|
خوض خجول في قصيدة أمواج على شاطئ الحلم للشاعرة سفانة بنت ابن الشاطئ
منوبية كامل الغضباني
الحوار المتمدن-العدد: 6546 - 2020 / 4 / 25 - 19:13
المحور:
الادب والفن
بائية في البحر الكامل للشاعرة سفانة اسماعيل شتات " بنت ابن الشاطئ" ،حافلة بتجربتها الشعرية ،كاشفة عن مدى تمكنها في دقة تصوير اختلاجات نفسها المرهفة مبنية على توقيع تصاعدي ، تفاوت السطر الشعري فيها سمة حداثية للقصيد يساوق الموجة النفسية الشعورية وصدى ارتداداتها الداخلية في ذات شاعرتنا ، وقد ابدعت الشاعرة في توظيف شعرية اللغة بمجازاتها واستعاراتها منذ العنوان وصلته بالمتن او في مستوى الافعال وهيمنتها .حضور يتجلى بدء بالعنوان "امواج على شاطئ الحلم " فهذا العنوان يخترق فسحة المسافة بين أ مواج وشاطئ حلم في ترميز للمدّ والجزر الذي ييسر لنا الإحساس بتمثلات الذات الكاتبة
فالحلم على شاطئ تطاله الأمواج يبني العلاقة والصورة بين الكلمات ، ويربط علاقات المتلقي بهذا النص الشعري في سياقات ما ستتجلى أكثر في مقاطعه ، علاوة على مايتركه من مجالات اخرى لتخمين المضمون والقصد لمتلقيه .تستهل سفانة بنت ابن الشاطئ نصها ب : يُحكى ؛ بأنَّ و يُحكى ؛ تُراودُ .. فقد اعادت انتاج "يُــحكى" بطريقتين مختلفتين لتظلع بدور حكائي طريف مشوّق في اتساق لتتابع الحكي في بنية عملها الشعري في تفاعله مع ما ستسرده ،وهي تقنية وحبكة فنية تخدم البناء التوليدي لحوامل الكلام والاحاسيس ، ثمّ أن الحاق حرف الباء ب"أن" يفترض الإتصال بينهما وهو تشكيل يعطي دلالات أخرى للحكي. يحكي.في سياق ثان مبنية للمجهول مستميلة الاسماع والانظار للصغاء والتمعن إقتباس: يحكى,بأنّ القلب هام عذابا وعلى هدير الموج ثار عبابا . يُحكى ,تُراود يا سميني غصة فإلام أنطر موعــــــدا كـــــذابا . يا مُلهِمَ الشُعَراءِ جئتُ و في دَمي يغفـــــو الحنـــــــــينُ مُعَـــــــــذَّبا مُــــــــرتابا . فالمتأمل في هذا المقطع يكتشفُ قدرة الشاعرة على تنويع الأساليب في انتقال متقن من أسلوب الى آخر ، بجملة اسمية تارة وجملة فعلية أخرى وبجملة النّداء ، كما وردت صيغ للتفعيل في "كذّابا" و "معذّبا" وهي صيغة صرفية لغوية تمنح المعنى مدركاته الحسية العميقة في النّفس ، وكذلك الإنتقال من صيغة الى أخرى صيغة الغائب في "القلب هام" و "ثارعبابا" " تراود " . " يغفو ". فالمتكلم "أنطُرُ " و "جئتُ" وهي ازدواجية صريحة تعني شاعرتنا بذاتها ...ثمّ تمتدّ موجاته الشعورية تباعاً،مع استعمالها لياء النداء في قولها إقتباس : يا ملهم الشّعراء ..جئت وفي دمي يغفــــــــــــو الحنــــــــــــين مُعـــــــــذبا مرتابا . بين المشــــــــــــــاعر ذكــــــريات أم تزل تنـــــــداح في صــــــــدر النهار عِذابا... . سافرت دهرا في بحور حرائقي... فغرقت وازداد العذاب عذابا
وبين اقدام واحجام تفتح مغالق النّفس لينثال الشعر والمشاعر ترسم بهذه الكلمات منحنياتها الشعورية والقلق الذي ينتابها وقد وظفت تقنية الموجات السطرية بايقاع درامي متفوق ...وفي توغل في فضاءات نصها الشعري أميل الى تجميع لمستويات مختلفة تتعلق بــــــــــــــــ الصور الشعرية التي نسجت مباهج اللغة في القصيد واغرت المتلقي باستقراء دلالاتها ومعانيها واستعاراتها الجمة وقد رصدت بعضها في قولها : "ذرفت دمعي فوق صدر قصائدي _ صنعت من نار العتاب حجابا _ ركبت اشواق الربيع _ عتقت حرفي في جرار مودتي _ ماعدت انسج من ورودي زورقا" فهذه الصور تتعدى المجال الإستعاري لترسو بنا على أفق التشبيه لتتحول اللغة الى لغة تشكل نمطا تعبيريا أكثر دلالة وثراء ..
كما انّ قوّة الأفعال ومعجمها الثّر وايقاعها لتنقل الحسي وظرافة الإسناد كقول شاعرتنا هنا "سهم تعفّر بالهوى فأصابا _ حفرتك في فؤادي _ الهوى يستاقني _ اكتحل بحرائقي .." فهنا نقف على رمزية موغلة في الجمال رغم شجن المعني والمقصد... وهو ماقال عنه الجرجاني (أثبات معنى من المعاني لا يجيئ باللفظ الموضوع له ولكن يجيء الى معنى تاليه يومئ به إليه ويجعله دليلا عليه)
كما أن التّأمّل في متن النصّ يستبطن عبر المعجم اللّغوي الدقيق ما تقارعها الشاعرة وما يعتمل في عمقها وما يعتري روحها فمع ركبت الشوق وعتقت الحرف وسقيت مشاعري بندى المحبة وفتحت قلبي كتابا توغل بنا في اجواء معطرة مشحونة باحساسها الدّافق...لتودعنا بعدها الى أمواج هادرة لتنحو بنا مناح آخر لـــ نظلّ نتقلّب في مداها بين مدّ وجزر " ماعدت انسج من ورودي زورقا " ، " الموت اهون من حياة شفها بعد يناسل حيرة وعذابا " ... " سئمت الحب والاحبابا " تفيض المواجع فتنتقل من المتكلم المتألّم الى المخاطب لتنهي معه حبل الكلام بقولها : إقتباس : فـــ ارحل بعيدا واكتحل بحرائقي أو كن لقلبي بلسما ....وحجابا
فالشاعرة هي المتأزمة والخيار له هو ..
وجدت في هذا النّص الشّعري مساحات تعبيرية جريئة تنفتح وتحيل على الداخل برغبة الإفصاح في لحظة يسقط فيها الحجاب عمّا تكابده الذات في مطلق حالاتها وانفلاتاتها وما يميّز أعمال الشاعرة والمبدعة " سفانة بنت ابن الشاطئ " أنّها مطبوعة مختومة بقول الذّات وليس قول ذوات الآخرين فقط وهو التّفرّد في الإبداع على رأي الروائي واسيني الأعرج.. هي قراءة في "أمواج على شاطئ الحلم " خاطئة أتاحها لي أفق التلقي الذي تتنزل فيه عملية التلقي كرافد لقراءات أخرى تكمل النّص المقرووء...
#منوبية_كامل_الغضباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|