أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - «المترجم الخائن»














المزيد.....

«المترجم الخائن»


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 6545 - 2020 / 4 / 24 - 19:24
المحور: الادب والفن
    


هل سبق لأحدكم أن شرع في قراءة رواية وبدأ يلتهم صفحاتها، تُسبقه عيناه لقراءة الأسطر اللاحقة قبل الوصول إليها، ولا يرغب في أن تنتهي؟
هذا ما حصل معي وأنا أقرأ رواية «المترجم الخائن» للكاتب السوري فواز حداد.
ربما حالة نادرة أن يختار كاتب ما خيانة المترجم لأمانة النص موضوعاً لروايته. خلاصتها مترجم شابّ لا يتقيّد حرفيّاً بالنص الأصلي، بل يتلاعب ببعض الكلمات والعبارات وحتى الفقرات.. بما يُرضي ذائقة القارئ المحلّي. وما يراه المترجم بأن ذلك يخدم الفكرة التي ينشدها على نحوٍ أفضل من المؤلّف.
يفرد الكاتب حيّزاً هاماً يفضح فيه عالم، بل غابة الأدباء وشلل المثقفين. معرّياً نفاقهم وتزلّفهم ومؤامراتهم ضدّ بعضهم البعض بتفاصيل يصعب على الغريب عن هذه الأوساط الوقوف عليها أو حتى تخيّلها.
إذ تنهال على المترجم الانتقادات من بعض المتصيّدين من النقّاد تحت تهمة الخيانة العظمى للأدب. ومن خلال معاركه معهم يوضّح الكاتب تأثير الأجهزة الأمنية والأحزاب والمنظمات وتسلّطها على الكُتّاب وعلى الوسط الثقافي بشكلٍ عام. فهي تسعى لرفعِ شأن كاتبٍ تافه على حساب ذوي الإبداعات الحقيقية تبعاً لأجندة هذه المؤسسات. ليتحوّل مترجمنا إلى كائن منبوذ امتنعت عن التعامل معه كل دور النشر. وقاطعته كل الشلل الثقافية والأدبية، واختفى من ميادين الترجمة ردحاً من الزمن.
إلى أن تطلبه دار نشر جديدة للترجمة مستغلةً وضعه المزري، وتمنحه أجراً زهيداً. فيوافق مقهوراً وتبدأ حالة الصراع مجدداً بين ما هو مكلف بترجمته طبقاً للأصل، وبين رغباته الدفينة بالتحوير وفق قناعته.
يعرّج الكاتب إلى حياة المترجم الخاصة، فهو متزوج ولديه طفلين. وبسبب حياة التسكّع التي يعيشها ككثير من المثقفين، تهجره زوجته مع طفليها وتعيش في بيت أهلها.
كما يتطرّق – من أجمل فصول الرواية - إلى القضية الفلسطينية وخيباتها، من خلال تسليطه الضوء على علاقة حب بين شاب فلسطيني يعيش في سورية مع صبية سورية، يقرران الزواج ويتنقلان من بلد إلى آخر في رحلة مريرة، لتنكشف لديها خفايا لم تكن تحلم حتى في أشد كوابيسها أنها يمكن أن تحصل في منظمات نذرت نفسها لخدمة القضية؛ فالسرقات والخيانات عناوين بارزة لدى شخصيات أوهمتها بسحر تفانيها لأجل فلسطين، ليتبيّن أنهم كسابقيهم ولاحقيهم.. أنذال. وتتوّج مأساتها بمصرع زوجها على يد رفيق له بسبب شجار تافه نتيجة اتهامات متبادلة بينهما.
لم يقتصر تناوله للمنظمات الفلسطينية بمختلف تسمياتها بالنقد والتقريع، بل امتدَّ إلى كافة الأحزاب اليسارية قاطبةً. وأعتقد أنه كان متحاملاً جداً على جميع الشخصيات التي وردت في الرواية؛ فكلّهم مشوّهون سلبيّون معقّدون..
تُرى، هل يقصد من ذلك أن الإنسان الذي يتعرّض للاستبداد عقوداً من الزمن، يتحوّل إلى كائن عاطل عن منظومة القيم الخيّرة التي تدعو إليها كل الشرائع الأرضية والسماوية؟
تعود تلك الصبية السورية إلى دمشق وتتعرّف على فنان عراقي لاجئ من بطش صدّام حسين. يعمل نحّاتاً وتنشأ بينهما علاقة حب ويختاران (المساكنة) عوضاً عن الزواج التقليدي. لتشهد معه مأساةً مروّعةً أخرى تنتهي بمصرعه هو الآخر. بعد أن يتحفنا الكاتب بمقطع مؤثّر عن الاحتلال الأمريكي للعراق وعن فظائعه في تدمير العراق وإذلال شعبه.
وأعتقد أن الكاتب رمَزَ بإخفاق علاقتها مع كلا الرجلين اللذين ساماها العذاب. وكأنه يقول بأن الزواج الناجح يتطلّب أزواجاً يتمتعون بالحرية والكرامة الإنسانية. وهذا ما افتقده الثلاثة. فلا يمكن أن يكون الإنسان حرّاً دون وطن حرّ.
أما شخصية محمود التي تظهر في الرواية بين الحين والآخر، فهو أحد أهم شخصيات الرواية، فقد أبدع الكاتب في تصويرها؛ رجلٌ قبيح الشكل دميم إلى درجة يثير منظره الخوف بل الهلع، مهمته القيام بتأديب خصوم من يكلّفه بذلك لقاء أجر. فقد اضطر إلى هذه المهنة بسبب قباحة شكله، إذ لم يقبل على تشغيله أحد.
«المترجم الخائن» رواية تستحوذ على القارئ بلغتها الشاعرية الرشيقة الآسرة، وتشدّه بلطف لإكمال قراءتها بشغفٍ ساحر رغم ضخامتها حوالي (500) صفحة.
فواز حداد، صيّاد حاذق للجمال. ويستحق بجدارة جائزة البوكر الأدبية التي حصل عليها عام 2009.
نقتبس فيما يلي من روايته هذا القول المأثور:
«إذا لم يمسّ الأدب العظيم أرواحنا، ولم يرعَ في أفئدتنا تَوْقاً إلى الحقيقة والعدالة، مع قدرٍ كبير من التسامح، فبئس الأدب والأدباء!»



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صاحب الأنف الضخم!
- «وردَّدتِ الجبالُ الصدى»
- ما بعد كورونا..
- حظر التجوّل
- بيروتُ الحُلُم، والحقيقة..
- لكِ، «ألف شمس مشرقة»
- أيُّ نظامٍ نريد؟
- الغِرُّ
- «عدّاء الطائرة الورقية» ولأجلكِ، ألف مرّة أخرى..
- «الكندرجي»
- «سجينة طهران»
- الوكْفُ والمِزْراب
- سكْسوكة
- المَهْزوز
- الحُبُّ في زمن «الكورونا»
- قراءة في رواية «الواجهة»
- كهف أفلاطون والديمقراطية السورية
- حبيبتي حزينة!
- يا للهول! إنهم يتناسخون!
- العُنْفُ حلٌّ أحياناً


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - «المترجم الخائن»