كمال الموسوي
كاتب وصحفي
(Kamal Mosawi)
الحوار المتمدن-العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 - 18:50
المحور:
الادب والفن
ريما كنت اجلس في بعض ليالي العمر الفائت في مقاهي المدينة او امتلك الرغبة لمعاودة المرور على الكوفيات الكبيرة الاسماء والباهضة الثمن، لكن لا شيء يشدني اكثر من الجلوس على حافة النهر وأنا أتأمل لحظات العمر على ضفاف دجلة..! حتى كنت حين احدثه اعلم انه لا يسمع الحديث جيداً، هو نفس العمر يمر دون ان نشعر به او رغمًا عنا او مهما حاولنا ان نوقفه فلن نتمكن، هو يجري كما تجري أيام العمر ولحظاته البائسة، لكنني أعشقه جداً كوني ارى فيه صباي وأواخر عمري وأروي منه ضمأ طالما اثر في الروح سلباً واوجعتها.
في احدى المرات اخذتها معي لمكان جلوسي المقدس ، ورحت انا وإياها في حديث لم ينقطع الى لساعة المنتصف من الليل رغم برودة الشاطئ وضغوطات سيارات الشرطة التي لا تسمح بالجلوس على حافة النهر لا لمن يرغب بشرب الخمر ولا بمن يجلس مع حبيبته، فكلانا في نظر الشرطة مذنبان وكلانا في نظر القانون متساويان في الجرم، فالحب وشرب الخمر كلامها يذهبان بعقل من يتعاطاهما.
كنا شديدان الاستمتاع بكل تفاصيل اللحظات ونحن نجلس هناك حتى سألتني عن سر هذا التعلق والعشق بشاطىء هذا النهر الذي تراه هي لا ينطق، بل تراه لا يستحق وان الجلوس عليه مضيعة للوقت ليس الا..! أجبتها ان كل ما يدور في داخلي هو امتداد لعمق هذا النهر الذي بلغت بواطنه السبعة آلاف سنة وأكثر ، فبرغم كل ما حوله من وجع وأثر لبقايا قنابر الحروب وجثث الشهداء ونفايات محلية، الا انني ارى نفسي فيه واشعر بوجودي.
لا يغرنك يا رفيقتي ما حوله من فوضى وغبار اثاره المارقون على جبهته اليمنى والشمال، ولا يزعجك الوجع المتناثر على ضفتيه وأشلاء الجائعين والمعدومين من رمق الحياة، لان فيه سرا ينبض في ارواحنا نحن فقط وفيه وجع لا يهشم الا اضلاعنا نحن وفيه عشقًا لا يجري الا في عروقنا، سيدتي في دمي شيء من ماءه وفي تركيبتي شيء من عذوبته التي ترينها خابطه وأنا أراها كالزلال.
انه شاطئي يا رفيقتي سترحلين انت ويبقى هو معي
#كمال_الموسوي (هاشتاغ)
Kamal_Mosawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟