|
البربر
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6527 - 2020 / 4 / 2 - 14:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بربر او برابرة ، تعني الاحرار ، المحاربين ، الشجعان ، الرافضين للذل والهوان ، والكلمة دلالة على ثلاث إثنيات تشكل شعبا ، يسمى بالشعب البربري . الاثنيات المشكلة للشعب البربري هي : 1 ) اهل سوس ، السوسيون الملقبون ب " الشلوح " ، وهم يتكلمون لهجة تشلحيت ، ويستقرون بالجنوب . 2 ) اهل الريف ، بالشمال ، وهؤلاء يتكلمون تريفيت . 3 ) اهل الاطلس المتوسط ، وجزء كبير من الاطلس الكبير ، وهؤلاء هم الامازيغ الناطقين بلغة تمازيغت . إذن هناك ثلاثة لهجات ينطقها البرابرة هي : تريفيت ، تشلحيت ، وتمزيغت . العديد من الناس يعتبرون كلمة بربر ، او برابرة ، بمثابة ذمّ ، وسب ، وشتم ، لذلك يرفضون هذا العنوان ، لاعتقادهم ان مستعمليه ينْقصون من شأنهم ، والحال انهم وقعوا في عدم فهمٍ لأصل الكلمة ، بسبب جهلهم للغة الفرنسية التي بها كلمتين لا تشابه بينهما ، وهما كلمة Barbare ، و كلمة Berbère التي يعتقد هؤلاء ان لهما نفس الدلالة ، ونفس المعنى . ففي اللغة العربية تعني كلمة Barbare الهمج ( الفايكينگ ) بالدول الاسكندنافية، وتعني كلمة Berbère العرق ، والاثنية الدالة على شعب . وهو نفس المعنى تفيذه اللغة الفرنسية عند استعمالها للكلمتين . فكلمة Barbare ، لا تعني معنى Berbère ، فعندما اصدرت فرنسا ظهيرها العنصري المشئوم في ثلاثينات القرن الماضي ، سمته بالظهير البربري ، وليس بالظهير الهمجي . Le dahir berbère ، وليس le dahir Barbare . ان الاختلاف في اللهجة هو انعكاس على طبيعة الوضع السوسيو - اقتصادي للشعب البربري . وهذا يتجلى بالخصوص في الاشكال التالية : 1 ) يلاحظ انه مع بداية الاستقلال الشكلي ، اتجه السوسيون في اغلبهم الى ممارسة التجارة ، مع تركيز الهجرة لممارسة نفس الحرفة بفرنسا ، وبلجيكا . لكن ما ان التحق السوسيون في منتصف الخمسينات بالمدارس الوطنية المعربة بالجنوب المغربي ، حتى بدأت تطفو على السطح برجوازية صغيرة ، كوّنها المعلمون ، واساتذة الثانوي ، ومحامون ... كما ان توسع النشاط التجاري والكتبي ، ادى الى بروز عائلات كبيرة ، اصبحت تشكل اعيان السوسيين في علاقتها مع النظام . وتذكرنا بعض العائلات ، ك " بوفتاس " و " صالح زمراگ " .... واليوم " أخنوش " . .....لخ . هكذا تم استيعاب ابناء العائلات ليصبحوا وزراء ، وسفراء ، وعمال ، وولاة بوزارة الداخلية . اما الريفيون ، فقد اتجهوا الى الجيش ، والاكثرية هاجرت للعمل في المانية ، وهولندة . ويتميز الريفيون مثل السوسيين بالانغلاق على بعضهم ، والتقوقع على محيطهم ، مع رفضهم لكل من لا ينتمي الى الريف ، او الى سوس . وبخلاف السوسيين ، والريفيين ، سنجد امازيغ الاطلس المتوسط ، والاطلس الكبير يستقرون بالمغرب ، ويتعاطون الرعي وتربية الماشية ، وممارسة الفلاحة ، مع توجههم نحو الجيش ، والدرك ، والقوات المساعدة ، والمدارس الفلاحية الكبرى ، حيث يتخرجون بيطريين ، ومهندسين زراعيين ، ومهندسين غابويين ، كما انهم اكثر انفتاحا على خارج محيطهم مِمّن لا ينتمي الى تمازيغت .اما زمور فقد انخرطوا بشكل جماعي في الامن الوطني ، والدرك . سنجد من بين هذه الاثنيات الثلاثة المكونة للشعب البربري ، ان الاكثر تطرفا في الترويج لشعارات التفرقة ، هم مثقفو سوس ، ومثقفو الريف . ان تطرف مثقفي أهل سوس ( السوسيون / تشلحيت ) ، يرجع اسبابه الى النظرة التحقيرية التي طبعت المخيلة البدوية ، الشعبوية ، العروبية خلال الستينات ، والسبعينات من القرن الماضي ، كبعض التعابير العنصرية مثل ( الشلح ، والقرد ، والماعز ) ( زقْرام ) ( لا للايْت لا للايْت ) . والحقيقة ان تلك العنصرية العفوية، لم تكن مدركة الحواس ، بل ان مردديها كانوا يرددونها بسداجة ، ودون خلفيات عنصرية حقيقية ، ورغم ذلك فقد ترك هذا السلوك اللاشعوري ، ذَمَامِلة في نفس السوسيين الذين اعتبروا انفسهم مستهدفين في وجوده وهويتهم . اما تطرف اهل الريف ، فمرده الاهمال الذي تعرضوا له على يد الدولة ، كانتقام من اعلان الجمهورية الريفية ، ومن المجزرة التي كانوا ضحيتها في سنة 1957 و 1958 . لذلك فهم يروا اريحيتهم ، وشخصيتهم ، في تاريخ الريف الذي كان تاريخ ثورات ضد النظام الملكي . ويلاحظ ، انه رغم هذا الاختلاف ، فان الضباط الذين اشرفوا على الانقلاب العسكري في سنة 1971 و 1972 ، ينتمون الى الريف ، والى الاطلس المتوسط ، اما الضابط السوسي الوحيد بينهم ، فكان الملازم احمد رامي اللاجئ اليوم في مملكة السويد . اما الضابط العروبي الذي شارك في انقلاب 1971 ، فكان الكلونيل الفنيري ، من قبيلة ( حدْ لغْوالمْ ) بقبائل زعير التي تعربت ، فلو نجح ذاك الانقلاب لكان تأسيساً لجمهورية بربرية يتقاسمها اهل الريف ، واهل الاطلس المتوسط ، ولكان الانقلاب سيكون نكبة على آل الفاسي الذين استغلوا واحتكروا المغرب لوحدهم . إذن ان كلمة بربر لا تعني التجريح او الذم ، بل تعني الاحرار ، الشجعان ، المحاربون . وهي لا علاقة بها بكلمة Barbare الدالة على ( الفايكينگ ) في اللغة الفرنسية . ان نفس الجهل المنصوب على كلمة ( بربر ) لاختلاطها بين معنيين الهمج والعرق / الاثنية ، نجد جهلا اكبر منه ، حين يعتقد احفاد البرابرة ، ان الراية التي يرفعون اثناء المسيرات ، او عند تنظيم وقفات ، او عند تنظيم احتجاجات ، هي راية الامازيغ ، في حين ان الراية هذه ، هي من صنع الصهيوني الفرنسي ( جاك بنيت / Jacque Bénèt ) ، رسمها في سنة 1972 ليسهل التفريق بين الجنس العربي الذي استوطن شمال افريقيا منذ 1500 سنة مضت ، وبين القبائل البربرية بمختلف روافدها الاثنية ، وحتى يفجر هذا الصهيوني الأرض ، لتقسيم بلاد شمال افريقيا بين العرب والبرابرة ، ويسهل تفتيت الجغرافية لخلق كانتونات ستكون عميلة ، وبيد الاستعمار الذي ركز على التمايز الهجيني للعرق ، كما حصل في العديد من دول الشرق الأوسط كلبنان . ان إصرار احفاد البرابرة على رفع راية الصهيوني Jacque Bénèt ، وجهلهم لمصدرها ، ودون معرفة خلفياتها ، في التجمعات والمسيرات ، التي يشارك فيها العروبيون ، هو تأكيد على الاختلاف والتمايز ، كما انه يعبر عن دعوة صهيونية مباشرة ، لتفريخ خلايا الحرب الاهلية المحلية التي تنتظرها الدول الاستعمارية على احرمن الجمر . ولنا ان نتساءل هنا عن خلفيات وجود المئات ، بل الآلاف من الجمعيات البربرية في فرنسا حيث تحظى بالدعم المادي والمعنوي ، وبالتأطير لحشو افرادها بالشعارات العنصرية ، ليس حبا في البرابرة او في حضارتهم ، بل لاستعمالهم وقودا لحرب أهلية يخطط لها الغرب وإسرائيل بشمال افريقيا . ان الدولة الفرنسية ، والبلجيكية ، والسويسرية ، لا تتوانى في الاعتراف باي جمعية بربرية ، حتى ولو كان عدد مؤسسيها ثلاثة اشخاص ، في حين تجد نصب العراقيل المختلفة ، لأي مشروع عربي يرفع شعار القومية العربية التقدمية ، ويرفع شعار فلسطين ، او يرفع راية الإسلام السياسي الذي يوظف رغم ذلك ، لتخريب دول المنشأ في ما يحضر من مشاريع ، ومخططات تدميرية عندما يحين وقت تنفيذها . فهل البرابرة صانعوا الحضارات ( المرابطون / الموحدون ) ، يقبلون رفع راية الصهاينة باسم البرابرة ، والتفاخر بها ، وهي كلها خزي وعار لا علاقة لها ، لا بتاريخ البرابرة ، ولا بشجاعتهم المشهود بها عبر التاريخ ؟ ثم الم يكن المقصود من تطوع Jacque Bénèt برسم خريطة صهيو / استعمارية ، ونسبها للبرابرة الشجعان ، هو المساس بشجاعتهم ، وبطولاتهم التي مثلها طارق ابن زياد ، وبلغت اوجها في الدولة المرابطية والدولة الموحدية ؟ وكيف لأحفاد البرابرة ثوار ما قبل 1912 ضد النظام السلطاني بفاس ، وضد فرنسا الاستعمارية ، ان تنطلي عليهم مكيدة Jacque Bénèt ، بالتحكم في مسيرهم ، وفي تاريخهم المراد منه تشويههم ، وجعلهم أداة بيد الاستعمار لضرب وحدة الجغرافية ، ووحدة الشعوب المتصاهرة ، والمندمجة عبر التاريخ والازمنة المتعاقبة ؟ ان كلمة Barbare لا تعني كلمة Berbère ، والظهير العنصري التقسيمي التمسيحي الذي أصدرته فرنسا في بداية الثلاثينات ، يسمى Le dahir Berbère ، ولا يسمى Le dahir Barbare ، لان المشكل هو في اللغة العربية التي بها كلمة واحدة هي البربري الذي يعني العرق والاثنية والجنس ، ولا يعني الهمج ، بخلاف اللغة الفرنسية التي بها الكلمتين المختلفتين المعنى والقصد ( Barbare / Berbère ) . اما الراية التي تنسب للبرابرة ، فهي راية الصهيوني Jacque Bénèt رسما في سنة 1972 بالجزائر ، ولا علاقة لها اطلاقا بالبرابرة ، والاّ لكان طرح السؤال : هل هذه الراية تعود الى سنة 1972 ، ام انها تعود الى تاريخ البرابرة الممتد لآلاف السنين ؟ حذاري الاستعمار .. قوتكم في وحدتكم .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جايْحت كرونا ونزاع الصحراء
-
ماذا بعد كورونا / فيروس
-
منذ متى كان قرار وزير الداخلية قرارا ملكيا صرفا ؟
-
جايْحتْ كورونا
-
الأمين العام للأمم المتحدة ونزاع الصحراء
-
تفكيك وتحليل الدولة المغربية
-
المرأة والجنس في المجتمع الرأسمالي
-
حرب الراية
-
أمريكا / حماقة
-
جبهة البوليساريو تتمتع بتمثيلية قانونية بسويسرا
-
الرئيس الموريتاني يؤكد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية
-
كيف يفكر الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني
-
النموذج التنموي
-
الأزمة الاقتصادية هي أزمتهم وليست أزمتنا نحن
-
ماذا يجري ؟ الجزائر / المغرب / موريتانية / السعودية / قطر /
...
-
وزيرة الخارجية الاسبانية لا تعترف بالجمهورية الصحراوية / هل
...
-
في المغرب هناك فقط الملك
-
الجمهورية الصحراوية ستحضر كدولة ذات سيادة اللقاء القادم بين
...
-
هل اصبح وجود الجمهورية الصحراوية واقعا مريرا صعب الابتلاع ،
...
-
هل سيقبل النظام المغربي بتعيين السلوفاكي ميروسلاف لايتشاك ،
...
المزيد.....
-
ماذا قالت هيلاري كلينتون عن تعرض ترامب لمحاولة اغتيال ثانية؟
...
-
-الاعتراف بحكومة صنعاء-.. مسؤول أميركي يصف تصريحا للحوثيين ب
...
-
إسرائيل توسع أهداف الحرب بعد تلويح جديد بالخيار العسكري ضد ح
...
-
هذه الأسلحة ستكون أشد فتكا من الأسلحة النووية والعالم يتسابق
...
-
-لا أحد يحاول حتى اغتيال بايدن- هاريس-.. ماسك يحذف منشورا أث
...
-
واشنطن: التحقيقات الأولية بشأن عائشة نور لا تبرئ إسرائيل
-
نتانياهو يوسع أهداف حرب غزة
-
-الاعتراف بحكومة صنعاء-.. مسؤول أميركي يصف تصريحا للحوثيين ب
...
-
مثول المتهم بمحاولة اغتيال ترامب أمام محكمة فيدرالية
-
بلينكن يزور مصر في أول زيارة إلى الشرق الأوسط لا تشمل إسرائي
...
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|