سمية العثماني
الحوار المتمدن-العدد: 6547 - 2020 / 4 / 26 - 11:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إنّ الماركسية-اللينينية هذه النّظريّة الثورية التي يجب أن تدخل وعيّ العمال لأنّها تحمل بين طيّاتها طريق الخلاص من نير الاستغلال الطّبقي, وطريق بلوغ المجتمع الشّيوعي, تتعرّض بشكل يومي إلى حملات تشويه شرسة تخوضها البورجوازيّة بلا هوادة وباستعمالها لشتّى الوسائل. لذا فإنّ النّضال على المستوى الأيديولوجي هو نضال يوميّ, ومهمّة الشيوعيين والشّيوعيات في فضح أكاذيب البورجوازيّة مهمّة لا تقبل التماطل أو التّأجيل, وكلّ من يغضّ الطّرف عن هذه المسألة بالذات عليه أن يعيد النّظر في مدى فهمه لمهامّه.
إنّ النّظام الرأسمالي باعتباره النّظام السّائد اقتصاديا وسياسيّا وأيديولوجيا يسعى بكل ما يملك من طاقة من أجل تأخير نهايته وإطالة أمد سيطرته وهيمنته, وواحدة من أهّم أدواته لنجاح أغراضه هذه هي العمل عبر وسائله المختلفة على إقناع الشّعوب بأحقيّته في السّيطرة؛ وهذه الأداة هي الوعي المغلوط؛ وذلك عن طريق توظيف الدّين والعادات والتّقاليد, وكذلك عن طريق التّعليم والإعلام بحيث يعمل جيوش المثقّفين البورجوازيين وحتّى رجال الدّين والدّجالين على بثّ الأيديولوجيا البورجوازيّة في أدمغة أبناء الشّعب وإقناعهم بأنّ الاستغلال والاضطهاد اللذّين يعتبران من سمات النّظام الرأسمالي هو من طبيعة الحياة البشريّة, ولا تنفكّ (هذه الجيوش) تضخّ الأفكار التي تجمّل صورة هذا النّظام البشع من خلال مفاهيم حقوق الإنسان والحريّة والعدالة وتطبيق القوانين والمصلحة الجماعيّة...الخ كلّ هذا من أجل خلق وعي مغلوط وزائف لدى الجماهير وإقناعها بأنّ هذا النّظام هو النّظام الطّبيعي والأصح والأبدي في حركة التطوّر البشري... هذا دون أن نغفل محاولاته في خلق صراعات حول العالم منها الصّراع الديني بين مسيحي ومسلم ويهودي..., الصّراع العرقي مثلا بين عربيّ وأمازيغيّ..., بل وصراع بين أبيض وأسود ورجل وامرأة... مُوهما الجماهير بأنّ الصّراع هو نتيجة الاختلاف في الدّين والعرق واللّون والجنس... وليس نتيجة الاستغلال والاضطهاد والفقر والتّفاوت الطّبقي.
إنّ النّظام باستعماله لكل هذه الوسائل خصوصا وسائل الإعلام ووسائل التّواصل الاجتماعي يلجأ إلى سياسة الإلهاء التي تحدّث عنها المفكّر نعوم شومسكي مسلّطا الضّوء عن التأثير النّفسي للإعلام على الأفراد من خلال حديثه عن عشر استراتيجيات يسلكها الإعلام ليؤثّر نفسيّا على الفرد مستندا على وثيقة سريّة تحت عنوان الأسلحة الصامتة لخوض حرب هادئة تعود لسنة 1979, والتي تمّ العثور عنها سنة 1986 وأولى هذه الاستراتيجيات: استراتيجية الإلهاء؛
حافظوا على تحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية وألهوه بمسائل تافهة لا أهمية لها. أبقُوا الجمهور مشغولا، مشغولا، مشغولا دون أن يكون لديه أي وقت للتفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى. 1
إنّ إلقائنا لنظرة على موقع التّواصل الاجتماعي الفايسبوك كمثال؛ لدليل واضح على استراتيجيّة الإلهاء التي يتقنها هذا النّظام بحيث ينجح دائما في صرف انتباه الأفراد عن المشاكل الحقيقيّة التي يعيشها وإلهائه بالتّفاهات.
إنّ الايديولوجية واحدة من الأدوات التي تستخدمها الطّبقة المسيطرة للحفاظ على سيطرتها فبالإضافة إلى الجيش والشّرطة وغيرها من المؤسسات القمعيّة تعمل الدّول الرأسماليّة على خلق وإنتاج ونشر أيديولوجيّة مغلوطة تبرّر سيطرتها.
إذن كيف سنغيّر قناعات وأفكار الجماهير المتشبّعة بالأيديولوجية البورجوازيّة؟
كيف سنهدم الوعي المغلوط ونبني الوعيّ الصحيح؟
كيف سنقنع الجماهير بالصّراع الحقيقي وبالطّريق الذي ستسلكه لتتخلّص من البؤس؟ وفي هذه المرحلة التي تمرّ بها البشريّة (انتشار وباء أودى بحياة الآلاف من أبناء الشّعب) ووسط هذه الضّجة الإعلامية التي تعمل دائما على تمويه الحقائق ماذا يجب علينا أن نفعله نحن اللّذين واللّواتي حملنا على عاتقنا ضرورة التّغيير؟
إنّ انغلاق بعض ممن يدّعون تبنّي الماركسيّة اللينينيّة على ذواتهم وانعزالهم عن الآخرين والتهامهم للكتب والمقالات دون تكليف أنفسهم عناء نشر أفكارهم حتّى وسط رفاقهم ورفيقاتهم, وكذلك عدم مواكبتهم للتّطورالحاصل في التكنولوجيا ووسائل التّواصل الاجتماعي وتقنيات الاتصال لمخاطبة الجماهير, ناهيك عن المحتفظون بالجمل الرّنانة والحافظون لها عن ظهر قلب دون الإخذ بالاعتبار التغيير الحاصل وحركة المجتمع الدّائمة وتطوره المستمر هم من بين الأساب الأساسيّة في تراجع انتشار الفكر الأحمر, إنّه من الضّروري جدا لكل مناضل ومناضلة مؤمن ومؤمنة بالتّغيير أن يناضلوا بشكل يوميّ على المستوى الايديولوجي وأن يعملوا دون كلل أو ملل على فضح أكاذيب الرأسماليّة, وأن يستغلّوا وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقنياته على نشر الوعي الصّحيح وألاّ يكونوا من هواة الجمل المنمّقة والتعالي على الجماهير ولا من الحافظين للجمل الثّورية كالحافظين للذّكر ولامن محتكري الأفكار, والأهم من هذا ألاّ ينساقوا وراء الهراء والأخبار الزائفة والمُموِّهة التي ينشرها النّظام بشكل يوميّ بغرض الإلهاء.
1- مقتطف من وثيقة أسلحة صامتة من أجل خوض حروب هادئة
#سمية_العثماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
