أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - محمد زكاري - ماذا ستخسرُ الطّبيعةُ بانقراض الإنسان؟














المزيد.....

ماذا ستخسرُ الطّبيعةُ بانقراض الإنسان؟


محمد زكاري

الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 11 - 23:54
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


لو فكّرنا في هذا السُّؤال مليًّا لشعرنا بالحُزن؛ لأنّنا لا نتحدّث عن كائنٍ آخر، إنّنا نتحدّث عن أنفسنا. انقرضت أشكالٌ كثيرةٌ من التّجمّعات الحيوانية، منذ ظهور الإنسان العاقل (العُّقال، يوفال نوا هاراري)، وأدّت أفعاله بشكلٍ كبيرٍ إلى إحداث تغيير جدري في نظام الطّبيعة، لكنه في خضمّ تطوّره الجشع والمجنون، ورغبته الأنانية في امتلاك كلّ شيء، تناسى أنّه لا يزال خاضعاً للطبيعة. إنّ الوهم الذي تولّد لدينا بأنّنا أسيادٌ على الطبيعة (رنيه ديكارت) لا يبرّرُ إلا منطق الاستحواذ والسلطة والهيمنة التي رافقت تقدّم الإنسانية، من الناحيتين العلمية والتقنية. لقد تناست البشرية أنها جزءٌ من الطبيعة، وأنّها محكومةٌ بها وبعواملها، وأنّها في مسار تطوّرها تخضعُ لقوّة الضّغط الهائلة التي تسمحُ لها بالبقاء والاستمرار؛ فعلى الرغم من شعورنا باليأس أمام الموت، وإحباطنا أمام المرض، وشعورنا بالهشاشة المطلقة، إلا أنّ رغبتنا بالمقاومة لم تكن يوماً بهدف حماية أنفسنا من الطبيعة بل كانت تهدف إلى فهمها من أجل التّحكم فيها تلك كانت النقطة التي سمحت ببداية التّحول والمضي قدّماً نحو الهاوية (إدغار موران).
إنّ النّظام الطبيعي يجّددُ نفسه كلّما اكتشف الخلل، وإن شئنا تشبيهه فإنه يشبه نظام الحواسيب، كلّما اكتشف فيروساً خطيراً حاول مقاومته بفهم طرق اشتغاله، الغريب في الأمر أن الإنسان يستطيع فهم هذا الأمر والتفكير فيه، لكنّه ليس الوحيد، لقد ظهرَ من باستطاعته أن يتعامل بنفس السلوك، فيروس "كورونا" إنّهُ يعكسُ مواجهة الطبيعة لنا، إننا سنعيشُ بكلّ تأكيد زمناً لردّ الفعل، ستواجهنا الطبيعة مستعملةً طرقها المثلى في القضاء علينا، لأننا بالفعل وصلنا إلى مرحلة "التّهديد" الذي لا يمكن أن تسمح لنا الطبيعة بعده بالاستمرار.
ستختفي كلُّ الصراعات، ستختفي المنافسة الاقتصادية، ستختفي المعاناة، سوف تتلاشى كلّ الآثار التي تركناها بعد مضي آلاف السنين ستعود الأرض إلى خضرتها، جنةً واعدة، سيعيد النظّام الطبيعي تجديد نفسه، وسيبُثُّ الحياة من جديدٍ؛ وستظهرُ مخلوقاتٌ لربّما لم ندوّنها مطلقاً في موسوعات البيولوجيا، ستنتهي كلّ أشكال القهر والاستبداد، وسيكون هناكَ ما لا يمكنك تصوّرهُ، مثلما عادت الأرض إلى رونقها بعد انقراض الدينصورات، ستعود من جديد بعد انقراض الإنسان، لن تخسر الأرض شيئاً الباكتيريا ستعمل مثلما كانت، والخليا أيضاً.
ستخسرُ الأرضُ كائناً أنانيًّا لا يفكّرُ إلا في نفسه لأنّه عاقلٌ (أرسطو)، في حين أنّ باقي الكائنات لا عقل لها، وهو يمتلك ملكة الفهم (كانط) التي لا تمتلكها تلك الحيوانات، لكن لو تأمّلت فعليًّا سلوك الحيوانات لوجدتها تنظرُ إلينا وإلى حالنا بازدراء، إننا نستمتع ونلهو بمصيرنا، في الوقت التي تسعى هي لكي تكون في انسجام تام مع الطّبيعة.
ستخسر الطبيعة كائناً مستهتراً وثديًّا، مقلّداً، تطّورت لديه ملكة المحاكاة؛ فاعتقدَ أنّ المسألة تستدعي البحث عن صورة أخرى لوجوده، وبلغ به الخيال إلى حدِّ احتقاره لهذه الأرض في سعيه لبناء ثرواته الخيالية وملء حساباته البنكية، وستخسر طموح كائنٍ كان يعسى إلى تأسيس مجتمع فاضل (أفلاطون) يحكمُهُ العقلاء، لكنّه فشل في مساعيه لأنّ طبيعته الشّريرة منعته من تلك الغاية (هوبز، فرويد).
ستنتهي الحكاية بالقوّة مثلما بدأت بالقوّة، أيضاً، الصّراع هو المحرّك الذي يدفع الطبيعة للاستمراريّة إلا أن عدوّنا هذه المرّة لم يكن مثل إنسان النياندرثال غبيًّا وصاحب جسدٍ يمكن الإطاحة به، إنّ العدوّ غير مرئي ومراوغ، ويعرفنا جيّداً؛ لذلك فإنّ الخسارة حليفتنا هذه المرّة.
كلُّ شيءٍ سيستمرٌّ على حاله بدوننا، إنّنا لسنا مركز الكون (جيوردانو برونو) الأمر يتخطّى قدرتنا على الفهم، ومراجعة ما حولنا، لن تفيدنا رغبتنا في التّملك، ولن تفيدنا أوهامنا، إن الطبيعة ستجدّدُ باستمرار. وبالتالي ستكون أفضل مما هي عليه الآن، ولن تخسر شيئاً بغيابنا.



#محمد_زكاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسوع المسيح والأساطير: رسالة يسوع ومشكلة الميتولوجيا (1) رود ...
- ماذا ستخسرُ الطّبيعةُ بانقراض الإنسان؟
- في البحث عن الحالة صفر (0)
- -الرّاقي الشرعي وجائحة كرونا-
- نحن والديمقراطية: في تحولات المفهوم
- مفهوم الشباب ودوره في تشكيل الفضاء العمومي


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- الآثار القانونية الناتجة عن تلقي اللقاحات التجريبية المضادة ... / محمد أوبالاك
- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - محمد زكاري - ماذا ستخسرُ الطّبيعةُ بانقراض الإنسان؟