|
سيره غيرية
سمير الشريف
الحوار المتمدن-العدد: 1580 - 2006 / 6 / 13 - 10:25
المحور:
الادب والفن
سيرة غيرية وقصة حياة عروة الزمان الباهي لعبد الرحمن منيف:
السيرة الذاتية ، باب فتحه "محمد حسين هيكل" في روايته "زينب" واقتدى به "طه حسين" في "الأيام" و "إبراهيم المازني" في "إبراهيم الكاتب" و "توفيق الحكيم" في"زهرة العمر" و "العقاد" في "سارة" ومحمد شكري" في "الخبز الحافي" و "فدوى طوقان" في"رحلة جبلية .." و "نعيمة" في "سبعون" و "عبد الفتاح بومدين" في "حكاية الفتى مصباح" و "إحسان عباس" في "غربة الراعي" وغيرهم كثير. لم تلامس هذه السير ، رغم جرأة بعض أعلامها ، فضاء المكاشفات ، ولم تتجاوز السائد المألوف ، ولم تصل مرحلة الاعتراف وبسط صورة الذات بما لها أو عليها ، كما فعل كتّاب أوروبا بسبب ظروف موضوعية لا مجال للخوض فيها. على الجانب الآخر، تبرز السيرة الغيرية ، وفيها يكتب المؤلف ما يعرف عن صاحب السيرة مما خبره وعايشه ، كما فعل "ميخائيل نعيمة" مع "جبران" مما يعدّ فتحا ، أزعم أن الأدب العربي لم يتجاوزه ، وإن جاءت محاولة "عبد الرحمن منيف" في تناوله لـ "عروة الزمان الباهي" ، إضافة نوعية لتلك الخطوة. من أجواء الخمسينات ، يبدأ "منيف" كتابه ، مستفيدا مما اجتاح المنطقة من ظلال سياسية كان فيها الشارع شديد الحضور ، قويّ المشاركة، سواء بالأحزاب أو الصحافة الوطنية أو الجامعات ، التي شكّلت في وقتها ، مراكز استقطاب وبؤر إشعاع ، وتلاحمت قوى مصر وسورية بالوحدة ونشأت موجات من المقاومة والتحدي وتجاوزت فكرة العروبة فيها الشعار والأمل. في تلك الأثناء، تردد اسم "الباهي" ، الطالب القادم من "وجدة" ، الراحل إلى "فرنسا" ليسهم في إقناع الرأي العام الفرنسي بعدالة المطالب الوطنية المغاربية ، هذا الباهي الذي كانت ولادته في خيمة من خيام قبيلة "ادوعلي" عام1930 . حفظ القرآن ولم يتجاوز السابعة ودرس الفقه والنحو والشعر الجاهلي والتاريخ والتحق بجيش التحرير الجزائري ، ليضيف لتاريخه تجربة جعلت منه مناضلا وسياسيا وصحفيا ، شكّل بوصلة الضمير العربي وتعامل مع المعطيات السياسية بروح الفنان الذي أدرك بوعي ، قاعدة الاستعمار في التعامل مع أطراف النزاع (أطلق الصراع وغذّ المنافسة ثم اضرب المتنافسين ببعضهم ، تصل لما تريد) .أواخر الخمسينيات ، والمنطقة تمور بالأحداث والتغيرات العاصفة وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي والحشد التركي على سوريا ومعارك الأحلاف العسكرية ووحدة سوريا ومصر وثورة تموز في بغداد ، وعن طريق بعض الأصحاب ، ومن خلال الإذاعة الموجهة من القاهرة إلى الجزائر ، وجريدة التحرير المغربية ، عرف اسم الباهي عندما كانت أعداد المنفيين العرب تتجمع في القاهرة من كافة الأقطار. في العام 1961، سجل الباهي أول زيارة لبيروت ، ليدشن فاتحة علاقة جديدة مع الشرق ولتصبح بيروت أحد أهم وأبرز محطات حياته ، ويتحول اسم المفرد إلى صفة تميزها سمرة البشرة وبياض الأسنان والشعر الكث الطليق، والإهمال في الملبس وملازمة الأكياس البلاستيكية لحمل الكتب والمجلات ، عوضا عن الحقائب الجلدية ، ونسيانه لعادة التدخين التي يعوضها بمتعة الحديث والمشي والإصغاء وتذوق الجمال الإنساني . هذا هو الباهي الذي أعادت الأحداث والأماكن صياغته فأصبح شخصية لا تقولها الملامح الظاهرة ولا تلك التي تختفي وراء الضحكات والسلوك ألعدمي الذي يقول أحيانا كل شيء ولا يقول شيئا في معظم الأحيان . يعتبر الباهي أن الإنسان الذي يفترض أنه أنبل المخلوقات عقلا ، هو أسوأها تصرفا وسلوكا ، فالإنسان راض الحيوان وأخضع الطبيعة وسخّرها لمنافعه ، ولكنه تحوّل إلى عدو لنفسه وبني جنسه ، ويصرّ على الانتحار أو قتل غيره مجانا ، فلماذا يعمل هذا الإنسان على أن يبقى صغيرا. سمك السلمون لا ينسى رائحة التراب، وهو دائم الحنين إلى الماء ، ويظل وفيا حتى لحظة الغياب ، وهو كغيره من الحيوانات ، يسرف في الهجرة والابتعاد عن موطنه الأول ، لكن غريزة تسيطر عليه ، وتحمله على العودة، أما الإنسان فهو أكبر نسّاء ويسرف في اعتماده على النسيان حتى تصبح عادة متحكمة بسلوكه وعلاقاته بالآخرين . يغرق الباهي في عالم النمل ، ليعرف كيف تتصرف هذه الكائنات في ترتيب ممالكها ، بدءا من انتخاب الملكة وعدم التسامح مع الإهمال وواجبات الأفراد ذكورا وإناثا ونظام الحراسات ونقل الأخبار وحماية التموين وتعريضه للشمس عند تعرضه للرطوبة، ومعرفة مواعيد سقوط الأمطار وتقسيم البذرة لمنع نموها .
يقارن الباهي أحوال الحيوان بهذه التفاصيل الدقيقة الذكية ، ويقارنها بالإنسان البائس الذي أضرّبه عقله. وكما النمل ، كذلك مملكة القرود والأسماك والطيور ، كلها تثير الأسئلة وتشعل الدهشة وتعود إلى السؤال الموصل إلى البحث . يتساءل عندما يقارن ويظل حائرا لقدرة هذه المخلوقات في دفاعها عن نوعها وعنصر الإرادة والبقاء لديها ، من هنا ، كان كثير الزيارة لمقبرة الكلاب في باريس!! غير بعيد عن عالم الحيوان ، تستوقف "الباهي" ظواهر الطبيعة أيضا، فالقمر وما يولده من آثار مادية في جسد الإنسان ، والخوف وتأثيره على عوالم الحيوان والنبات، والنجوم التي تملأ ليالي الصحراء ، والطبيعة التي وصلت إلى بهائها بفعل تراكم متواصل لا يعرف التوقف، لا يجوز لبضع مجانين أن يتحكموا بها ، لأنها قوية وتعرف كيف ترد وتنتقم في الوقت المناسب ، والبراكين والزلازل ، شواهد ليست عنا ببعيد. هكذا استوطنت الطبيعة "الباهي" وأصبحت جزءا من كينونته ، فتواضع وأنسجم مع كل ما حوله ، دون أن ينسى باديته التي حملها هوية ، رغم تواجده الطويل في باريس ، وظلّ محافظا على جذره وبساطته وصبره وصراحته ووفائه الذي عرّضه للفهم الخاطئ وللإساءات الكثيرة. أوائل الستينيات ، وفي لهب المعارك ، لا يكبر الإنسان وفق تقاويم الأيام ، بل حسب التجارب التي يحياها والأخطار التي يواجهها، هكذا قُدّر للباهي أن يبدأ رحلة الاكتشاف منذ أن غادر موريتانيا صغيرا فأتيح له التعرف إلى المغرب / الناس والمكان ، من خلال تجربته في صفوف جيش التحرير الجزائري ، ولتتكون للباهي ذخيرة فكرية سياسية ، وليقرر بعد أن هدأت المعارك، استعمال سلاح آخر / القلم / بدءا من عام 1965 حتى ودّع الدنيا. استندت كتابات "الباهي" للواقعية الممزوجة بالتحليل ، والخبر المفتوح على الأدب والخيال ، مما أضفى على أسلوبه نكهة وخصوصية أفرد بهما. كان مسكونا بالأدب ، شعره ونثره ، وأقتنع أن الأدب أفضل وسائل التعبير ، فأبقى لكتاباته الصحفية ظلالها الأدبية ، ولأن الأدب لا يوفر الحد الأدنى من القدرة على مواجهة أعباء الحياة، فقد استدعى ذلك البحث عن مصدر آخر للرزق ، فقد جعل الباهي أدبه مجرد هواية ، ولقناعته بوهم أن الحياة لا تزال ممتدة طويلة مقبلة ، وستمكنه الأيام يوما من قول ما يريد ، كان يحشد نفسه ويهيئ موضوعاته انتظارا لهذه الرحلة . كان يؤمن بتكرار الزمن الدائري القابل للتجدد، وبالتالي فالزمن غير قابل للفناء أو الانتهاء – هذه النظرة ، قادته لاعتبار الآني أكثر أهمية من الآتي، مما خلق لديه زهوا ذاتيا مقنعا مشبعا في لحظات وسببا للقلق وتأنيب الضمير في أخرى .
الثورة الجزائرية التي أوشكت على النصر ، أخذت تواجه الانقسام والصراع الداخلي ، وبرزت العيوب التي تظهر في ثورات العالم وتفتقر إلى رؤية ما بعد النصر، ارتفع الصوت العالي من الجميع بشجب تسوية الأمور عن طريق السلام ، وكان الباهي واحدا من المنادين بحقن الدماء ووقف الصدام المسلح بين الرفاق ، وليكتشف الباهي الفرق بين الشعار والسلوك في التعامل مع الموضوعات السياسية . تنتهي محنة الجزائر ، ويلتحق الباهي بالعاصمة هناك ، ليقوم بدوره من خلال كتاباته في جريدة "المجاهد" في بناء الجزائر الجديدة ، ليخوض تجربة أخرى ويصبح في موقع لم يألفه ، واضطر لتغيير طريقته في التفكير والخطاب ، بعد أن انحسرت النشوة بالانتصار وأطلّت المشاكل برأسها . في ظل هذه الأوضاع ، شعر الباهي بالغربة وعدم القدرة على الانسجام ، وكان لا بد من الوقوف من أجل اختيار جديد. وحتى لا يكون امتدادا للصيغة القديمة ، آثر الرحيل إلى باريس ، التي أصبحت الداء والدواء - العذاب والفرحة – السجن والحرية ، مدينة الغواية التي تعرف كيف تحبب الناس بنفسها ، ولتصبح المدينة التي تلتقي فيها جميع الخطوط، ولتبدأ علاقة الباهي بالشرق تتسع بالاحتكاك المباشر والزيارات . ونتيجة لحجم الأحداث التي تسارعت هناك خلال الستينيات ، من انفصال الوحدة بين مصر وسوريا وثورة اليمن وسقوط عبد الكريم قاسم ووصول البعث للسلطة في قطرين ، ومحاولات الوحدة وتنامي الصراع بين التيارين ، القومي والشيوعي، ودخول الاتحاد السوفيتي على هذا النزاع ونشوء الثورة الفلسطينية وزيادة الاحتقان العربي الصهيوني وبعض العلاقات العربية المتوترة – لهذا كله – وجد الباهي نفسه في دوامة قضايا الشرق إلى آخر مدى . كان في كتاباته مهتما بالتحليل على حساب السبق الصحفي ، فساهم بتطوير الصحافة المغاربية، في باريس كان الاكتشاف الأول هو المقهى/ مكان الإقامة ، والعنوان الدائم ومكان العمل وميدان المعركة ، لتصفية الحسابات ، لقد أدمن الباهي المقهى /مقهى الكتابة والثرثرة وقراءة الوجود. في إطار استكمال دراسة الباهي عن باريس ، عرف مقهى "همنجواي " ومقهى "سارتر" ، لم يكن الحزن لدى الباهي فقدَ إنسان يحب الحياة ، بل إنّ ما عصف بروحه ولم يفهمه أو يقبله ، ما وقع في حزيران1967. كان الطقس صحوا والثقة بالنفس تصل درجة الكمال ، والحقد سيد المواقف ، فجأة تهبط الحرارة حتى الإنجماد وتنحدر الثقة حد التلاشي وكان اليوم الذي انتظرناه لغسل العار يكرّس نفسه علامة لعارنا الكبير، لا حاجة لكلام كثير حول حزيران ، فسوف تمر سنوات قبل أن يبرأ الجرح ويعاود القلب نبضه ويعود التوازن للروح القلقة .
الصوت العالي لا يعني الحق دائما ، والقوة يتم تداولها بين الشعوب والأزمان ، وهي ليست وقفا على الرغبات بل تعتمد قوانين دقيقة وتدافع حضاري راسخ، من هنا ، كل شيء مؤقت ، والحركة لا تتوقف . ما قالته الصحف خداع للنفس وتبرير وتواطؤ واستمرار للعذاب ، لم يكن إدانة للأسباب ومحاولة لتجاوزها . هكذا وقع الباهي وجيله في دائرة النار فبكى حتى التلف وشتم حدّ البذاءة وكفر بكل ما آمن به وأعاد ترتيب الأسباب كي يفهم النتائج، فلم يفهم الأسباب ولا النتائج - فما كان منه إلا أن برّد أعصابه حتى درجة الغياب وأشعل تحت عقله شموع العلم وعاد من رحلة الشك إلى مأزق الحيرة . زالت غشاوة الإذاعات والصحف وتصريحات القادة وأنكشف المخبوء لدرجة العري الفاضح ، كان السؤال : كيف لأمة بهذا العدد وهذه الإمكانيات أن تهزم بهذه السهولة ، دون أن ينقلب العرب على أنفسهم وواقعهم ويصبحوا خلقا جديدا؟ تعذّب الباهي وجيله بالشك وانسداد الأفق والوهم الذي أصبح مسيطرا ، كان يفترض أن يطرح (لاشيء ولا شخص فوق المحاسبة) ولأن الوقت لم يسعف من أجل بدء الحوار، ولأن من في مركز القوة يريدون (لفلفة) الأمور والتستر على الفاعل ، لم يجر تعليق الجرس ، وتركت الرياح تخط المسارات ، فزاد الألم وتراجع الشك وأخذ كل فرد يفتش عن طريق للخلاص ، لكن ، حين تتداخل القيم والمقاييس وتتعدد الدروب في مواجهة الهزيمة ، ويصبح التطرف شعارا ، تحتل الهزيمة النفوس – هذا ما فعله حزيران ، وبدل أن يكون فرصة لتجاوز المسلمات ومناقشة البديهيات وفتح حوار شجاع لإعادة قراءة الواقع – بدل ذلك –استمر الغرق ، ولم ينجح إلا القلة ممن وجدوا طريقا آخر ، وكان الباهي أحدهم. غرق في اليسار الفرنسي والبحث معه عن وجه جديد لفرنسا ، مفترضا أنه لا يمكن التغلب على أوجاع زلزال حزيران إلآ إذا ألقى نفسه في أحضان ثورة تطهّره من الآثار النفسية للهزيمة ، وتهيئه للمراحل القادمة ، ولأن الباهي تجاوز عمر الشباب ، أدرك أن الكلمة أكثر جدوى من بندقية عمياء ، فأعطى وقتا واهتماما أكبر لعمله الصحفي ، خاصة في وطن يزداد فيه الجهل والتجهيل. بعد أحداث 68 الفرنسية، تغيّر الباهي وأصبح أكثر اقتناعا أن الثورة تبدأ من تحت ، وأنها كي تعطي ثمارها ، لا بد أن تكون مسلحة بالتنظيم والوعي والخبرة التاريخية . كان الباهي يكتب كما يتكلم ، ويعتمد التحليل أكثر من الأخبار ويتوسع في القضايا التي يتناولها ويربط في نسيج حي بين قضايا المشرق والمغرب، فكتب قناعاته في مجلات (البلاغ والسفير واليوم ونزوى) وإن لم يضع كل موهبته في الصحافة ، كان منقسما وينتظر أن يضع أولوياته في الكتابة الإبداعية والتاريخ السياسي ، وبين قلقه وانتظاره ، ضاع منه الكثير وأضاع علينا الأكثر، يسري الزمن أسرع مما قدّر ، والشروط التي أمل أن يحققها لبدء مشروعه لم تتوفر، ظل هاجس الكتابة الروائية لديه حلما ينوس في الذاكرة، لتجربته الغنية المتميزة وطفولته اليتيمة وقراءاته المتواصلة وتجربته في جيش التحرير الجزائري ، وذلك الموروث الصحراوي الذي ينزع في وجدانه (أن الحياة مجرد حكاية) .ولأن الرواية أمكر الوسائل لقول الكثير بطريقة جميلة تصل لقلوب وعقول الكثيرين ، فإن مداها يصل إلى أبعد الأمكنة ، هذا ليس أوان الرواية العربية المكتوبة بالفرنسية في رأيه ، كُتبت من أجل تسلية الفرنسيين وطرد الملل عنهم ، فجاءت مضامينها معبأة بالغرائبية والإدهاش ، مما لا يمثل واقعنا ، الأمر الذي أقلق الباهي لكناية شيء آخر وبطريقة مختلفة ، فكان يتوق لقول خاص جديد، ألم تكن حياة الباهي رواية كبرى جديرة بأن تروى؟ بطل الصعلكة التي عاشها في باريس أسفارا واحتكاكات وحرية متاحة ، وذلك الحسّ التراجيدي الذي أدرك الفرق بين القول والسلوك، وبعد أن عُرف عنه أنه من كبار المشاءين في باريس/ الطريقة التي جعلته أكثر دراية بتفاصيل المدينة وأسرارها ، ومكّنته من أن يكون أكثر قدرة على التقاط نبض ناس المدينة بهمومهم وأفراحهم. وفاء الباهي جعله أكثر قدرة على اكتساب الأصدقاء الذين يشعرونه بالحياة ودفئها ، كان حبه للناس مطلقا ومجانيا ، رغم أن شكه وتصرفاته كانا لا يروقان للبعض ممن كان يعتبرهم من متحذلقي الثقافة ، ولا يشعرون بالحرية في حضوره ، مكتفين بإلقاء التهم عليه. في حلقات الأصدقاء الضيقة ، كان يتحول إلى طفل ، يدندن لبعض الألحان ويحلم بصوت عال ، ويقترح عشرات المشاريع لإعادة تنظيم العالم ، يبوح بأسرار بعض ما مضى ويطلق الشتائم ويختمها بدمعة ، يجاهد ألا تنحدر ، كان من القلائل الذين أدركوا ماهية الشعر ويستطيعون إنشاده ويحفظون منه الكثير ، خاصة (مالك بن الريب) وقصيدته "ألا ليت شعري…"، تلك التي تهز أعماق الباهي وتطربه ويجد فيها مأساته وتعكس ما يموج بداخله – ذاك البدوي الموغل في الصحراء ، وجاء باريس خائفا مكتشفا ، فوقع في عشقها وتعلّم منها ، بعد أن أدمن المقاهي والميادين ، وعرف الزوايا وصادق الوراقين وأغتسل بأمطار باريس واكتسب فيها ألفة المكان والعلاقة مع البشر. تتابع الليالي حتى شباط68، حين اتخذ قرار العودة / أمنيته التي لم تنطفئ جذوتها ، لكن أغرب ما في رحلة الحياة ، أن يتوقف عمر الباهي عند السادسة والستين ، فلم يبلغ السابعة والستين ، كأنما لم يرد أن يكون يومه الأخير في هذه الفانية هو اليوم الذي يسبق الخامس من حزيران ، حتى لا يشهد مرة أخرى ، ذكرى الهزيمة ، تاركا أملا للجيل الجديد أن يفعل شيئا، يزيل العار ويقول في الحياة أشياء قوية مضيئة، تستحق من أجلها أن تعاش …. وسلام على الراحلين .
#سمير_الشريف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهزيمة والمثقف
-
نقد الرواية من وجهة نظر الدراسات اللغوية الحديثة
-
الجذور التغريبية في فكر رفاعة الطهطاوي
-
المرأءة والرجل في قصص هيام المفلح
-
بوح
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|