|
حملة بوش ضد الارهاب النظام الامريكي ينزع قناعه الديمقراطي
الصبار
الحوار المتمدن-العدد: 28 - 2002 / 1 / 6 - 15:05
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
سقط القناع الديمقراطي عن النظام الحاكم في امريكا وانكشفت طبيعته الاستبدادية؛ القوانين والاجراءات غير الديمقراطية الجديدة التي تستهدف اليوم الاجانب وسبعة ملايين امريكي من اصل اسلامي، ستطال إن عاجلا ام آجلا كل من يعارض النظام كما حدث في عهد النائب مكارثي؛ المعارضة السياسية الضعيفة للخطوات المنافية لاسس الديمقراطية وحقوق الانسان، تدل على ان الشعب الامريكي لم يستوعب دروس الماضي.
هداس لهب
بعد ثلاثة اشهر على احداث ايلول وشهرين على التبني السريع للقانون الوطني الامريكي (USA Patriot Act)، كثفت الادارة الامريكية حربها ضد الارهاب على النطاق الداخلي. وكانت ابرز خطواتها في هذا المجال اعتقال اكثر من 1.200 شخص، والتحقيق مع اكثر من 5.000 آخرين، وتشكيل المحاكم العسكرية. الصحافة الامريكية نفسها لم تستطع التغاضي عن الاثر السلبي للخطوات التي بادر اليها الرئيس جورج بوش ووزير العدل، جون اشكروفت، وقالت انها دفنت الكثير من "الثوابت المبدئية". بدأت هذه الاجراءات بالتبني السريع للقانون الوطني ضد الارهاب في منتصف تشرين اول (اكتوبر) الماضي. وقد صوّت اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب مع القانون دون قراءة نصه الذي يأتي في 342 صفحة، وذلك بعد ان مورس عليهم ضغط غير مسبوق. وقد اعتبرت الادارة الامريكية اقرار القانون ضوءا اخضر لشن حملة واسعة النطاق، لكسر القيود الديمقراطية التي يفرضها الدستور الامريكي. هذا، عِلما ان فشلها في منع العمليات الارهابية لا يمت بصلة الى القوانين الامريكية، بل الى تحالفها غير المبدئي مع الاسلام السياسي الذي خدم حربها ضد الاتحاد السوفييتي. من اخطر بنود القانون الجديد انه يحوّل تلقائيا كل مهاجر الى مشتبه باقامة علاقات بتنظيم ارهابي، مما يطلق يد سلطات الامن لتوجيه هذه التهمة الى من تريد. العقاب على هذه التهمة التي قد تقتصر على جمع التبرعات او ادارة روضة اطفال، يمكن ان تصل الى الترحيل من الولايات المتحدة. في اطار هذا القانون تم في الاشهر الثلاثة الاخيرة اعتقال اكثر من 1.200 شخص تدعي الشرطة الفدرالية ان عشرة منهم لهم علاقة بتنظيم "القاعدة". السؤال ماذا عن ال1.190 معتقلا الباقين الذين لا تربطهم علاقة بالقاعدة؟ ولماذا يتم اعتقالهم لفترة طويلة وترفض وزارة العدل الادلاء بمعلومات عنهم؟ في 27/11 كشف الوزير اشكروفت هوية 50 معتقلا متهمين بجرائم جنائية، ولكنه رفض الادلاء باية تفاصيل اخرى، كما رفض ان يحدد العدد الدقيق للمعتقلين الذين يقبعون في السجون الفدرالية بتهم خفيفة متعلقة بمسألة الهجرة. (صحيفة "ذي نيشين"، 17/12)
محاكم عسكرية منافية للدستور
الخطوة الاخطر في هذا السياق هو الامر الذي اصدره وزير العدل في 13/11، ووقع عليه الرئيس بوش، والقاضي بتشكيل محاكم عسكرية. دور هذه المحاكم مقاضاة المتهمين باقامة علاقة بالارهاب الدولي او بمساعدة انسان تورط في امر له علاقة بالارهاب الدولي. وتعتبر هذه تهم غامضة جدا، وتمنح السلطات الامنية الامريكية اليد الطولى للعمل دون اية رقابة ودون ان تضطر لكشف المستندات التي ترتكز عليها في بناء لائحة الاتهام. وتنافي المحاكم العسكرية الدستور الامريكي الذي يؤكد حق المتهم بالحماية القانونية. وتعتزم هذه المحاكم القيام بدور المدّعي والقاضي والمنفذ للحكم، ناهيك عن ان الصلاحيات الممنوحة لها مفرطة للغاية، اذ انها تكتفي باغلبية ثلثي القضاة لاصدار حكم بالاعدام، دون اعطاء المتهم حق الاستئناف. يذكر ان المحاكم العسكرية السابقة في امريكا استخدمت لمحاكمة الاعداء في فترات الحرب، وهذه هي المرة الاولى التي سيتم فيها استخدام المحاكم العسكرية ضد مواطنين امريكان لم تثبت علاقتهم ب"القاعدة".
ملاحقة على اساس عرقي
الموضوع الثالث اللافت للنظر هو الطابع العنصري للاجراءات القانونية الجديدة. فالتحقيقات مع المهاجرين الاجانب لا تتم بسبب اتهامهم باحداث ايلول، بل بسبب انتماءاتهم العرقية او الدينية. حول الهدف الرئيسي من هذه التحقيقات، قال احد كبار موظفي وزارة العدل لصحيفة نيويورك تايمز (18/11): "اذا وجدنا 50 متعاونا من بين ال5.000 الذين استدعيناهم للتحقيق، فسيعتبر هذا انجازا كبيرا". المعلق وليام سفير كتب في نفس الصحيفة في 6/12 ان هذه "فرصة ذهبية للوصول الى عملاء يجيدون اللغة العربية". في السياق نفسه تعهدت الادارة الامريكية بمنح مرتب خاص وتسهيلات في الحصول على المواطنة الامريكية لكل مهاجر يقدم لسلطات الامن "معلومات مفيدة" (نيويورك تايمز، 30/11). ودعا وزير العدل الى منع اعطاء تأشيرات (فيزا) للرجال من 25 دولة عربية واسلامية تتراوح اعمارهم بين 16-45 (واشنطن بوست، 29/11). كما يسعى لرفع العقبات القانونية عن اعمال التجسس ومراقبة المنظمات السياسية والدينية في الولايات المتحدة. وكانت هذه العقبات التي تأتي لحماية حقوق المواطن في امريكا، قد فُرضت على الشرطة الفدرالية في السبعينات بعد رحيل رئيسها سيئ الصيت، ادغار هوفر. التغيير المقترح يسمح للشرطة الفدرالية بالتصنت والتسلل الى اي مجمع ديني او مركز سياسي والتجسس على نشاطات المساجد والكنائس، وكلها اجراءات كانت حتى اليوم ممنوعة حسب القانون.
احتجاج دعاة حقوق الانسان
قدمت 20 منظمة امريكية لحقوق الانسان والمواطن شكوى جماعية ضد الاعتقالات والتحقيقات التي تتم على خلفية عرقية او دينية. بين الموقعين على الشكوى "منظمة العفو الدولية" و"المنظمة الدولية ضد التعذيب" و"العصبة الامريكية لحماية حقوق المواطن" و"المؤسسة العربية الامريكية". اكثر من 300 استاذ قانون في اكبر جامعات ومؤسسات امريكا وقعوا على مكتوب احتجاجي يدين المحاكم العسكرية ووصفوها بانها اجراء "غير ضروري، غير حكيم وضار بالدستور الديمقراطي". وعبر النائب الديمقراطي باتريك ليهي الذي يرأس لجنة القانون في مجلس النواب الامريكي عن معارضته للمحاكم العسكرية، وقدم عدد من اكبر ضباط ال FBI استقالتهم مؤخرا نتيجة خلاف مع سياسة ادارة بوش، اهمهم توماس بيكارد، رئيس طاقم التحقيق في عمليات ايلول الارهابية. (نيويورك تايمز، 1/12) حسب استفتاء عام اجرته "واشنطن بوست" اواخر تشرين ثان (نوفمبر) ايد 60 من المواطنين الامريكيين المحاكم العسكرية، وايد 75 حق الادارة بالتصنت على المكالمات الجارية بين المتهمين ومحاميهم، ودعم 79 التحقيق مع المواطنين من اصل عربي. الا ان هذا الدعم المطلق لبوش لا يعبر عن ثقة حقيقية بقدرة السلطات الامنية على توفير الاستقرار والامن للمواطنين، بقدر ما هو نابع من حالة الهلع التي تعم الولايات المتحدة. نزع القناع الديمقراطي عن النظام الامريكي وكشف وجهه الاستبدادي قد يقودا لخطوات خطيرة. ولا يتوقع ان تقتصر الاجراءات غير الديمقراطية على الاجانب او على سبعة ملايين امريكي مسلم، بل ستطال إن عاجلا ام آجلا كل من يعارض النظام. هذا ما يشهد به التاريخ الامريكي، الذي لم يتوقف عند معسكرات تجميع المواطنين الامريكيين من اصل ياباني في الحرب العالمية الثانية، وانتهى في الخمسينات بحملة "صيد الساحرات" التي شنها النائب مكارثي ضد الامريكان الشيوعيين. ان امريكا بعد احداث 11 ايلول لم تعد نفس امريكا التي عرفناها قبل ذلك التاريخ. لقد قرر النظام الحاكم ان يشمر عن سواعده للدفاع عن مصالحه بكل ثمن. المعارضة السياسية الضعيفة التي تقف في مواجهة الخطوات المنافية لاسس الديمقراطية وحقوق الانسان، تدل على ان الشعب الامريكي لم يستخلص العِبر من الماضي وقد يعود لاخطائه.
#الصبار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد احداث ايلول الاسلام السياسي محل اختبار والاشتراكية بديل
...
-
اشرطة اعترافات بن لادن الجريمة في الاعتراف ايضا
-
دولة فلسطينية ورقة توت للسعودية
المزيد.....
-
روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر
...
-
تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول
...
-
ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن
...
-
ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب
...
-
-الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب
...
-
أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد
...
-
البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي
...
-
موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
-
-شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو)
...
-
ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|