أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - أكانت تفاحة آدم ..... أم تفاحة أفروديت














المزيد.....

أكانت تفاحة آدم ..... أم تفاحة أفروديت


رماز هاني كوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 21 - 18:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


دائما ما نردد في أحاديثنا اليومية أن حواء هي السبب بطردنا من الجنة و حرمان البشر من نعيمها لأنها تناولت تفاحة و أطعمت ادم منها فهل فعلا كان التفاح سببا غير مباشر بطردنا ؟
رواية الطرد من الجنة ترد بطرحين مختلفين بين القرآن و العهد القديم . الرواية القرآنية نراها مختصرة و تتحدث عن مخالفة آدم و حواء لأوامر الله و تناول ثمار الشجرة المحرمة (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ* فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ* وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ* فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ....) الأعراف . فالرواية القرانية لا تذكر التفاح أبدا و كذلك لا تحمل المرأة مسؤولية الإغواء بل تنسبه للشيطان و تساوي بين آدم و حواء بالاستجابة لإغواء الشيطان و بالتالي فكل من آدم و حواء يحملان المسؤولية بشكل متساوي عن الطرد من الجنة .
الرواية التوراتية تختلف عن القرآنية فهي أوسع و أكثر تفصيلا للأحداث التي أدت للطرد . فبداية تتحدث التوراة عن أن الله زرع في وسط الجنة شجرتين هما شجرة الحياة ( حيو) و شجرة المعرفة( دعة ) "واستنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة بهيّة للنظر ولذيذة للأكل. وغرس أيضا شجرة الحياة، وشجرة معرفة الخير والشر في وسط الجنة" تك 2/9 . تتابع الرواية بعد ذلك و تشير بأن الإله طلب من آدم و حواء أن لا يأكلا من شجرة المعرفة و إلا موتا يموتان . هنا حواء تخضع لغواية الشيطان و تأكل من ثمر شجرة المعرفة و تقنع آدم بأن يأكل منها فيستجيب لها . لاحقا تنقل التوراة نصا يظهر فيه الإله محدثا نفسه قائلا (وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». فآدم و حواء بعد أن أكلا من شجرة المعرفة تفتحت عيونهم و اكتسبو المعرفة و الحكمة . فاذا تناولا من شجرة الحياة أيضا اكتسبا الحياة الابدية و الخلود و صارا كالآلهة . و هو أمر لا يريده الإله فهو لا يرغب بمنافسة لسلطانه و قدراته من أحد فيقوم باستباق هذا السيناريو و يطرد آدم و حواء من الجنة . في التوراة المسؤولية بتناول الثمار المحرمة يقع على عاتق المرأة و هي السبب في غواية الرجل بينما القران يساوي بين الطرفين . التوراة تحدد اسم الشجرة التي تناول منها آدم و حواء بين القرآن لا يحددها . و لكن أيضا هناك أمر آخر مشترك فنحن لا نعثر على ذكر للتفاحة التي سببت الطرد حسب المفهوم الشعبي .
في الواقع النصوص الدينية الإبراهيمية لا ترد على ذكر التفاح كثمرة مقدسة مثلا أو أنها لعبت دورا بقصة الطرد كما هو دارج شعبيا . و يبدو أن التفاحة تسربت للتراث الشعبي للشعوب التي تؤمن بالإبراهيميات من الأساطير الإغريقية و كانت تمثل رمزا للغواية في التراث الثقافي اليوناني كما في قصة تفاحة أفروديت. و ملخصها أن الآلهة الثلاث ( هيرا إلهة النساء و الزواج أثينا إلهة الحكمة أفروديت إلهة الجمال و الحب ) دعيت لحضور حفل زواج الإلهة ثيتس إلهة البحار من الملك أبيليوس و لم تدعى الإلهة أيريس إلهة الفتنة لحضور الحفل فغضبت و انتقمت بأن وضعت تفاحة مكافاة للأجمل بينهن . لتختلف الإلهات الثلاث هيرا و أثينا و أفروديت و يتنازعن و لحل النزاع يلجأ الإله زيوس لحكم أجمل رجل بشري و هو الأمير باريس ابن ملك طروادة . و تحاول كل واحدة إغواؤه بطريقتها . هيرا وعدته بالحياة الأبدية ، أثينا وعدته بالحكمة ، أفروديت وعدته بأجمل نساء الأرض . أمير طروادة اختار أن يمنح التفاحة لأفروديت . فكافأته أفروديت بأن أرسلته الى اسبارطة بغياب ملكها ليخطف زوجته هيلين أجمل نساء الدنيا . لتندلع بعدها حرب طروادة التي تنتهي بهزيمتها أمام اسبارطة .
سيناريو آخر لشجرة التفاح مصدره الأساطير اليونانية نراه في الهدية التي نالتها هيرا بمناسبة زواجها من زيوس . حيث أهدتها الأم جيا شجرة تفاح ذهبية . لاحقا اكتشفت هيرا أن بناتها تسرق من ثمار الشجرة الذهبية فوضعت تنينا ليحرس الشجرة منهم . و تتابع القصة مع أطلس و هيراكليس .أطلس كان يحمل السماء على كتفيه عندما سأله هيراكليس عن تفاحات هيرا الذهبية فطلب أطلس منه أن يحمل السماء بدلا عنه ليحضر التفاحات له و ذلك كان حيلة من أطلس ليتخلص من ثقل السماء على كتفيه . و بعد أن أحضرها خدعه هيراكليس و أخذ التفاحات منه و جعله يحمل السماء مجددا .
ففي الروايتين الاغريقيتين كانت التفاحة رمزا للغواية و الخداع ورمزا للفتن و إشعال الحروب . و هو الدور الذي لعبته التفاحة في المرويات الشعبية لدينا باغواء آدم و حواء للخروج من الجنة بالرغم من أن النص الديني لا يصرح عن ذلك بل يشير لدور الغواية و الخداع في خروج آدم و حواء من الجنة . فالعهد القديم تم تدوينه بالقرن الخامس قبل الميلاد على يد عزرا الكاهن قبل وصول الاساطير الإغريقية و انتشارها في المنطقة و ذلك خلال فترة انتشار الثقافة الهيللينية التي أعقبت غزوات الاسكندر المقدوني بالقرن الثالث قبل الميلاد .



#رماز_هاني_كوسه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الأموية مابين الإسلام و النصرانية
- البشارة
- التشابه بين المرويات الدينية في الابراهيميات
- هل الشيطان خالق العالم
- طقوس الموت و الدفن و تطورها
- بعل و نظراؤه في الثقافات العالمية
- الحمير الناطقة في التراث الديني
- زواج الأرض و السماء
- العرب في النقوش و السجلات التاريخية قبل الإسلام
- ميزان العدالة الفرعوني
- حور العين ما بين العربية و السريانية
- game of thrones و أساطير الشرق الأدنى
- أبناء الآلهة و المعراج للسماء
- تيس عزازيل ..... و طقوس الفداء و الأضاحي
- النسيج المقدس..... ما بين العذراء النساجة و انجلينا جولي
- من تدمر و البتراء .... إلى مكة
- طقس الاستسرار initiation ...(موت و حياة)
- العماد و استعمال الماء في طقوس الطهارة الشرقية
- الاشجار المقدسة


المزيد.....




- ترجف من الإرهاق.. إنقاذ معقد لمتسلقة علقت أكثر من ساعة في -م ...
- تمنّى -لو اختفى-.. مخرج -Home Alone 2- يعلق مجددًا على ظهور ...
- جوزاف عون يتحدث عن مساعي نزع سلاح حزب الله: نأمل أن يتم هذا ...
- ثنائي راست وتحدي الكلاسيكيات العربية بإيقاعات الكترونية
- -من الخطأ الاعتقاد أن أكبر مشكلة مع إيران هي الأسلحة النووية ...
- عراقجي: زيارتي إلى روسيا هي لتسليم رسالة مكتوبة من خامنئي إ ...
- تصاعد أعمدة الدخان فوق مدينة سومي الأوكرانية بعد غارات بمسير ...
- المرسومً الذي يثير القلق!
- دورتموند يتطلع لتكرار أدائه القوي أمام برشلونة في البوندسليغ ...
- عاصفة رملية تخلف خسائر زراعية فادحة في خنشلة الجزائرية (فيدي ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - أكانت تفاحة آدم ..... أم تفاحة أفروديت