محمد البوزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 00:31
المحور:
الادب والفن
يوميات صغيرة في الحجر الصحي -4-
سناء في المستشفى
في صباح اليوم الخامس من الحجر الصحي التي تطلق عليها سناء بابتسامة عذبة الجُحْر الصحي ،استيقظت وهي تصرخ من مواجع مختلفة في بطنها بدت تجلياتها في حرارة مرتفعة لجسمها.
كانت تفهم ما معنى حالة الطوارئ الصحية، لذلك لم تزعج أمها طوال الليل بالمناداة عليها، بل تحملت أوجاعها في صمت حتى بدا الصباح.
على المائدة، فقدت شهية الفطور،وكان واضحا العياء الذي أصابها .
أثارت وضعيتها شفقة والديها،اللذين تألما كثيرا لحالها ،لكن كيف سيتصرف في هذه الوضعية.
اتصل بسيارة الإسعاف التي كانت منشغلة بنقل مريض مرتفعة درجة حرارته .
على الهاتف كان يبدو محاولة الممرض تخفيف قلق الاب وأن الحرارة عادية في مثل حالتها التي وصفها له .
وبين دموع كانت تتدحرج خفية من أمها، وسؤال أبيها على سماع الهاتف،كانت عيون الصغيرة تائهة،وهي تسأل ذاتها في صمت :هل هي أعراض الكورونا ؟
حضرت سيارة الإسعاف بعد حين ،حملت الجميع للمستشفى في وضعية أثارت هلع الابنة الصغيرة التي ترى الزي الجديد الذي يلبسه موظفو الصحة لأول مرة.
في المستشفى كانوا تائهين بين التشخيص العادي بالمستعجلات وإمكانية ضرورة إجراء التحاليل الطبية.
كانت قاعة الفحص تحتضن حالتين سابقتين .
الجميع في هلع، فلا الطبيب امتلك شجاعة المواجهة للفحص، ولا الأب امتلك الشجاعة لترك ابنته بين أيدي أطباء يخشون إصابتهم من صغيرة مشكوك في حالتها.
كانت سناء تحملق بين الحضور دون أن تدري أن الكل متهم، ومحتمل إصابته حتى تثبت براءته من الفيروس الخطير.
كانت الكمامات التي لم تعتدها سناء تثير خوفها، جسدها يرتجف جزعا ، المحرار يشير لتجاوز الحرارة المعتادة لجسدها بدرجة واحدة .
لا خوف على سناء ، يضيف الطبيب .
سلمه أدوية خفيفة ناصحا إياه باتباع حمية خاصة وشرب ماء بارد للتخفيف من حرارة جسدها.
حين خرج الأب ،لم يجد سيارة الإسعاف ،نادى أحد أصدقائه لإحضار سيارته الخاصة. متجها للمنزل
كانت سناء تتأمل الشوارع الفارغة من المارة.لقد فقدت المدينة طراوتها ،والحدائق ديناميتها .لا أطفال يلعبون ولا نساء مجتمعون ...ولا...ولا...........
حين وصلت للمنزل،تنفست الصعداء ،فقد استعادت طمأنينتها الخاص ،ومع هدية صديق أبيها دبت حيوية في جسدها الطري .
التقت عيناها بعيني أمها ،تبادلت إحساسا خاصا، ضمتها بقوة وحرارة الأمومة المعهودة عنها .
ظلت تحكي لأمها هلعها من تردد الطبيب الطبيعي في فحصها،ومن الزي الخاص باللحظة و نصحتها في براءة الصغار
أمي.. المرض قدر إلهي ،لكن خلاصتي أن من أراد المرض فلينتظر إلى ما بعد كورونا ..
#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟