أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - تيسير محيسن - آفاق التحولات البنيوية في النظام السياسي الفلسطيني















المزيد.....



آفاق التحولات البنيوية في النظام السياسي الفلسطيني


تيسير محيسن

الحوار المتمدن-العدد: 1579 - 2006 / 6 / 12 - 13:01
المحور: القضية الفلسطينية
    


تمهيد
شكل دخول الحركة الإسلامية الحقل السياسي الفلسطيني أحد أهم معالم النظام الفلسطيني المتشكل في أعقاب توقيع اتفاقية أوسلو. وكان لانسداد أفق التسوية بموجب هذه الاتفاقية وإفلاس قيادة النظام واستشراء مظاهر الفساد وسوء الإدارة ومن ثم اندلاع الانتفاضة الثانية أكبر الأثر في حدوث الانقلاب الكبير في موازين القوة بين الفاعلين السياسيين، وهو ما جرى التعبير عنه في نتائج الانتخابات التشريعية يوم الخامس والعشرين من يناير 2006، فقد أسفرت النتائج عن فوز كبير لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" مكنها من تشكيل الحكومة العاشرة للسلطة الفلسطينية. إن من شأن دخول حماس إلى قلب النظام وتبؤ قيادته أن يدشن بداية عهد جديد من الحياة السياسية الفلسطينية لها سماتها وخصائصها المختلفة، وإذا كان استقرار النظام الفلسطيني على وضع جديد يتطلب المزيد من التحولات الفكرية والبنيوية والوظيفية، فإنه من غير المؤكد أن يتحقق استقرار النظام في السنوات القادمة. فإعادة بناء نظام سياسي مثقل بأمراض التناحر والشللية وهيمنة التنظيم الواحد، عملية مركبة وتحتاج إلى تحولات بنيوية عميقة، كما تحتاج إلى إرادة سياسية ملتزمة وقاعدة اجتماعية منظمة وضاغطة، وبيئة داخلية وخارجية مشجعة ومواتية.
تنطلق هذه الورقة من فرضية مفادها أن صعود حماس إلى واجهة النظام الفلسطيني وقيادته يشكل طوراً جديداً في حياة هذا النظام. ومن أنه سيشهد حالة عدم استقرار طويلة نسبياً قد تفضي به إلى الانهيار أو ما يسمى بأزمة الهوية والشرعية. كما تنطلق الورقة من حقيقة أن التحولات داخل النظام تتبع بالضرورة تحولات في المجتمع وبالعكس. وبالتالي، لا يمكن تحديد النظام السياسي وتغيره وتبدل علاقات القوة بين فاعليه بمعزل عن البنية الاجتماعية وبمعزل عن التاريخ السياسي للمجتمع الفلسطيني وبمعزل عن التحديات التي تواجهه. كما ترى الورقة أن وقوع النظام الفلسطيني فريسة الفوضى أو الجمود يخدم في المحصلة النهائية مشروع رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت في فرض حدود نهائية لدولة إسرائيل بعد ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية.

في مفهوم النظام السياسي
النظم السياسية وما يتفرع عنها من نظم إدارية وتشريعية والوظائف التي تؤديها لا تقوم إلا في وسط جمعي ولا تنتظم إلا بعد أن يقطع المجتمع شوطاً ملموساً في التطور والاستقرار. هذا و لا تدوم النظم السياسية إلا بدوام المجتمع، ولا تتغير إلا بتأثير قوى ودوافع اجتماعية، لأنها وليدة المجتمع، ومظهر من مظاهر سيادته على نفسه، وتدل على مبلغ نظامه واستجابته لقوانين النمو السياسي. يتضمن النظام السياسي السلطات العامة والقواعد التي تحكمها، الأحزاب ومجموعات المصالح، بالإضافة إلى عمليات التعبئة والمشاركة والتمثل التي تُبنى عبرها العلاقات بين الحكام والمحكومين. لا يجوز اختزال النظام السياسي إلى مجرد نظام الحكم (رئاسي، برلماني، مختلط) فإلى جانب ذلك يوجد النظام الحزبي وما يتضمنه من علاقات بين التنظيمات السياسية ومن قوانين ومن تنافس. يختلف النظام السياسي عن الكيان السياسي (الدولة، السلطة) الذي يتمتع بسيادة تتجلى في القدرة على سن القوانين وتغييرها واحتكار شرعية اقتناء واستخدام العنف، ويملك رموزاً تدل على سيادته (العلم، النشيد الوطني، العملة، جواز السفر). يتسم النظام السياسي بالقدرة على التكيف والبقاء من خلال الرد على الضغوطات الخارجية، أو بضبط سلوكه الخاص، أو تحويل بنيته الداخلية والذهاب إلى حد تعديل أهدافه الأساسية. ويصبح بقاء النظام السياسي بوصفه أسلوباً للتوزيع السلطوي للخيرات ذات القيمة، على المحك، في الأوضاع الحرجة الناجمة عن أزمة كبيرة. النظام السياسي ليس ساكناً، بل يحمل امكانات التحول الذاتي استجابة للتحديات المنبثقة عن مجموع المجتمع. بالإضافة إلى احتكاره للقهر لفرض نفسه، ينخرط النظام في مبادلات معقدة للمعلومات سواء للتعرف على التوقعات والمتطلبات أو لإنتاج رسائل ورموز لتأمين قبول أوامره وشرعية إملائها. ثمة تفاعل وتأثير متبادل بين النظام السياسي من جهة وكل من الأنظمة الاقتصادية والثقافية من جهة أخرى. قد يشهد النظام عدم استقرار تعود أسبابه إلى واحد أو أكثر من الأسباب التالية: (1) نسف شرعية النظام بأسره، وبالتالي تضرر القدرة على تبيان التحديات الموجهة له. تنسف الشرعية في حال ذبول الإجماع حول القواعد الحاكمة للمنافسة السياسية. (2) صعوبة الحفاظ على احتكار القهر لصالح مؤسسات الدولة وحدها. (3) خرق الحكام أو أي فاعل سياسي آخر للقواعد القانونية التي تحكم العلاقات بين السلطات العامة. وقد يتحول عدم الاستقرار إلى أزمة تهدد مجمل النظام، ومن أبرز الأزمات التي يمكن أن تصيب الأنظمة السياسية: أزمة الهوية، وهي الخلاف حول إقامة منظومة قيم ورموز مشتركة، أزمة الشرعية، وهي الخلاف حول موضوع المبادئ المؤِّسسة للمنظومة السياسية، أزمة المشاركة، وهي الخلاف حول موضوع منح حقوق سياسية واجتماعية لمجموع السكان.

النظام السياسي الفلسطيني: خلفية تاريخية
يمكن القول أن النظام الفلسطيني قد مر منذ نشأته في طورين أساسيين، وهو الآن على أعتاب طور ثالث مع فوز حماس في الانتخابات التشريعية ودخولها بقوة إلى قلب النظام. في طوره الأول، شهد ولادة منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة أحمد الشقيري لها، والذي جمع بين البعد القومي للقضية ومفهوم الاستقلال الوطني واخضع إيقاع السياسة الفلسطينية لمعايير مرحلة المد القومي من شعارات وطموحات وأحلام. كما شهد هذا الطور في أعقاب هزيمة 1967 صعود الفصائل الفلسطينية المسلحة. لم تغير هذه الفصائل عنوان المنظمة، وإنما أحدثت تحولات جوهرية من الداخل، أهمها إبراز وطنيتها الفلسطينية مقابل قوميتها العربية، وأعلت من أولوية الكفاح المسلح قياساً بوسائل النضال الأخرى. كما أدخلت التعددية السياسية ومفهوم الصيغة الجبهوية التوافقية. اتسم هذا الطور في مرحلتي الشقيري وياسر عرفات بذات المآخذ كانفراد رئيس المنظمة بالقرارات ومهادنة الأنظمة العربية، وانتهاكه لعمل المؤسسات. وبالرغم من أن قيادة الشقيري لم تدم أكثر من ثلاث سنوات، فقد استمرت قيادة عرفات أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، ولعل السبب الأساسي لا يعود فقط إلى تباين الشخصية، وإنما إلى طبيعة السياق التاريخي للزمنين، وإلى استناد عرفات على تنظيم قوي كحركة فتح، وإلى الوفرة المالية الهائلة التي لم تتوفر لسلفه. يعتبر تشكيل السلطة الفلسطينية بمثابة الطور الثاني للنظام الفلسطيني، ولعل أبرز معالمه تمثلت في صعود منافس حقيقي من خارج المنظمة والسلطة معاً.
تبلور المشروع الوطني الفلسطيني في عملية الصراع مع مشروع الحركة الصهيونية، وقد استندت مقدماته إلى هوية قومية تبلورت في إطار المشروع النهضوي العربي في منتصف القرن التاسع عشر، وفي مواجهة سياسة التتريك، كما احتلت القدس أهمية خاصة في البلورة اللاحقة للهوية الفلسطينية. الصراع مع المشروع الصهيوني شكل تخوم الحقل السياسي الفلسطيني المستند إلى مجتمع قائم له لغته وثقافته وتاريخه الطويل المتداخل مع تاريخ المنطقة. المجتمع الفلسطيني بدا مجتمعاً فلاحياً بسيطاً تسيطر عليه طبقة من الوجهاء والأعيان ذات سمات شبه إقطاعية في مواجهة الاستعمارين البريطاني والصهيوني الاستيطاني، الأمر الذي جعله عرضة لعمليات تغيير سريعة: نمو مدن فلسطينية، ظهور مؤسسات تعليم وصحافة وأنشطة ثقافية، ظهور طبقة عمالية، بروز أحزاب وحركات سياسية. هيمنت على نشاط الحقل السياسي الفلسطيني المتشكل خلال فترة الانتداب السمة الاحتجاجية التي تفتقر إلى استراتيجية شمولية واضحة المعالم والمراحل، لذلك غلبت ردات الفعل على فعاليات الحركة الوطنية، كما بقيت قيادة هذه الحركة مغتربة عن حركة المجتمع الذي بات يشهد تململات من شرائح اجتماعية متسعة، والأهم من ذلك، ظلت القيادة عاجزة عن خلق مؤسسات وطنية حيوية وفشلت في تحويل شعارها السياسي إلى مشروع مجتمعي متكامل.
إن تبعثر الشعب الفلسطيني منذ العام 1948، في تجمعات متعددة، تتباين في ظروفها الاجتماعية والاقتصادية وتفتقر إلى التكوين المجتمعي الموحد، جعل الدور التوحـيدي لمنظمة التحرير الفلسطينية (التعبير المؤسساتي عن النظام السياسي الفلسطيني) عاملاً أساسياً في صيانة الهوية الفلسطينية الوطنية وتطويرها من خلال اتحاداتها الشعبية والمهنية وكذلك الشبكات التنظيمية للفصائل السياسية المؤتلفة في إطارها والمؤسسات الجامعة التي شكلت لتمثيل التجمعات الفلسطينية ووفرت منبراً موحداً لبلورة الخطاب السياسي للشعب الفلسطيني. أدت سيطرة فصائل المقاومة على م.ت.ف في العام 68/69 إلى إعادة تنظيم هيكليتها، وصقل مجموعة من المهام أكثر اتساعاً وحداثة. وجرت إعادة تشكيل مهام المؤسسات الوطنية السياسية والعسكرية والاجتماعية وتنظيمها وتشغيلها عبر عملية تفاوض وتفاهم بين فصائل المقاومة. ويعزى نجاح م.ت.ف في اكتساب الاعتراف بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ليس فقط للتضحيات والمثابرة، بل إلى نجاح استراتيجية فتح في تحويل المنظمة إلى مؤسسة مركزية فاعلة كذلك، وهو الأمر الذي مكنها من تعبئة ما يكفي من التأييد الدولي لمطالبها بوصفها حركة تحرر وطني. لقد ساهمت شبكة المؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية للمنظمة في توفير القوة وإظهار النضج الوطني، وتشكل بفضلها نوع من "الكيان" الفلسطيني غير المرئي.
لم تكن م.ت.ف تقيم، كبنى وبرامج سياسية وعلاقات ومؤسسات وأساليب تعبئة وأشكال نضال في فراغ سياسي، لذلك تعرضت لتأثير أحداث وضغوط متنوعة أخذ بعضها شكل منعطفات حادة. كما تأثر الحقل السياسي الفلسطيني بالتحولات التي دخلت على البنية الاجتماعية للتجمعات الفلسطينية الرئيسية وخاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة من حيث التكوين الاجتماعي وانتشار التعليم ومستوياته، ودرجة الاندماج في المجتمعات المضيفة، ودرجة التنظيم السياسي والقطاعي والمهني. بعد خروج منظمة التحرير من لبنان بات من الصعب المحافظة على تماسك مؤسساتها وفاعليتها خارج الأراضي المحتلة. وبدأ دور هذه، ومعها الاتحادات القطاعية والنقابات المهنية في الشتات، في التراجع، وتحولت معظم الاتحادات والنقابات إلى مكاتب قيادية دون قواعد منظمة أو فاعلة، واستفحل أسلوب العمل الإداري والتنظيم الحلقي بديلاً عن عمليات التعبئة السياسية والاجتماعية.
أدخل اتفاق أوسلو الحركة الوطنية الفلسطينية في منعطف حاد ومرحلة جديدة، وفرض على الحقل السياسي الفلسطيني وقائع ومناخات جديدة: قيام سلطة وطنية على جزء من إقليمها الخاص قبل رسم حدوده، وقبل تشكل دولة وفي ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، تلاشي من الناحية العملية، دور المؤسسات الوطنية الجامعة ونشاطها، انتخاب مجلس تشريعي لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة، بروز بعض مظاهر انفضاض عن التشكيلات السياسية القائمة دون ظهور تشكيلات سياسية جديدة. إن المنعطف النوعي الذي دخل فيه النظام السياسي الفلسطيني تمثل في قيام سلطة فلسطينية على إقليمها، الأمر الذي جعل الصراع الأساسي يدور حول حدود هذا الإقليم وشكل السيادة الوطنية عليه. يمكن القول أن أبرز التغييرات التي دخلت على الحقل السياسي تمثلت في صناعة هيمنة جديدة في الحقل السياسي باستخدام آليات متعددة كبناء قوة أمنية، والاستناد إلى قاعدة تنظيمية "فتح"، وإدارة المواجهة مع الاحتلال، احتواء التشكيلات التقليدية وبالصراع للهيمنة على مؤسسات المجتمع المدني. من معالم النظام السياسي المتشكل بعد أوسلو: تشكل سلطة وطنية على إقليمها، دخول الحركة الإسلامية في الحقل السياسي الفلسـطيني، إعـادة إنتاج خطاب "الحوار الوطني والوحدة الوطنية"، تراجع تأثير اليسار في الحقل السياسي الفلسطيني.
صاحب النظام السياسي الفلسطيني، سواء قبل النكبة أو فترة م.ت.ف أو بعد أوسلو، فكر سياسي يتراوح بين التجريبية المفرطة و النزعة الرفضوية الشديدة، و يعلل هذا الأمر بنشأة هذا الفكر وتميزه بمواجهة خطر مزدوج تمثل في الاستعمار البريطاني التقليدي، والاستعمار الصهيوني الاستيطاني، لذلك حمل، بالإضافة إلى سمات منشئه العربي الأول وسمات الوضع الناشئ إزاء الاستعمار التقليدي، سمات خاصة أوجبها الصراع مع المشروع الصهيوني. لقد اتسم الفكر السياسي الفلسطيني بالتجريبية، أي بعدم انفصاله عن مجرى النشاط السياسي العملي، كما اتسم بالنزعة الرفضوية وبالتالي الانفصام بين الفكر الذي تصوغه الرغبات وبين مقتضيات واقع الحال.

التحول الكبير: سيناريوهات واحتمالات
سيشهد النظام الفلسطيني في السنوات القادمة مزيداً من التحولات البنيوية بتأثير عوامل عدة، أبرزها نتائج خطة الفصل وفض حالة الاشتباك بين المشروع الوطني الفلسطيني والحركة الصهيونية في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل أن يحقق المشروع الوطني أهدافه، ففي الحقيقة، ترسيم الحدود النهائية لدولة إسرائيل من طرف واحد له الغلبة في الواقع، يعني إجهاض أية إمكانية لتحقيق أهداف المشروع الوطني الفلسطيني الآن وفي المستقبل المنظور. العامل الثاني، هيمنة حركة حماس الأيديولوجية وسيطرتها السياسية في المجتمع وفي النظام السياسي. ثمة عوامل أخرى، لكنها ستكون أقل تأثيراً، منها قدرة حركة فتح على إعادة ترميم بنيتها وتصويب وجهتها واستعادة مصداقيتها الجماهيرية، والتحولات المجتمعية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ومنها بروز تيار علماني قادر على استقطاب وتعبئة جماهير كبيرة في مواجهة هيمنة حماس. بالطبع، يوجد بين هذه العوامل تداخل وتبادلية من نوع ما، فأحدها قد يعزز غلبة أو إضعاف هذا العامل أو ذاك. في الواقع، يعتبر وصول حماس إلى قلب النظام الفلسطيني وقيادته تحولاً دراماتيكياً هائلاً في بنية النظام وخطابه وطبيعته، وبالتأكيد لم يحدث هذا التحول فجأة، بقدر ما كان نتيجة طبيعية لمجموعة من العوامل والمؤثرات. وبنفس القدر، سيكون لقيادة حماس النظام السياسي أثرها البالغ على مستقبل النظام وسيشهد بالضرورة مزيداً من التحولات.
السمة الأبرز لهذا النظام، في ظل قيادة حماس، ستكون انعدام الاستقرار، فمن غير المرجح أن يستقر النظام على وضع جديد خلال السنوات الأربعة القادمة على الأقل. ومن المرجح كذلك، تحول عدم الاستقرار إلى أزمة شاملة للنظام من حيث الهوية والشرعية. والمؤكد، أن إسرائيل معنية، خلال السنوات القليلة القادمة باستمرار عدم الاستقرار، على عكس بعض الآراء التي ترى في استقرار النظام الفلسطيني مصلحة إسرائيلية. وإذا اسبتعدنا العامل الخارجي، وهو عامل مقرر، فمن أين تنشأ عومل وأسباب انعدام الاستقرار؟ وما هي السيناريوهات المحتملة؟
سيتحدد النظام السياسي الفلسطيني في السنوات القادمة بعاملين داخليين: الأول، مشروع حركة حماس (السياسي والمجتمعي)، والعامل الثاني، تحولات المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. يمكن تخيل السيناريوهات التالية للنظام الفلسطيني:
السيناريو الأول: يستقر النظام على حالة من التعددية والشراكة وقبول الآخر، باعتماد الحوار والتوافق. وبينما تتراجع الأجندة الوطنية عن سلم الأولويات، يجري التركيز على القضايا الاجتماعية الداخلية، يحقق النظام قدراً من الانسجام والسلم الاجتماعي والقدرة على تلبية مطالب الجمهور الفلسطيني، وينجز أجندة الإصلاح الداخلي في جوانبها الإدارية والمالية والمؤسساتية. يفترض هذا السيناريو، بل يشترط، تسليم حركة فتح بهزيمتها وانكفاءها على ذاتها في محاولة لترميم ما تصدع من بنيانها وهيبتها ومصداقيتها، وممارسة المعارضة الرسمية من قلب النظام، والكف عن إتباع استراتيجية المناكفة ودخولها في شراكة حقيقية مع حماس لتمكين الجبهة الفلسطينية الداخلية وتحصينها. كما يفترض، أو يشترط، قدرة حماس على التحول إلى حركة سياسية ناضجة تتحلى بالمرونة والعقلانية والرغبة في الشراكة الحقيقية والامتناع عن فرض برنامجها الاجتماعي والسياسي بالإكراه على المجتمع وعلى السياسة. بالطبع، الشرط الأهم هو درجة نضوج العامل الموضوعي، أي تطور المجتمع باتجاه ديمقراطي حقيقي. من نافل القول، أن العلاقة بين المؤسسات وتوزيع السلطة والصلاحيات وتحديد المرجعيات يخضع لأحكام القانون الأساسي مع تعزيز الفصل بين السلطات وتأكيد استقلالية القضاء وتفعيل المجتمع المدني.
السيناريو الثاني:
يتفاقم الخلاف بين مؤسستي الرئاسة والحكومة إلى الحد الذي يصبح معه لدينا نظامان منفصلان ومتعارضان، أو نظام برأسين ومرجعيتين. وهي حالة تذكر، مع الفارق، بالوضع الذي كانت عليه العلاقة بين حركة حماس من جهة ومجموع تنظيمات منظمة التحرير الفلسطينية من جهة أخرى إبان الانتفاضة الأولى وما سبقها. يستدعي هذا السيناريو تعميق حالة الاستقطاب والانقسام العمودي في المجتمع وفي السياسة وفي الاستراتيجية. كما يستدعي حالة من الاشتباك المستمر ما ينجم عنها عدم استقرار وتعطيل قدرة النظام على القيام بوظائفه وتلبية تطلعات الجمهور. بالطبع، سيتراجع الاهتمام بالأجندة الوطنية في هذا السيناريو أيضاً، مع فارق أنها ستحضر كموضوع للخلاف والمزايدة وتسجيل المواقف وتبرير السلوك. وأيضاً، سيعجز النظام برأسيه عن القيام بخطوات جدية في موضوع الإصلاح وتلبية حاجات الجمهور ومكافحة الفقر وتحقيق نهوض تنموي حقيقي. تزداد فرصة بروز تيار ثالث وتكتسب أهمية عمليات التعبئة الاجتماعية في أوساط الجمهور المتضرر من انقسام النظام وعجزه. بالطبع، لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر طويلاً، فإما أن ينهار النظام ويدخل في حالة فوض عارمة، وإما أن ينصاع رأسا النظام إلى الضغوط التي تمارس عليهما للدخول في حوار جدي وتوليد شكل من أشكال التوافق وحل التناقضات والوصول إلى استقرار النظام، والاحتمال الآخر أن يتمكن طرف من الاستئثار بالسلطة وقيادة النظام.
الاحتمال الأول: ينهار النظام عملياً، وتشتد حدة الصراع بين الطرفين، لتأخذ شكلاً أقرب إلى الحرب الأهلية. ما قد يترتب عليه فرض تدخل ووصاية خارجية.
الاحتمال الثاني: تتمكن حركة حماس من الاستئثار بالسلطة والتفرد بقيادة النظام. وتنجح في ضبط حركة المجتمع وانصياعه لسلطتها. تتفكك حركة فتح بتأثير صراعاتها الداخلية وباستمرار انفضاض الجمهور عنها. ويستمر اليسار الفلسطيني في شرذمته وعدم قدرته على أن يصبح فاعلاً مقرراً.
الاحتمال الثالث: يتم الدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، تفوز فيها حركة فتح بالتحالف مع قوى يسارية ومجتمعية أخرى، بينما تتراجع حركة حماس إلى مقاعد المعارضة البرلمانية. تقبل حماس بالنتائج على مضض، ولا تحاول الانقلاب عليها بالعنف. وقد تعود إلى استراتيجية إحراج السلطة من خلال تصعيد المواجهة مع إسرائيل.
في كل الأحوال، سيبقى النظام الفلسطيني هشاً وقابلاً للتغير بتأثير عوامل داخلية وخارجية، في ظل تحولات مجتمعية مضطربة مع انعدام السيادة الفعلية واستمرار حالة الانكشاف. ولذلك، يمكن القول أن التحولات البنيوية الحقيقية المحتملة تنحصر في أمرين: تحقيق هيمنة مطلقة لحركة حماس على النظام، أو انهياره بالكامل وفرض الوصاية الخارجية. أما ما عدا ذلك، فهي مجرد إعادة إنتاج لذات النظام القديم الذي يتسم بالهشاشة والتعدد الشكلي والاستناد على حالة توافقية أو تناحرية فصائلية وليست مجتمعية، مع ضعف شديد في القدرة على تلبية المتطلبات الأساسية منه. وفي مطلق الأحوال، سيظل هذا النظام رهين العامل الخارجي المقرر وتحديداً الإسرائيلي.

التحولات داخل حركة حماس:
تبدو حركة التحول والتغير داخل الحركة الإسلامية في البلدان العربية أسرع وأعمق مما كانت عليه قبل عقدين من الزمن. فمنذ أواخر عقد الثمانينيات في القرن المنصرم، والحركة الإسلامية، في معظمها، تشهد مراجعات داخلية واسعة، وتأملات عميقة تشمل الأساليب والاستراتيجيات والمفاهيم والأفكار. تتطلع الحركة الإسلامية، في ضوء المتغيرات، إلى صياغة جديدة في بنيتها ومشروعها السياسي. ولعل من أبرز هذه المتغيرات، اقتراب الحركات الإسلامية من الواقع تفاعلاً وتعايشاً وملامسة عن كثب، وتنزيل أطروحاتها النظرية ومشاريعها للتفاعل مع الواقع الموضوعي بكل تعقيداته وتداخلاته وتناقضاته. وفي سياق الاقتراب والتنزيل، بدت بعض هذه الحركات وكأنها تتحول من السرية إلى العلنية، ومن الانغلاق إلى الانفتاح، ومن العمل الداخلي إلى الكسب الاجتماعي العام. العامل الآخر تمثل في المحاولات التجديدية في فكر هذه الحركات، والذي بات يتسم-إلى حد ما- بالنسبية مقابل الإطلاقية، والواقعية في مواجهة المثالية، والوسطية ضد التطرف، والتفصيل بدلاً من الإجمال. يمكن رصد اتجاهات التحول التالية داخل الحركة الإسلامية بتفاوت واضح يعود إلى درجة النضج والاشتباك مع الواقع: (1) الموقف من الرأي الآخر: حيث تزداد الأصوات، من داخل هذه الحركات، الداعية إلى التلاقي والحوار بين مختلف التيارات الفكرية بعد قطيعة سادت طويلاً. (2) الموقف من الديمقراطية: يجري تناول موضوعة الديمقراطية ليس بوصفها مذهباً اجتماعياً وفلسفياً يغاير ما هو في الفكر الإسلامي، وإنما باعتبارها تتضمن مكاسب مطلوبة وراجحة ولا تتعارض ومقاصد التشريع الإسلامي. (3) الموقف من العنف: ثمة دعوات كثيرة إلى الترشيد باتجاه الاعتدال والوسطية، في ضوء المراجعة لمنهج العنف والتشدد الذي أورث بعض هذه الحركات الخسارة والإنهاك الحركي والسياسي والاجتماعي. (4) في سياق التحول السياسي باتجاه التعددية وإمكانية مشاركة الجماعات السياسية في مؤسسات الدولة، ارتأت بعض الحركات أن تدخل العمل السياسي في إطار التقنين الدستوري والشرعية السياسية والتحول إلى أحزاب علنية. (5) منهج التغيير: أصبح للكثير من هذه الحركات منهج للتغيير الاجتماعي يتسم بالوضوح والتكامل وترتيب الأولويات ومراعاة خصوصيات المجتمع وشروط الواقع.
لا تبدو جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين خارج هذا السياق التاريخي وإن اختلفت الخصوصيات وتباينت الشروط. فإذا كانت البدايات دينية واجتماعية بإتباع إستراتيجية الدعوة، فقد مرت الحركة في تحولات أبرزها تشكيل حركة المقاومة "حماس" كحركة كفاحية سياسية ومن ثم قبولها بالانخراط في العمل السياسي الفلسطيني في إطار التقنينات والمحددات القانونية والسياسية الحاكمة للحقل السياسي الفلسطيني. ومن الناحية الاستراتيجية يمكن القول أن الحركة نجحت في تحقيق قدر كبير من الهيمنة الأيديولوجية قبل أن تتمكن من تحقيق فوزها بالسيطرة السياسية وتربعها عرش النظام الفلسطيني.
إن من غير الممكن فهم حقيقة هذه الحركة والوصول إلى تصور سليم عن طبيعة التأثيرات المتوقعة لفوزها وقيادتها النظام، طالما نصر على نفي طابعها السياسي والاجتماعي والاكتفاء بالنظر إليها من الزاوية الميثولوجية. وإنما من خلال تحليل برنامجها ومطالبها وأهدافها والقوى التي تقف وراءها والسياق الاجتماعي والسياسي الذي تعمل ضمنه. ومما لاشك فيه، أنها تظل حالة معقدة جداً وزاخرة بالتوتر الداخلي والتناقض. فهي محافظة عقائدياً، لكنها من حيث الممارسة تقف إلى جوار القوى النازعة إلى تغيير الأوضاع، وهي تميل إلى النظرة الليبرالية اقتصادياً، وفي نفس الآن تحمل في ثناياها الكثير من آمال الفئات الشعبية وتطلعاتها نحو قسط أكبر من العدالة والمساواة والكرامة، وهي حركة كفاحية وفي نفس الآن تملك خيارات وبدائل سياسية. ومنذ دخولها الحقل السياسي الفلسطيني لم تكف الحركة عن التحول والتكيف النسبي في المواقف وفي الأداء مع المتغيرات والوقائع المستجدة.

المسألة الوطنية:
تسعى حماس، كما جاء في برنامجها الانتخابي، إلى بناء دولة مستقلة ذات سيادة على كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس دون التنازل عن أي شبر من أرض فلسطين التاريخية. كما تسعى إلى إعادة النظر في المشروع الوطني والجمع بين السلطة والسياسة، مع التأكيد على اعتبار المقاومة حق وخيار أساسي للفلسطينيين، واستعداد للقبول بهدنة طويلة. وفي مواضع أخرى، تؤكد الحركة على خيارها القائم على اللاتفاوض والمقاومة. التناقض الرئيسي مع الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك فالحركة لن تعترف بإسرائيل، ولن تغير من موقفها إزاء القضايا السياسية والاستحقاقات المطروحة. وتطرح الحركة مبدأ احترامها للاتفاقات التي أبرمتها السلطة، مع الاحتفاظ بحقها في إعادة النظر فيها انطلاقاً من مصلحة الشعب الفلسطيني. وسوف تتعامل الحركة مع الأراضي التي يمكن أن تخليها إسرائيل في الضفة الغربية، في إطار سعي الأخيرة لفرض حل من طرف واحد، كما تعاملت مع قطاع غزة بعد الإخلاء، أي التأكيد على حق الفلسطينيين في إقامة سلطتهم على أية أرض يخليها الاحتلال بسبب المقاومة والتضحيات. فيما يظل الصراع على قضايا الحقوق والحل النهائي مفتوحاً. تتراوح استراتيجيات الحركة، بعد فوزها، وكما جاء على ألسنة قادتها، بين الممانعة والغموض البناء. وبالاستثمار في بناء القوة الداخلية مقابل الضغوط الخارجية. لكن، من غير الواضح حتى الآن برنامج الحركة السياسي وهي في السلطة. وربما بتأثير الحصار والعزل الخارجيين والمناكفة الداخلية لم تتمكن الحركة بعد من التقاط الأنفاس لوضع تصورها المتكامل لقيادة الشأن الفلسطيني ومجابهة التحديات الجمة والأخطار المحدقة. البعض يرى أن حماس لا تملك مشروعاً متكاملاً، ولذلك تتخبط بين التجريب المفرط والعدمية المطلقة. من حيث المبدأ تقترب حماس من برنامج منظمة التحرير الفلسطينية وجوهره دولة فلسطينية في حدود عام 67. وتصريحات قادتها عن الهدنة الطويلة، تؤشر على قناعة غير مصرح بها بانسداد أفق العملية السياسية إلى حين. وبالتالي، من المتوقع أن تغلب الحركة خلال السنوات الأربعة القادمة أولوية المسألة الاجتماعية، أو بلغة أخرى ترتيب البيت الفلسطيني. حماس ليست معنية بعملية السلام، وتلتقي في ذلك، مع قادة إسرائيل الراغبين في التنصل من التزاماتهم وتكريس حلاً من طرف واحد بزعم أنه لا يوجد شريك فلسطيني. حماس لا تجد غضاضة في ذلك، فهي تبدي استعداداً لإدارة أي منطقة يخليها الاحتلال كما فعل في غزة. وفي تقديري أن حماس لن تفعل خيار المقاومة طالما بقيت في السلطة. هي لن تعلن تخليها عن هذا الخيار، ولن تقدم على الاعتراف بإسرائيل. الملفت، أنه في الوقت الذي تتقوض فيه أركان المشروع الوطني (الهوية والاستقلال والدولة) لا تبدي حماس قلقاً كبيراً، وتبدي استعدادها للتعامل مع النتائج التي ستتمخض عنها الخطوات الإسرائيلية ليس من موقع الرفض والمجابهة واللجوء إلى القانون الدولي أو المجابهة الميدانية. وإنما على قاعدة التعاطي القدري والقبول السلبي.

نظام الحكم
وصلت بعض الحركات الإسلامية إلى الحكم، لكنها لم تقدم رؤية شاملة أو نظرية متماسكة في الحكم. يعتقد البعض أن حركة حماس، كحركة تميل للاعتدال والوسطية تؤمن من حيث المبدأ بالركائز التالية للحكم: (1) الولاية للأمة وهي صاحبة الاختيار، والدين يشكل مصدر القانون والقيم وليس مصدراً للسلطة. (2) أن المجتمع مكلف ومسئول، حيث أن إقامة الدين وعمارة الدنيا ورعاية المصالح العامة من مسؤولية الأمة وليس السلطة فحسب. (3) أن الحرية حق للجميع، باعتبارها الوجه الآخر لعقيدة التوحيد، وأهم ممارسات الحرية تلك التي تتم على صعيد الاختيار والرأي. (4) المساواة بين الناس من الأصول، حيث خلق الناس جميعاً من نفس واحدة. (5) شرعية الاختلاف وشرعية الآخر، حيث الاختلاف آية من آيات الله وسنه من سننه في الكون. (6) تحريم الظلم ووجوب مقاومته. (7) القانون فوق الجميع.
لم تخل ممارسات الحركات الإسلامية التي وصلت إلى الحكم في أكثر من نموذج من أخطاء وخطايا ارتكبتها وترتكبها باسم الإسلام. ومن غير الواضح حتى الآن أن حركة حماس يمكن أن تشكل استثناءاً. ويمكن أن نسوق هنا بعض الأمثلة اللافتة: بالرغم من اعتراف حماس بأنها جاءت إلى الحكم بشرعية مستمدة من الناس عن طريق الانتخابات، لكن سلوك بعض قادتها يشير إلى مصدر آخر، ألا وهو الشرعية الدينية التي لا تقبل الاختلاف وتحرم الاجتهاد والنقد ولا تبيح التداول. ومن ذلك أيضاً موقف الحركة الرافض لفكرة إجراء استفتاء شعبي على وثيقة الوفاق الوطني. في الواقع، ليس أمام حماس سوى ثلاثة نماذج في الحكم: فإما حكومة ثيوقراطية من الطراز الإيراني، وإما جمهورية علمانية حسب النموذج التركي وإما حكومة ذات ميول إسلامية خالصة، لا يمكن التكهن بطبيعتها.

منظمة التحرير الفلسطينية:
لم تعترف الحركة بالمنظمة كممثل شرعي ووحيد، ولم تتعاطى بإيجابية مع إعلان الاستقلال. وفي كل الحوارات التي جرت حول دخولها المنظمة تمحور موقفها حول نسبة التمثيل، وضرورة تغيير برنامج المنظمة. كما رفضت حماس وثيقة آب 2003 (الصادرة عن لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة). بعد الانتخابات، أعلن قادة الحركة عن ضرورة إعادة بناء المنظمة، ولكنهم تلكؤا في التأكيد على صفتها التمثيلية وصلاحياتها على السلطة الفلسطينية. والتشديد على دورها فقط في مجال العلاقات الخارجية وحق العودة. في الواقع تضمر الحركة رغبة في الانقلاب على الطابع العلماني للمنظمة، ومن الواضح، أنه في كلا السيناريوهين المحتملين لتحولات النظام الفلسطيني، ستقتفي الحركة أثر ياسر عرفات في تهميش دور المنظمة وإعلاء من شأن السلطة الفلسطينية طالما بقيت على رأسها. وسيستمر التناحر بين المؤسستين على الصلاحيات والأدوار. وفي حال جرى تطبيق إعلان القاهرة، فلن تقبل الحركة بتمثيل داخل المنظمة لا يسمح لها بإجراء تعديل جذري في بنيتها وبرنامجها وطابعها. طبقاً للسيناريوهات المذكورة، يمكن التكهن بمآل المنظمة إذا ما نجحت فتح في استعادة ما فقدته عبر انتخابات مبكرة، أعني مزيداً من التهميش. بينما في حال تمكن حماس من الاستئثار بالسلطة دون منازع، فستعمد إلى إعادة بناء المنظمة طبقاً لأجندتها ورؤيتها. وفي حال دخول النظام حالة من الفوضى، فستعمد مؤسسات وجاليات فلسطينية في الشتات إلى النأي بنفسها عن الصراع المحتدم في الداخل، وستسعى بالتأكيد إلى محاولة إعادة بناء المنظمة أو أي شكل تمثيلي سياسي جديد يحافظ على حقوقها ويضمن استمرار تمثيلها.

السلطة الفلسطينية:
بحكم نشأتها، عانت السلطة الفلسطينية ولازالت من قيود سياسية واعتبارات اجتماعية وضغوط خارجية وبنية مؤسساتية هشة وإطار قانوني ضعيف. وهي لذلك تحتاج إلى تطبيق أجندة إصلاح شامل حتى يتسنى لها الاستقرار والتوازن البنيوي والتمثيل السياسي والاجتماعي الحقيقي، والمضي نحو تحقيق مشروع الدولة. من غير الواضح كيف ستعمل حماس على تطوير السلطة لتصبح مشروع دولة؟ فقدرتها على التحكم الواعي في حركة المجتمع ونظامه العام من أجل تطويره وتنميته تظل ضعيفة في ظل ديناميات التفكك الاجتماعي والاستقطاب والمناكفة ونقص الموارد بسبب الحصار والعزلة. وهي بسبب طبيعتها بالذات غير قادرة على استنهاض القوى المجتمعية الحقيقية القادرة والراغبة في التغيير المنشود، واستكمال عمليات البناء السياسي والمؤسسي لكيان يطمح أن يكون دولة. في ضوء ذلك، من المؤكد أن إمكانية تحول السلطة (مؤسساتياً وسياسياً) إلى دولة ستتراجع كثيراً.

تحولات داخل المجتمع والسياسة:
1- استمرار فصل السياسة عن المعرفة:
ثمة عادات ذهنية حكمت الممارسة السياسية للنظام الفلسطيني منذ إنشاء السلطة الفلسطينية. تتمثل هذه العادات في جعل الحدس أعلى مقاماً من الاستدلال، أي التقليل من شأن المعرفة باعتبارها صناعة، وفي فك الارتباط بين صناعة المعرفة وصناعة القرار، وفك الارتباط بين هذه الأشياء ودلالتها التاريخية والقومية. أفلت النظام الفلسطيني في طوره الأول من هذه العادات. وامتلك كفاءة فكرية وثقافية لا تعود إلى جهود فلسطينية خالصة، وإنما إلى تضافر جهود عربية وفلسطينية في بناء تجربة. في الطور الثالث للنظام، من المتوقع استمرار تخريب هذه الكفاءة وانفصال السياسة عن المعرفة. وإذا كانت حركة فتح وهي تتولى إنشاء أول سلطة فلسطينية قد عجزت عن الإجابة على أسئلة من قبيل: ما هي هوية النظام وسياسته الاجتماعية؟ ما هي فلسفته في الحكم؟ ومرجعيته في الإدارة؟ وما هي العلاقة بين طبيعة البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وعملية إنهاء الاحتلال وتحقيق السيادة والاستقلال التام؟ وغيرها من الأسئلة التي تندرج تحت مسمى المشروع المجتمعي المتكامل، فمن غير الواضح أن لدى حماس وهي تتنطع لتولي قيادة النظام في طوره الثالث، وفي ظروف أشد تعقيداً، أجوبة على ذات الأسئلة. ولكن يبقى الفارق بين فتح وحماس في هذا الشأن، أن الأولى حولت السياسة إلى شطارة بينما من المتوقع أن تحول الثانية المعرفة إلى عرفان.

2- هزيمة النخب المدينية وصعود المخيم والمناطق الريفية:
عرفت الحركة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها ظاهرة تهميش فئات وجماعات معينة بالمعنى التاريخي والسياسي. كانت السياسة حرفة النخب المدينية سواء في فترة ما قبل النكبة أو بعدها. ولكن التغيرات الهائلة التي عاشها المجتمع الفلسطيني بعد النكبة (التزايد السكاني الكبير، ارتفاع معدلات التعليم، الوفرة الاقتصادية النسبية، ..) حولت التفوق العددي للاجئين وسكان المناطق الريفية إلى حقيقة اجتماعية ذات استحقاقات سياسية. وإذا كانت الانتفاضة الأولى شكلت لحظة صعود هذه القوى فإن الانتفاضة الثانية كانت بمثابة لحظة تكريس هذا الصعود إلى واجهة المشهد السياسي الفلسطيني وتأكيد مركزيتها في السياسة والقرار وتمكنها من سحب الجميع إلى خياراتها السياسية والعسكرية. وقد وجدت هذه القوى المهمشة في التيار الديني المعبر الأيديولوجي عن صعودها وطموحها في انتزاع مركز القرار من يد النخب المدينية.

3- تكريس الشمولية والشعبوية:
لم يتسم النظام الفلسطيني في طوره الثاني بالابتكار، بل أعاد إنتاج أكثر من نموذج من نماذج الدولة الشمولية الشعبوية في العالم العربي، بما فيها البنية شبه العسكرية للدولة. وأيضاً، تفصيل الأعداء على مقاس الأهداف التاريخية والسامية التي يدعي النظام اعتناقها. واختزال الحقائق التاريخية أو تبسيطها وتحريفها، وتحويل كل ممارسة مهما صغرت إلى خطر ماحق وكل رأي مخالف مهما قل شأنه إلى مؤامرة على النظام. والأهم، إلغاء الفرق بين الدولة والنظام، أي رفض القبول بتعدد الاجتهادات، باعتبار الإدارة السياسية للمجتمع موضوعاً للاجتهاد بحكم اختلاف المصالح والأهواء. من المرجح انتقال هذه الآفة إلى الطور الثالث، مع فارق يتمثل في إضفاء طابع القداسة على أداء النظام، مستمدة من احتكار الحقيقة الدينية والدنيوية للحزب الحاكم، ومن ثم وضع كافة الاجتهادات الأخرى موضع المروق والكفر.

4- إعادة إنتاج مفهوم المصلحة الوطنية:
بسبب الاحتلال (التشريد والاقتلاع) أجهضت ديناميات التمايز السياسي والاجتماعي، وظل المجتمع الفلسطيني في حالة تشكل لم تنجز بعد، البنية التقليدية للمجتمع هي الغالبة، والصراع يقوم على أساس الغضب الشعبي وليس على قاعدة اجتماعية واقتصادية. عمليات التمثيل السياسي والاجتماعي تقوم على الشعارات الكبيرة والتجييش حول قضايا كبرى وعامة، وبالتالي لا يمكن الزعم من أي طرف أن قاعدته الجماهيرية تتكون من هذه الشريحة أو تلك، ولنفس السبب تقريباً، يستطيع أي طرف الزعم بعكس ذلك. ثمة افتقار للطبقة الوسطى، وبالتالي لم يعد للمشروع الوطني من قاعدة اجتماعية حقيقية وحامل سياسي فعلي. لا يوجد مفهوم موحد للمصلحة الوطنية، وفكرة الوحدة الوطنية هي فكرة غير سياسية وفي سياقها تنتعش الأصوليات. الاتفاق بين التنظيمات حول برنامج موحد لا يشكل بديلاً لاتفاق الطبقات الاجتماعية حول مشروع موحد للاستقلال. وفي مثل هذه الأوضاع، تنجح حركة حماس في تجنيد جماهير واسعة وتنظيم أجزاء منها، ومن المرجح أن تستمر في نجاحها طالما بقيت الشروط التاريخية لعمليات التمايز الاجتماعي والسياسي غائبة.

5- بروز حركات اجتماعية:
بعد مرور أكثر من عقدين على نشأتها، وبالرغم من كل الإنجازات الكبيرة التي حققتها، فشلت المنظمات غير الحكومية أو الجمعيات الأهلية في تحقيق الرهان عليها، أي بوصفها أداة تغيير اجتماعي، وبالرغم من أن فشل هذه المنظمات يبدو عالمياً، إلا أن الحالة الفلسطينية تتسم بخصوصيات، أبرزها: الفصل التعسفي بين هذه الجمعيات وفضاء الفعل السياسي العام، بل والترفع في أحيان كثيرة عن السياسة والهروب من استحقاقات ممارستها، الأمر الذي تبدت آثاره في نتائج الانتخابات البلدية والتشريعية. إلى ذلك، نجح الممول في تحييد نخبة كبيرة من المثقفين والنشطاء السياسيين والنقابيين عن أجندة الكفاح الفعلية، كما كان المرحوم إدوارد سعيد قد حذر منه في انتباهة مبكرة لذلك. تعاني هذه المنظمات مما تعاني منه الأحزاب أساساً: فقدان البعد الجماهيري في عملها وبرامجها وهياكلها، وتعاني مما تعاني منه المؤسسات الحكومية، ضعف الكفاءة وغياب الشفافية والمساءلة، وتعاني مما يعاني منه المجتمع برمته من التسلط الفردي ومن انتشار الفساد، ومن تقديم الخدمات ارتباطاً بالولاءات الحزبية أو العائلية أو الشخصية، وعدم القدرة على تعزيز اعتمادها على ذاتها أو على المقدرات المجتمعية المتاحة. صعود حركة حماس إلى قيادة النظام الفلسطيني يطرح تحديات إضافية على مجموع مكونات المجتمع المدني، بالإضافة إلى تحدي يحمل طابعاً وطنياً من حيث إمكانية اعتماد هذه المكونات كبدائل لمؤسسات الحكومة. ليس أمام المجتمع المدني سوى الاستجابة لهذه التحديات والتفاعل معها: باستكمال أجندة الإصلاح الإداري والمالي والإسراع في التحول إلى جماعات مصالح، والدخول في المعترك السياسي العام عبر بوابة التحالفات والائتلافات مع الأحزاب والتنظيمات السياسية وممارسة عمليات التفاوض والتأثير على الكتل البرلمانية وباستعادة الجانب الجماهيري التعبوي والتنويري في عملها وعلاقاتها والتمسك بالإنجازات والمكتسبات الاجتماعية والقانونية والسياسية التي تحققت خلال سنوات النضال الطويلة. وقد يكون خيار بناء حركات اجتماعية على أسس طبقية واجتماعية وكوسائل للتعبئة والضغط والتفاوض، من الخيارات الضرورية في مواجهة التحولات داخل النظام الفلسطيني والتحديات المطروحة على الوضع الفلسطيني برمته.
ما هو المطلوب؟
1- إعادة الاعتبار لتوصيف المرحلة بوصفها مرحلة تحرر وطني ديمقراطي والشروع فوراً في حوار اجتماعي وسياسي بين كافة الفاعلين الفلسطينيين، في الداخل وفي الشتات، بهدف تطوير تحالف سياسي استراتيجي يمكن التعبير عنه بميثاق جديد يتضمن الالتزام بالحقوق الوطنية مع تفادي الاصطدام بالشرعية الدولية إلى جانب التمسك بالديمقراطية كنظام دائم للحياة السياسية الفلسطينية.
2- تفعيل مشاركة الجماهير وتعبئتها بعيداً عن التحريض والاستقطاب، وتطوير وعي جماهيري نقدي مع بقاء العين الساهرة للجماهير كمشارك وكمراقب وكحكم عبر الضمانات المؤسسية والقانونية الحامية للحريات وللحقوق.
3- مواجهة العراقيل والأعباء الناجمة عن مواقف قوى إقليمية ودولية ضاغطة ومبتزة، ومنها الحصار الاقتصادي والعزل السياسي، باستراتيجية موحدة تجمع بين العقلانية السياسية وبين التمسك بخيارات الشعب الفلسطيني. وهذا يتطلب التمسك بالشرعية الدولية وبالامتناع عن نقل الأزمة إلى الداخل الفلسطيني حتى لا تفضي إلى الفوضى والعجز والنكوص.
4- وإذا كانت فتح مطالبة بالإسراع في الخروج من محنتها والتغلب عليها، بإعادة الاعتبار لبرنامجها ومشروعها وتكريس حياة تنظيمية سليمة داخلها، وبإجراء مراجعة نقدية لأدائها، وبتوسيع تحالفها مع قوى مجتمعية وسياسية وتطوير خطاب وطني ديمقراطي يشكل قاعدة لهذا التحالف، وبالتوقف عن سياسة المناكفة، فإنه ليس أمام التنظيمات اليسارية سوى الاندماج والتوحد في تيار وطني ديمقراطي علماني واسع، يتجاوز عقلية الفصيل وشكله، ويتغلب على النزعات الفردية المستشرية في أوصال قيادته، ويعيد إنتاج علاقته مع قاعدته الاجتماعية على أساس التمثيل السياسي والاجتماعي الحقيقي.
5- التفكير الجدي في تشكيل حكومة وحدة وطنية تحتفظ بالمؤسسات الدولانية التي أنشأتها سلطة أوسلو، وكذلك بمؤسسات الخدمة العامة وتفعلها على أسس التمثيل الاجتماعي والسياسي الحقيقي وعلى قاعدة الكفاءة والمهنية العالية وضمان مبدأ الإدارة الرشيدة الحقة، وتعيد طرح المسألة الفلسطينية بوصفها قضية تحرر وطني من احتلال استيطاني، وتشرف على عمليات الكفاح الشعبي المنظم وشبه المنظم (تظهير نموذج بلعين) ضد تعبيرات الاحتلال ومحاولاته تهويد ما تبقى من الأرض الفلسطينية وضمها، وتفتح في نفس الآن مسارات جديدة لعلاقات خارجية تقوم على أساس كفاحي تضامني يحترم قرارات الشرعية الدولية ويلتزم بها ومن خلالها يتم تمويل إدارة التنمية الانعتاقية بالتزامن مع تفعيل الطاقات المحلية وترشيد الإنفاق والاعتماد على مبدأ تراكم رأس مال اجتماعي.

المراجع:
1. أسعيد، محمد فايز، قضايا علم السياسة العام، (بيروت: دار الطليعة)
2. هلال، جميل، "نظرة تأملية في تاريخنا الحديث"، الكرمل (ربيع/صيف 1998) العدد (55/56)
3. صايغ، يزيد " الهوية والشرعية في السياسة الفلسطينية الأسس لاستراتيجية نضالية جديدة "، شؤون فلسطينية (نوفمبر/ديسمبر 1987)، العدد (176-177)
4. هلال، جميل، النظام السياسي بعد أوسلو (رام الله: مواطن، 1998)
5. حوراني، فيصل "نشأة الحركة الوطنية الفلسطينية وتطوراتها حتى نهاية القرن العشرين" في: الندوة الفكرية السياسية: خبرات الحركة السياسية الفلسطينية في القرن العشرين (غزة: المركز القومي للدراسات والتوثيق، 2000)
6. أمين، سمير وغليون، برهان، حوار الدولة والدين (الدار البيضاء، بيروت: المركز الثقافي العربي، 1996)
7. حماد، مجدي وآخرون، الحركات الإسلامية والديمقراطية: دراسات في الفكر والممارسة (بيروت:مركز دراسات الوحدة العربية،1999، 2001) كتاب محرر
8. الأزعر، محمد خالد، معنى فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية، شؤون عربية (ربيع 2006) العدد 125
9. خضر، حسن، في التعقيب على ما جرى، جريدة الأيام شباط، إبريل 2006



#تيسير_محيسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصلاح المؤسساتي
- علاقة المسرح بالمجتمع المدني في الضفة الغربية وقطاع غزة
- في مواجهة خطة شارون: استحقاقات فلسطينية عاجلة وآجلة
- في العمل مع الشباب: التنشيط الاجتماعي والثقافي


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - تيسير محيسن - آفاق التحولات البنيوية في النظام السياسي الفلسطيني