أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - منيرة بلغوثي - -عين الضحية المفتوحة-، كوريغرافيا الثورة والذكورة














المزيد.....

-عين الضحية المفتوحة-، كوريغرافيا الثورة والذكورة


منيرة بلغوثي

الحوار المتمدن-العدد: 6537 - 2020 / 4 / 14 - 20:37
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


بالتزامن مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، اختارت مجموعة من الناشطات المنتسبات لمجموعة " فلڤطنا"، أن يحاكين النشيد النسوي التشيلي "El violador eres tu" الذي تحول الى شعار عالمي يدعم الحركات الاحتجاجية ضد التمييز والتحرش والاغتصاب والقتل. لم تنتظر النسويات وقوع جريمة اغتصاب فتاة باب عليوة لكي يشجبن العنف المسلّط على النساء منذ ولادتهنّ، لقد كانت معركتهنّ المصيرية أمام خطابات التبرير والتطبيع السياسي والمجتمعي والإعلامي، وقد كنّ دائما يواجهن باستخفاف شعبوي شعاره "موش وقتو".
بعين الضحية المفتوحة التي رتّبت شعاراتهن وأسئلتهن، قمن بتجسيد كوريغرافي للنّشيد النسوي المترجم إلى اللّهجة التونسية "المغتصب هو انت"، جسّدت حركاته التعبيرية ناشطات أمام مقر وزارة الداخلية، لقد كانت احدى محاولاتهن الجادّة لاستعادة الوصاية على أجساد النساء وهوياتهنّ وفضاءاتهنّ. وقد وجد هذا الأداء منفذا له في خضم هذا الانفجار في الاستخدامات التكنوثقافية التي وفرت مساحات عامة لمحاربة هيمنة الذكور ومقاومة تعقيدات الاعتراف الاجتماعي. إن النشاط السيبرني غدا وسيطا ضروريا لتفعيل الامكانات النقدية والتحررية النسوية، فما عليك سوى إلقاء نظرة على موقع حملة "انا زادا" لكسر جدار صمت ضحايا التحرش والاغتصاب، لتكتشف عمق معاناتهن بالموازاة مع عمق التضامن الجمعي.
غير ان هذا الفضاء الشبكي cyberespace يشكّل في الغالب قيودا أخلاقوية على الجسد الانثوي ويخضعه لبنية ثقافية اجتماعية تقوم بهندسته وفق عمقها الثقافي القائم على آليات الهيمنة والتّحكم، فهو مجرد أداة تنفيذ لآليات السيطرة وإعادة إنتاج رأس المال الرمزي الاجتماعي. إن التعليقات والتدوينات على صفحات التواصل الاجتماعي التي تجرم ضحايا التحرش والاغتصاب وتبرر جرائم المعتدين، لا تستثني المدافعات عن الضحايا من ناشطات ومثقفات وصحفيات يتعرضن غالبا لمضايقات سيبرانية. فجميعهن ضحايا ثقافة تملي عليهنّ آليات انضباط الأجساد وفي ذات الوقت، تستبيحهن من خلال متعة التحديق الذكوري. إن الجسد الأنثويّ بوصفه قابعا في المتخيل الفردي والجمعي على أنه موضوع جنسي مؤبّد في نوع من الاستلاب الرمزي، يخضع في أجهزة السلطة لخطاب مجتمعي تأديبي يعزز التمييز الجندري ويفرض الانضباط على سلوك النساء إذ يعتبره في حاجة إلى التوجيه والوعظ من أجل المحافظة على البناء الهرمي للسيطرة الاجتماعية (كما نبه إلى ذلك فوكو) .
من هذا المنظور يمكن تفسير ردود الأفعال التي تحمل رسائل تحذيرية وتأديبية تضع الضحايا في حالة دائمة من عدم الأمان الجسدي، أي في حالة من التبعية الرمزية، فهذه الرسائل لا تشتغل فقط كتعبير خفي عن السلوك الجنسي بل تلعب أيضا دور الرقابة والتأديب والمعاقبة عبر تسليط الوصاية على الأجساد وضبطها وتنميط أدوارها في الفضاء العام والفضاء الخاص. إنها الخلفية الثقافية التي تحتكم إليها آليات السلطة في تطويع الجسد وترويضه تحت معايير اخلاقية تأخذ الجسد الانثوي على معاني الانحراف وتضفي الشرعية على اخضاعه للانضباط : فالفتاة المحترمة هي تلك التي لا تشيع جسدها في الفضاء العام.

إن هذه الواجهات الرقمية المنحازة ثقافيا للذكورة تحفّز الخطاب النسوي على تسليط الضوء على النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي انتجت تمييزا يعريه اليوم وباء الكورونا كاشفا عن وباء بطريركي صامت وراء الابواب الموصدة، ان الكثيرات لسن آمنات في المنازل ولا مأوى لهن سوى العزلة مع شركاء عنيفين، فبقدر ما تباعد المجتمع تكاثر العنف الأسري والزوجي حسب آخر الأرقام الرسمية في فترة الحجر الصحي.
لقد عزز الوباء مخاوف النسويات من أثاره المتوقعة في ظل ثقافة تهميش النساء وتأديبهن، ولكنه لن يثنيهنّ عن نشيدهن " المغتصب هو البطريركية ، والرئيس، والبوليس..."، ومثلما كانت عين الضحية المفتوحة مصدرا للمقاومة في عيون نساء يأملن في بناء عالم دون عنف، ستبقى كذلك مفتوحة غدا عندما يرحل الوباء.



#منيرة_بلغوثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -عين الضحية المفتوحة-، كوريغرافيا الثورة والذكورة


المزيد.....




- ثلاث سنوات من حكم طالبان ونضال النساء الأفغانيات مستمر
- أفغانستان: غياب الأمن وتراجع الاقتصاد وتدهور أوضاع النساء... ...
- الحكومة الجزائرية توضح شروط منحة المرأة الماكثة الجزائر 2024 ...
- إيمان خليف ردّت في الحلبة وستردّ بالقانون
- اكتشاف بقايا هيكلين عظميين لرجل وامرأة بإيطاليا.. شاهد ما عُ ...
- أفضل قناة كيدز .. تردد قناة الاطفال طيور الجنة 2024 على نايل ...
- آرزو بدري تصاب بالشلل بعد إطلاق النار عليها من قبل شرطة الأخ ...
- -كيف أصبحت حرب غزة، -حرباً على النساء؟- - في جولة الصحف
- زيادة على منحة المرأة.. منحة المرأة الماكثة وحقيقة رفع قيمة ...
- توجيه تهمة القتل العمد لضابط شرطة في قتل امرأة أمريكية من أص ...


المزيد.....

- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - منيرة بلغوثي - -عين الضحية المفتوحة-، كوريغرافيا الثورة والذكورة