يوميات الحجر (5- 6) وجها لوجه
- يوميات الحجر (4) وجها لوجه
- يوميات الحجر (3) وجها لوجه
- يوميات الحجر (2) وجها لوجه
- يوميات الحجر (1) وجها لوجه
- -أنا- و -أنا-  في محك القرار


المزيد.....




- فيديو جديد يظهر لحظة الكارثة الجوية في واشنطن.. شاهد ما لاحظ ...
- عملية سرقة مجوهرات -متفجّرة- في متحف.. كيف نفّذها لصوص الفن؟ ...
- -قلق من جيش مصر-.. سفير إسرائيل يثير تفاعلا بحديث عن القوة ا ...
- حماس وإسرائيل.. إطلاق سراح الرهينتين عوفر كالديرون وياردين ب ...
- -واشنطن بوست-: ترامب يطهر FBI.. إنذارات بالاستقالة أو الفصل ...
- الرئيس الصومالي يعارض اعتراف واشنطن بأرض الصومال
- رسوم جمركية جديدة يفرضها ترامب على الصين، فما تأثيرها؟
- جدل في ألمانيا - هل سقط -جدار الحماية- من اليمين الشعبوي؟
- تقرير: أكثر من 50 ألف مهاجر قاصر مفقود في أوروبا
- مظاهرة في ساحة الأمويين بدمشق تطالب بإنهاء سيطرة -قسد- على ش ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 4