|
الاطرش بالزفة
حسن الشرع
الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 11 - 01:10
المحور:
كتابات ساخرة
زفاف الأطرش
في الادب الشعبي العراقي يجري الكلام عن سلوكية الأطرش اثناء حفل الزفاف فهو يشاهد ولا يسمع الصخب من حوله وحيث ان الصخب هو السمة الابرز في تلك المناسبات ،اي ان الصورة تتنحى كثيرا امام الاصوات والايقاعات التي تسود مشاهد تلك الاحداث الاحتفالية ، يستعمل هذا الوصف عبر المثل الشعبي المشهور والساخر عند العراقيين (مثل الاطرش بالزفة) فالمسكين يرى الأحداث التي تستوجب الصخب دون الإحساس بسخونة المناسبة وإيقاعها ولو أراد الرقص لبدا الاستغراب على من حوله ممن لا يدركون طبيعة المشكلة ، لطالما تذكرت شخصية كانت شائعة عند البصريين اثناء عقد سبعينيات وبعض سني ثمانيات القرن الماضي حيث كان مبنى الجامعة في قضاء شط العرب (التنومة)، تلك هي شخصية محبوبة ومسالمة ومرحة هي شخصية (هاني) ،هاني لم يكن شحاذا ولا مزعجا على العكس كان يبدو مبتهجا ونظيفا وقد قيل الكثير حول وضعه العقلي والنفسي من قصص وتوابل الغرام التي يحكيها الناس لارضاء ذواتهم وربما للتسلية ولا نعرف ان كان بعضها صحيحا، كان ذلك الشاب يتخذ من معبر الجامعة موقعا لنشاطاته البسيطة من كلام خافت ومن ابتسامات عابرة وأحيانا كان يحمل راديو ترانسيستور وهاني يرقص ويغني لكنه كان يغني أغنية تختلف عما يسمعه في الراديو اما ايقاع رقصته فلا يمت بصلة الى ما يسمع او يغني! لطالما كان البث يقتصر على تصريحات الناطق العسكري وأناشيد النصر الموعود التي اختفت من ذهن هاني وأذهان رواد العبارة بمجرد انتقال الجامعة الى موقعها الجديد في منطقة الكرمة. على اننا هنا لانريد ان نزيد في الكلام عن الأطرش في زفة السامعين بل نريد ان نتخيل ان يكون الأطرش هو بطل الزفّة وليس مشاركا فيها. لن يستمع الى التهاني ولا الى عبارات المجاملة ولن يكون له ردة الفعل ذاتها عند حضوره حفلات زفاف الآخرين ،لكنها يرى المشهد الصامت متحركا من حوله رغم تعوده على عدم علمه بما تصدره حناجر الاخرين وعدم اكتراثه بحركات شفاههم فهو لايعرف للشفاه الا وظيفة واحده هي التقبيل ولربما ادرك فطريا ان الحنجرة هي الة التنبيه رغم انه لايدرك كيف يستجيب الناس لصفارة الانذار في زمن ما قبل القادسية ولا ما بعد الحواسم وما قبل داعش وما بعد الكورونا ! راودتني هذه الأفكار وانا قابع في منزلي ، ففكرت في الكتابة ليس لغرض التسلية ولا لمنافسة بوشكين الذي كتب اجمل اعماله وهو في الحجر الصحي اثناء غزو الكوليرا لبلاده في القرن التاسع عشر ولا حتى صرفا لانتباه قراء الحب في زمن الكوليرا لغابريل كارسيا لماركيوز وهو الحاصل على نوبل وانا الفقير الذي لن احصل حتى على (لايك )منصة الفيسبوك والتي اكتسحها الوجيه السيد ابو علي الشيباني بمباركة معلمه وشيوخه ومن هو شيخهم لقد عشت تجربة الأطرش بالزفة عندما شعرت بانسداد كلتا الأذنين وإخفاقي في تنظيفهما من الشمع بل على العكس فقد تسببت اثناء محاولاتي إخراج ذلك الشمع بدفعه عميقا ليلتصق بالطبله التي توقفت عن الاهتزاز والرنين لتصدر صفيرا على نغمة الدو ومن مقام ري الكبير (ميجور) وعلى .1967 وتيرة واحدة لطول الوقت وكأنني استمع الى بث محطة البي بي سي المشوش اثناء الانتصارات العرب في حرب حزيران لقد عشت تجرية الأطرش بالزفة في كل تفاصيلها الفكرية والبدنية ، فلا اسمع أصوات الطيور ولاأصوات منبهات السيارات التي تتحدى إجراءات الحكومة التي كانت قد سدت اذانها للناس وأصبحت في عداد الطرشان منذ غزوة احد واحتلال المطعم التركي في حرب تشرين، ولا اسمع حتى الباعة الذين ينادون او يروّجون لبضائعهم ولالبائعي الغاز ولا حتى صوت جرس باب المنزل الذي لا يطرقه الا الشحاذين من الصبية ومن هو بهيئة احد بناة الأهرام وجامعي أموال التبرعات او الزكاة. فكريا فلقد تم اغراق صفحاتي بعديد المقالات والمصورات بمواد كثيرة متنوعة ومتناقضة منها ما يتهم اميركا بأنها وراء الفايروس العنيد باسمه البهي وشكله المهيب وفعله الرهيب وقصده القاتل وحكمه العادل، ومنهم من يتهم الصين والجي فايف والخفافيش وربما جراد البحر واخرين لا نعلمه وممن دونهم يشيرون الى السماء حيث الانتقام من اثام البشر الذين تقاعسوا عن نصرة الامام او نصرة داعش او هي تذكير للنساء بارتداء الحجاب وللرجال بالتخلي عن البرمودة عندما لا يكون الرجل خارج منطقة الكاريبي ، لقد وجدت نفسي اطرشا بالزفة ، لكنه من المؤكد فانه ليس باستطاعتي ان اكون صاحبها لأنني تمكنت في نهاية المطاف باخراج الشمع ،،،هللو فقد وجدنا رئيسا للوزراء ،سيعود الغرباء الى منازلهم حيث لا يسمعون انينا ولا طنينا فلقد مر زمن طويل على اخر مره سمعوا بها مقام الصبا .
#حسن_الشرع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاقتصاد في زمن الكورونا
-
الحب في زمن الكورونا
-
كيمياء الكذب
-
كيمياء الفساد
-
ساحة العمل السياسي في العراق :التاريخ والمستقبل
-
حمار دورينمات الكربلائي برواية الجاحظ البصري
-
قفشات عتب ثقافية
-
الحكومة الافتراضية(4)
-
حملة انصاف قابيل
-
متلازمة عمى الألوان السومري المعاصر
-
قراءات في خير امة
-
أغلقوا حساباتكم
-
انا وداعش والعسل
-
الروح الرياضية السياسية
-
القطاوجي
-
مواليد النسيان....كل عام وأنتم بخير
-
دريول
-
جز الصوف
-
دفع الجزية
-
بين الدعاء والفتوى...من ساجدة عبيد الى المشروع التايلندي
المزيد.....
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|