أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - علي وتوت - في أبعاد العولمة ومستوياتها














المزيد.....

في أبعاد العولمة ومستوياتها


علي وتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1591 - 2006 / 6 / 24 - 11:38
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تبدو العولمة بوصفها أنموذجاً للتحولات الكبرى التي تمرُّ بها المجتمعات. وهي بهذا التوصيف تبدو حداً فاصلاً بين مرحلتين حضاريتين، لكل منهما تصوراته ودلالاته للظواهر والأشياء التي اكتسـبت علاقاتها الجديدة في ضوء هذا التحول. ولأنَّ العولمة لم تكن سـوى حصيلة طبيعية للتطور البشـري متعدد المسـتويات (المسـتوى التقاني Technical Level يليه المستوى الاقتصادي Economic Level ثم بعده المسـتوى الثـقافي Cultural Level ثم يأتي المسـتوى السـياسي Political Level أخيراً) فإنها أخذت شـمولها الحالي وتأثيرها الواضح بسببٍ من تواجد عوامل موضوعية، من أهمها :-
1. ثورة المعلومات.
2. التدفق الإعلامي المذهل.
3. التقدم التقاني.
هذه العوامل التي أدت بمجموعها إلى تصغير العالم، وسـهولة إطلاع أي ّ جزء منه على تجارب وهموم واهتمامات وقيم وسـلوك ونشـاط الأجزاء الأخرى إطلاعاً عميقاً وكثـيفاً وسـريعاً. ولمّـا كانت معظم هذه العوامل أو الشـروط بحوزة المجتمعات الغربية الرأسمالية المتقدمة، وتحديداً مجموعة من المؤسـسات أو الشـركات الرأسـمالية الأمريكية والأوربية الكبرى، فقد تمكّنت من الاسـتحواذ على انتبـاه الأفراد والجماعات في مختلف مجتمعات العالم، عبر سـيطرتها على وسـائل الاتصال والإعلام ومراكز المعلومات، فانتهزت الفرصة لتشـكيل وعي الأفراد والجماعات في باقي أجزاء العالم، وذلك بنشـر أنماطٍ ثـقافية مرغوبة تدعمها هذه المؤسـسات والشـركات الرأسـمالية، وذلك لأنها تؤكد علاقـات اقتصادية واجتماعية وثـقافية بعينها تؤدي إلى زيادة أرباح هذه الشـركات وإدامة سـيطرتها على أسـواق العالـم، وبالضرورة على مجتمعاتـه. وعليـه فقد حلَّ تـنميط مجتمعات العالم، كجوهرٍ للعولمة وأطروحةٍ أسـاسـيةٍ في أطروحاتها، بديـلاً للأنماط الثـقافية المتعددة التي تزخر بها مجتمعات العالـم. ولكن ماذا يعني تنميط المجتمعات ؟
لنـا أن نتصور أخيراً ـ وكما يشـاع ـ بأن نمطاً ثـقافياً واحداً سـيكون ذائعـاً بسـلوكياته وقيمه ومعايـيره وأخلاقياتـه وتقاليـده ونظمـه. إنّ آليـة هذا التصور ـ الذي ينادي بـه دعـاة العولمة ـ تؤكد بأن العولمة بمسـتوياتها هي الحلّ الأمثل لجميع مشـكلات العالم، وهي تضع الولايات المتحدة الأمريكية مثـالاً لمجتمع العولمة، وكأنه مجتمع بدون مشاكل !!!، على الأقل في المسـتويين الأول (التقاني) والثاني (الاقتصادي). فهي في هذين المسـتويين سـتغدق على الأفراد ما سـيفيض عن حاجاتهم من الإشـباع الجسـدي. لكن ماذا عن المسـتويين الثالث (الثـقافي) والرابع (السـياسـي) ؟
تقترح العولمـة على البشـرية اليوم نمطاً ثـقافياً واحداً، ومما لاشـكّ فيه أن هذا النمط ارتبط بدرجةٍ كبيرة بالتراث الثـقافي للمجتمعات الرأسـمالية الغربية والذي تبلور خلال عشـرات ومئـات السـنين، وهو وإن كان نتاجـاً فكريـاً وثـقافيـاً طبيعيـاً للواقع الاجتماعي لتلك المجتمعات، فإنه يكون مفروضاً من أعلى أو من خارج النسـق الاجتماعي لمجتمعات الدول الأخرى (النامية أو المتخلفة أو دول الجنوب كما تسـمّى)، ولابد من أن ذلك سـيولّد تناقضاً خطيراً، إذ ْسـتنشـأ في وعي الأفراد ثـقافة وقيم ومعايـير وأخلاقيات ثـقافية، بل وحتى سـلوكيات ، لا تمّت بصلةٍ إلى الواقع الاجتماعي الذي ينتمون إليه.
فحين يتبـنى الأفـراد والجماعات منظومات من الأفكار والقيم التي لم تخرج من رحم تنظيماتهم الاجتماعية ـ وذلك بتأثير التدفق الإعلامي اليومي الذي يفرض عليهم والذي يكون صوراً في معظم الأحيان ـ فليس هناك ثمة ما يدعو إلى الدهشـة إذا ما أدى ذلك التباعد الثـقافي والاجتماعي بين أفكار الأفراد أو الجماعات في المجتمع وبين واقعهم الاجتماعي إلى أنواعٍ أخرى من الخلل في البنى والأنسـاق الاجتماعية، الأمر الذي يعرضُّها إلى تشـويهٍ مضاعف، يضاف إلى التشّـوه الأصلي الذي نشـأ عن عمليات التحديث الرث التي شـهدتها هذه البنى دون مقدماتٍ وتمهيد.
يضاف إلى هذا، أن المضامين التي تصّدرها الدول والمؤسـسات الغربية، والتي تعمل بعـد ذلك على صياغة الأنماط والنماذج في الدول النامية والمتخلفة، تنتج في الأساس للأسواق المحلية للدول والمؤسـسات الغربيـة، وهي تمثل التقاليد والأنماط والقيم الاجتماعية والروحية والثـقافية والفكرية والأخلاقية لتلك المجتمعات وتعكسـها أيضاً، الأمر الذي يجعل الطرف الآخر أو المسـتورد (الدول النامية أو المتخلفة) يقـع في ارتباكٍ شـديد، ذلك أنّ الأنماط كلها ليسـت سـيئة، ولأنّ بعضها أو الكثير منها يمكن الاستفادة منه بشـكلٍ أو بآخر، بمعنى أنه صالحٌ للتطبيق، مع إجراء بعض الإزاحات النوعية بما يوازي قيم وثقافات المجتمعات والدول المستوردة.
انطلاقـاً من هـذا التصـّور، يمكن أن نتبيّن الجوانب الايجابية للمسـتوى السـياسي للعولمـة في خضم مسـتوياتها الأخرى (والذي يضم مفاهيم وسـلوكيات مثل الديمقراطية وحرية الرأي وحريـة المعتقـد والتعدديـة الحزبيـة واللبراليـة و... ما إلى ذلك) فمعظم المجتمعات الناميـة والمتخلفـة تبدو بحاجةٍ ماسـة إلى التنظيرات السـياسـية للعولمـة، إلاّ أنها تُعّدُ من المحرمات taboo في هذه المجتمعات، وهذا المسـتوى غالبـاً ما يغفـله مَنْ يرفضون العولمة. وسـنفترض مضطرين أن هؤلاء الرافضين لدعوات العولمـة ذوي نوايـا طيبـة، فهم يودّون كل ما هو صالح لمجتمعهم ، معتبرين أن العولمة هي شـّرٌ برمتـها.
تأسـيسـاً على ما سـبق، يمكن للعولمـة أن تحمل النفع للمجتمعات الإنسـانيـة، لـو أنهـا عملت على إيجاد مناخٍ صحيٍّ متكافىء لحوار ثـقافات هذه المجتمعات، والسـعي لتبادل الخبرات والتجارب فيما بينهـا، والابتعاد عن التنميط القسـري (من خلال شـروط مفروضة مثالها القروض والمنح المشـروطة) واحترام الخصوصيات والهويـّات الثـقافية للشـعوب، والكفِّ عـن الهيمنـة بكل وحشـيتها ... فلـو تحقق هذا لكانـت العولمـة تكامـلاً وتعاونـاً وتـثاقفـاً وغنىً وتـنوعّـاً للمجتمعات الإنسـانيـة جمعـاء.



#علي_وتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتهاكات حقوق الطفل في العراق 1-2
- بيئة الإنسان من منظور الثقافة والمجتمع
- 2-2 انتهاكات حقوق الطفل في العراق
- في مفهوم المواطنة ... وحقوق الإنسان


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - علي وتوت - في أبعاد العولمة ومستوياتها