أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغني - يوم ترجل فارس جيل السبعينات














المزيد.....

يوم ترجل فارس جيل السبعينات


إلهامي الميرغني

الحوار المتمدن-العدد: 1582 - 2006 / 6 / 15 - 11:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



وفى مغيب آخر أيام عمري ..
سوف أراك وأرى أصدقائي
ولن أحمل معي تحت الثرى غير حسرة الأغنية ..
التي لم تتم ..! "

ناظم حكمت

عندما نتحدث عن جيل السبعينات الجيل الذي جاء في موعد مع القدر ، لابد وان نذكر الحركة الطلابية التي فرخت هذا الجيل ، وعندما نذكر الحركة الطلابية نتذكر رئيس اللجنة الوطنية لطلاب جامعة القاهرة أحمد عبد الله رزة زعيم التمرد الطلابي ، ورغم وجود زعماء آخرين للحركة مثل تيمور الملواني في الإسكندرية وصلاح يوسف في أسيوط إلا أننا عندما نتحدث عن زعيم الطلاب وزعيم جيل السبعينات فإننا نتحدث عن احمد عبدالله الفارس النبيل.

إنه الشاب النحيل الجسد الطويل القامة الذي كان حين يتحدث يصمت الجميع ، وحين يطرح أفكاره الجديدة نكتشف إن للحقيقية وجوه متعددة ، شخصية كاريزمية بكل ما يعنيه التوصيف ، زعيم حقيقي أمتلك كل مقومات الزعامة ، ورغم ذلك لم يتعالى علي الآخرين وهو الحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من كمبريدج . كان محرض من طراز فريد ، ونبيل من نبلاء الأساطير، يجالس البسطاء وبعبقرية فريدة يبسط لهم الحقائق المعقدة.

عشق مصر وتجسد ذلك في عشقه لعين الصيرة ومصر القديمة التي وهبها الكثير من جهده وأفكاره وأخيرا مركز الجيل الذي حاول من خلاله تحويل أفكاره إلي واقع لتطوير فقراء عين الصيرة ومنهم الأطفال الذين رافقوا جثمانه في رحلته الأخيرة.

لقد كان الدكتور احمد عبدالله عصبي في الحق ينفعل وهو يدافع عن أفكاره وهو يقاوم ويقود المقاومة في مواجهة طوفان الزيف الذي أغرق الكثير من رفاق الدرب ، لذلك كان من الطبيعي أن تصيبه العلل والأمراض ، فقلبه الرقيق لا يتحمل كل هذه الضغوط ، كان عبقرياً أو كما يقول المصريين " كان أبن موت " . فقد كانت لديه الكثير من الأفكار والعديد من الأحلام التي كافح من اجلها ولكن الواقع المتردي وأزمة اليسار قهرته وجعلته يزداد حزناًَ وألماً حتى توقف قلبه عن الخفقان في الخامس من يونية وفي يوم ذكري النكسة التي قادتنا لكل ما نعانيه من أزمات وانتكاسات. فحق عليه قول بابلونيرودا:
" نحن الذين نفخنا , في الصخر
في الحديد , في الإنضبات الصارم
واصلنا الحياة بالحب وحده
و الكل يعرف بأناَ نزفنا دماً
حينما شوهت النجمة
على يد قمر الخسوف الجهم
الآن سترون من نحن و فيم نفكر
الآن سترون من نحن و فيم نفكر
نحن فضة الأرض النقية
معدن الإنسان الحق
نجسد حراك البحر الدائب
دعم كل الآمال
و لحظة في الظلام لا تسلبنا النظر
و دونما عذاب سنلقى حتفنا

لقد قاوم احمد عبدالله علي مدي سنوات ، قاوم إقصائه من الجامعة ، وقاوم الوظائف والمناصب الحكومية في ظل حكومات غبية ، وقاوم التمويل الأجنبي في ظل صدور الفتاوى التي تحلله ، وقاوم أن يتحول لأكاديمي معزول فارتبط بالشعب الذي أحبه ووهبهم كل وقته وفكره ، وحين اشتدت عليه الهموم ، وثقلت على قلبه المواجع ، غادرنا في صمت.

أذكر حين تحمس للعمل معنا في نقابة التجاريين وكيف قاد الزعيم تجمع التجاريين الديمقراطيين عام 1989 وكيف كان يخطط للمعركة ويقودها بحكمة واقتدار، ورغم زعامته لم يخجل وهو أستاذ السياسة أن يحمل جردل النشا والملصقات ويغطي جدران القاهرة بشعارات الحملة الانتخابية ليعطي للجميع درساً بأن الزعامة كفاءة وجدارة وليبست مجرد ألقاب تمنح لمن لا يستحقها.

وعندما كانت تجمعنا اللقاءات كان يطرح أفكاره ويحلل بعمق كل ما يحدث فهو عالم سياسى وخبير اجتماعي يعشق تراب الحواري ويعرف ما يحدث داخل العشش المغلقة على الفقراء ، ويضع الخطط من اجل تجاوز الأزمة ، لقد ترك لنا تراث من الكتب والأفكار التي تحتاج لأن نعيد قراءتها لنعرف كيف كان يفكر الزعيم. ونعرف كيف كان يري أزمة اليسار ويحللها بعمق وشفافية ومصداقية فكان وبحق من أنبل وأفضل أبناء جيل السبعينات.

وعندما خاض معركة الانتخابات البرلمانية الأخيرة وأجهد نفسه فوق طاقتها ، كان يعرف أنه سيخسر وأن سلطان المال سينجح وان العملة الرديئة ستطرد العملة الجيدة ، وبذل كل جهده وخسر المعركة وازدادت حالته الصحية تدهوراً ولكنه ظل يعمل من خلال مركز الجيل حتى أيامه الأخيرة.

عندما أبلغني الرفاق أن أحمد عبدالله ترك عالمنا ورحل ، أخذت أفكر يا تري من الذي قتله ؟! هل هو داء القلب ، أم أزمة مصر ، أم أزمة اليسار ، أم معركة مجلس الشعب الأخيرة . هل هو سقوط العشرات من أبناء جيلنا أمام رياح الردة أم عاجز الباقين عن صنع بديل يليق بهم ، هل هو التحول من عصر نجيب سرور إلي عصر نجيب سويرس، أم التحول من عصر الحرب الباردة إلي عصر الحروب الصغيرة . الأسئلة كثيرة ومتوالية ولكن الحقيقة الوحيدة هي أن الفارس النبيل قد ترجل وغادرنا في رحلته الأخيرة.

لقد غادرنا أحمد عبدالله بجسده ولكن أفكاره المتقده وروحه الطاهرة ستظل بيننا ولا أملك سوي أن أقول له " سلام يا صاحبي " وإلي أن نلتقي إليك أبيات من قصيدة للشاعر الجميل نجيب سرور تقول.

قد آن يا كيخوت للقلب الجريح
أن يستريح ,
فاحفر هنا قبراً ونم
وانقش على الصخر الأصم :
يانابشا قبري حنانك , ها هنا قلب ينام ,
لافرق من عام ينام وألف عام ,
هذي العظام حصاد أيامي فرفقاً بالعظام .
أنا لست أحسب بين فرسان الزمان
أن عد فرسان الزمان
لكن قلب كان دوماً قلب فارس
كره المنافق والجبان
مقدار ما عشق الحقيقة .
قولوا " لدولسين " الجميلة ..
أخطاب « .. قريتي الحبيبة :
هو لم يمت بطلاً ولكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة ..
لم يلق في طول الطريق سوى اللصوص ,
حتى الذين ينددون كما الضمائر باللصوص ..
فرسان هذا العصر هم بعض اللصوص ! .



#إلهامي_الميرغني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمثال يوسف درويش لا يموتون
- تأملات في أوضاع الطبقة العاملة المصرية 2006
- الفقراء يدفعون الضرائب والأغنياء يتحايلون
- المعاش المبكر والتخبط الحكومي
- كل عام والحوار المتمدن بخير كل عام واليسار العربي بخير
- تمزيق وتدمير الوطن ولى وطن آليت ألا أبيعه ولا أرى غيري له ال ...
- تمزيق وتدمير الوطن
- إعادة صياغة الوعي في زمن العولمة المتوحشة
- اللحم الرخيص
- ملاحظات حول ورقة من أجل حزب اشتراكي جديد
- لماذا وأين نتظاهر؟
- تحرير الأسواق كطريق للتنمية
- كلام أبو لبدة
- الإصلاح الاقتصادي في مصر
- الفقر في بر مصر
- ديون القطاع العام وديون القطاع الخاص
- مفاهيم ديمقراطية مغلوطة
- شكراً للرئيس مبارك
- حكاية الأسد العجوز
- تاريخ الحركة الشيوعية الثالثة - ضرورات التوثيق


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغني - يوم ترجل فارس جيل السبعينات