|
فقط أبن الحرة من يُدير الأزمات بنجاح ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6537 - 2020 / 4 / 14 - 15:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ كانت دائماً تلك الأحداث الثقيلة والمتعاقبة ، لا تطمس الضيق الشعبي العريض إزاء تجاهل الأغنياء البالغ تجاههم ، ومن هنا يمكن للمراقب أن يتتبع احداث طبيعة ، بهدف فهم ما يجري لأشياء ليست بطبيعية ، فقبل شهرين إجتاح الجراد مناطق عدة وبكميات كبيرة ، وأعاد العلماء ذلك الهجوم الكثيف للاحتباس الحراري ، الذي جعل للجراد قدرة على التكاثر والانتقال ، وقد يكون الجراد نذير لقدوم فيروس كوفيد 19 ، وايضاً لكثير ما لا يتوقعه الناس والحكومات معاً ، طبعاً إذا فشلت الجهتين في إدارة ملف الأزمة ، إذن العودة إلى التاريخ بشكل سريع تشكل قاعدة أساسية في تجنيب الحاضر من إخفاقات حصلت في أماكن وأوقات مختلفة ، ففي القرون الوسطى في القارة الباردة يذكرنا التاريخ ، كلما إنتهى طاعون أو كارثة أنتج الحدث جهة موازية للحكومات ، وبالتالي الفوضى خلقت منظمات متوحشة في المدن الكبيرة ، قادت العنف وباتت تشكل تهديداً للنظام برمبته ، وفي كثير من الأحيان كانت هذه المجموعة تقوم بوظيفة الحكومة بطريقة ما ، بل بفضل المجاعات التى عادةً تأتي بعد الأوبئة ، سيغيبان الدولة والقانون ، وتتحول المجتمعات إلى غاب .
في مثل هذه الأحداث الكبرى ، يتحول العالم إلى صوت صافي وبالرغم من الضجيج الذي أخذ وقت لكي يهدأ ، إلا أن الفراغ بات يتيح لنا أن نسمع كيف تعامل كبار قيادات البشرية مع الأحداث الكبيرة ، إذن ، ذات يوم وبعد انتهاء عام الرمادة في الجزيرة العربية ، وببداية عام 18 الهجري ، وقف رجل بدوي وقال لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، ( لقد انجلت عنك وإنك لأبن حرة ) ومن يعرف اللغة العربية جيداً ، يعلم بأن هذه العبارة ، هي أعلى درجة تعطى لرجل خاض امتحاناً وخرج منه بتفوق عالي ، ولأن ابن الخطاب بالفعل أسىَّ الناس وانصفهم وأحسن لهم ، فجاءت الشهادة من بدوى ، بطبيعته التكوينية ، لا يعّترف بتفوق الآخر وامتيازه بسهولة ، إلا في مواقف تشبه القيامات ، وهذا يعود لأنه لجوجاً ، كثير الالحاح في طلب المسائل ، لدوداً ، شديد العدواة عند البغضاء ، وحقوداً ، يضمر ويخفي العداوة لخصمه ويتربص فرصة للانتقام منه ، وايضاً حسوداً ، لا يحب أن يرى نعمة الله على غيره ويتمنى زوالها عنه ، وبالتالي ضرب ابن الخطاب من نفسه للناس قدوة ، عندما مسه ما مسهم ، وبهذا الفعل أغلق على الفور الباب أمام أياً كانت الجهة أو الشخص للتفكير في نشر الفوضى والذعر بحجة غياب العدالة والقانون ، وبالتالي براعة شخص مثل عمر والذي سجله التاريخ في دفاتره على أنه الفاروق ، لأنه حقق درجة عالية بين التوازي والتوازن في مجلس الحكم وبين مواطنين الدولة ، وتفردت ايضاً مواقفه بمواقف إنسانية وأخلاقية ، وهذا ما يحتاجه العالم اليوم ، لكي يعيدوا التوازن بين البشرية قبل فوات الأوان ، ولأسباب كثير ، أنا شخصياً أفهم قرار الطوارئ ، يهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق بين الناس ، لأن العولمة صنعت اشتراكية بين رؤوس الأموال في العالم، وهؤلاء صنعوا مصطلحات مثل / أمريكا اولاً دون أن يضعوا في حساباتهم لخبايا ومفاجآت الطبيعة ، كما هو حال الآن ، وبالتالي قبل أزمة فيروس كوفيد 19 ، كان القطاع الخاص يتولى أمر نفسه لكن مع حالة الطوارئ ، أصبحت الدولة وصية على القطاع الخاص بشكل مباشر ، وهي التى ترتب حركته ضمن ظروف استثنائية وتضمن بعدم افلاسه ، لكن حتى الآن ، مازال قطاع الخاص العربي عاجز عن مفهم التحولات الجذرية التى تجري على الأرض ، وهذا يتطلب إلى إعادة النظر في الأساليب التى يتعاملون بها رؤوس الأموال مع الأزمة ، لأن في النهاية ، الجميع في سفينة واحدة وبالتالي الغرق لن يستنثي أحد وإذ استثناء البعض ، سيكون حال الناجين ، ليس بالنعيم الذي يعتقدون به ، النتائج قاسية ، والخيارات محدودة وتقتصر بين خسارة جزء من الأموال المكدسة أو خسارة الدول برمبتها ، لأن كيف يمكن لعائلات عربية وفي دول ليست نفطية ، قيمة أرباحهم السنوية تبدأ من نصف مليار دولار وتصل إلى خمسة عشرة مليار دولار وتتفضل على وزارة الصحة ببضعة مئات آلاف الدولارات أو تصل أحياناً إلى مليون أو انثنين فقط ، إذن من حق قانون الطوارئ ، أن يقوم بدارسة الأرباح السنوية لكل عائلة وفرض تبرعات تتناسب مع كل محتكر لتجارة معينة حسب أرباحه .
إن ما يستحق التفحص به أكثر ، احتمال أن تكون هذه فرصة جديدة للنظام العولمة ، بالإذعان لصوت العدالة ومحاولة انقاذ نفسه من السقوط من خلال إعادة النظر في تفعيل اليد الخفية ، والتى تعني أن الأفراد سيُحققون المصالح العامة وهم يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية ، فبدل أن يقدموا أموال كافية في بناء مستشفيات عملاقة في دولهم ويعززوا القدرات البحثية للأبحاث العلمية ، طرحوا على الفور فكرة مناعة القطيع التى استعانوا بها من سجل الحروب الكبرى ، ففي الحروب تأتي لحظات على المجموعات المتقاتلة ومن شدة القصف أو القتال ، يتخلى الجنود المعافين أثناء انسحاباتهم عن رفاقهم الجرحى في مواقع القتال ، وهذا ما يحاول فعله رجال الأعمال الكبار ، يرمون القليل من الأموال ، ومن ثم يلجأون مع عائلاتهم إلى أماكن معزولة وآمنة ، كأنهم ينتظرون نهاية المأساة لكي يعدوا إلى حياتهم الطبيعية .
إذن ، مرة أخرى ، التبرعات المالية قد لا تساهم بشكل جذري في منع الناس من الموت ، لكنها تغذي الأمل عند الناس وتعطيهم فرصة في الحياة وتعيد اللحمة البشرية ضمن مفهوم التضامن، وتمنع سقوط الدول في براثيم الوحشية . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاولة ركيكة مثل صاحبها ...
-
البحث عن الهوية ، شعاراً مازال قيد البحث لم يتحقق ...
-
إعادة النظر بالبيداغوجيا التقليدية ..
-
الأفكار العلمية والفلسفية ممكنة في زمن معين ومستحيلة في زمن
...
-
الرأسمالية الليبرالية والرأسمالية بلا ليبرالية ...
-
مازالت أنماط التفكير لأجهزة الاستخبارات العالمية تتشابه بالأ
...
-
من على الرف إلى الحياة الكاملة ...
-
جندرة الحيوان كانت مقدمة لجندرة البشرية ...
-
وزير قلق ووزير مرتاح والفرف بين بكين وواشنطن
-
كورونا بين القرض الحسن والربوي ...
-
عندما تمطر السماء والأرض ترفض الإستجابة ...
-
الغزالي بين من الإختزال والإسهاب ...
-
الغزالي بين الإختزال والإسهاب ...
-
الخطوات الاحترازية عامل أساسي في تقليل الإصابات ...
-
الذكرى التاسعة لانتفاضة الشعب السوري ..
-
لا خطر يعادل خطره ...
-
التعرف شيء والإدراك شيء آخر ...
-
الفيروس عموماً يعشق الجبلة الطينية ...
-
التجربة وحدها كفيلة بإنقاذ البشرية عندما تعجز من إيجاد الدوا
...
-
الحب الفاسد / هل هو مستجد في روسيا أم ناتج عن سلطات تعاقبت ع
...
المزيد.....
-
-لا مؤشرات على وجود حياة-.. مشاهد صادمة تلاحق الفلسطينيين مع
...
-
كيف تضغط العقوبات النفطية الأمريكية على أساطيل الظل لروسيا و
...
-
رؤساء سوريا عبر التاريخ: رئيس ليوم واحد وآخر لأكثر من عقدين
...
-
السودان.. حميدتي يقر بخسائر قواته ويتعهد بطرد الجيش من الخرط
...
-
الجيش الإسرائيلي: إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي تم رصده م
...
-
برلماني مصري من أمام معبر رفح: الجمعة القادمة سنصلي في تل أب
...
-
السودان.. قوات الدعم السريع تتوعد بـ-طرد- الجيش من الخرطوم
-
السلطات النرويجية تبلغ السفارة الروسية بعدم احتجاز طاقم السف
...
-
الخارجية الأمريكية: إدارة ترامب تعتبر قناة بنما أصولا استرات
...
-
قوات كييف تهاجم مدينة إنيرغودار مجددا حيث تقع محطة زابوروجيه
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|