|
الظاهرة الزرقاوية والشارع العربي .. وماذا بعد مقتل الزرقاوي؟
عادل الياسري
مؤرخ
(Adel Alyasiry)
الحوار المتمدن-العدد: 1578 - 2006 / 6 / 11 - 11:51
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
قبل البدء بالحديث ؛ لابد من تعريف الظاهرة الرزقاوية ؛ ويمكن القول ( انها صنيعة من صنائع مخابرات الاستعمار الجديد في العالم العربي و الاسلامي ؛ الذي يسير بأقدام الحرية الكاذبة ؛ لأماني الشعوب المضطهدة من قبل نظمها السياسية الفاسدة . وتحركها بالاوقات المناسبة التي تخدم غاياتها المكشوفة ؛ وتغذيها بطرقها الخاصة . وان الهمج الرعاع هم جنودها ؛ الذين أرواحهم ضالة بين مخالب عقدة الدم للعقيدة الفاسدة وبين عقد الكبت الجنسي .
لقد ظهرت الظاهرة الزرقاوية في بواكير أزمة الخليج الثالثة ـ الاحتلال الامريكي للعراق ـ في الشارع العربي ؛ وهي ظاهرة جديدة في العالم العربي و الاسلامي . بيد ان لهذه الظاهرة مؤيدين و معارضين ؛ أو إذا جاز التعبير أو القول ؛ إن أعداءها المثقفون و جنودها الانتحاريون . ما يهمنا هي الاجساد الضالة ؛ واقلام معشر الثقافة في العالم العربي ؛ وكيفية مواجهتهم لهذه الظاهرة البائسة و السقيمة ؛ وهم يكدحون من اجل قوتهم اليومي ؛ ومن أجل صناعة الوعي السليم في العالم العربي . ومن الطريف هناك فصيل آخر لم يصل الى مرحلة اليقين لهذه الظاهرة ؛ جاعلا من السراب عنوانا لها . ويقدم لنا " حاوي رياض " وهو كاتب جزائري دراسة عنوانها ( الزرقاوي و الظاهرة الزرقاوية ) و يعتقد ان الزرقاوي هو النموذج للنسخة المزورة الجديدة لجماعة المرابطين ؛ التي صنعتها فرنسا أبان الاحتلال الفرنسي للجزائر ويقول : ( ان دهاقنة السياسة وصناع الصراع الفكري بدؤوا في صناعة ظاهرة الزرقاوي لتغيير الصراع واعادة تلوينه بانه في الأصل ليس من أجل بترول العراق ولكن من أجل تجميع الارهابيين في العراق والقضاء عليهم هناك. قد يكون الزرقاوي لا علاقة له بالظاهرة الزرقاوية، وأغلب الظن انه لا يتمتع بأي حس استراتيجي ولا وعي اسلامي حضاري ولا رؤية عسكرية ثاقبة ولا مشروع تحرير محدد القسمات. وهذا ما يجعلني أؤكد أن الظاهرة الزرقاوية تتجاوزه،فهو (Brand Name) علامة تجارية لمنتوج يصنع في وسائل الاعلام العالمية ويسوق في العالم بغض النظر عن توافق الزرقاوي مع هذا المنتوج من عدمه. فالعلامة التجارية الزرقاوية قادرة على اختراق العقول والعواطف بأكثر مما قامت بصرفه الإدارة الامريكية في تبرير أكاذيبها بمطاردة أسلحة الدمار الشامل في العراق ..موقع شهاب ) رجل الدين و الظاهرة الزرقاوية أعتقد ان رجل الدين حين يقتحم أسوار السياسة و القضايا الأمنية سوف تتقهقر مفردات الفقه أمام التقنيات الأمنية الجديدة . ولاشك ان مفرادت الفقه لا تستنبط الاحكام الشرعية للسقف الزمني ؛ ونوع الغطاء ؛ ونوع السلاح ؛ وتقيم العملية الامنية و غيرها من المسائل التي يدرسها طلبة المعاهد الأمنية . ومما يثير حفيظة المراقب دخول رجال الدين في سجال للمسائل الأمنية ؛ وهم يستلهمون وعيهم الامني السياسي من السواد الاعظم من الناس . ومن البديهيات الثابتة لا توجد علاقة بين النجاسات و أحكامها و بين إستراق السمع ؛ واستراق البرقيات عبر الاقمار الاصطناعية ؛و حتما ان الفقه سيصبح عالة على القضايا الأمنية . ولاريب ان البراعة في الفقه لاتعني هي البراعة في القضايا الأمنية ؛ وغيرها وان القضايا الأمنية تتطور بالدراسات الحديثة و التقنيات الجديدة ؛ وليست بفقه القرون الوسطى . ففي مقابلة أجرتها صحيفة الوطن الكويتية مع احد رجال الدين وسألته عن الزرقاوي قال : (ا لزرقاوي اسم وهمي، ونشير ايضا الى ان هذه الاحكام وهمية ايضا حيث انهم يسوغون الامور والحقائق، فإن كان الزرقاوي حقيقة اذاً لابد وان يكون له منطلق وجهة معينة ويلتقي مع اشخاص فهل هو خارج من الجدران؟!، وبما ان الاحكام الصادرة من الاردن فيبدو ان الاردن هي التي تتبنى الزرقاوي، والا كيف تصدر هذه الاحكام ولا تلقى القبض عليه، لذا نتصور ان الزرقاوي اسطورة وقضية وهمية، كما هو الحال في الملا عمر قائد حركة طالبان في افغانستان، حيث التساؤل اين هذا الانسان واين يعيش وكيف يلتقي بمساعديه ونوابه؟! والجدير بالذكر انه لم يوجد احد ادعى بأنه التقى مع الملا عمر، اذاً علينا الا نستبعد بأن هذه قضايا مرتبة ومصطنعة وخيالية ووهمية من اجل تمزيق الشعوب ومنع الاستقرار ..).
.رجل الأمن و الظاهرة الزرقاوية ربما يتبادر هذا السؤال في الاذهان ؛ هو كيف يتعامل النظام العربي الرسمي الأمني من الظاهرة الزرقاوية ؟ من دون شك حيث تعامل معها بحذر من الممارسات الى التصريحات. وهو طرف نقيض من رجال الدين لهذه الظاهرة ؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر حين سألت جريدة الرياض وزير الداخلية السعودي : كيف يمكن التعامل مع حالتين من الارهاب.. حال الزرقاوي كحقيقة أو اسطورة وحالة الجماعات الارهابية التي تستخدم من بعض القوى لتشويه صورة الإسلام وربطه بالارهاب؟ - لا يوجد شك يختلف عليه اثنان ان هذه الأعمال الارهابية هي ضد الاسلام، ولكن من موقع المسؤولية أن الكلام لا يلقى جزافا فلابد عندما اشير باصبع الاتهام إلى جهة معينة فلابد ان يكون لدي الأدلة التي أقدمها، بعد ذلك لتؤكد اتهامي، ونحن نلتزم بهذه الامور، والشيء المؤسف أن يقوم المسلم بعمل هذه الأعمال الارهابية، والمؤسف اكثر ان نجد من يتعاطف معهم أو يقلل من خطيئتهم فهذا هو الخطير، فلا يجب علينا ان نلقي التهم على آخرين مجهولين ونحن نجد امامنا اناساً معلومين وموجودين، فالبعد والعمل ضد هذا الفكر هو الذي يزيل التهمة من أي شخص، انا اقول العمل الارهابي موجه ضد الجميع، والدين لله عز وجل ثم لجميع المسلمين، فعلى كل شخص معين ان يضع نفسه في المكان الذي يبعد عنه الشبه في هذا الامر، اياً كان هذا الشخص الى جانب ان يكون هناك بحث علمي يعتمد على الأحداث ويأخذه كدليل حتى يصل الى الحقائق. جنود الظاهرة الزرقاوية الاجساد الانتحارية . يبدو ان الشعار الاول لجنود الظاهرة الزرقاوية [ لا صوت يعلو فوق صوت الزرقاوي ] وهم قليلون في العالم العربي و لكنهم كثيرون في المملكة العربية السعودية. مصطفى الانصاري وهو سعودي يصف ذلك الصوت وطبيعته ويقول :( في أحد المجالس بين إخواني أغاظني محاكاة أحدهم للبريطاني (بيغلي) في صوته وبكائه أملا في عطف بلير أن ينقذ حياته.. وصاحبنا يضحك بسخرية. ما جعلني أستكثر ذلك عليه، إلا أنني في نهاية المطاف (هُددت بأن يسكب البنزين فوق رأسي) من قبل جميع من في المجلس.. وذنبي: تعاطفت مع بريطاني.. كما قالوا!! أردفت يا جماعة: .. الاسلام .. القرآن .. الرسول ..الدين .. أجابوا: لا تحدثنا عن أي شيء من ذلك وأنت تتعاطف مع بريطاني في العراق. أخيرا تمنيت فقط أن يمنحوني الفرصة في إيضاح سبب استنكاري .. لم يكونوا أسخياء حتى بهذه. إذن .. عزيزي لا صوت يعلو فوق صوت الزرقاوي ..) الجديربالذكر ان الباحث السعودي " نواف عبيد " قام بدراسة حديثة ؛ حيث وجد ان أغلب الذين فجروا أنفسهم في العراق ؛ ذهبوا إستجابة للفتاوي الدينية و النداءات و الاشرطة ؛ فيما عاد الذين نجوا منهم متطرفين . كانت الدراسة قد شملت (300 ) سعوديا ؛ إعتقلوا أثناء محاولتهم للتسلل الى العراق ؛ وفضلا عن ( 36 ) شخصا فجروا أنفسهم في الهجمات الانتحارية . والملفت للنظر بدأت الان بعض دول الخليج بإنتاج مسلسلات تلفزيونية في العالم العربي تناقش الارهاب ؛ وتعلل ان من بين الاسباب الرئيسية له هي الاسباب العائلية ؛ ولكنها تتنسى الفتاوي التكفيرية ؛فهي من دون شك خلط للاوراق وضياع لجوانب من الحقيقة.. والسؤال متى نصبح صادقين مع إنفسنا ؟ لقد كانت معظم الاجساد الانتحارية الممزقة إنفجرت في أماكن العبادة في مساجد المسلمين في العراق ؛ ولكن من الصعب أن نصدق ماذكرته " جريدة الشرق الاوسط السعودية " عن لسان إنتحاري سعودي كيف تم إختياره للمهمة والطريقة وتقول الصحيفة : (( قال مهاجم انتحاري تم اعتقاله قبل أن يتمكن من تفجير نفسه في مسجد شيعي أنه أجبِر على القيام بتلك المهمة بعد أن اختطِف وضرِب وأعطي مخدرا على يد المتمردين. وقال المسؤولون العسكريون الأميركيون إن الفحوصات التي أجريت عليه تشير إلى صحة ما قاله. وقال محمد علي الذي ذكر أنه سعودي ويبدو في سن العشرين، إنه تمكن من الهرب بعد أن فجر مهاجم انتحاري نفسه قاتلا 12 مصليا عند خروجهم من المسجد الواقع في بلدة طوز خورماتو ..)) ومن الطبيعي ان جملة من التساؤلات تطرح نفسها ؛ هو لماذا الجسد السعودي اللباس الاول للظاهرة الزرقاوية ؟ ولابد ان الاجابات السريعة ؛ تأتي من البديهيات الثابتة .. هي الفتاوي الدينية الرسمية لرجال المؤسسة الدينية الرسمية السعودية لتكفير الميسلمين الشيعة و المذاهب الاسلامية الاخرى و الاديان السماوية الاخرى . فقد أباحت تلك الفتاوي دمائهم وهتك اعراضهم وكل شيئ ؛ فتربت عليها أجيال؛ حتى صنعت تلك الفتاوي الدينية لباس الظاهرة الزرقاوية . وان الاجساد الانتحارية ؛ كانت درجة إتقادها الفتوى الدينية التكفيرية ؛ قبل أن ترى الكبريت الازرق فتنفجر ..!
المثقفون و الظاهرة الزرقاوية لقد ظهر الزرقاوي بالرسالة الطائفية للملأ قبل الخنجر في مطلع الشهر الثاني من عام 2004 بعد أن نشرت [ صحيفة نيويورك تايمز ] رسالته الدموية ؛ التي يدعو فيها الى الحرب الاهلية في العراق ويقول مراسل الصحيفة ( لقد عثر عليها الجيش الامريكي في الشهر الاول من العام نفسه ). وتجدر الاشارة ان الجيش الامريكي قام بدعاية ضخمة لتعظيم دور الزرقاوي في العراق . وكانت قد نشرت صحيفة [ واشــنظن بوســــت ** ] الاسلوب و الممارسات و الوسائل المادية و المعنوية في تعظيم دوره في العراق من قبل الجيش الامريكي .. لقد خرج المثقفون من عالم الحسرات للأزمات التي تمر بها الامة لمواجهة ظهور الرسالة الدموية الدموية . لقد كان المثقفون في العالم العربي خلال الأزمات التي مرت بها الأمة أشبه بالمتفرجين في الشارع العربي ؛ لايمتلكون أدوات التعبير ؛ وقلوبهم مملؤة بالحسرات ؛ ولكنهم أستطاعوا أن ينفذوا بسلطان العولمة الى الشارع العربي و العالم .. وتقهقرت امامهم أساطين ثقافة السلطة ..! ولم تعد الإذاعات الاستشراقية ( لندن ؛ صوت امريكا ـ سوّا ؛ منتكالوا ) وصحف السلطة المصدر الوحيد لأحداث الساعة في الشارع العربي . وتهشمت النوافذ المضللة للرقابة و ألوانها القاتمة ..! وهل تعلم ان " سعد البزاز " رئيس تحرير جريدة الزمان ؛ كان ضابط أمن الثقافة في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد ..! وان جريدة الزمان هي أول صحيفة عراقية نشرت رسالة الزرقاوي كاملة . فقد بدأ المثقفون في مواجهتهم لظاهرة الزرقاوية منذ الوهلة الاولى ؛ وكتبوا المقالات و الدراسات العديدة ؛ وعشرات التعليقات على مواقع الانترنيت ؛ واكدوا في تعليقاتهم ان الزرقاوي هو صنيعة الاعلام و اهدافه لا تخدم إلا الموساد.. وكتبوا بأقلام رصاصهم ؛ وهم يتابعون الظاهرة الزرقاوية أول بأول ؛ ولحظة بلحظة بلا كلل وبلا ملل ؛ وإستطاعوا أن يكشفوا أدوات الغش و الاختفاء ؛ والالعاب النارية في حفلة زفاف الدم المباح .. ولا يسعني أن أذكر كل الاقلام ؛ وإن شبكات الانترنيت و المواقع زاخرة بعطائهم . حيث كتب " اسماعيل عبد الطيف " وهو كاتب فلسطيني حول رسالة الزرقاوي المقدمات التي سبقت ظهورها وقال : (على طريق ( إغراق العراق بدماء أبنائه ) ، تأتي المحاولات الأمريكية لإثارة حرب أهلية في العراق خاصة بين جناحي الأمة الشيعة والسنة ، مبتدئة ذلك بنشر ما تسميه رسالة الزرقاوي بعد أن مهدت الطريق بالتصريحات المحذرة من إحتمالية نشوب حرب أهليه في العراق ، فقد قال مايكل أوهانلون محلل الشؤون العسكرية في معهد بروكنغز 29/1/2004 " على المدى الطويل يوجد إحتمال أن تصبح ميليشيات الجماعة العراقية المختلفة أكثر القوى العسكرية نفوذاً وتأثيراً في العراق وحينما نحاول الإنسحاب خلال خمس سنوات فإنك قد تشهد حينئذٍ حرباً أهلية " أما قائد الفرقة الرابعة للمشاة في بغداد ريموند أوديرنو فقال 29/1/2004 رداً على سؤال حول إحتمال نشوب حرب أهلية " يجب أن نكون دوماً مدركين لذلك الإحتمال لأن البلاد تعصف بها المنازعات منذ سنين طويلة " ، كما تحدث قائد القيادة الأمريكية الوسطى الجنرال جون أبي زيد عن إحتمالية وقوع الحرب الأهلية ضمن توقعاته بإشتداد المقاومة مع إقتراب نقل السيادة في الصيف إلى العراقيين حيث قال " في حال حصول سلسلة من الحوادث المؤسفة تضع مجموعات في مواجهة أخرى ، فقد يتطور ذلك إلى حرب أهلية ، لكننى أعتقد أن هذا غير مرجح " ( السفير اللبنانية 31/1/2004 ) لقد أثبتت الوقائع و الاحداث ان الاحزاب السياسية و الدينية في العالم العربي كأن وقر في آذانهم لا تسمع آهات و أنين الضحايا وصرخات ذويهم ؛ وكأن غشاوة في عيونهم لا ترى الجرائم الدموية الارهابية في العراق . و تستفيق من سباتها برهة من الزمن ؛ حين يتعرض سعادة سفير دولتها للاغتيال او الاختطاف في بغداد ( أسيرة الاحتلال ) . ولاشك ان دور الاحزاب السياسية و الدينية في العالم العربي من هذه الظاهرة يكاد ويكون مهزوما مدحورا في الشارع العربي . ويا ليتها لم تبلغ مرحلة اليقين من الظاهرة فلا تستفيق من سباتها الى أ بد الابدين ..! وربما كانت بيانات إدانتهم لإرضاء السلطة ؛ قبل ذوي الضحايا ..! وكان بعض المثقفين إستطاع أن يشخص التناقضات في الشارع العربي من الظاهرة الزرقاوية ؛ حيث كتب الباحث السعودي " علي ال غراش " مقالا بليغا ووجيزا كاشفا جملة من التناقضات وجاء فــي مقاله : (( قد تعاملت اغلب الدول العربية وشعوبها مع الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الزرقاوي وإتباعه في العراق بغض الطرف تارة وبالانحياز والدعم المتنوع تارة أخرى على انه جهاد ومقاومة، وكان موقف شريحة كبيرة من الشعب الأردني أكثر وضوحا في الانحياز والتأييد والدعم للعمليات الإرهابية في العراق وما يقوم به الزرقاوي، وكان للصحف الأردنية موقفا في بث تلك المشاعر الحماسية لذلك... والملفت أن يخرج الشعب الأردني بمظاهرات منددة لعمليات الزرقاوي الإرهابية عندما استهدف ارض وشعب الأردن ـ شبكة الراصد الاخبارية)) وكان مقاله عنوانه ( الدم الاردني اغلى من الدم العراقي ) . وربما ان موقف الصحافة الاردنية من دعم الظاهرة الزرقاوية هو حسرات الألم على حنين الماضي القريب لعطايا الطغاة ؛ وللقصور التي شيدت في مدينة الحسين للصحفين ؛ وكانت من هبات صدام حسين .فلا يستغرب المرء من تلك التناقضات في الصحافة الاردنية . وعند العودة الى أزمة الخليج الثانية ( إحتلال صدام حسين للكويت ) وللاعلام العربي نجد كان للاعلام العربي دورا كبيرا في ترسيخ و تعميق المتناقضات ؛ ولم تختلف الاحزاب في لعبة المتناقضات في المجتمع العربي من أزمة الخليج الثانية ؛ ولكني لم أر للمثقفين دور ملحوظ في تلك الأزمة . ولعل عرض احدى الكتابات عن أزمة الخليج الثانية يصبح وثيقة و شهادة عن تلك المتناقضات . فقد كتبت مجلة إكتوبر المصرية وقالت : كلام كثير في قضايا كثيرة أثارتها أزمة الخليج ؛ وإنقسم الناس أزاءها الى فرق كثيرة و وجهات متعارضة ؛ بل الى أوهام و ترهات واباطيل ؛ أزاءها ؛ وزادها التعتيم الاعلامي تشويها و اضطرابا ..( مجلة إكتوبر 10 /2 /1991 ) . ان من الصعب إصطلاح كلمة مثقف او مثقفين على الافئدة المشحونة بالاحقاد وتورماتها؛ ولم أر المثقفين إلا هم الوعاء الكبير لحمل هموم الامة و الانسان معا ؛ وعلى وسادتهم نقشوا جراحها ؛ وكما أن الجرح لايلتئم و لا يشفى بالاحقاد و تورمها . لقدإستغربت من وصف الباحثة التونسية رجاء بن سلامة ؛ حين وصفت المدافعين عن الارهاب بانهم مثقفون و قالت : في صائفة سنة 2004، رأيت مثقّفين يتبادلون أشرطة أقراص مدمجة تصوّر عمليّات ذبح رهائن من الغربيّين قام بها في العراق من أطلق عليهم لقب "المقاومين". والعجيب أنّ المتفرّجين على هذه الأقراص لم يستفظعوا مشهد السّكّين وهو يحزّ في الرّقاب البشريّة ومشهد الدّماء النّازفة والوجوه الفاغرة فاها ألما وذعرا ودهشة، بل كانوا يهلّلون ويكبّرون لما فعله الملثّمون الأبطال بالقوى الغربيّة المتسلّطة المحتلّة. والمهمّ هو أنّ هؤلاء المتفرّجين لم يكونوا من الإسلاميّين المتطرّفين، بل إنّ منهم من هو حاصل على شهائد عليا من جامعات غربيّة راقية. هل يمكن أن يبلغ كره الغرب واعتباره كتلة واحدة معادية إلى هذا الحدّ؟ بل هل يمكن أن يتحوّل الكره إلى حبّ للكره، يعمي ويصمّ ويحوّل النّاس إلى شبه أكلة للحوم البشر؟ لنسلّم بأنّ الذّابحين والمسجّلين للشّريط قبضة من المرضى النفسانيّين الذين انفصلت لديهم دوافع الموت عن دوافع الحياة، فما قولنا في المتفرّجين المستمتعين الشّامتين، وهم أناس أسوياء لم يستبدلوا الواقع المعيش بمملكة هذيانيّة؟ وتضيف توهّمت أنّ حرص هؤلاء المثقّفين على سمعتهم الأخلاقيّة الفكريّة سيجعلهم يردّون التّهمة عن أنفسهم أو يدقّقون، أو يصحّحون حتّى لا تدينهم الأجيال القادمة، كما أدين المثقّفون المتورّطون في دعم النّازيّة والفاشيّة مثلا، وكما سيدان هؤلاء المثقّفين والمحامين العرب الذين يلهجون بذكر صدّام حسين ويحلمون بعودة مملكته. ولكن كان هذا محض وهم، لأنّ المثقّفين الذين ذكرتهم يدافعون عن الإرهاب بتصميم وعقيدة راسخة. وأنا من الذين يتساءلون منذ سنوات، ولا من مجيب: أيّ انقلاب للمعايير أو أيّ ضمور للحسّ الأخلاقيّ، أو أيّ تفكير سياسيّ يمكن أن يجعل مثقّفين، لا أناسا بسطاء غير متعلّمين، يمجّدون أعمال المجرمين المستهينين بالأرواح وبالحرمات الجسديّة؟ ( إيلاف ) واعتقد ان تلك العناصر هي إمتداد طبيعي لتلك العناصر التي ناصرت صدام حسين في أزمةالخليج الثانية ؛ وإنتفخت قلوبها بالاحقاد على بني جلدتها ؛ تحت تاثيرإنزيم لعابها الحامضي التي صنعته شعارات (( عدالة توزيع الثروة النفطية )) في أزمة الخليج الثانية ؛ فتحولت تلك الانزيمات الحامضية الى قاعدية في الازمة الثالثة ( الاحتلال الامريكي للعراق ) . ان من المخجل أن ننسب هؤلاء الى معشر الثقافة و ان نلبسهم لباسها الانيق . وان الامي يبقى اميا حتى لو إرتدى ثياب المدرسة . وخلاصة القول ان الظاهرة الزرقاوية مأوآها البيئة التكفيرية ؛ ومرتعها الأحقاد و تورماتها ؛ تلك هي مرابعها .. فلم أر صرصرة عاشت في محال صاغة الذهب ..! أو هل رأيت صرصرة تمشي فوق المجوهرات و الحلّي في محال صاغة الذهب ..؟ إنها هي صراصر بشرية .. صراصر بشرية ..! وبقي السؤال الأهم هل صنّاع هذه الظاهرة إستطاعوا أن يحققوا أهدافهم ؟ أعتقد أن تهديم مراقد الائمة الاطهار و الاولياء الصالحين و التفجيرات الانتحارية في مساجد المسلمين الشيعة ؛ وتهديم الجوامع السنية في بغداد حقق هدف الرسالة الزرقاوية الدموية ؛ ولم يعد الزرقاوي حاجة للاحتلال بعد أن حقق أهداف الاحتلال الامريكي في العراق .. وان مقتله هو أفضل من بقائه حيا ؛ ولكن السؤال الاخير ماذا بعد مقتل الزرقاوي ؛ او الفصل الجديد ..؟ [email protected] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقالات التي كتبتها عن الزرقاوي منذ ظهوره حتى مقتله .* 1ـ ضاعت لحى ال ثاني بين تيسير علوني الطالباني وزيدان القاعداني . 2 ـ قناة ال ثاني [ خاص بالجزيرة ] و الذبيح بيغلي البريطاني . 3ـ الزرقاوي حقيقة ام اسطورة .. كان اهم دراسة عن الزرقاوي . 4 ـ الزرقاوي و الموساد . 5 ـ مكافأة الزرقاوي صرفت للزرقاوي في العراق . 6 ـ الزرقاوي والصدر و الموساد . 7 ـ دور الموساد في تعظيم الزرقاوي .. دراسة وثائقية . 8 ـ الزرقاوي من السينما الصامتة الى الصور المتحركة . ** النص الكامل لصحيفة واشنطن بوست حول دور الجيش الامريكي في تعظيم الزرقاوي في العراق تاريخ المقال 10/4/2004 Military Plays Up Role of Zarqawi Jordanian Painted As Foreign Threat To Iraq s Stability By Thomas E. RicksWashington Post Staff Writer Monday, April 10, 2006;
#عادل_الياسري (هاشتاغ)
Adel_Alyasiry#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الظاهرة الزرقاوية و الشارع العربي .. وماذا بعد مقتل الزرقاوي
...
-
العراق و الصحافة في رسائل المس بيل
-
العراق و الصحافة في رسائل المس بيل
-
عبد المحسن السعدون وهزائم الانتهازية السياسية في العراق
-
الزرقاوي من السينما الصامتة الى الصور المتحركة
-
الصدر و الموساد صنوان للحملة الدعائية لتعظيم الزرقاوي في الع
...
-
مكافأة الزرقاوي صرفت في تعظيم الزرقاوي في العراق ..!
-
الزرقاوي حقيقة ام اسطورة
-
مهندس نظرية الثلث الاقوى للمخابرات العراقية برزان يستجير ..!
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|