ماركوس ملطى عياد
الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 10:44
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
بما أنى عربى اللسان وأنتمى جغرافيا للشرق الأوسط فإننى أحاول مسايرة الرأى العام الذى يكره أمريكا إلى النخاع وبلا سبب وكلما لعنت جورج بوش كلما أصبحت أكثر وطنية وأبعدت عن نفسى شبهة الخيانة ولكن عندما أجلس إلى نفسى أجدها تقول لى أن ما تفعله أمريكا بالعرب هو رد فعل حضارى يتفق مع عصر حقوق الإنسان فلو أن أحداث 11 سبتمبر وقعت فى القرن ال19 وليس ال21 ربما انقرض العرب من الوجود ولو أن تلك الأحداث وقعت فى أيام هارى ترومان وليس جورج بوش ربما رد علينا بالقنابل الذرية وليس بمشروعات الإصلاح والديمقراطية ولكننى عندما أعجز عن إسكات نفسى أزداد كرها لها لأنها لا تطاوعنى وتسألنى دائما لماذا؟
وبما أننى أنتمى إلى أمة القادة الملهمين الذين أرسوا لبلادهم ثوابت تتفق مع نزواتهم وأصبحت تلك الثوابت نصوصا مقدسة فإننى أكره أمريكا عندما تتعدى على تلك الثوابت لذلك أصدق أن أمريكا معتدية وظالمة وكلما صدقت ذلك كلما صرت أكثر وطنية واستبعدت عن نفسى صفة الخيانة ولكن عندما أجلس إلى نفسى تسألنى هل ظلم أمريكا للعرب أكثر من ظلم الحكام المصريين للأقباط ؟ لما لا يقوم الأقباط بعمليات انتحارية تعبيرا عن شعورهم بالظلم؟ وهل ظلم أمريكا للعرب أكثر من ظلم الشمال السودانى للجنوبيين الذين قتل منهم وشرد الملايين لما لم يفكر الراحل جون جارانج بإرسال مفجرين إلى الخرطوم للتعبير عن شعورهم بالظلم؟ ولكن عندما أعجز عن إسكات نفسى أزداد كرها لها لأنها لا تطاوعنى وتسألنى دائما لماذا؟
وبما أننى أنتمى إلى دول العالم الثالث فإننى أكره أمريكا لأنها تعيش فى رغد ورفاهية وتترك العرب " الغلابة ياعينى" مطحونين من الفقر وكلما اقتنعت أن العرب فقراء مهملين بسبب أمريكا كلما ازدادت شعبيتى وأبعدت عنى صفة الخيانة ولا بد أن أقتنع أن الإرهاب هو رسالة سخط من الفقراء إلى العالم المتقدم المتجبر ولكن عندما أجلس إلى نفسى تسألنى وهل حقا العرب فقراء؟ وهل هم أكثر فقرا من الأفارقة "اللى كافيين خيرهم شرهم" رغم معاناتهم من الملاريا والإيدز والمجاعات؟ لماذا لم يفكر أحد منهم فى إرسال انتحاريين إلى نيويورك ولندن وباريس للتعبير عن شعورهم بالفقر والمرض والإهمال ولكن عندما أعجز عن إسكات نفسى أزداد كرها لها لأنها لا تطاوعنى وتسألنى دائما لماذا؟
نعم أنا أكره أمريكا وسأظل أكرهها ولا أريد أن أعرف لماذا
د.ماركوس ملطى عياد
#ماركوس_ملطى_عياد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟