أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - الفنان الراحل صلاح جياد .. يحاكي المرئيات والسمعيات في اعماله الفنية















المزيد.....

الفنان الراحل صلاح جياد .. يحاكي المرئيات والسمعيات في اعماله الفنية


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 6532 - 2020 / 4 / 8 - 13:00
المحور: الادب والفن
    


كانت الصدمة مدوية حينما وصلني نبأ موته المفاجئ صباح يوم الاثنين 16 مارس ـ آذار 2020 عن طريق الصديق المبدع، فنان رسوم الكاريكاتير منصور البكري، حينما قال لي عبر الهاتف بصوت اجش: [ لقد فارق صلاح جياد الحياة!. وأردف: [كانت "لحظة الرحمة" صدمة كبيرة لكافة الاصدقاء في الوسط الثقافي والفنون التشكيلية].. عسى ان يجد الراحة في فضاءات أكثر وجدانية، بعيدا عن عبء الاضطرابات النفسية وعذابات الانحسار والآلام التي عانى منها طويلا.

توأدت خطابات اصدقاء الفقيد على صفحات التواصل المختلفة. لاهميتها، اقتبس بتقيد: نعم هذا الطيب والوديع والمثابر في العطاء بلغة يعجز عنها اللسان في وصف اعماله التشكيلية، صلاح جياد، ذهب بصمت وهدوء "صفاء عبد الحميد".. خبر صاعق ومؤسف جدا برحيل الرسام والفنان الكبير صلاح جياد وخسر الوسط الثقافي والفني العراقي احد اهم اعمدته وركائزه هذا الفنان الراقي والملتزم فنانا وطنيا وديمقراطيا وعلمانيا "المخرج ناصر حسن" .. فاجعة كبيرة وخسارة فادحة لفقدان حبيبنا الفنان صلاح جياد الذي اذهل حتى أساتذته بامكانيته الفنية الفريدة. يا لخسارة العراق ويا لخسارة رفاقه وزملائه الذين رافقوه بالعمل في مجلتي والمزمار وفي مجلة الف باء، كنت مذهلا بكل شيء في فنك وفكرك وأخلاقك العالية "منصور البكري".. الفنان الكبير والفذ والصديق الحبيب صلاح جياد (أبو يمامة) الجميل في ذمة الخلود خسارة فادحة للفن العراقي والعربي ولنا نحن أحبابه ولأم يمامة الفنانة مليكة حاتم وليمامة ابنتهما الوحيدة، كل العزاء القلبي الحار. فصبراً جميل. ستبقى ياصلاح ما بقينا "الفنان فيصل لعيبي".

وتحت عنوان صلاح جياد وداعا، نشر "المنتدى العراقي في فرنسا" ـ بألم وحزن عميق فقدنا صباح هذا اليوم 16 آذار 2020، الصديق والأخ والمناضل الفنان صلاح جياد المسعودي، عن عمر 73 عاماُ، بعد صراع مرير مع المرض. فقدنا رجل من ابرز شخصيات الجالية العراقية في فرنسا وكذلك على الصعيد الفرنسي والعراقي والعربي، وكان احد المناضلين الأشداء ضد النظام الدكتاتوري الصدامي، فنان من الطراز الأول ترك اثراُ وبصمةُ في تاريخ الفن التشكيلي. كان الراحل من أكثر العراقيين التصاقاُ بقضية العراق وعمل الى آخر لحظات حياته من اجل رفعة وعلو العراق وشعبه من اجل تحقيق أمانيه بالحرية والديمقراطية ومن اجل بناء عراق ديمقراطي فيدرالي متقدم. كان لطيف المعشر ودودا ولا يكل عن السؤال عن الأصدقاء وأبناء الجالية، ويقدم كل ما باستطاعته لمساعدة الآخرين.

لظروف استوجبتها "محننا" دون أن يبق لنا القدر نحن عراقيي المهجر أثر التواصل، انقطعت صلتي بالصديق الفنان التشكيلي المتميز ـ فنيا واخلاقيا وانسانيا ـ صلاح جياد المسعودي، ذلك البصري الاسمر الممشوق، البهيج الابتسامة، خفيف الظل، لاكثر من تسعة عشر عاما على الرغم من قرب المسافة ووفرة وسائل النقل.. وكنا نلتق اثناء زيارات شخصية متبادلة بين برلين حيثما انا اقيم وباريس اذ هو، وتتكرر في مناسبات ثقافية وسياسية تنظم هنا وهناك مثل احتفال جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي "اللومانيتيه" السنوي التقليدي، أو اجتماعات جمعيات الطلبة العراقيين في الخارج أو لقاءات سياسية تتعلق بالشأن الوطني العراقي.

ذات يوم في نهاية السبعينيات رن الهاتف، وكان الصوت في الطرف الآخر ذكوريا، يبعث على الاطمئنان والسرور.. آلو مرحبا .. مرحبا، من معي، أجبت.. صلاح جياد، قادم من باريس وحصلت على رقمك من فيصل لعيبي الذي يبلغك التحيات.. التقيته بعد ساعة في محطة القطارات الشهيرة "زوو Zoo" وكان برفقته شابين تعلو وجنتيهما البشاشة وابتسامة عريضة.. عرفني عليهما بلطف: الفنان التشكيلي غسان فيضي والفنان المصور عبد الحسين.. ثم توجهنا نحو السيارة وغادرنا الى الدار. زوجتي التي في انتظارنا، كانت قد انتهت من تحضير الطبيخ على الطريقة الالمانية توا، وراحت ترتب أدوات المائدة باهتمام بالغ بدت كلوحة فنية ـ تناسق تام بين الوان الصحون والكؤوس المختلفة الاحجام والاشكال.. انتهت امسيتنا عند الفجر وكانت صاخبة لا تخلو من الفكاهة والحديث عن الثقافة والفنون والنقاش السياسي حول الشأن العراقي ـ وما بين هذا وذاك كان الفنان غسان يمسك العود، يسمعنا اغاني من التراث العراقي والوطنية للحزب الشيوعي.

مكث عندنا الاصدقاء، صلاح وغسان وعبد الحسين سبعة ايام ممتعة. زوجتي وانا كنا في غاية السرور خلال فترة اقامتهم. تركت ذكريات مليئة بالمفاجئات وعبث الحياة، تراكمت خلال الازمنة ولا تزال حاضرة لم تنته.

في حديثي مع الصديق الفنان غسان فيضي بعد رحيل الفنان المبدع صلاح جياد باسبوع، وكنا بصدد الحديث عنه قال: [خسر العراق والفن التشكيلي فنانا عملاقا لقبه خبراء فن الرسم ومشاهيره "ملك الالوان"] اشارة الى اسلوبه النادر في كيفية صناعة اللون في لوحاته. مهوس بابتكار الالوان المناسبة من مستحضرات طبيعية، تحاكي المرئيات والسمعيات كحروف الهجاء. اللون عنده صعب الوصول اليه كالكلمة التي تدل على معنى في نفسها ولا تقترن بزمان ومكان..

أعماله الفنية في الغالب ذات اتجاهات متنوعة غير محددة، فهو بالاضافة الى ممارسته اعمال رسم البروتريه أيام نهاية الاسبوع عند كنيسة القلب المقدس الواقعة في قلب باريس على تلة الشهداء مونتمارتر Montmartre في المكان الذي اعدم فيه مطران باريس الأول دبينسوس في القرن الثالث عشر للميلاد عقاباً على ايمانه. فان أعماله تتنوع بين الواقعية والانطباعية والتعبيرية التي تخلق مزاجا معينا، وبين السريالية أو تمثلها بشكل مختلف. لكن جميعها تُظهر صورا للواقع، وليس بالضرورة أن تكون شكلا مجنونا، انما يمكن ان تعني أيضا الوانا مجنونة غير معتادة كاستعماله ماء الذهب ولون الكازين "الكستانيا" وبذر الكتان والطلاء الزيتي، بالغة الترتيب، لا تحتوي على النظرية الجمالية للألوان، انما على نظريات جمالية وعلمية حول وظيفة وتأثير الألوان، تعريف واضح، يقتصر على الأساسيات لـ "ترتيب الألوان". هنا عادة ما يتم تمثيل شيء أو شكل بطريقة مفصلة للغاية، هو كل شيء ونهاية كل شيء.

في حديثي المطول حول سيرة الراحل الفنان المتميز صلاح جياد مع غسان أخبرني بمرارة: [رغم أنه من الفنانين التشكيليين العراقيين المتميزين فنيا وفق المعايير العالمية ويمتلك رؤية فنية مؤثرة، الا ان صلاح للاسف لم يحظ بأية اهتمام يستحقه على كافة المستويات]..والجدير بالذكر وبحكم معرفتي الطويلة لهذا الفنان البصراوي الشفاف، انه لم يهرول يوما وراء المجد والغنائم حتى في احلك الظروف المعاشية.. بقي الى يوم رحيله زهيدا، تنتشي له النفس، يملأ القلب قوافي.



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زنبقة الكورونا هذه التي حيرت العالم واشغلته؟
- الثابت والمتغير في عقلية الطبقة السياسية العراقية .. أياد عل ...
- السينما تناصر السينمائي الايراني محمد رسولوف
- معايير الصحافة ومتناقضات مفهوم ديمقراطية الاعلام في العراق
- رأي صريح موجه لوزير الداخلية ومحافظ النجف العراقيين!
- الاختناق الفكري بين السلوك العدمي والموضوعية
- سقوط الحكومة المحتوم يفرضه الواقع الشعبي الميداني دون هوادة
- هل ممكن للشباب اسقاط النظام الطائفي في العراق وكيف؟
- فلسفة التحول النقدي لظاهرة الفلسفة الثقافية!!
- ماجد كامل فنان رحل وكان يحلم بوطن يحضنه!
- عاصفة الدماء .. لكن ماذا بعد؟
- خاتمة فنان بعيدٍ عن وطن إنكفأ إزدهاره!
- أماس أدبية غمرتها قصائد الحب والإنتماء للوطن
- ما بين الثقافة و مفهوم الثقافة...!
- دعابة سردية ذات أثر ساحر وأسرار لا تنسى
- اللحظات الحاسمة لجوهر نضال المرأة للمطالبة بالمساواة
- عرب المهجر بين صراع الايديولوجيا وفك الانتهازية
- ماذا يختبىء وراء الأكمة في مؤتمرات حول الشأن العراقي في الخا ...
- العراق بين دائرة الاستئثار بالسلطة ومفهوم القيّم والشعور بال ...
- حوارات حميمية بين أدوات موسيقية من عوالم مختلفة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - الفنان الراحل صلاح جياد .. يحاكي المرئيات والسمعيات في اعماله الفنية